د . مجدي سالم يروي تفاصيل مثيرة لصفقة تبادل الأسرى في العام 1985
نشر بتاريخ: 20/05/2011 ( آخر تحديث: 20/05/2011 الساعة: 21:51 )
غزة -معا- قال د . مجدي سالم الباحث والخبير في شؤون الحركة الوطنية الأسيرة وعضو المجلس الإستشاري لموقع صوتنا التابع للحركة الشعبية لنصرة الأسرى والحقوق الفلسطينية وأستاذ علم الإجتماع السياسي بالجامعات الفلسطينية أن صفقات التبادل للأسرى هي معجزة الثورة الفلسطينية المعاصرة على إعتبار أن الصراع العربي الإسرائيلي بكثرة الحروب والمعارك بين الأطراف خلال الفترات الزمنية القياسية السابقة لعب دوراً محورياً في تغيير المعادلة العسكرية على الأرض ، فمنذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في العام 1965م شهدت المنطقة سلسلة من الحروب والمعارك إضافة إلي المناوشات والعمليات الفدائية المستمرة .
وأضاف د . سالم بأن هذا الأمر أدى إلى وجود الكثير من عمليات تبادل الأسرى والتي كان أساسها وقوع أسرى من الطرفين العربي – الفلسطيني والكيان الإسرائيلي وقد كان موضوع إطلاق سراح السجناء مطلبا دائما في العمليات الفدائية , حيث نجح بعضها وفشل البعض الآخر . ولاحقا استدركت منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني هذا الأمر وعملت علي تطويره وتعزيزه بالطرق والآليات والاستراتيجيات الملائمة للحد من القرصنة الإسرائيلية باعتقال المناضلين والزج بهم في سجونها ومنذ عام 1972 ( أولمبيات ميونخ ) وعملية اختطاف اليخت في المياه المقابلة لشواطئ لارنكا القبرصية وعملية 1984 و1985 وبيسان 1973 و1968 و1971 حتى وصل رصيد فصائل منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية إلي أكثر من 5800 أسير فلسطيني تم تحريرهم بموجب عمليات التبادل منذ عام 1968 وحتى يومنا هذا .
تفاصيل عملية الجليل 20/5/1985
وحول تفاصيل عملية الجليل في 20 / 5 / 1985م فقد أفاد د. مجدي سالم الخبير في شؤون الحركة الأسيرة أنه وبعد مفاوضات سرية استمرت ثمانية عشر شهرا بين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة التي يتزعمها أحمد جبريل وبين إسرائيل برعاية الصليب الأحمر الدولي ووساطة برونوكرايسكي مستشار النمسا السابق عبر مستشاره السياسي هربرت أمري وقعت في جنيف في الحادي والعشرين من نيسان (ابريل ) 1985, اتفاقية تبادل الأسرى التي تم بموجبها الإفراج عن 1150 أسيرا فلسطينيا مقابل الإفراج عن ثلاثة جنود إسرائيليين .
وقال سالم أن من بين الأسرى الفلسطينيين 879 سجينا ( أمنينا ) كانوا في سجون إسرائيل والمناطق المحتلة سنة 1967 , و 150 معتقلا احضروا في الآونة الأخيرة من معتقل أنصار في جنوب لبنان مع انتهاء المرحلة الثانية من انسحاب الجيش الإسرائيلي من هناك و121 أسيرا بقوا في قبضة إسرائيل بعد عملية تبادل الأسرى في تشرين ثاني عام 1983. ولقد اختار 394 أسيرا من بين المحررين السفر إلي ليبيا عبر جنيف , و 151 نقلوا إلي سوريا , و 605 عادوا إلي بيوتهم في المناطق المحتلة داخل الخط الأخضر .
وأوضح سالم أنه شارك في عملية التفاوض لتبادل الأسرى بين إسرائيل ومنظمات فلسطينية فريق عمل إسرائيلي برئاسة الجنرال عاموس يارون ورئيس شعبة الطاقة البشرية في الجيش الإسرائيلي والمحامي شموئيل تامير , وزير عدل سابق ورابيه (لوفا ) الياف عضو كنسيت سابق وكانت الإشارة الأولى إلي الاتفاق قد ظهرت قبل شهر من توقيعه عندما قام المبعوث السياسي لمستشار النمسا السابق كرايسكي كارل كهانا ( من أصل يهودي ) بزيارة سرية إلي إسرائيل اجتمع خلالها برئيس الحكومة شمعون بيرس والوزير بلا وزارة عيزرا وايزمان وقد وقع علي هذه الاتفاقية عن الجانب الفلسطيني أحمد جبريل وعن الجانب الإسرائيلي إسحق رابين وزير الحرب آنذاك .
