الإثنين: 07/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

الكك بوكسينج- حلم يرواد الشباب وجهود تستحق الرعاية والاهتمام

نشر بتاريخ: 22/05/2011 ( آخر تحديث: 22/05/2011 الساعة: 08:38 )
بيت لحم- كتب حافظ عساكرة- شهد الشارع الفلسطيني خلال فترة الثمانينات ومطلع التسعينات ثورة رياضية متواضعة في العاب الدفاع عن النفس"مثل المصارعة والملاكمة والكاراتية" وغيرها من الالعاب الاخرى، ويعود ذلك الى الطفرة المتسارعة في مجال سينما (الاكشن والحركة والاثارة) والتي فجرها البطل العالمي بروسلي، الذي كان يعتبر من ابرز ابطال ومعلمي "الفنون الرياضية" على مستوى العالم والذي اسهم في نشر هذه الالعاب. واستطاع من خلال سلسلة افلامه ان يقدم لمعجبيه ومتابعيه مائدة غنية من العاب الدفاع عن النفس التي تعود لمئات الاف السنين في عراقتها واصالتها، ما فتح شهية الشبان الى خوض غمار الالعاب الرياضية الفردية. وخصوصا الشباب الفلسطيني الذي مكنته هذه الالعاب من الانفتاح على العاب مختلفة اخرى نهل منها ما امكنه رغم قسوة وصعوبة الظروف. وهذا التاثر لم يكن يقتصر على الشباب الفلسطيني وحده بل كافة الشباب من كل أنحاء العالم.

وبعد ذلك توالى ظهور الالعاب الرياضة الفردية "العاب الدفاع عن النفس" والتي من ابرز نجومها: فان دام، وجت لي، وجاكي شان، وارلونود، وغيرهم، ما فتح ابواب فنون الدفاع عن النفس على مصراعيها نحو ثورة جديدة لالعاب فردية جديدة ابهرت الشبان وجلعتهم يلتحقون بمراكز فنون الدفاع عن النفس وتخريج اعداد كبيرة من الطلاب والمدربين. فانتشرت مراكز تدريب الكاراتية، التايكواندو، والكنغ فو، باساليبها، في انحاء متفرقة، من فلسطين حيث تخرج كما هائلا من الابطال الذين ساهموا في بناء قاعدة راسخة واضحى وطننا من الدول المتقدمه في مجال اللعبتين وابدع فيهما من خلال استقطاب خبراء لهم سجل حافل من الانجازات.

ورغم ضعف الامكانيات الا ان فلسطين تألقت في مجالي الكاراتية والتايكوندوا وبرز الكثير من اللاعبين الذين شاركوا في عدد من المحافل الدولية والعربية.

مع نهاية التسعينيات وبداية الالفية شهدت العاب الكك بوكسينج انتعاشا ملحوظا خصوصا بعد ان استطاع عدد من المدربين المميزين ادخال هذا الفن الى صالات التدريب بفلسطين. ومن ابرزهم: سمير عثامنه، وبدأت اللعبة بالظهور بقوة، وتمكن المنتخب الوطني من المشاركة في عدد من المحافل الخارجية بالاضافة الى ان اللعبة توسعت لتشمل الفتيات اللواتي حققن فلسطينيا انجازات مميزة ومشهودة في عدد من المحافل العربية وانتشرت اللعبة في كافة انحاء الوطن وذلك من خلال فتح مراكز تدريبية خاصة بفن الكك بوكسينج.|56394||56392|* لاعبات منتخب فلسطين للكك بوكسينج سابقا*
وفي السنوات الاخيرة انتشرت رياضة التاي بوكسينج (المواتاي) الى جانب الكك بوكسينج لتصبح لكل لعبة جهازها التدريبي الخاص بها وكودارها الفنية والتحكيمية بالاضافة الى لجانها المختصة وكلها تبحث عن التطوير والارتقاء بمستواها. وقد استطاعت رياضات الكك والتاي بوكسينج تحقيق سلسلة من الانجازات، واصبحت فلسطين اليوم من الدول المتقدمة في هذه الالعاب نظرا للاهتمام الكبير الذي يوليه الاتحاد الفلسطيني لرياضات الكك بوكسينج "برئيسه الاستاذ محمد حماد، الذي يحاول بكل السبل توفير الامكانيات، وتذليل العقبات، للوصول بالمنتخب الفلسطيني الى اعلى الدرجات، عدا عن الكادر التدريبي المييز والذي عمل على نشر اللعبة ومنهم: سمير عثامنة، نصري عاهد، مصطفى الحلبي، شاكر شروف، مراد الحوساني، فادي موسى مصطفى، حافظ عساكرة، محمود شراونة، علي مطر، اضافة للاعبين الذين لهما الدور الهام في تنمية وتطوير هذا الفن الرياضي المميز.

