السبت: 28/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

ابو الحاج: يجب ان يكون اسرى القدس على رأس الاولويات

نشر بتاريخ: 13/06/2011 ( آخر تحديث: 13/06/2011 الساعة: 17:33 )
القدس -معا- قال فهد ابو الحاج مدير عام مركز ابو جهاد لشؤون الحركة الاسيرة في جامعة القدس ، ان القدس واسراها يجب ان يظلوا على الدوام على رأس الاولويات الوطنية، وان لا يجري التعامل بضغف او هوان، وذلك نتيجة الضغوط والممارسات الاسرائيلية .

واضاف "نحن نتفهم الهجمة الشرسة والمسعورة لاسرائيل التي تستهدف المنطقة، ولكن يجب ان نزيد من حجم الجهود المبذولة من قبلنا لملف القدس، وبالذات ما يخص موضوع الاسرى وذويهم ،لانهم الرافد الوطني الريادي في مواجهة الهجمة الاسرائيلية .

ونوه الى ان القدس فقدت قمرها الشهيد فيصل الحسيني قبل عشرة سنوات فيجب على الاقل ان نحافظ على الوتيرة الوطنية التي كان يعمل بمقتضاها الشهيد الحسيني ، وطالب وزارة الاسرى بايلاء ملف الاسرى المقدسيين اهمية اكبر ومتابعة جيدة لذويهم ومتابعة احتياجتهم وعدم البعد عنهم وعن همومهم .

جاءت اقوال ابو الحاج هذه في معرض تعليقه على حال الاسير ابراهيم حلبية وذويه والذين التقاهم طاقم المركز واعدوا عنهم التقرير الاسبوعي للمركز .

الاسير ابراهيم محمد احمد الحلبية

الاسير ابراهيم حلبية من مواليد 7-3-1976 ، من بلدة ابو ديس الى الشرق من القدس المحتلة ، درس في مدارس البلدة ،ثم انتقل الى مدرسة دار الايتام الصناعية في البلدة القديمة بالقدس ، وكان يطمح بأن ينال شهادة الثانوية العامة واكمال دراسته الجامعية ، وقد امتاز ابراهيم منذ ان بدأت شخصيته بالتبلور ،بحبه للعلاقات الاجتماعية وتأثير شخصيته بالجميع ضغارا كانوا ام كبار ،لذا احبه كل من خالطه من اقربائه واهل بلدته .

اعتقالاته السابقة

وعرف ابراهيم وهو في مقتبل العمر بانه من اشبال حركة فتح ،حيث كان منذ ان كان في سنين عمره الاولى يتمتع بشخصية جدية ومهتم بالقضياي الوطنية والاجتماعية ،الا انه وفي العام 1994 ،وعلى اثر توقيع منظمة التحرير الفلسطينية لاتفاق اوسلو مع اسرائيل ، ترك صفوف فتح وانتسب الى الحركة الاسلامية التي رفضت الاتفاق في تلك الفترة .

وعلى الرغم من ذلك الا انه ابقى على نفس نشاطه الجماهيري في القدس ،وان انتسب الى تنظيم آخر ،وقد وقع تحت تنظار قوات الاحتلال ،التي بدأت برصد تحركاته ونشاطه ،الى ان اعتقلته في العام 94 ،وكانت تجربته الاعتقالية الاولى ،امضى ابراهيم ما يقارب الخمسة عشر يوما على ذمة التحقيق في سجن المسكوبية بالقدس ،غير ان جهاز المخابرات الاسرائيلي لم يستطع اثبات اي من التهم عليه ،واطلق سراحه .

والتقى طاقم المركز بشقيقه عبد السلام والذي يصغره بسنتين ،وكان اقرب اليه من كل اشقائه ويعرف طباعه وطموحاته واحلامه ،حيث قال شقيقه " بعد ان خرج ابراهيم من المسكوبية ،عاود الاحتلال وفي نفس العام ،اعتقاله للمرة الثانية ،حيث قدمت قوات كبيرة من الجيش وجهاز المخابرات الى بيت العائلة في ساعات الليل المتأخرة ، واعتقلوه من البيت ،ونقلوه الى سجن المسكوبية " .

