الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

أقدم المعتقلين الإداريين: الاعتقال الإداري جريمة وموت بطيء ومعاناة الأسرى تزداد سوءاً

نشر بتاريخ: 30/09/2006 ( آخر تحديث: 30/09/2006 الساعة: 14:43 )
جنين- معا- اعتبر الأسير المحرر محمد أبو عرة ( 24 عاما) الاعتقال الإداري بأنه جريمة وموت بطيء للأسير الفلسطيني بكل ما تعنيه الكلمة.

وقد أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن الأسير أبو عرة قبل عدة أيام بعد أن قضى حوالي 57 شهراً في الاعتقال الإداري حيث يعتبر أبو عرة من أقدم المعتقلين الإداريين في سجون الاحتلال.

وذكر أبو عرة في حديث لمراسل "معا" في جنين أن تهمة المعتقل الإداري هي "الملف السري" حيث كانت تتعمد سلطات الاحتلال تمديد المعتقل في آخر لحظة حتى أن البعض كان يمدد له وهو يستعد للخروج أو أثناء مكوثه في زنزانة المغادرة او عندما يكون داخل الحافلة يهم بمغادرة السجن, مشيرا إلى أن سلطات الاحتلال تتعمد بعملها هذا اللعب بأعصاب الأسرى وعائلاتهم.

وأوضح أبو عرة أن المخابرات الإسرائيلية حاليا تقوم باستجواب الأسير لعدة دقائق دون سؤاله عن أي شيء, ثم تخبر المعتقل الإداري بتسلمه قرار التمديد بناء على الاستجواب دون ابداء الاسباب.

وأضاف أن المحاكم الإسرائيلية تكون صورية حيث أن القاضي يتلقى التعليمات من المخابرات الإسرائيلية ويصدر الحكم حسب قرار المخابرات.

كما أشار إلى أن معاناة الأسرى في السجون الإسرائيلية تزداد سوءا خاصة بعد استلام مصلحة السجون "الشاباص" مهمة إدارة سجني النقب ومجدو.

بداية رحلة الاعتقال:
اعتقل أبو عرة في تاريخ 24/11/2001 على حاجز بيت ايبا قرب نابلس بعد ان أصيب إصابات بالغة من قبل الوحدات الخاصة الإسرائيلية في كمين نصب له عند الحاجز حيث أصيب بأربع رصاصات في جسده, ونقل إلى إحدى المستشفيات الإسرائيلية ومكث فيها عشرة أيام فقط ومنها حول إلى سجن الرملة حيث نقل على كرسي متحرك للتحقيق معه.

وذكر أبو عرة أن جنود الاحتلال قاموا بضربه وتعذيبه رغم الإصابة البالغة والجراح التي لم تندمل بعد ولم تشفى بسبب مكوثه في المستشفى لأيام معدودة فقط.

وأضاف "من قوة التعذيب خلال التحقيق معي أغمى علي لمدة ثلاثة أيام لم افق خلالها, حيث مكثت في التحقيق ما يقارب الشهر والنصف وانا اقاسي الآلام واتحدى قسوة التحقيق والتعذيب النفسي والجسدي في ظل حرماني من العلاج اللازم رغم تردي صحتي".

ووصف أبو عرة معاناته داخل السجن حيث قال:" إن وجودي في المستشفى والتي كانت أولى محطاتي الاعتقالية من أصعب المراحل, حيث كنت متواجدا في الغرفة ومعي الشرطي الحارس والممرضين الإسرائيليين حيث يمنع منعا باتا الحديث معهم مطلقا مما جعلني اجلس مدة طويلة من دون قول أي شيء أو همس شيء مما احدث في نفسي أثرا كبيرا حيث عندما التقيت الآخرين بعد خروجي من المستشفى كنت اشعر أن لساني ثقيل عند الحديث".

وأضاف أبو عرة "أن من الامور الصعبة التي مرت علي خلال مكوثي في السجن هو التنقل عبر حاجز "ايريز", حيث كنت أتواجد في الزنازين خلال التنقل, فكانت الزنازين مضغوطة ولا يوجد فيها أي نوع من التهوية وخاصة أنني أعاني من الضغط والأزمة القلبية والتي كانت تزيد أيضا من معاناتي خلال السجن".

وقال الأسير المحرر أبو عرة إن ما خفف من وطأة السجن عليه هو وجود حالات كثيرة في سجون الاحتلال مشابهة لحالته، فسلطات الاحتلال تعمد إلى الإهمال الصحي للمعتقلين، حيث تسعى إلى إخراج الأسرى والمعتقلين من سجونها بآثار نفسية سيئة وعاهات مستديمة.

