الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الرئيس عباس امام الجمعية العامة في نيويورك: كل حكومة فلسطينية قادمة ستلتزم بما التزمت به منظمة التحرير والسلطة

نشر بتاريخ: 22/09/2006 ( آخر تحديث: 22/09/2006 الساعة: 12:27 )
نيويورك- معا- قال الرئيس محمود عباس، فجر اليوم، في خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك، أن بقاء قضية فلسطين بدون حل، واستمرار احتلال الأراضي الفلسطينية والعربية منذ العام 1967، سيشكل عوامل انفجار وتوتر، ويبقي على جذوة الصراع مشتعلة، ويفسح المجال أمام كل أشكال العنف والإرهاب والمواجهات الإقليمية والأزمات الدولية.

وأكد الرئيس، أن كل حكومة فلسطينية قادمة، سوف تلتزم بما التزمت به منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية في الماضي من اتفاقيات، وخاصة رسالَتَي الاعتراف المتبادل المؤرخة في 9 أيلول-سبتمبر 1993 بين الراحلين الكبيرين ياسر عرفات واسحق رابين، وهاتان الرسالتان تحتويان على اعتراف متبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير، وعلى نبذ العنف، واعتماد المفاوضات طريقاً للوصول الى حل دائم، يقود إلى قيام دولة فلسطين المستقلة إلى جانب دولة إسرائيل.

وكرر الرئيس في خطابه، النداء الشهير الذي أطلقه الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات من على منصة الأمم المتحدة قبل اثنين وثلاثين عاماً، قائلاً: " لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي، وها أنا أكرر هذا النداء، لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي، لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي".

واضاف بكل بساطة أريد للغد أن يكون أفضل من اليوم، أريد لوطني فلسطين أن يصبح وطناً لا سجناً، مستقلاً سيداً أسوة بكل شعوب العالم، وأريد للقدس أن تكون ملتقى حوار الأنبياء جميعاً، وعاصمة لدولتين جارتين تعيشان بسلام ومساواة.
وفيما يلي نص الكلمة:

بسم الله الرحمن الرحيم
معالي رئيسة الجمعية العامة الشيخة هيا راشد الخليفة
معالي الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو. . . . أصحاب المعالي والسعادة
حضرات السيدات والسادة الحضور

بداية أتقدم بالتهنئة إليكم لانتخابكم رئيساً لهذه الدورة متمنياً لكم التوفيق والنجاح في تحقيق أهدافها التي تُجمع عليها جميع شعوب العالم، والتي تؤمن بأن هذه المنظمة ولدت من أجل حماية السلام العالمي وحقوق الإنسان، وحق تقرير المصير للشعوب، وأستذكر هنا كلمات الرئيس الأمريكي الراحل وودرو ويلسون: " ما من مكان آخر على وجه الكرة الأرضية، يتَجمع فيه نبلاء من الرجال والنساء، يعكسون أبهى صور الجمال والطاقة، الكامِنَيْن في التعاطف والتعاون والتشاور، من خلال جهودهم نحو إحقاق الحق، ورفع المعاناة ووضع الضعفاء على طريق القوة والأمل".

لذلك أتمنى أن تؤدي نتائج أعمال هذه الدورة الى تشجيع التعاون بين كل الشعوب والأمم من أجل مصالحها المشتركة، وهي المبادئ التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة، والتي يُعتبر الالتزام بها من أساسيات الانضمام إلى المنظمة.
ولابد لنا من الإشارة للدور الفعال والجهود الحميدة التي قام بها معالي الأمين العام خلال السنوات الماضية لتعزيز مكانة منظمتنا الدولية وتفعيل دورها بما في ذلك جهوده الخاصة إزاء الصراع العربي الإسرائيلي وجوهره القضية الفلسطينية.