ويوضح شقيقه انه مكث بالتحقيق ما يقارب 65 يوما ،ووجهت له عدة اتهامات ،وحكم على اثرها بالسجن لمدة 7 سنوات ،ويعلق شقيقه على تجربته الاعتقالية بالقول " كانت هذه التجربة المحطة الاصعب ليس فقط على ابراهيم بل ايضا على العائلة باكملها ، حيث توفي والدي بهذ الفترة ،وحل بوالدتي امراض كثيرة ،مما رفع كلفة اعتقاله علينا " .

صدق حدس والده

ويذكر شقيقه واقعة حدثت مع والده الحاج ابو عمر ، قبل ان يتوفاه الله ،حيث روى الوالد والذي كان ذاهبا لزيارة ابراهيم ،ما حدث معه في هذه الزيارة او كما اسميناها الزيارة الاخيرة ، وكانت قبل عيد الاضحى بيوم ،وروى الحاج ابو عمر انه حين وصوله السجن قام احد الجنود بمخاطبته بالقول "ما بدك تسلم على ابنك وتحضنه بحضنك " ،استغرب الحاج ابو ابراهيم القول ولكن لم يفوت الفرصه ،فرد عليه بالقول ،"يا ريت " ،وبالفعل تمكن من السلام عليه ومصافحته ،وهنا ذكر ابو عمر ،الاحساس الغريب الذي انتباه ،حيث قال شعرت وانا اصافحه ،بان هذه المره الاخيرة التي ساتمكن فيها من رؤيته ، وبعد اقل من مضي يوم واحد تم نقل الحاج ابو عمر للمستشفى وفي اليوم التالي وافته المنية ،وصدق حدسه .

ويضيف شقيقه عبد السلام ،كان وفاة والدي بعد مضي خمس سنوات من عمر اعتقال ابراهيم ،ولم يقتصر الامر فقط على والدي ،فايضا والدتي الم بها امراض مثل السكري ومرض بالكلى ،وتعبت كثيرا ،من كثرة الحسرة على فراق ابراهيم ،وحتى ابراهيم نفسه كانت سلبية بالنسبة له ،فقد تراجعت صحته كثيرا ،وعانى من اوجاع في المعدة ،وتراجع وزنه .

وعلى الرغم من كل ذلك استطاع ابراهيم تجاوز هذه المحن ، ونهض من جديد ،حيث لم يستطع الاحتلال بكل ادواته واجهزته الفتاكة ،ان ينتزع روح الفكاهة والمعنويات العالية التي يتمتع بها ابراهيم ،وعلى ذلك فقد اهتم ابراهيم بهموم وقضايا من عايشهم من الاسرى ، وقد احبه كل من عرفه ، وقد انتسب ابراهيم الى الثانوية العامة ونجح ،وحاول اكمال دراسته الجامعية وهو بالسجن ولكنه لم يستطع ذلك .

حياته بعد الافراج عنه

وبعد خروجه من السجن حاول ابراهيم ممارسة حياته الطبيعية مثله مثل اي شاب في مثل ظروفه ،اي انه فكر بالزواج وبناء بيت والاستقرار ،ويذكر شقيقه "على الرغم من ان جهاز المخابرات الاسرائيلي لم يترك ابراهيم وبقي يلاحقه ويستدعيه بين الفينة والاخرى ،وانه ايضا كان مراقب طيلة الوقت ،الا انه نجح في بناء بيت ،وايضا تزوج واستقر بحياته ،لانه اراد هذا الاستقرار ، وحفاظا منه على هذا الاستقرار فقد كان على الدوام يحاول عدم الاحتكاك بقوات الاحتلال ،او حتى المرور عبر الحواجز العسكرية ،وانه لم يكن يفضل حتى الحديث عن تجربته الاعتقالية ،وكان يرد بالمختصر جدا على اي سؤال يوجه له بما يخص تجربته الاعتقالية .

الصدمة الكبيرة

وعلى الرغم من كل ذلك يفيد شقيقه انه بقي مهتما بالقضايا والاحداث العامة ،وخاصة ان انتفاضة الاقصى كان في اوجها ،الى ان حدث صدمة كبيرة اعادته الى الوراء ودفعته الى اعادة التفكير بنشاطه المناوء للاحتلال ،وكانت هذه الصدمة هي اقدام قوات الاحتلال ،على اغتيال الشيخ احمد ياسين مؤسس حركة حماس ،واغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي ،وقد لوحط عليه في تلك الفترة بقائه لفترات طويلة منعزلا عن باقي افراد العائلة ،ويذكر شقيقه لاحظنا عليه ذلك وحاولنا من جانبنا اقناعه بان لا يعاود اي نشاط ،وان يستمر بترتيب امور حياته وخاصة انه كان لا يزال حديث الزواج ، الا انه بقي يرد على الدوام انه فقط يتابع الاحداث فقط لا غير .

