الجمعة: 27/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

معسكرات جيش الاحتلال ترتوي من عين المالح التي تدمع عطشا

نشر بتاريخ: 01/06/2011 ( آخر تحديث: 01/06/2011 الساعة: 16:52 )
بيت لحم- معا- منطقة عين المالح شرقي طوباس، بقعة جغرافية تتلاشى وتئن من الألم، فهي تعيش حالة من البؤس والتمزق بين مطرقة الاستيطان وسنديان البنية التحتية المدمرة فلا ماء ولا مشافي ولا مدارس ولا غيرها، تحيط بها 8 مستوطنات من جميع الجهات حولتها من جنة خضراء إلى صحراء قاحلة بعد أن جف نبع المالح الشهيرة الذي كان من أهم مصادر المياه للاستجمام، حيث كانت تتدفق منه المياه الحارة نسبيا وتستخدم للعلاج من أمراض المفاصل.

كل ذلك انتهى إلى القليل من الآثار المتبقية وبدأت رحلة المعاناة للبلدة التي تضم 480 عائلة وتعتبر منطقة رعوية ضخمة تحوي 20 الف رأس من المواشي، يضطر أهل القرية بسبب عدم وجود مياه للسير لمدة ساعتين يومياً للبحث عن مياه ملوثة في نبع " أم طيون " بجانب منطقة الحمامات التي تحولت إلى منطقة مهجورة تشكل مرتعاً للأغنام، يرتادها عدد محدود من رعاة الأغنام، بحثا عن الظل في ايام الصيف الحارة، ما أثر بشكل أساسي على طبيعة المنطقة برمتها، كما قال رئيس مجلس منطقة المالح والمضارب البدوية في الأغوار عارف دراغمة لبرنامج " على الطاولة " على أثير شبكة "معا" الإذاعية.

ويضيف دراغمة "السكان في محاولتهم لتجنب المياه الملوثة وإسكات العطش الذي تعانيه منازلهم يتوجهون يومياً إلى منطقة عين البيضاء وبردلا في الأغوار الشمالية التي تبعد عن منازلهم 15 كيلو متراً من أجل أن يحضروا 3 أكواب ماء مقابل دفع 150 شيقلاً، وغالبا لا ينجحوا في ذلك إلا إذا كانت لديهم واسطة أو أصدقاء في المنطقة، باعتبار أن فتحات المياه في تلك المناطق مخصصة لها ولا يوجد فتحة مياه لمنطقة عين المالح.

وناشد دراغمة الجهات المسؤولة وسلطة المياه ضرورة تأمين فتحة للمياه خاصة بالمنطقة التي تعوم على بحيرة من المياه الجوفية، تستفيد منها إسرائيل وتقوم شركة "ميكروت" من خلال أنابيب المياه التي تعبر القرية من تغذية 7 معسكرات للجيش الإسرائيلي محيطة بالمنطقة.

ولا تتوقف معاناة السكان هنا، لا سيما إن إقامة المرافق الأساسية محظورة بقرار إسرائيلي، فلا وجود للمستشفيات والمدارس في المنطقة، ويضطر نحو 150 من الطلبة لاستخدام حافلتين صغيرتين تبرعت بهم الحكومة الفلسطينية للوصول إلى مدرستهم على بعد 8 كيلو متر من منازلهم في خربة الفارسية.

وصحياً، لا يتواجد في المنطقة سوى سيارة عيادة متنقلة واحدة لا تفي بالغرض، والمطالبة متواصلة من المجلس بسيارة إسعاف، تهون على المواطن المريض رحلة عذاب تمتد لساعات طويلة للوصول إلى مدينة طوباس مرورا مع حاجز الموت "تياسير ".

القضية وضعها البرنامج أمام محافظ طوباس د.مروان الطوباسي والذي أكد أن المحافظة تولي أهمية كبيرة لمنطقة الأغوار الشمالية المهمشة والتي جار عليها الزمن لتصبح تحت حكم الاحتلال الذي يمنع عنها كل مقومات الحياة.

وبين الطوباسي أن المحافظة حاولت خلال الفترة الماضية تأمين بعض الاحتياجات التي تتطلبها المنطقة من خلال سيارة العيادة المتنقلة، والحصول على حافلتين لنقل الطلاب الصغار إلى المدارس من خلال وزارة المالية.

وكشف عن قيام رئيس سلطة المياه د.شداد العتيلي بتوفير عدد من صهاريج المياه بالإضافة إلى مشروع لتثبيت تنكات مياه في المنطقة وفق الإمكانيات لدى سلطة المياه.

ولم يُخف الطوباسي وجود معركة سياسية مع الحكومة الإسرائيلية في الأغوار الشمالية، مبديا استعداد السلطة للأستماع لمطالب وأفكار المجلس المحلي لعين المالح خصوصا في جميع القضايا والبحث عن الحلول التي يراها مناسبة.

برنامج " على الطاولة " تواصل مع وزير الحكم المحلي د.خالد القواسمي الذي أكد قيامه مؤخرا بزيارة المنطقة والإطلاع على احتياجاتها، معلنا توجه الوزارة لتأمين حافلة لطلاب المدارس الثانوية مع سائقها بشكل مجاني دون أجرة، وقامت الوزارة بأخذ مخططات المنطقة للبحث عن وسائل لمساعدة سكانها.

وفيما يتعلق بالمياه أكد القواسمي أن الحكومة رصدت تنكات مياه متوسطة الحجم لتلك المناطق، وستتجاوب مع أي مطالب وفق الإمكانيات ومن خلال مخاطية مديرية الحكم المحلي في طوباس.

وبالرغم من أن الغور يقع فوق واحد من الأحواض المائية الفلسطينية الثلاثة، إلا انه الأشد تأثرا الآن بشح المياه، فالغور فقد قارورة الماء التي تطفئ ظمأه، وفقد المدارس التي تنير درب أبنائه، وفقد المشافي التي تحفظ أرواح أبنائه.