الأربعاء: 02/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل يعلن فياض انسحابه من الترشح لرئاسة الحكومة ؟

نشر بتاريخ: 20/06/2011 ( آخر تحديث: 20/06/2011 الساعة: 19:16 )
رام الله - معا - محمد يونس- قالت مصادر مقربة من رئيس الوزراء د. سلام فياض أنه على الأغلب سيعلن في الايام القادمة رفضه تولي منصب رئيس الحكومة كي لا يكون عقبة أمام مصالحة سعى هو الى تحقيقها عبر مبادرته الشهيرة القائمة على ترك إدارة الامن في غزة لحركة "حماس" وفي الضفة للسلطة الى حين إجراء الانتخابات بعد عام. وهو ما مهد الطريق أمام التوصل الى إتفاق المصالحة بعد إزالة مخاوف "حماس" من فقدان السيطرة الامنية على قطاع غزة.

وكانت المفاوضات والاتصالات الجارية بين حركتي "فتح" و"حماس" اظهرت أن لكليهما مصلحة مشتركة في محادثات المصالحة: إستبعاد سلام فياض من رئاسة الحكومة، وإستعادة السلطة منه عبر صيغة شراكة تسعيان للاتفاق على شكلها.

وكان من المقرر أن يلتقي الرئيس محمود عباس ورئيس حركة "حماس" خالد مشعل غدا الثلاثاء للاتفاق على رئيس الحكومة، لكن جرى أمس الاعلان عن تأجيل اللقاء.

وفيما قالت مصادر بأن تأجيل الاجتماع جاء بسبب عدم الاتفاق على فياض رئيسا للحكومة، قالت مصادر أخرى بأن الهدف من تأجيل اللقاء هو إظهار فياض عقبة أمام الاتفاق تمهيدا لاسبعاده كليا.

وكانت حركة "فتح" إتفقت في الاجتماع الاخير للجنتها المركزية على ترشيح فياض لتولي رئاسة الحكومة. وأبلغ الرئيس محمود عباس الاجتماع أن فرصة تعرض الحكومة القادمة لحصار مالي دولي كما حدث مع حكومة الوحدة السابقة تبلغ 50 في المئة في حال كان فياض رئيسا للحكومة، لكنها سترتفع أكثر في حال كان رئيس الحكومة شخصا آخر.

لكن ثمة من يرى في القرار "الفتحاوي" المذكور مناورة تفاوضية، ذلك أن تراجع الحركة عن فياض إستجابة لمطلب "حماس" سيحسب تضحية كبيرة من جانبها، تتطلب ثمنا كبيرا من جانب "حماس".

وظهرت في الأيام الاخيرة تصريحات لرئيس وفد "فتح" للحوار عزام الاحمد، وأخرى لعضو الوفد محمود العالول عززت هذه الشكوك ذلك انهما أكدا بوضوح تام أن لدى الحركة مرشحين آخرين، بديلا لفياض، في حال إصرار حركة "حماس" على معارضة توليه رئاسة الحكومة.

وأيا كان الموقف الحقيقي لحركة "فتح" من فياض، فإن تولي عزام الاحمد رئاسة وفدها للحوار يشكل إشارة غير إيجابية لجهة اختياره رئيسا للحكومة. فهو- أي الاحمد- لا يخفي معارضته الشديدة لبقاء فياض في هذا الموقع منذ ما قبل إتفاق المصالحة. كما ويصرح في اللقاءات الخاصة بأن "فتح" خسرت السلطة في غزة لصالح "حماس" وفي الضفة لصالح فياض.

وأيا كانت نتيجة الحوارات الجارية بين "فتح" و"حماس" فإن قادة الحركتين لا يخفون رغبتهم في إستعادة السلطة من فياض الذي أظهرت تجربته إدارته للحكومة في السنوات الاربعة الماضية أن لديه مشروعا مختلفا عن كلا الحركتين.

ويقوم مشروع فياض على إستبعاد العنف من النضال الفلسطيني، وإستبعاد المفاوضات أيضا، وإعتماد نهج بديل يقوم على خلق الحقائق على الارض. وفي اللقاءات الخاصة يفتخر فياض بان نجاح حكومته في توفير الامن الداخلي، وفي توفير بيئة مناسبة للاستثمار، أدت الى توقف نزيف الهجرة الخارجية، وبدء حركة عودة من الخارج الى الداخل لهذا الغرض. وقال في أكثر من مناسبة إنه لو كان هذا النجاح الوحيد لحكومته لاعتبره كافيا.

وأولى فياض إهتماما خاصا لتعزيز مقومات الوجود الفلسطيني في المناطق المهددة بالمصادرة والاستيطان، وعمل على توفير راتبا شهريا لكل عائلة تسكن في تلك المناطق، وعددها 32 الف عائلة. ووفر صهاريح مياه وخلايا شمسية لتوليد الطاقة الكهربائية لتلك التجمعات.

وفي الجهاز الحكومي عمل على التخلص من نسبة كبيرة من العمالة الزائدة، وعلى تقليص المصاريف غير الضرورية مثل السيارات الحكومة التي عمل على بيعها للموظفين، وحصر إستخدام المتبقي منها في ساعات الدوام الرسمي.

وتظهر إحصاءات وزارة المالية أن فياض قلص الاعتماد على المانحين لاغراض الميزانية بنسبة زادت عن الـ50 في المئة. (من 1.8 مليار دولار عام 2008 الى 890 مليون هذا العام).

وإن لاقت إجراءات فياض في الحكم قبولا جماهيرا واسعا عبرت عنه استطلاعات الراي التي أظهرت جميعها أن أغلبية الجمهور تفضل أن يظل رئيسا لحكومة الوفاق الوطني، الا أن الفصائل كان لها وجهة أخرى.

فحركة "فتح" ترى في شعبية فياض المتنامية تهديدا لمكانتها. وترى في سيطرته على إدارة المال العام استبعادا لأجندتها.

وحركة "حماس" ترى في بقاء فياض على رأس الحكومة تهديدا لشرعية روايتها عن الانقسام. ويقول قادة الحركة، خاصة في غزة إن إبعاد اسماعيل هنية عن رئاسة الحكومة، وإبقاء فياض يشكل إعترافا بشرعية الرواية البديلة.

وتطلع "حماس" الى إعادة بناء علاقتها مع الحكومة بما يخدم مشروعها السياسي. وتقول مصادر رفيعة في "حماس" إن الحركة أعادت دراسة تجربتها في الحكم، وتوصلت الى نتيجة مفادها أنه من المستحيل الجمع بين المقاومة والحكم. وتتجه "حماس" في المرحلة القادمة الى إدارة الحكم عن بعد من خلال شخصيات مستقلة مقربة من الحركة، وليس من خلال قادة الصف الاول فيها الذين تولوا مراكز حكومية مهمة مثل اسماعيل هنية ومحمود الزهار والراحل سعيد صيام.

ويقول مسؤولون في "حماس" إنهم يعطون أولوية للحقائب الخدمية التي تقرب الحركة من الجمهور مثل الصحة والتعليم على حساب الحقائب الاخرى مثل الخارجية والامن.

وتلتقي مصلحة "حماس" في إستبعاد فياض مع مصلحة "فتح" في إستبعاده، أو على أقل تقدير تقليص صلاحياته في حال ظل رئيسا للحكومة خاصة في إدارة المال العام.