81 عاما على اعدام جمجوم والزير وحجازي - دعوة لوقف سياسة الاعدامات
نشر بتاريخ: 15/06/2011 ( آخر تحديث: 15/06/2011 الساعة: 21:25 )
غزة - معا - رأى عبد الناصر فروانة الأسير السابق الباحث المختص في شؤون الأسرى أن السابع عشر من يونيو / حزيران الجاري والذي يصادف الذكرى الـ81 لإعدام القوات البريطانية للمعتقلين الفلسطينيين الثلاثة ( جمجوم والزير وحجازي ) ، يجب أن يشكل هذا العام انطلاقة جادة وفعلية وعلى كافة الصعد والمستويات لوقف سياسة الإعدامات الفردية والجماعية ، العلنية منها أو السرية ، المباشرة وغير المباشرة ، التي انتهجتها – ولا تزال – قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المعتقلين الفلسطينيين منذ النكبة عام 1948 ، وأعدمت بموجبها مئات ولربما آلاف المواطنين بعد السيطرة عليهم واحتجازهم في الشوارع والأزقة أو في معسكراتها وذلك بأشكال وطرق عديدة .
وقال فروانة:" إذا كانت القوات البريطانية قد أعدمت علانية ثلاثة معتقلين في السابع عشر من حزيران عام 1930 ، أي قبل واحد وثمانين عاماً ، فان قوات الاحتلال الإسرائيلي قد ارتكبت خلال العقود الثمانية الماضية ما هو أبشع وأفظع وأكثر إجراما مما اقترفته القوات البريطانية من إعدامات ، دون أن تفصح عن ذلك ، ودون الإعلان صراحة عن مسؤوليتها ، ودون قانون معتمد لدى القضاء الإسرائيلي وفي المحاكم العسكرية .
وتابع : إسرائيل مارست الإعدام الفردي والجماعي دون قانون ، بشكل فردي وجماعي ، وهي ليست معنية بسن قانون يتيح للقضاء باصدار أحكام بالإعدام ، كي تظهر أمام العالم وكأنها دولة قانون وديمقراطية وتلتزم بالاتفاقيات الدولية وتحترم حقوق الإنسان ، وأن القضاء الإسرائيلي يحتكم على قانون واحد يُحاكم بموجبة السجناء الإسرائيليين الجنائيين ، والمعتقلين الفلسطينيين والعرب على حد سواء ، وهي في حقيقة الأمر أبعد ما تكون كذلك .
واكد بأنها تمارس التمييز العنصري فيما بين هؤلاء السجناء فتمنح السجناء الإسرائيليين كافة حقوقهم ، فيما تنتهك كافة حقوق المعتقلين الفلسطينيين والعرب ، وتُصر على استمرار احتجازهم لعقود طويلة رغم شيخوختهم وكبر سنهم وهشاشة عظامهم وأمراضهم ورفضها إطلاق سراحهم ، إنما هي بذلك تنتقم منهم وتمارس بحقهم الإعدام البطيء نفسياً ومعنوياً وجسدياً وبصمت وبعيداً عن الأعين ووسائل الإعلام ، ودون الحاجة إلى إقرار قانون صريح يمكن أن يحرجها أمام المحافل الدولية ويعرضها للانتقاد ، أو يشوه الديمقراطية التي تدعيها زيفاً لخداع العالم .من خلال منظومة من الإجراءات والممارسات والانتهاكات والجرائم التي لا تعد ولا تحصى ، لتعدمهم عشرات المرات وربما هذا الشكل من الإعدام يعتبر أقسى وأكثر ألماً من الإعدام مرة واحدة.
وبيّن فروانة ً بأن لغة القوة باتت هي السمة الأساسية في سلوك قوات الاحتلال والأجهزة الأمنية المختلفة تجاه المعتقلين منذ لحظة السيطرة عليهم واحتجازهم أو الزج بهم في سجونها ومعتقلاتها ، وأن تلك القوات مارست سياسة الإعدام خارج نطاق القانون بحق المعتقلين أو المواطنين العزل بعد السيطرة عليهم و اعتقالهم ، بطرق وأشكال عديدة دون أن تُعلن عن ذلك صراحةً أو علانية ، حيث كان يتم إخراجهم من بيوتهم وإطلاق النار عليهم مباشرة ، أو إعدام المعتقل فور اعتقاله ، أو بعد أيام والإدعاء بأنه حاول الهرب ، أو ترك المصاب دون تقديم الرعاية الطبية له أو التنكيل به وتعذيبه حتى الموت ، أو القتل المتعمد داخل زنازين التحقيق والعزل ومن ثم الإدعاء بأنه انتحر ، والشهادات والأمثلة في هذا الصدد كثيرة .