اعتقاله الاخير

وتوالت الاحداث وهو لا يزال على حالته الانعزاليه نولكن لم يكن يظهر عليه اي تحركات ملموسه ، الى ان جاءت ساعة الصفر كما اسماها شقيقه حيث قال " بتاريخ 4-7-2004 ،وفي حوالي الساعة الرابعة فجرا ، كنت نائما انا في بيت العائلة وكانت والدتي ايضا بالبيت ، وافقنا على اصوات زجاج البيت تتكسر ،اعتقدت انا في البداية ان هناك مشاجرة معينة بالحي او شيء من هذا القبيل ،وما ان خرجت الى ساحة حتى وجدت ان الساحة تعج بالقوات الخاصة الاسرائيلية وقوات الجيش والمخابرات "

ويضيف "فور رؤيتهم لي ،سألوني ، هل انت ابراهيم ،وقلت لهم انا لست ابراهيم وابراهيم نائم في بيته المجاور لنا ،وكنت حتى هذه اللحظة غير مستوعب لما ارى ، حيث تبين ان هناك قوات مجهزة للاقتحام ومرفق معهم اداوت مث السلم الحديدي وقنابل الغاز ،واسلحة كاتمة للصوت وغيرها ،وكانهم مجهزين لاحتلال دولة باكملها ،وطلب مني الضابط ان انادي على ابراهيم للخروج ،قمت بذلك الى ان ابراهيم لم يخرج ،وقلت لهم يبدو انه ليس بالبيت ،فرد علي الضابط الذي تبين فيما بعد انه قائد منطقة الخليل بقوات الاحتلال وهو يبتسم _ابراهيم بالبيت ولم يغادره فاطلب منه الخروج ،ثم قاموا بمحاولة خلع باب البيت ولم يستطيعوا ذلك ،وفي هذه الاثناء خرج ابراهيم من خلال شرفة البيت وهو رافع يديه فوق رأسه وواضح لدى الجميع وذلك خشية على حياته ،وخوفا من الاغتيال والتصفية " .

انا سعيد لاعتقالك وحزين لعدم تمكني من قتلك

ويشير شقيقه الى ان والدته حاولت الاستفسار من الضابط عن سبب الاعتقال ،فرد عليها بأن ابنها ابراهيم هو قائد وليس اي فرد عادي ،وبعد ان تحققوا من هويته وقيامهم بسؤال شقيقه ووالدته وزوجته عنه للتاكد انه الشخص المطلوب ،وضعوه في جيب عسكري ونقلوه الى المسكوبية ،ولم تغادر باقي القوات البيت الا بعد ان قاموا بتفتيشه تفتيشا دقيقا ،ولم يعثروا على اي شيء بالبيت ،ويذكر شقيقه بقول الضابط الذي اعتقله ،والذي خاطب ابراهيم مباشرة بالقول "ان لا اخفي سعادتي الكبيرة لاعتقالك ،ولكني بالوقت نفسه حزين لعدم تمكننا من قتلك " ،مما يوضح انه قوات الاحتلال كان بنيتها القتل والتصفية ،لولا التصرف بحكمة من قبل الاسير ابراهيم وذويه .

لائحة الاتهام والتحقيق والحكم

تفاجئت العائلة حين سماعها بان رئيس وزراء اسرائيل "ارئيل شارون" قد تكلم عن اعتقال ابراهيم او كما اسموها الخلية الارهابية ،وبعد مضي عشرة ايام تم عرض ابراهيم على المحكمة وعرفت العائلة بذلك من خلال رؤية عدد كبير من اهالي البلدة لابراهيم على شاشة التلفزيون ،حيث بث خبر عرضه على المحكمة ضمن نشرة الاخبار على تلفزيون اسرائيل ،لان العائلة والى تلك اللحظة لم تكن تعلم عنه اي شيء لا مكان اعتقاله ولا طبيعة التهم الموجة اليه .

