الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

نهاية اللاصداقة

نشر بتاريخ: 04/06/2011 ( آخر تحديث: 04/06/2011 الساعة: 21:38 )
ترجمة:د. جمال نزال

Tagesspiegel
Ende keiner Freundschaft
Von Malte Lehming

اتخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي من شعوره باللامودة تجاه أوباما وسيلة للتصويت على حجب الثقة عن سياسته الخارجية في عقر داره ! ومن شأن ذلك أن يقوي نزعة أوباما للإبتعاد خطوة إضافية عن الإنخراط بعملية السلام. يمكن للمرء على سبيل التقزيم أن يقلل من قدر كلمة نتانياهو في الكونغرس كخطاب بارع من الناحية البلاغية لما فيه من قدرة على زج مستمعيه في زهو من الإنتعاظ السمعي ونشوة الطرب. ولا قدر لوصفة نجاح الخطاب أن توضع في كتاب لوصفات الطبخ لصيغت على النحو التالي:

خذي مقدار قبضة من تذكير الناس بالمحرقة، إمزجيها بقصة صراع البقاء الإسرائيلي، ضعيها فوق التهديدات الساخنة لوجود إسرائيل، أخلطيها بقصة جزيرة الحرية الإسرائيلية في بحر من الأعداء، وصحنا من حكاية "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، جرعة من التخويف من التهديد الأصولي ممثلا بإيران وحماس، بالغي في إظهار طعم استعدادك للسلام، وملعقة اقاصيص شخصية وكأس وعود بالصداقة الدائمة ومن ثمة صحتين وعافية على نغمات خطاب رئيس وزراء إسرائيلي أمام الكونغرس الأمريكي!!

لكن ما بدر من نتانياهو وما سمح لنفسه به أمام الكونغرس يتجاوز هذه العناصر بامتياز.

فقد اتخذ من شعوره باللامودة تجاه أوباما وتحديدا في مركز سلطته استفتاء حجب ثقة على سياسته الخارجية. فأهان أوباما واتخذ منه بهلوانا تحت وابل من التصفيق من الديمقراطيين انفسهم أي جماعة أوباما الذين حفزهم الخوف من تهمة معاداة إسرائيل إلى عض النواجذ والتعالي على الجراح حتى تمر العاصفة. وفوق هذا كله عمق حالة التشكك مع العالم العربي. وعمق كذلك الفجوة مع أوروبا وزاد جفاءه عنها حيث تفكر الآن دول كثير بتغيير موقفها في مسألة التصويت أمام الأمم المتحدة في أكتوبر القادم بخصوص قبول عضوية فلسطين. فهذا هو الثمن اللائق للتبجح لمدة ساعة أمام الكونغرس وهو ثمن الإستمتاع بالتصفيق في الكونغرس والإستحسان في إسرائيل على نجاحه في لي ذراع أوباما والتحول لبطل في عيون الإسرائيلين. والسؤال الملائم هنا:

كم صحنا سيكسر الضيف قبل أن يدعى لطاولة العشاء مكرما؟ ما الذي حدث بالضبط؟ في البداية ألقى أوباما كلمة كانت ذكية كالمعتاد وودودة على إسرائيل فوق المعتاد. اسقط منها مطالبته بإنهاء الإستيطان. ورفض فيها تأييد مسعى الفلسطينيين باتجاه الأمم المتحدة, وطالب حماس بالإعتراف بإسرائيل قبل الدخول في أي مفاوضات. وأما حديثه عن خط وقف إطلاق النار لعام 1948 إلى 1949 أي حدود الرابع من حزيران فلم يكن فيه ما يستدعي مع الإسرائيليين خلافا.

ورغم هذه الملاحظة غير الضارة لإسرائيل فضل نتانياهو خيار وقف أوباما عند حده. وذلك يعبر عن دهاء من الضيف الزائر. ففي كل مرة تطلب فيها أمريكا من نتانياهو خطوات تجاه الفلسطينيين يرد على ذلك بتصرفات ومناورات لحرف الأنظار عن الموضوع. فتارة يتذرع بإيران أو حزب الله أو حماس أو بالإنقسام الفلسطيني أو بالوحدة الوطنية المستجدة بين فتح وحماس ليجد شيئا في مجريات الواقع الراهن بكل لحظة يتذرع فيه. وقد اختار لنفسه في معرض شد الحبال مع أوباما أن يسجل بعض النقاط على الجبهة الداخلية في إسرائيل بدل في أن يتخذ خطا يسبب له قلاقل محتملة داخل تحالفه الحكومي. أليس هذا بالأمر السخيف كواقع كان أو كتبرير؟ بئس النهج في الحالتين!

وعلى القارعة يظل الرئيس اوباما الذي يخسر هكذا بعد تنازله لنتانياهو في موضوع الاستيطان مواجهته التالية على التوالي بشك مدوي. ويبقى خائب الامل وبمكانة اكثر ضعفا وهو ملوم محسور. ومن المتوقع أن تكون هذه التجربة حافزا إضافيا لأوباما كي يبتعد عن الإنغماس في عملية السلام وينشط فيها كما يريد. ويظهر أوباما في رسم كاريكاتوري مصافحا نتانياهو وهو يردد شعاره الإنتخابي المعروف "نعم نحن نستطيع:

ويرد عليه نتانياهو Yes we can Yes, weak handأي, نعم يا ذا اليد الضعيفة! وللحقيقة نقول: من كان لديه أصدقاء كنتنياهو فلا يدعين يوما أن صديقا لديه.