فيما اتخذت سلطات الإحتلال قراراً صريحاً وعلنياً أوائل انتفاضة الأقصى يشرعن " الإعدام " ويتيح لقوات الإحتلال اغتيال ممن تصفهم بـ ( المطلوبين ) وتتهمهم بالضلوع في التخطيط أو تنفيذ عمليات عسكرية ضد أهداف إسرائيلية ، لتشمل لاحقاً عدد من القادة والكوادر السياسيين للأحزاب والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية ، واستخدام لأجل ذلك أحدث الأسلحة والتكنولوجيا بما فيها طائرات الأباتشي والـ F 16 ، وأعدمت بموجب ذلك مئات الأشخاص .
وأوضح فروانة بأن الموقف القانوني واضح في هذا الصدد حيث يعتبر سياسة " الإغتيالات " والتصفية الجسدية التي تنتهجها الحكومات في اسرائيل بحق الفلسطينيين هي واحدة من أبشع صور الاستخدام المفرط للقوة والقتل خارج إطار القانون وهي بمثابة جرائم حرب يحظرها القانون الدولي ، بل وبإمكان المحاكم الدولية ان تحاكم القائمين بهذه الإغتيالات وكل من لهم صلة بها بوصفهم مجرمي حرب .
واعتبر أن غياب الملاحقة القضائية والمحاسبة الدولية هي من الأسباب الرئيسية التي أتاحت وتتيح لقوات الإحتلال الإستمرار في جرائمها دون رادع .
وذكر فروانة بأن القوات البريطانية اعتقلت مجموعة من الشبان الفلسطينيين إثر ثورة البراق منتصف آب / أغسطس عام 1929 ، وحكمت بالإعدام على 26 فلسطينياً شاركوا في الدفاع عن حائط البراق ، وقد تم لاحقاً تخفيف هذه العقوبة إلى السجن المؤبد عن ( 23 ) منهم مع الحفاظ على عقوبة الإعدام بحق الشهداء الثلاثة " محمد خليل جمجوم " ، و" عطا الزير " وهما من مدينة الخليل و " فؤاد حسن حجازي " من مواليد مدينة صفد ويعتبر أصغر الشهداء الثلاثة سناً ، وتم تنفيذ حكم الإعدام شنقاً في سجن عكا يوم الثلاثاء الموافق السابع عشر من يونيو / حزيران 1930 ودفنت جثامينهم في المقبرة الإسلامية في مدينة عكا ..
وأوضح فروانة بأن الشهداء الثلاثة كانوا قد سطروا قبل استشهادهم وأثناء تنفيذ حكم الإعدام ، أسطورة في التحدي ، وتسابقوا على الشهادة ، بمعنويات عالية وشموخ منقطع النظير ، وقال فؤاد حجازي لزائريه قبل إعدامه : " إذا كان إعدامنا نحن الثلاثة يزعزع شيئاً من كابوس الانكليز على الأمة العربية الكريمة ، فليحل الإعدام في عشرات الألوف مثلنا لكي يزول هذا الكابوس عنا تماماً ".
وكشف فروانة بأنه حصل على نسخة من وصية الشهيد حجازي التي كان قد بعث بها لصحيفة اليرموك ونشرتها في اليوم التالي لإعدامه قال في بدايتها مخاطباً شقيقه يوسف ( لا تتأثر لمصرع فؤاد ، لأن فؤاد لم يخلق إلاّ لهذه الساعة وله الشرف الأعلى بأن يقضي في سبيل القضية العربية الفلسطينية ، عليك أن ترفع رأسك وأن لا تدع للحزن سبيلاً إلى قلبك ) ويختم وصيته بالقول ( إن يوم شنقي يجب أن يكون يوم سرور وابتهاج, وكذلك يجب إقامة الفرح والسرور في 17-6 من كل سنة ، إن هذا اليوم يجب أن يكون يوماً تاريخياً تلقى فيه الخطب وتنشد الأناشيد على ذكرى دمائنا المهراقة في سبيل فلسطين والقضية العربية ) .