تمكنت شقيقه الاكبر "عمر" من رؤيته بعد مضي ما يقارب 85 يوما ، وذلك لانه يحمل هوية مقدسية ويسهل تحركه ،وبعد ان امضى ما يقارب التسعين يوما من التحقيق معه ،تم نقله الى مستشفى سجن الرملة وذلك بسبب تردي حالته الصحية ،نتيجة ما تلقاه من جلسات تحقيق وتعذيب قاسيين ، امضى بضعة ايام هناك ثم اعيد الى المسكوبية .

ونزل اول محكمة له بعد مضي اكثر من 120 يوما ،وحضر اول جلسة اشقائه عبد السلام ويحيى ،ولم تحضر الوالدة اي من جلسات المحكمة وذلك تلبية لرغبة ابنائها والذين كانوا يخشو عليها من رؤية ابراهيم بحالة مزريه ،وبقي يخضع لجلسات المحكمة ما يقارب اربعة سنوات الى ان تم الحكم عليه في محكمة عوفر بالسجن مدى الحياة ،وتم نقله الى سجن عسقلان ثم الى نفحة ،وهو الان بسجن بئر السبع .

وخلال كل الفترة التي امضاها ابراهيم قبل الحكم عليه ،زارته والدته لمره واحدة فقط ،اما بعد الحكم عليه فقد حاولت والدته زياراته في سجن بئر السبع ،وبعد ان ابقاها جنود الاحتلال لساعات طويلة تنتظر قاموا بالطلب منها ان تنزل درجات السجن وحينما نزلت اخبروها بعدم امكانية الزيارة وطلبوا مغادرتها ،وكانهم قصدوا الانتقام منها فقط ،وقد توفيت الحاجة ام عمر قبل ما يقارب 8 شهور وقلبها يحترق على ابنها ابراهيم ،ويشير شقيقه عبد السلام ان الوحيد الذي لم ينقطع عن الزيارة هو فقط شقيقه الاكبر عمر ،اما باقي افراد العائلة ،فانه يجري منعهم بين الفترة والاخرى من الزيارة ،وهم الان ممنوعين من الزيارة منذ ما يقارب الشهرين ونصف .

اسرى القدس مع من ؟!

شقيقا الاسير ابراهيم "عمر وعبد السلام " ،بدا واضحا عليهم الاستياء من تعاطي وزارة الاسرى مع ملف اسرى القدس وبالذات الضواحي الشرقية للقدس ، فهم يتسائلوا اسرى الضواحي الشرقية للقدس مع من يجري احتسابهم ،هل هم ضمن منطقة بيت لحم ام رام الله ام ماذا ،وسبب تسائلهم هذا حسب ما افادوا ،انه على الدوام تجري فعاليات خاصة بالاسرى في تلك المناطق ولا يجري تمثيل ذوي اسرى ضواحي القدس .

كما انه يجري تهميش ذوي الاسرى من هذه المنطقة في كل شيء سواءا بالاهتمام الشخصي من قبل وزير الاسرى فيما يخص الزيارات ،حيث ذكروا ان وزير الاسرى وعلى الرغم من زيارته للمنطقة لم يقم بزيارتهم رغم ان شقيقهم محكوم بمدى الحياة ،كما اعادوا التذكير بموضوع التهميش فيما يخص المكرمة الخاصة بالحج الى بيت الله الحرام .

وختموا رسالتهم بالقول نحن ننظر الى زيارة المسئولين لذوي الاسرى بالقدر الكبير ولا نرى اي مبرر للتجاهل والتجاوز القائمين بهذه الفترة . كما تطرقوا الى تجاهل وسائل الاعلام وبالذات تلفزيون فلسطين لاسرى ضواحي القدس .

الزيارات للمتحف

فقد زار مركز ابو جهاد وفد يمثل جامعات امريكية مختلفة ضمن زيارة لعدد من الطلبة والمحاضرين ،للتعرف على القضية الفلسطينية وزخمها ، وكان باستقبال الوفد فهد ابو الحاج مدير عام المركز والذي شرح لهم عن معاناة الاسرى وذويهم .

ولفت ابو الحاج الى ضرورة ان يعي المجتمع الامريكي حقيقة الصراع في المنطقة ومن له الحق ومن وقع عليه الظلم التاريخي ،وبالتالي الوصول الى الطلب من مسئوليهم بضرورة تبني موقف داعم لمطالب الشعب الفلسطيني بالحرية واقامة الدولة المستقلة .