الأربعاء: 25/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

مشانق ..!!/ بقلم : باسم ابو سمية

نشر بتاريخ: 02/10/2006 ( آخر تحديث: 02/10/2006 الساعة: 22:13 )
في دوامة غزوة غزة التي وقعت حسب كتب التاريخ في التاسع من رمضان ، فقد أذهلني مشهد مثير للرعب ، وادهشني موقف لمسؤول عن الثوابت ، واعجبني تصريح لنائب رئيس الوزراء ، وآخر لنائب رئيس المجلس التشريعي ، والمشهد المذهل ذلك الشاب اليافع الذي كان يدور حول نفسه كالزوبعة العاتية وسط جمهور من المحتجين وهو يطلق النار عشوائيا في كل الاتجاهات وكأنه رامبو في مواجهة عصابة من الاشقياء ، اما الموقف المدهش ، فقد صدر عن نائب في المجلس التشريعي يصف المحتجين بالمتصهينيين ، وبان ما قامت به القوة التنفيذية هو من اجل الحفاظ على الثوابت .

الفهم البديهي للثوابت التي سئمت هي نفسها من التصريحات الجوفاء المتواترة فاضحت شعارا مفرغا من مضمونه ، وبات الناس لا يعرفون أي الثوابت يجب التمسك بها وتلك التي يمكن التخلي عنها ، فالثبات يعني وقوف الانسان شامخا كالطود ثابتا لا يتحرك متمسكا بالموقف الوطني العام والمصلحة العليا للوطن والشعب ، لا ان يلقي بتصريحه ويمشي تاركا الثوابت تواجه مصيرها وحدها في اتون التدهور الاخلاقي .

اما التصريح الذي اطلقه نائب رئيس الوزراء وزير التربية والتعليم ناصر الدين الشاعر ، عن ان الحكومة يمكن ان تترك الحكم اذا شعرت بانها ثقيلة على المواطنين ، فهذا كلام منطقي وواقعي ، وعلى الوزير العاقل العمل على تحويل قوله الى نهج واقناع الجناح المتشدد في حماس بان رحيل الحكومة خطوة ديمقراطية من الدرجة الاولى وان التمسك بالحكم في وضع كهذا مغامرة خاسرة ووخيمة العواقب على الجميع وليس على الحكومة وحدها ، والا فلا معنى لما يقال بان الوطن اغلى من الجميع .

اما ما جاء في تصريح نائب رئيس المجلس التشريعي د. حسن خريشة ، عن مساندة المجلس للحريات العامة وحرية الرأي والتعبير ضمن مفاهيم الديمقراطية ووفق النظام والقانون ، فهو كلام جميل يصب في جهود العقلاء بدءا بالرئيس وانتهاء بالقوى السياسية عن بكرة ابيها لمنع الانهيار الشامل ، وذلك يعني عدم الاكتفاء ببيانات الشجب والدعوة الى وأد الفتنة في مهدها .

لكن موضوع الديمقراطية والنظام والقانون فهي مسألة معقدة لا يستطيع ألف حلال ان يتوصلوا الى حلها ، فطالما القانون مباحا ومنتهكا ومستحقرا بالشكل الذي هو عليه ، فلا حل نهائيا لهذه المعضلة العسيرة ، ولا اعتقد ان أحدا يمكنه فك اغلال القانون والنظام في بلاد لا يكون فيها رجل القانون والشرطي والمواطن ، والمحامي والمفكر والمثقف والطبيب ، والصحافي والكاتب حرا بل مقيدا ولا يتمتع بالحد الادنى من الحصانة الوطنية والاخلاقية ، و في غمرة تزاحم الاضاد لن يجد القانون موطيء قدم ، وسيظل مداسا باقدام الذين يعتبرونه مخالفا للنظام السياسي والبرامج الحزبية والتقاليد المجتمعية التي ترسخت منذ ان علقنا المشانق للقانون بايدينا فشنقنا بها انفسنا وثوابتنا الاخلاقية ..!!