الثلاثاء: 01/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

كتب المحرر السياسي:عن النكبة ..وحماس ..والرواتب ..ورئيس الوزراء القادم

نشر بتاريخ: 16/05/2011 ( آخر تحديث: 17/05/2011 الساعة: 00:57 )
بيت لحم - معا - كتب ابراهيم ملحم-

يوم من ايام العرب:

كان يوم امس يوما من ايام العرب، عندما خيمت روح الثورات العربية على اجواء الذكرى الثالثة والستين للنكبة ،حيث اندفعت جماهير الميادين العربية ،فيما سمي بـ"يوم الزحف" محمولة على ارادة ،اطاحت بظلم مقيم، طال البلاد ،والعباد، لعقود خلت ،اذ التفتت جماهير تلك الثورات ، وهي في ذروة اللحظة المحتدمة مع الاستبداد، وحشرجاته ، الى فلسطين التي ظلت حاضرة في سفر الثورات المتنقلة على بساط الريح ، تصدح بلسان عربي مبين ، ليفهم من استعصى عليه الفهم،حتى باتت الجملة الفصيحة تجري على السنة اطفالنا يلثغون بها " الشعب يريد اسقاط النظام" ...انها لحظة تاريخية استشهد واصيب خلالها شيوخ واطفال ، ونساء لم يحصد الياس من عزيمتهم شيئا ،بل حصدوا باستشهادهم ،ونزف جراحهم ،ووجع معاناتهم ،خرافة ان الفلسطيني طفل يولد ،وليس له وطن وانه يفقد ذاكرته اذ يكبر....وعلينا ان نكرر باطمئنان " ما بضيع حق وراءه شعوب حرة ثائرة بلحمها الحي "

حماس اذ تعرب الجملة المعترضة :

بتوقيعها اخيرا على اتفاق المصالحة ،بعد اربع سنوات عجاف، جرت خلالها مياه كثيرة في نهر الحياة المتدفق،وباعرابها لـ"الجملة السياسية" التي ظلت معترضة -لا محل من الاعراب-منذ ذلك الحين ،تكون "حماس" قد دشنت مرحلة جديدة،بعد نحو عقدين من انطلاقتها، شبيهة بتلك التي دشنتها "فتح" ،بعد نحو ثلاثة عقود من انطلاقتها،وهو ما يمكن ان نطلق عليه بـ"اوسلو" 2" ،بالنظر للغة "الكريستالية"، التي تحدثت بها "حماس" ،متماهية ،ببرنامجها السياسي، ورؤيتها للدولة، والمقاومة ،مع برنامج،ورؤية حركة فتح ،وهو ما يحسب لها لا عليها .

واذا كانت اوسلو "1" قد اوجدت موطئء قدم للكيانية الفلسطينية،على ارض الوطن،بعد،حصاد طافح بنزف،الجراح،ووجع المعاناة ،فان" اوسلو 2" تكون قد اكملت متطلب اقامة الدولة "توافق فلسطيني ووحدة وطنية" وهو ما كان شرطا دوليا لا تقوم الدولة بدونه .

الرواتب :

من الاجحاف بحق المصالحة،تحميلها وزر تجميد اسرائيل،لاموال الجمارك الفلسطينية ،فالتهديد، والوعيد،سبق ذلك، عندما اعلن الرئيس محمود عباس في شباط الماضي رفضه الخضوع للضغوط الامريكية،بعدم التوجه الى مجلس الامن،للحصول على قرار دولي يدين الاستيطان، في الاراضي الفلسطينية، وهو ما دفع الولايات المتحدة الى استخدام حق النقض الفيتو،لاجهاض القرار الدولي في ذلك الحين .

فليست هذه المرة الاولى، التي تمارس فيها اسرائيل مثل هذه القرصنة المدانة دوليا، ولن تكون الاخيرة في سياق المعركة المتدحرجة حتى ايلول، وما بعد، بعد ايلول ،حيث تبلغ المواجهة ذروتها ، بخوض معركة الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية،وهو ما تتوجس اسرائيل منه خيفة لم تتوجسها من قبل .

