الثلاثاء: 24/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

أوباما يعيد صياغة مواقفه من الثورات عبر موت بن لادن

نشر بتاريخ: 12/05/2011 ( آخر تحديث: 12/05/2011 الساعة: 22:11 )
بيت لحم-معا- يشكل قتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بالنسبة للرئيس الأميركي باراك أوباما، أكثر من نقطة تحول بالمعركة ضد ما يسمى الإرهاب والمستمرة منذ عقد من الزمان.

كما يعد فرصة لإعادة صياغة استجابته للعالم العربي الهادر، وبعد الإحباط الذي ساد من طول انتظار التغيير حيث الوضع في ليبيا قد أصابه الشلل، والصراع على السلطة في اليمن يبدو بدون ضوء في نهاية النفق، والقمع الذي يمارسه النظام السوري قد أطفأ وهج الثورة المصرية.

يقول مسؤولو إدارة أوباما إن الرئيس يريد استخدام موت بن لادن وسيلة لصياغة موقف موحد من الانتفاضات الشعبية من تونس إلى البحرين، وهي انتفاضات وإن تشابهت في الخطوط العريضة فإن لكل منها صفاتها الخاصة، وغالبا ما تفاوت رد الفعل الأميركي تجاه كل واحدة منها.

أول إشارة "لإعادة الصياغة" يمكن أن تصدر في وقت مبكر من الأسبوع المقبل، عندما يلقي أوباما كلمته حول الشرق الأوسط، والتي سيحاول من خلالها وضع موت بن لادن في السياق العريض للتحولات السياسية بالمنطقة. ووفق أحد نواب مستشار أوباما للأمن القومي بنيامين رودس فإن الرسالة ستكون "بن لادن هو الماضي، وما يحدث بالعالم العربي اليوم هو المستقبل".

ولكن مع ذلك، ورغم أن موت بن لادن قد يمنح فرصة للتوضيح، فإنه لا يتمتع بثقل لتغيير حسابات أميركا الإستراتيجية بالمنطقة. بعض مسؤولي الإدارة يجادلون بأن الضربة القاصمة التي تلقتها القاعدة، تعطي واشنطن فرصة لتكون أكثر ليونة في النظر نحو المستقبل والتغيرات السياسية المحتملة، لأن ذلك سيساهم في منع "التطرف" الإسلامي من الصعود في بلدان مثل مصر وسوريا.

غير أن هنالك مسؤولين يرون أن الشرق الأوسط يظل منطقة معقدة: موت بن لادن لن يمحو تهديد التطرف باليمن، بينما التناحر الطائفي في بلد كالبحرين ليس له علاقة تذكر برسالة بن لادن. البيت الأبيض قال من جهته إنه لا يزال يعمل على تداعيات السياسة الأميركية لكل بلد على حدة.

وحتى قبل الغارة على بن لادن، فإن مسؤولي إدارة أوباما قالوا إنهم بصدد جمع أحداث الشرق الأوسط في بوتقة واحدة. كما يحاول المسؤولون أن يربطوا الوضع الثائر في العالم العربي بجمود يضرب مفاوضات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وقد جاءت المصالحة الفلسطينية الأخيرة لتزيد الطين بلة بهذا الصدد.

لطالما حاول أوباما أن يوازن بين ردود أفعاله تجاه الدول العربية التي شهدت انتفاضات، إلا أن المقابلات مع عدد من المسؤولين بإدارته تظهر أن الخلاف بين مستشاريه ليس هو السبب في التوتر الذي ساد ردود أفعال أوباما تجاه الشرق الأوسط بقدر ما هو نزاع داخلي يعتمل في نفس الرئيس.

ففي حالة مصر مثلا، قال مستشارو أوباما إنه ضغط باتجاه رحيل مبارك منذ وقت مبكر ومنذ أن شاهد خطاب مبارك الملئ بالتحدي رغم أن ذلك كان عكس ما نصحه به مستشاروه. وحتى عندئذ قال المستشارون إنه كان يخاف أن تقتل أحلام الشباب المصري بانتقال متلكئ نحو الديمقراطية.

ونقلا عن أحد مساعدي الرئيس فإنه قال تعليقا على ما يحدث في مصر "أريد للشباب في الشارع يفوزوا وأن يصبح رجل غوغل (وائل غنيم) الرئيس. ما أظنه هو أن العملية ستكون طويلة وشاقة".

هذه الرؤية أثبتت صحتها بصورة أكبر في ليبيا، عندما ألقى أوباما بثقله مترددا خلف حملة الناتو التي لم تحقق أهدافها حتى الآن، وليبيا الآن أحد تخوفاته الكبيرة التي تتطلب اجتماعات يومية يستمع خلالها إلى تفاصيل عن الأهداف التي يجري قصفها يوميا، والجهد الدبلوماسي لإخراج العقيد القذافي من السلطة.

مستشار الأمن القومي توماس دونيلون قال إن أوباما كان مهتما بشكل عميق بالهدير السياسي بالبلدان العربية وإن "الرئيس وفي كل حالة من تلك الحالات كان مركز الجهد الفكري في اتخاذ القرار وكان يهندس طريقة التعامل بنفسه".

وقال دونيلون إن أوباما يستغل وقته بالمساء بين أحضان العائلة في تصفح الإنترنت وقراءة المدونات والوكالات الإخبارية العاملة بالعالم العربي ليتزود بنكهة أصيلة عما يحدث بالمنطقة. كما أمر طاقمه بأن يبحثوا في سوابق دولية لما يحدث بالعالم العربي وقد أفادوه بأن مصر مشابهة لحالة كوريا الجنوبية والفلبين تشبه تشيلي، أما سوريا فقالوا له إن قصتها قد تنتهي مثل رومانيا.

إن ذلك المنهج العلمي والتشاوري هو الذي أعطى لأوباما صورة بأنه متباطئ وغير مكترث، إلا أن هناك من يقول إن ذلك يعكس نفاد صبره من حقيقة مرور سنتين على خطابه للعالم الإسلامي من القاهرة والفساد ما يزال يملأ تلك الأرجاء.

يقول مستشار أوباما للأمن القومي "الطريقة التي يتحدث فيها عن الفساد تدل على أنه يدرك ما يعنيه من إحباط".

ويقول أوباما بمذكراته "أحلام من أبي"، إن والده عندما عاد لكينيا اصطدم بالحاشية البيروقراطية الفاسدة وانتهى المطاف به عاطلا عن العمل. كما شهد أوباما عندما أقام بإندونيسيا مع زوج أمه معاناته مع نظام قائم على الرشوة.