حياته داخل السجن:
لم تكن حياة أبو عرة داخل السجن كالمعتقلين الآخرين حيث قال "إن السجين يستطيع استغلال وقته, لكن ظروفه الخاصة منعته من العيش كباقي المعتقلين" مشيراً الى انه امضى وقته يصارع المرض ويتابع التمديدات الإدارية المتكررة.

وقال أيضا "رغم إصابتي استفدت كثيرا من الدورات التي كانت تعقد للأسرى مثل دورات اللغة العبرية والإنجليزي ودورات تجويد القران الكريم وقراءاته، فبلهمة والعزيمة يستطيع الأسير أن يصنع حياة أخرى تنسيه معاناته نوعا ما"

أوضاع الأسرى في السجون:
صف أبو عرة حياة الأسرى القابعين في السجون الإسرائيلي بالحياة المعقدة حيث أن وضع السجون سيء للغاية وخاصة سجن النقب والسجون الاخرى التي تسلمت إدارتها مصلحة السجون "الشاباص" حيث يسعون إلى التضييق على الأسرى.

وأوضح أن حرب إسرائيل على لبنان زادت من معاناة الأسرى داخل السجون حيث أن إدارة السجن تقوم بقمع الأسرى ومصادرة حقوقهم وتغريمهم وعزلهم كما أن الوضع يزداد سوءا من ناحية الخدمات.

وتطرق أبو عرة إلى خطف الجنود من قبل المقاومة الفلسطينية في غزة ومن قبل المقاومة اللبنانية "حزب الله" قائلا:" إن الأسرى عبروا عن فرحتهم الشديدة عندما اسر حزب الله والمقاومة الفلسطينية الجنود الإسرائيليين وخاصة الأسرى الذي يقبعون منذ سنين طويلة في السجون الإسرائيلية".

وأضاف "فور سماع النبأ لم يكن أمام الأسرى إلا أن يرفعوا أصواتهم بالتكبير في بعض الأقسام والسجود شكرا, ولكن إدارة السجن لم تستوعب هذه الفرحة وقامت بإجراءات عقابية للأسرى بأن منعت بث القنوات الفضائية داخل السجن لتعزلهم عن ما يدور في الخارج وسحبت الأجهزة الكهربائية من الأقسام التي رفعت صوتها بالتكبير، كما هددت بالقيام بإجراءات أكثر صرامة في حين استمر الأسرى بالتعبير عن فرحتهم".

تنقلاته بين السجون:
كانت أولى محطات أبو عرة الاعتقالية هي المستشفى, ثم تم تحويله إلى سجن الرملة, وبعدها إلى سجن مجدو حيث تم تحويله إلى الاعتقال الإداري ومن سجن مجدو إلى سجن النقب الصحراوي حيث بدأت مرحلة التمديدات الإدارية المتلاحقة حتى صار من أقدم الإداريين في سجون الاحتلال حتى تم الإفراج عنه.

ودعا أبو عرة إلى تفعيل قضية الأسرى أكثر وخاصة الإداريين مشيرا إلى أن هناك من الأسرى المحكومين يحوّلون إلى الاعتقال الإداري مبينا أنها ظاهرة خطيرة على الأسرى الفلسطينيين القابعين في السجون الإسرائيلية.

وأكد على ضرورة تفعيل قضية المعتقلين الإداريين عن طريق المحامين ومؤسسات حقوق الإنسان وفي وسائل الإعلام.

كما دعا إلى السعي من اجل تحسين ظروف المعتقلين الإداريين الحياتية داخل السجون الإسرائيلية, ومطالبة العالم وخاصة المجتمع الدولي في التطلع والنظر عن كثب الى حياة الأسرى داخل السجون الإسرائيلية والضغط على اسرائيل في معاملة الأسرى ولو بأبسط الحقوق الأسير.

كما طالب أبو عرة المؤسسات الإنسانية والحقوقية والصليب الأحمر الدولي والأمم المتحدة, الضغط على إسرائيل للإفراج عن كافة الأسرى القابعين في السجون الإسرائيلية وخاصة الأطفال والنساء.

وختم أبو عرة حديثه "إن الفترة التي قضيتها في سجون الاحتلال أكسبتني تجربة كبيرة جدا حيث كنت اقضي معظم وقتي بين مكابدة المرض وانتظار التمديد الإداري تلو التمديد كما أني لم افقد الأمل لحظة اقتراب موعد الإفراج وفعلا تحقق الأمر في الإفراج عني بعد أن أغلقت الأبواب أمامي مدة 57 شهرا".