السيدة الرئيسة
قبل أسابيع قليلة توقفت نيران الحرب في لبنان. . . ورغم فداحة الخسائر والدمار والمآسي، فقد سارع المجتمع الدولي وبنجاح إلى التدخل الفعال لوضع حد لها، ولتوفير الدعم للبنان وشعبه وحكومته الشرعية، من أجل حماية أمنه واستقلاله، وإنهاء عهد الحروب على أرضه. إننا إذ نشيد بهذا الدور الدولي، نأمل أن يتسع هذا التدخل الإيجابي والمؤثر، على المستوى السياسي والعملي، لكي يعالج جذر الصراعات والحروب التي شهدتها المنطقة على امتداد عقود طويلة. وأنا لست بحاجة إلى الإثبات من جديد بعد كل التجارب والحروب والمعاناة التي مررنا بها، أن بقاء قضية فلسطين بدون حل، واستمرار احتلال الأراضي الفلسطينية والعربية منذ العام 1967، سوف يشكل عوامل انفجار وتوتر، ويبقي على جذوة الصراع مشتعلة، ويفسح المجال أمام كل أشكال العنف والإرهاب والمواجهات الإقليمية والأزمات الدولية.

ومن المؤسف أن نرى اليوم أن خططاً ومشاريع دولية، وفي مقدمتها خطة خارطة الطريق، التي حظيت بمصادقة مجلس الأمن الدولي، وصلت إلى حالة من الجمود والتراجع، حتى الدعوة الى استئناف المفاوضات تعترضها اشتراطات مسبقة، ويزداد اليأس والإحباط، في ظل استمرار عمل الجرافات التي تبني المستوطنات غير الشرعية، وتُغير الطابع الديمغرافي للقدس، وتقيم جدار الفصل العنصري، داخل أرضنا المحتلة وبين أجزائها المختلفة، بينما يستمر الحصار المريع، من خلال حواجز عسكرية حوّلت مدننا ومحافظاتنا إلى معازل، ويتواصل مسلسل القتل والاغتيالات التي يذهب ضحيتها مئات المدنيين، وهدم المنازل، وتستمر الاعتقالات التي طالت أكثر من ثمانية آلاف فلسطيني من بينهم أعضاء في البرلمان والحكومة، ومن بين هؤلاء المعتقلين من تستمر معاناتهم لثلاثة عقود خلت، وتنتظر عائلاتهم وشعبهم إطلاق سراحهم وتمتعهم بالحرية.

ويحق لي أن أتساءل في مثل هذه الظروف، كيف يتوقع المجتمع الدولي أن يتراجع التطرف، أو أن تنحسر موجات العنف، وكيف سيكون بمقدورنا نحن وجميع قوى الاعتدال والسلام في المنطقة أن نتدخل بقوة، وأن نقنع الرأي العام في بلادنا، أن هنالك ثمة أمل في الأفق، وأن اختيار الحوار والمفاوضات والتمسك بالشرعية الدولية هو الخيار الاستراتيجي والطريق الذي ندعو إليه بقوة ولن نتخلى عنه أبداًً، وسوف يكون مجزياً ويحظى بفرص نجاح حقيقي؟.

لست وحدي الذي يعيش وسط هذه المأساة، من يجب عليه تقديم الجواب على هذا السؤال الكبير، بل المجتمع الدولي، والقوى الدولية المؤثرة هي المدعوة الى تقديم أدلة ملموسة على أنها سوف تدعم استئناف مفاوضات غير مشروطة، وأن توفر غطاء دولياً حقيقياً لهذه المفاوضات، يعززها ويحقق نجاحها، وأن تعمل على وقف الاستيطان والعقوبات الجماعية وجدران العزل، حتى يتوفر المناخ الإيجابي لانطلاق المفاوضات ووصولها إلى هدفها المنشود، في إحقاق سلام عادل يستند الى حل الدولتين الذي دعا إليه الرئيس جورج بوش.

إن هذا الحل لا بد أن يستند إلى الشرعية الدولية التي تمسكت بها مبادرة السلام العربية من خلال قيام دولة فلسطين المستقلة على حدود الرابع من حزيران-يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والوصول إلى حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الذين يشكلون أكثر من نصف شعبنا الفلسطيني وفق القرار 194.
وإذا كنا قد سمعنا من حكومة إسرائيل مؤخراً، أنها سوف تقلع عن سياسة الخطوات الأحادية والانفرادية، فهذا أمر مشجع، شريطة أن لا يكون البديل عن هذا الإقلاع هو الجمود واستمرار سياسة فرض الأمر الواقع، بل العودة الى مائدة المفاوضات والتوصل إلى حل شامل لجميع قضايا الوضع النهائي، بما يضمن مستقبلا آمناً لأطفالنا وأطفالهم.

