الثلاثاء: 01/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

التجبير العربي في تناقص ومحمود أبو الرب آخر المجبرين

نشر بتاريخ: 22/05/2011 ( آخر تحديث: 22/05/2011 الساعة: 11:38 )
جنين - تقرير معا - رغم ما يشهده القطاع الطبي من تطور وتقدم في العلم والتقنيات، إلا أن جزءا كبيرا من المواطنين ما زالوا يثقون بنسبة كبيرة في الطب التقليدي وخاصة التجبير العربي، ففي غرفة متواضعة في منزل الشيخ محمود فتحي أبو الرب 33 عاما، والذي يمارس مهنة التجبير، يستقبل عددا كبيرا من المواطنين الذين يتعرضون للكسور ومنهن من يعاني بآلام في الظهر وآخرون يعانون من آلام في الأعصاب.

وفي تقرير اعده مراسلنا في جنين رائد ابو بكر، رصد فيه طبيعة عمل أبو الرب وكتب... لا يستخدم مشارط طبية ولا يستعين بجهاز التصوير الإشعاعي، إنما يعتمد في تشخيصه للكسور وطبيعتها بالأساس من خلال ملاحظته لألم المريض وردود أفعاله، وبمجرد لمس العظام وتحسسها بأطراف أصابعه يستطيع تحديد مكان الكسور بدقة.

بداية تعلمه للمهنة
يقول محمود أبو الرب "أمارس مهنة التجبير العربي منذ 15 عاما، فأنا لم أتقنها بالصدفة بل تعلمتها من جدي الذي تعلمها من عمه، فعند بلوغي الثانية عشرة من عمري بدأ جدي بتعليمي المهنة، وفي سن الثامنة عشرة أتقنت التجبير بشكل كامل، بالإضافة إلى معالجة الأعصاب كعرق النساء وآلام الظهر - الديسك ".|130364|وأضاف " لا يستطيع أي شخص أن يمارس المهنة، وليس سهلا تعلمها، بل تحتاج إلى إتقان وممارسة، بالإضافة إلى انه ليس كل الحالات يستطيع المجبر علاجها "، مؤكدا انه حتى هذه اللحظة لم يتعرض لخطأ طبي بفضل الله.

ويعتبر أبو الرب آخر المجبرين التقليديين حتى هذه اللحظة في محافظة جنين وجوارها، حيث كانت هذه المهنة شائعة قبل التطور الطبي في الأراضي الفلسطينية وكان الكثيرون يمارسون المهنة لكن أعدادهم في تناقص مستمر.

أدوات التجبير العربي
أما الأدوات التي يستخدمها أبو الرب في مهنته بسيطة جدا، لا تتعدى القطن و"البلاستر" وبودرة ومشدات و"كرتون" واحيانا قطع من الخشب الرفيع.|130365|وما يميز التجبير العربي قال أبو الرب إن العلاج يتم بشكل سريع بالإضافة إلى انه بالطريقة التقليدية تستطيع تطبيق عظمين مكسورين على بعضهما البعض، بينما بالطريقة المتقدمة تعجز عن ذلك، كما أن وزن الجبصين بالطريقة التقليدية اخف من جبصين الطريقة المتقدمة.

ويمارس أبو الرب عمله في منزله الكائن في جلبون شرقي مدينة جنين وباستطاعته ممارسة عمله في أي مكان آخر، وقال "لا يكاد يمر يوم ولا يخلو منزلي من المراجعين يأتون من مناطق مختلفة من الضفة الغربية، وأحيانا كثيرة يأتون من أراضي 48.

بعض الاطباء يرسلون المرضى له
وعن علاقته بأطباء العظام في المحافظة قال "علاقتي جيدة جدا بل كثير منهم ينصحون المرضى بالتوجه إلى التجبير العربي، وبعضهم ينصح المواطنين من عدم الاقتراب من التجبير العربي لعدم مهنيتها".|130366|وأضاف "بعض المرضى كانوا قد تعرضوا لكسور وذهبوا إلى العيادات الطبية المتخصصة، إلا أن التجبير لم ينجح بل عادوا مرة أخرى الى تجبير كسوره بالتجبير العربي والتأمت الكسور، وهذا الكلام يشهده المواطنون ويتحدثون به، ولا أقوله كنوع من الإعلان لاني لا أتقاضى أجرا ماليا مقابل تجبير الكسور، بل ابتغي بذلك مرضاة الله، كما أنها وصية من جدي بتقديم العلاج للمرضى من دون مقابل".

وأكد لنا المريض محمود السعدي الذي قدم إلى أبو الرب لفك الجبص عن يده المكسورة، وقال "يدي هذه قد جبرتها عند أطباء متخصصين مرتين، إلا أن الألم ما زال يلازمني، حتى أتيت إلى الشيخ محمود وقام بكسر يدي وتجبيرها مرة أخرى بالطريقة العربية والحمد لله شفيت نهائيا ولا اشعر بأي ألم في يدي ".|130367|أما الحاجة أم صابر قالت "منذ سنوات وأشعر بألم كبير في رجلي ولم اترك عيادة أو طبيب إلا وراجعته وصرفوا لي عدة أدوية ولكن من دون نتيجة، وعندما أتيت إلى الشيخ محمود وتحسس مكان الألم عرف سبب الألم وهو عرق نساء، قام بتدليك رجلي بدهون مكونة من زيت زيتون وشمع العسل مع الماء الساخن لمدة أسبوعين ليذهب الألم من دون رجعه وكأن شيئا لم يكن".

لكن أبو الرب أوضح لنا أن الكسور الكبيرة كخروج العظام من الجلد وبروزه خارج الجسم فانه لا يتوانى في العلاج، بل ينصح المريض بالتوجه إلى المستشفى مباشرة، لأن ذلك يحتاج إلى عناية طبية وربما يحتاج إلى عمليات جراحية، مستذكرا لنا قصة حيث قال "جاءني شاب وقع من طابق ثاني وقد كسرت رجله وخرج العظم من جسمه بالإضافة إلى إصابته بنزيف حاد فنصحته بالتوجه إلى المستشفى وإجراء اللازم " .