التعريف:
الكك بوكسينج هي رياضة تعتمد بالأساس على اللكم بالأيدي والأرجل وهي أنواع تختلف حسب نوع الاسلوب المستخدم للكم ومكان تسديد اللكمات ومنها: "الفول كونتاكت، اللايت كونتاكت، السومي كونتاكت". سنفصلها بعون الله في مقالة قادمة للاستزادة، ولنشر هذا الفن العريق وتطويره فلسطينيا.

النشأة والميلاد:!

كانت بداية رياضة الكك بوكسينج هي فكرة دمج رياضة الملاكمة لما تحتويه هذه الرياضة من اللكمات القوية والفعالة في تسديد ضربات اليدين والتي لا تضاهيها أي رياضة أخرى في هذا المجال، مع رياضات الفنون القتالية في شرق آسيا، والتي هي منبع هذه الفنون مثال (اليابان والصين وكوريا وتايلاند) وبدأ الخبراء في هذا المجال منذ بداية السبعينات من القرن الماضي في خلق القوانين اللازمة للظهور في أسلوب فني مميز يجمع ما بين الأيدي والأرجل، والعمل على تنسيقها، بحيث تجمع ما بين مهارات الملاكمة باليدين ومهارات الفنون القتالية بالأرجل حتى بدأ تطبيقها وتجريبها ما بين عام 1973 و 1976 في أمريكا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا) ولاقت إعجاب الكثيرين في ذلك الوقت حتى انتقلت إلى أوروبا وبدأت تقام لها بطولات من هواة ومحترفين تحت إشراف جمعيات دولية عدة منها في كندا والولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا فكانت أفضل هذه الجمعيات في ذلك الوقت هي WKA في بريطانيا WPKO في إيطاليا إلى أن بدأت تقام لها البطولات العالمية والدولية على مستوى فرق تشارك من مختلف القارات والدول ومن خلال هذه البطولات تحسن مستوى أداء وقوانين هذه الرياضة بشكل كبير.

وفي عام 1997 تأسست جمعية عالمية جديدة كمنافس قوي للجمعيات السابقة وهي (الوورد بروفي كيك بوكسنج أسسيشن) ومختصرها WPKA ومقرها باليونان ويترأسها جورج شكتريدس وهو من أبطال أوروبا والعالم في هذا المجال وكان في بداية تأسيس هذه الجمعية قرابة 45 دولة أم اليوم فهي تجاوزت 100دولة لأن هذه الجمعية أخذت خط سير الاتحادات الدولية المعترف بها من قبل اللجنة الأولمبية الدولية من خلال القوانين والأنظمة لسلامة اللاعبين المشاركين في هذه الجمعية.

