السبت: 28/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

"الكنتين" تحولت الى أداة للابتزاز والعقوبات بحق الأسرى في السجون

نشر بتاريخ: 11/06/2011 ( آخر تحديث: 11/06/2011 الساعة: 20:41 )
بيت لحم- معا- أفاد تقرير صادر عن وزارة شؤون الأسرى والمحررين أن الكنتين، وهو المبلغ المخصص للأسرى والمسموح من خلاله شراء الاحتياجات اللازمة للأسرى من كنتين السجن، تحولت الى أداة للعقاب والابتزاز والمساومة من قبل إدارة السجون بحق الاسرى.

وفي السنوات الأخيرة، أصبحت أحوال الأسرى رهينة لسياسات وإجراءات إدارة السجون التي لم تترك وسيلة إلا واستخدمتها لفرض الإجراءات المشددة على المعتقلين وردعهم وإذلالهم، في ظل السياسات الرسمية الاسرائيلية التي أعلن عنها بفرض قوانين وإجراءات تعسفية بحق الأسرى طالت الكثير من حقوقهم بما في ذلك أموالهم الشخصية.

وجاء في تقرير وزارة الأسرى أن إدارة مصلحة السجون قامت بوقف إرسال الأموال للأسرى في السجون عام 2007 عبر البريد الاسرائيلي ولمدة سبع شهور تحت حجج أمنية، ما سبب ضائقة اقتصادية كبيرة على المعتقلين، وبعد مفاوضات بين وزارة الأسرى وإدارة السجون الاسرائيلية تم توقيع تفاهم بإرسال هذه الأموال عبر شركة إسرائيلية تجارية تسمى ددش، تقوم بدورها بإرسال هذه المبالغ الى الأسرى بشرط أن لا يزيد المبلغ عن 1300 شيقل لكل أسير، وبشرط أن يكون في حسابه الشخصي مبلغا لا يزيد عن ذلك، وان لا يشمل ذلك أسرى القدس وأسرى الداخل 1948 والأسرى العرب، وأن يشمل الأسرى المدنيين.

شركة ددش الاسرائيلية هي التي تحدد نوعية المشتريات والأغراض وتبيعها للأسرى داخل السجون وتتحكم بالنوعية وبالكمية وبالأسعار التي هي أعلى بكثير عما هي في السوق الخارجي، ما جعل الأسرى عرضة للاستغلال وحول ساحة السجون الى ساحة للتجارة والربح لصالح الشركات الاسرائيلية.

لم يعد يستطيع أهالي الأسرى إرسال الأموال الى أبنائهم الاسرى عبر البريد الاسرائيلي، وخاصة أهالي قطاع غزة من المحاصرين والممنوعين من زيارة أبنائهم منذ 4 سنوات، ولم يعد أي قناة لإرسالها إلا عبر الشركة الاسرائيلية وموافقة إدارة السجون.

وزارة الأسرى التي تحول المبالغ المخصصة للأسرى شهريا لا تستطيع إرسالها إلا بعد موافقة خطيّة من قبل مدير السجون العامة الذي يحدد المبلغ، ويحدد عدد الأسرى في السجون شهريا لإرسال المبالغ لهم، وأصبح مزاج مدير السجون هو الذي يحدد قيمة المبلغ المرسل للأسرى، والذي لا يزيد عن 350 شيقلا شهريا، وأحيانا يتم خفضه الى أقل من ذلك، ويرفض إرسال مبالغ إضافية في حالة أن عدد الأسرى أكثر ما حدده لا سيما أن حركة المعتقلين في السجون متغيرة باستمرار.

وكثير ما يرفض مدير السجون تحويل مبالغ إضافية لحساب الأسرى في مناسبات خاصة كشهر رمضان والأعياد، أو حتى لشراء احتياجات معينة لا توفرها شركة ددش للأسرى حتى إرسال مبالغ خاصة للأسرى المرضى في مستشفى الرملة.

ما يجري بخصوص السياسة المتبعة حول الكنتين أصبح كالأمر الواقع يحمل الكثير من المخاطر وجزء من فرض السيطرة والتحكم بحياة الأسرى ومعيشتهم، فالسجن أصبح إضافة الى سجن سياسي ومكان لحجز الحرية اصبح سجنا اقتصاديا ووسيلة لتجويع الأسرى وإهانتهم.

وتعتبر المخاطر القانونية والسياسية هي الأهم في هذه القضية، فحكومة اسرائيل تحررت من العبىء الاقتصادي المفروض عليها بسبب احتجازها آلاف الأسرى، وتجردت من مسؤولياتها القانونية والدولية حول حياة ومعيشة الأسرى المحتجزين في سجونها من ناحية المأكل والمشرب والملبس والعلاج وغيرها، مما وفر على موازنتها الملايين من الشواقل، وحول هذا العبىء على كاهل موازنة السلطة الوطنية وأهالي الأسرى.

وأكثر من ذلك أصبح الكنتين كعقاب وكمصدر تهديد يلاحق الأسرى داخل السجون، من حيث فرض غرامات على الأسرى بمبالغ تصل ما بين 300-800 شيقل على كل أسير وتصادر من حسابه الشخصي كعقوبة لأتفه الأسباب، والسنوات الأخيرة تصاعدت هذه العقوبات فرديا وجماعيا بحيث حصدت إدارة السجون ملايين الشواقل من حسابات الأسرى من خلال ذلك.

وفي حال وجود أي مشكلة بين الأسير والسجان يتم فرض عقوبة بمنع شراءه من الكنتين مدة تتراوح أحيانا بين شهر وشهرين، إضافة الى عقوبات أخرى كالعقاب في الزنازين والحرمان من الزيارات والحرمان من التعليم ودفع الأقساط للجامعات.

وعندما يطالب الأسرى بتوفير الاحتياجات الضرورية لهم، تتعمد إدارة السجون الى السماح بذلك بشرط شرائها على حسابهم الشخصي مما يعافيها اقتصاديا من التزاماتها تجاه احتياجات الأسرى، وقد وصل الأمر الى شراء شوادر وقماش لترميم الخيام البالية في سجن النقب، والى شراء أجهزة طبية ومقاعد للمعاقين الأسرى على حسابهم الشخصي، وهذا يشمل الكثير من المواد الغذائية التي ترفض إدارة السجن توفيرها للأسرى.

ويقول الأسير ناصر أبو حميد المعتقل في سجن عسقلان ان أسعار الكنتين مرتفعة جدا وتفوق عما عليه في السوق المحلي وحتى الاسرائيلي، وأن إدارة سجن عسقلان قامت بفرض عقوبات على الأسرى ردا على إضراباتهم الاحتجاجية لتحسين شروط حياتهم وتتمثل بحرمانهم من مشتريات الخضار واللحوم من الكنتين لمدة شهرين.

وزير الأسرى عيسى قراقع قال: إن اتفاق الكنتين أصبح عبئا على الأسرى ووسيلة للابتزاز والتجارة، وانه غير قانوني وشرعي، وأشار أن إعادة النظر في هذا الأمر يتطلب موقفا من الأسرى أنفسهم وبالتنسيق مع المؤسسات الحقوقية، وقد سبق أن طرح هذا الأمر على الحركة الأسيرة من منطلق أن إدارة السجون وحكومة اسرائيل هي المسؤولة عن توفير كافة الاحتياجات الأساسية للأسرى وليس صحيحا أن يصرف الأسير على نفسه وعلى حسابه، وما زال الأمر مطروحا لإيجاد موقف موحد ورؤية مشتركة.