وطالما ان ساعة الخلاص،من الاحتلال،باتت على مسافة شهور معدودة،فلا باس بان تتحمل الحكومة مسؤولياتها،في تدبير الرواتب،تماما كما يتدبر رب الاسرة مصروف اسرته في ايام العسر،دون ان يشعرها بالفاقة ،الى حين ميسرة ،كالاستدانة من البنوك، ودعوتها لتحمل مسؤولياتها بتقاسم فاتورة الرواتب لبضعة اشهر كجزء من واجبها الوطني في هذا الوقت الحرج، وكذلك الاستنجاد بالاخوة العرب، والاستعانة برؤوس الاموال الفلسطينية في الداخل والخارج ،او باية طريقة ابداعية ،بانتظار دين مستحق، حتى يحين موعد الانعتاق،من السيطرة الاسرائيلية ،على معابرنا، واموالنا ،وهوائنا ،ومياهنا...هي اشهر معدودات فلتتدبر الحكومة امرها لتوفير الرواتب،التي هي عماد الصمود للمواطنين،حتى نذهب الى ايلول، ونحن بكامل الجاهزية ،لجميع الاحتمالات، التي لن يتوانى شعبنا عندها ، عن تحمل اكلافها مهما بلغت قسوتها ..مستذكرين كيف ان السلطة لم تتاخر عن دفع الرواتب ،في اكثر المراحل صعوبة خلال سنوات الانتفاضة الثانية حيث كانت اسرائيل تواصل احتجاز تلك الاموال .

واذا ما صدقت الانباء بنجاح الضغط الدولي على نتنياهو للافراج عن الاموال المحتجزة ،فان ذلك يحمل اشارات ايجابية ،تبعث على التفاؤل بفاعلية الضغوط وامكانية تكرارها ، لتستجيب اسرائيل لكامل الحقوق الفلسطينية ، في ايلول القادم، واذا ما اعادت اسرائيل قرصنتها المالية مرة اخرى ،فان تبكير معركة الاستقلال في حزيران او تموز، بدل ايلول ،يصبح جديرا بالدراسة ،لخلع الضرس المؤلم مرة واحدة والى الابد مع ما قد يرافق ذلك من اوجاع .

رئيس الوزراء:

تزدهر هذه الايام ،في الصالونات السياسية،عروض الاسماء المقترحة لتولي منصب رئيس الوزراء،وهو منصب يكتسب اهميته،من كونه ياتي في واحدة من اشد المراحل الفلسطينية حساسية، واكثرها ضبابية ، وهي مرحلة تتطلب قدرا عاليا من المسؤولية،في اختيار من يتولى هذا المنصب .

من بين الاسماء المطروحة،شخصيات سياسية مجربة،واخرى اكاديمية،تعوزها الخبرة في دهاليز السياسة،وطالما ان حركتي فتح وحماس،والفصائل قد نات بنفسها عن تحمل هذه المسؤولية ،في هذه المرحلة درءا لمفاسد لاتحتملها المرحلة،فان الحكمة تقتضي،ان يترك للرئيس،وهو العارف بمجاهل الطريق،والتواءاتها ،امر تسمية رئيس وزرائه ، يشدد به ازره ، ويشركه في امره، فيما السفينة ،في ربع الساعة الاخير، تمخر عباب بحر لجي، يغشاه موج، من فوقه ،من فوقه سحاب .

فعندما قرر الرئيس،اعادة تكليف رئيس الوزراء د.سلام فياض،بتشكيل حكومة ما قبل المصالحة ،كان ياخذ في الاعتبار،تحديات المرحلة المقبلة،ومتطلباتها واستحقاقاتها، وقدرة الرجل على تفكيك الذرائع الاسرائيلية ،اوالتقليل من مفاعيلها،في الساحة الدولية.بحكم ما راكمه من تجربة ،وما نسجه من علاقات دولية .

واحسب ان حماس لا ينبغي لها ان تعترض على خيار يجنبها الاجابة على اسئلة اسرائيلية،وقد تكون" رباعية " وهي اسئلة ، قديمة ،جديدة تطرحها اسرائيل ،في سياق محاولاتها المحمومة،لتعكير اجواء المصالحة ،وفرملة اندفاعة ايلول.

من يقرأ مقال د.احمد يوسف يوم امس،يلحظ تحولا لا تخطئه العين في بنية خطاب الحركة ،واستعدادها لمقاربات محمولة على واقعية سياسية لافتة في بعد ان ظل خطابها حتى وقت قريب ينتبذ له، مكانا قصيا عن الاجماع الوطني .

يقول احمد يوسف في مقاله " إننا لا ننتظر أن تفاجئنا الحركتان – فتح وحماس - برئيس وزراء طارئ على العمل الحكومي، يكون انشغاله في معظم الوقت هو اكتشاف مهمات عمله، ومتطلبات البروتوكول، والتوفيق بين أولويات أجندته الداخلية والإقليمية من ناحية، والمجتمع الدولي والجهات المانحة من ناحية أخرى..... إذا سلمنا بأن المطلوب هو رئيس وزراء قادر على الانطلاق من حيث انتهينا، وليس البدء بمحاولة استكشاف المحيط العربي والأفق الدولي، فإن هذا يفرض علينا تقديم وجهٍ ليس غريباً على أحد، بل شخصٌ ألفناه وله انجازات وأثر على الأرض يشهد له أو عليه."