السيدة الرئيسة
لقد سعيت مؤخراً مع كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني لإقامة حكومة وحدة وطنية، تستجيب للشرعية العربية والدولية، وتنسجم مع المبادئ التي وضعتها اللجنة الرباعية الدولية، ولذلك والتزاماً منا بهذه المعايير أود أن أؤكد، أن كل حكومة فلسطينية قادمة، سوف تلتزم بما التزمت به منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية في الماضي من اتفاقيات، وخاصة رسالَتَي الاعتراف المتبادل المؤرخة في 9 أيلول-سبتمبر 1993 بين الراحلين الكبيرين ياسر عرفات واسحق رابين.

وهاتان الرسالتان تحتويان على اعتراف متبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وعلى نبذ العنف، واعتماد المفاوضات طريقاً للوصول الى حل دائم، يقود إلى قيام دولة فلسطين المستقلة إلى جانب دولة إسرائيل.

وسوف تلتزم كل حكومة قادمة بضرورة فرض الأمن والنظام وإنهاء ظاهرة تعدد الميليشيات والفلتان والفوضى والالتزام بسيادة القانون، لأن هذه حاجة وطنية فلسطينية بالدرجة الأساسية.

إن جهودنا التي بذلناها، لم تكن إلا من أجل قيام وحدة وطنية ذات مضمون فعلي، بحيث يتحقق إجماع فلسطيني وطني حول أهدافنا الوطنية، التي تتطابق مع الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وحول الوسائل السلمية لتحقيق تلك الأهداف، ومثل هذا الإجماع عندما يتوفر وتنهض حكومة وحدة وطنية جديدة بناء عليه، ينبغي النظر إليه باعتباره إنجازاً نوعياً، وليس خطوة الى الخلف أو تراجعاً ولو محدوداً، عن النهج الذي تمسكنا به دائماً، وصممنا عليه باستمرار وفي مواجهة أقسى الظروف.

وأود أن أؤكد أن المفاوضات مع إسرائيل كانت وستبقى شأناً يخص منظمة التحرير الفلسطينية التي أرأسها، وكل النتائج التي سوف تسفر عنها سأقوم بعرضها على المجلس الوطني الفلسطيني الذي يمثل أعلى هيئة وطنية فلسطينية أو على الإستفتاء الشعبي العام.

إن ما حققناه على هذا الصعيد، ينبغي أن يكون كافياً لرفع الحصار الظالم المفروض على شعبنا، والذي ألحق ضرراً فادحاً بمجتمعنا ومعيشته، ووسائل نموه وتقدمه.

السيدة الرئيسة
جئت أحمل جراح شعب ينزف كل يوم، شعب يبحث عن حياة طبيعية، يذهب فيها أطفاله إلى المدارس آمنين، أطفال خُلقوا للحياة لا للموت، وشباب يجدون عملاً شريفاً، يوفر لهم طريقة كريمة في الذهاب الآمن إلى المستقبل، ويكونون شركاء في صوغ تاريخهم لا ضحايا لوحشية التاريخ. . . ونساء يلدن أطفالهن في المستشفيات لا على حواجز الاحتلال، وعائلات يلتئم شملها في الأمسيات، لتحلم بيوم جديد لا قتل فيه ولا سجن ولا اعتقال، . . . وبكل بساطة أريد للغد أن يكون أفضل من اليوم، أريد لوطني فلسطين أن يصبح وطناً لا سجناً. . . مستقلاً سيداً أسوة بكل شعوب العالم، وأريد للقدس أن تكون ملتقى حوار الأنبياء جميعاً، وعاصمة لدولتين جارتين تعيشان بسلام ومساواة.

لقد أطلق الرئيس الراحل ياسر عرفات من على هذه المنصة الموقرة نداءه الشهير قبل اثنين وثلاثين عاماً: لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي، وها أنا أكرر هذا النداء. . . لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي، لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.