أقيمت أول دورة تدريبية بالوطن العربي لهذا الأسلوب في لبنان عام 1978 على يد الخبير الأستاذ الدولي أحمد بو خزعل المقيم في كندا وهو أستاذ كبير بلعبة (الكاراتيه) فبعد أن خاض الدورات التدريبية للكك بوكسنج وأعجب بهذا الأسلوب الجديد لتميزه وتنوعه من ناحية المهارات الفنية فكر أن ينشر هذا الأسلوب بالوطن العربي حتى نواكب هذه الرياضة الجديدة فدعا المدربين العرب إلى لبنان فكان من المدربين الذين اهتموا بهذه الرياضة هم الأستاذ وليد قصاص وسامي قبلاوي، وبعدها انتقلت هذه الرياضة إلى الكويت على يد القصاص وبدأ بتدريبها وكان عليها إقبال كبير منذ بداية نشأتها في الكويت وأقيم لها العديد من البطولات والدورات المحلية وكان قد تخرج العديد من المدربين في هذه اللعبة الى ان انتقلت هذه الرياضة الى الأردن على يدي عدد من المدربين المميزين منهم: توفيق الأمين ومحمد إلياس وعيسى ابو نصار. وازدهرت اللعبة بشكل ملفت للنظر، ولقيت اهتماما كبيرا من كافة الاوساط، ثم انتقلت اللعبة لفلسطين على يدي المدرب سمير عثامنة وراحت تتطور يوما بعد يوم في فلسطين، وفتحت الاردن بيتها الرياضي الكبير للمنتخب الفلسطيني من خلال عمل اللقاءات الاخوية واستضافة منتخب الشباب والفتيات، ولم يبخل كافة المدربين والخبراء الاردنيين على المدربين واللاعبين الفلسطينيين في اي معلومة تتعلق بهذه الرياضة العريقة، بل افتتحوا انديتهم وبيوتهم للوفود الرياضية الفلسطينية الخاصة بهذه الرياضة، وعملوا على دعم وتشجيع المدربين واللاعبين الفلسطينيين واكرموهم خير اكرام.

هذا وأقيمت أول دورة بالوطن العربي في لبنان وقد انتشرت انتشارا كبيرا في لبنان على أيدي أساتذة كبار خاضوا دورات خارج لبنان حتى يعودوا بالنفع لشباب بلدهم ومن هؤلاء الأساتذة سامي قبلاوي وعصام سلمان وعبد الرحمن الريس وغيرهم والذين جعلوا من لبنان بلد قويا في هذه الرياضة.

بعد سنوات من التدريب والنشر لهذه الرياضة وبعد أن اجتهد الأساتذة الكبار من لبنان والذين يعتبرون هم من أسسوا هذه الرياضة بالوطن العربي وبعد أن أقيمت الدورات التدريبية في عدد من الدول العربية خلال التسعينيات على يد ممثل الاتحاد اللبناني الأستاذ وليد قصاص ومن هذه الدول الكويت والأردن والعراق وسوريا ومصر وبعض المدربين من اليمن والسودان وفلسطين الذين كانوا يشاركون في هذه الدورات والتي كان يشرف عليها الاتحاد اللبناني بالإضافة إلى دول المغرب العربي الذين تأثروا بهذه الرياضة من دول جنوب أوروبا وهي المغرب وتونس والجزائر بات لدينا في التسعينيات قاعدة عريضة لهذه الرياضة بالوطن العربي فكان يجب أن تدخل هذه الرياضة إلى عائلة اتحاد الألعاب العربية فكان لها هذا في عام 1997 وتأسس أول اتحاد عربي على هامش الدورة العربية التي أقيمت في لبنان بنفس العام وتم تشكيل الاتحاد، ومن بعدها شاركت رياضة الكيك بوكسنج لأول مرة بكشل رسمي بدورة الألعاب العربية عام 1999 بالأردن (دورة الحسين) ودورة الجزائر عام 2004، وهي المرة الثانية، وانتشرت اللعبة وتوسع حجم المشاركات عربيا ودوليا الى يومنا هذا، وتميزت المشاركات بنتائج عكست قدرة وكفاءة وخبرة ومهارة المدربين واللاعبين العرب والفلسطينين، واجترحت دولة فلسطين اليوم مكانا لها تربعت فيه على عرش الالعاب الفردية بهذه اللعبة، بين اهم الدول نجاحا، وتفوقا في هذا الفن العريق.

وان تطور هذه اللعبة ساهم وبشكل كبير في تسجيل اسم فلسطين وبقوة ضمن الدول المتقدمة، حيث عزز ذلك من صورة بلدنا الحضارية على الساحة الدولية وخصوصا في ظل الاخفاقات التي سجلتها بعض الالعاب الجماعية.

وتجدر الاشارة الى ان انجازات الالعاب الفردية مثل الكك بوكسينج جاءت بامكانيات مادية ضئيلة للغاية وتكاد لا تذكر، في حين ان الالعاب الجماعية تلقى الدعم اللامحدود في ظل انجاز ليس بالمستوى المطلوب.

حافظ عساكرة
[email protected]

|56391|* لاعبة فلسطينية مثلت فلسطين في محافل عربية بلعبة الكك بوكسينج*