وأكد سالم أن عملية التبادل جرت في يوم 20/5/1985 بين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة وإسرائيل حيث تم بموجبها إطلاق سراح الجنود الإسرائيليين الثلاثة " العريف حازي شاي وهو قائد دبابة وقع في الأسر في معركة السلطان يعقوب بتاريخ 11/6/1982 والجندي يوسف غرون ونسيم سالم اللذان أسرا في منقطة بحمدون بتاريخ 4/9/1982" ومقابل الإفراج عن هؤلاء الثلاثة أطلقت إسرائيل سراح 1150 معتقلا فلسطينيا من السجون والمعتقلات الإسرائيلية .
وبلغ متوسط أحكام الذين أطلق سراحهم ما بين 15- 10 أعوام وقد اختار 600 منهم البقاء في المناطق المحتلة بينما نقل 151 معتقلا عن طريق القنيطرة إلي سورية و394 تم نقلهم بواسطة ثلاث طائرات إلي جنيف حيث تمت عملية التبادل .
وأفاد د . سالم أن عملية التبادل بدأت في ساعة مبكرة من صباح الاثنين 20/5/1985 عندما تم إحضار المعتقلين الفلسطينيين الذين سيتم تسفيرهم إلي جنيف تم إحضارهم إلي مطار اللد وتم وضعهم في ثلاث طائرات في نفس الوقت الذي تم فيه وضع الجنود الإسرائليين الثلاثة في ثلاث طائرات متجهة من دمشق إلي جنيف.
وقال سالم بأنه وووفقا للإتفاق المكتوب بين إسرائيل والجبهة الشعبية – القيادة العامة تم تنفيذ عملية التبادل في مطار جنيف حيث أعدت شبكة اتصال مرتبطة بمحطات إرسال في القنيطرية وتل أبيب ودمشق , وتم إطلاق سراح الجندي نسيم سالم في البداية مقابل ثلث المعتقلين الفلسطينيين , وعلى اتر ذلك تم إرسال بلاغ بذلك من دمشق وتل أبيب إلي جنيف , ثم أطلق سراح يوسف غرون مقابل الثلث الثاني من المعتقلين الفلسطينيين , وفي النهاية أطلق سراح حازي شاي مقابل الثلث الأخير من المعتقلين الفلسطينيين . وقد حدد احد بنود الاتفاق بين الجبهة الشعبية – القيادة العامة – وإسرائيل بأنه لا يحق لأي من الطرفين التدخل في عملية سير الطائرات التي تنقل الأسرى المحررين سواء إلى ليبيا أو إلى إسرائيل .
ويذكر أن المفاوضات لتبادل الأسرى بين الجبهة الشعبية – القيادة العاملة وإٍسرائيل قد بدأت في أعقاب تنفيذ الاتفاق الأول في تشرين أول عام1983 حيث طلب الوفد الإسرائيلي برئاسة شموئيل تامير معرفة مصير الجندي حازي شاي الذي كان في عداد المفقودين .
وقال سالم أنه بعد اتصالات استمرت أكثر من ستة أشهر بين وفد الجبهة الشعبية والوفد الإسرائيلي شارك فيها الصليب الأحمر الدولي والمستشار النمساوي ومساعده الذي أصبح سفيرا للنمسا في الخارج , تم الاتفاق علي الشروط النهائية ,ووضعت تفاصيل عملية التبادل , وقال شموئيل تامير رئيس الوفد الإسرائيلي المفاوض بأن عملية المفاوضات مع الجبهة الشعبية – القيادة العامة بدأت تأخذ طابعا جديا منذ تشرين أول 1984, وطلبت الجبهة الشعبية في البداية إطلاق سراح 1300 معتقل داخل السجون ,و 1000 معتقل من معتقلي أنصار, لكنة تم الاتفاق في النهاية علي إطلاق سراح 1150 .