الثلاثاء: 24/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

ورشة عمل حول التوقيع على اتفاقية مناهضة التعذيب

نشر بتاريخ: 27/06/2011 ( آخر تحديث: 27/06/2011 الساعة: 10:14 )
غزة- معا- عقد برنامج غزة للصحة النفسية بالتعاون مع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب ورشة عمل بعنوان "التوقيع على اتفاقية مناهضة التعذيب: خطوة لكسر دائرة التعذيب والفقر" بمشاركة د. أحمد أبو طواحينة مدير عام البرنامج والسيد سول تاكا هاشي نائب مدير مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان وصابر النيرب مسؤول حقوق الانسان في مكتب المفوض السامي وحسن زيادة مدير مركز غزة المجتمعي التابع للبرنامج وممثلي المؤسسات الحقوقية وممثلي عن لجنة الأسرى والقوى الوطنية والإسلامية وعدد من الشخصيات والمهتمين في مجال حقوق الإنسان ومناهضة التعذيب، وذلك في قاعة مطعم السلام في غزة.

في بداية الورشة، رحب د. أبو طواحينة بالحضور وبالسيد تاكا هاشي آملاً بأن يكون نهاية هذا اليوم عملاً وطنياً مشتركاً بين المؤسسات المهتمة بحقوق الإنسان وقضايا تأهيل ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، مطالباً بأن تكون هناك خطة وطنية شاملة وبوتقة عامة لتجميع الجهود المبذولة للعمل على تحقيق أهداف وطنية سامية حتى نكون على مستوى التحديات التي تواجه شعبنا في مجال حقوق الإنسان وكذلك العاملين في مجال تأهيل ضحايا التعذيب.

وأوضح د. أبو طواحينة أن البرنامج قد أثار قضية الفقر وعلاقته بالتعذيب خلال الأعوام السابقة حيث تم ربط برامج التأهيل بقدرتها على تزويد ضحايا التعذيب بمهارات تمكنهم من الإبتعاد عن الفقر، مشيراً إلى أن هناك تقارير أوضحت بأن 75% من أسر القطاع تعتمد على المساعدات الغذائية المقدمة من مؤسسات دولية، الأمر الذي يعكس خطورة الوضع الاقتصادي المرتبط بالحصار والذي يطال جميع فئات الشعب الفلسطيني.

وأشار أبو طواحينة إلى أن هذه الذكرى تتزامن مع ما يشهده العالم العربي من ثورات شعبية تحمل شعار واحد هو "لا للظلم لا للتعذيب نعم للعدالة الإجتماعية حيث عانت هذه الشعوب الكثير من الظلم والاضطهاد" وقد جاء الوقت لتحقيق هذه المطالب العادلة، مطالباً جميع العاملين في هذا الحقل العمل ومن خلال جهود الحشد والمناصرة للوصول إلى جهد وطني مشترك للإستفادة مما يقدم من خدمات في هذا الإطار.

وأكد أبو طواحينة أن موضوع الفقر والتعذيب هو من المواضيع الهامة ويجب على المؤسسات المهتمة تخصيص يوم عالمي لهذا اليوم للإتفاق على إيجاد آليات تتعلق بكيفية العمل للحد ومنع التعذيب والعمل على إنصاف من يقبعون في السجون الإسرائيلية وكذلك الضفة وغزة.

وقدمت شيرين الشوبكي منسقة وحدة الاتصال الجماهيري بمركز الميزان لحقوق الإنسان معطيات إحصائيات للباحث المختص في شئون الأسرى عبد الناصر فروانة بينت خلالها أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قد اعتقلت منذ عام 1967 حوالي 750 ألف مواطن شملت كل فئات وشرائح المجتمع الفلسطيني بينهم 12 ألف أنثى وعشرات الآلاف من الأطفال حيث تعرض جميع هؤلاء لأشكال مختلفة من التعذيب، موضحة أنه ما يزال يقبع حتى الآن قرابة 6 آلاف سجين بينهم 300 أسير ما قبل اتفاق أوسلو وأن هناك 41 أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من ربع قرن.

وأشارت الشوبكي إلى أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي جعلت من التعذيب المحظور والمحرم دولياً قانوناً وشرعته في مؤسساتها الأمنية والقضائية ومنحته الغطاء القانوني وأضحى ممارسة مؤسسية ممنهجة، مبينة أن أجهزة الأمن الإسرائيلية مارست ضد الأسرى أكثر من سبعين شكلاً جسدياً ونفسياً، حيث تفيد الإحصائيات الرسمية أن هناك تلازماً بين الاعتقالات والتعذيب، منوهة إلى أن أهالي الأسرى أيضاً يتعرضون للتعذيب والتفتيش العاري والتحرش الجنسي أحياناً والإذلال والإهانة وامتهان الكرامة وهم في طريقهم لزيارة أبنائهم وأمام بوابات السجون وأثناء الدخول للزيارة، الأمر الذي يضاعف معاناة الأسرة وذويهم.

وتحدث السيد تاكاهاشي عن القوانين والمعايير الدولية وكيف يمكن العمل على ترجمتها في الواقع من خلال القوانين المحلية في غزة موضحاً مفهوم التعذيب في إطار اتفاقيات الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب والذي يهدف إلى عزل الشخص المعذب وتدمير شخصيته والحط من كرامته الإنسانية ولا يقف عند الشخص وحده بل المجتمع بكامله موضحاً موقف المجتمع الدولي من التعذيب بدايةً من الإعلان العالمي لمناهضة التعذيب وانتهاءً باتفاقية منع التعذيب التي تمنع وتحرم التعذيب متمنياً أن تكون فلسطين الدولة 148 الموقعة على اتفاقية مناهضة التعذيب.

وأكد السيد تاكاهاشي على الحق في عدم التعرض للتعذيب وأنه لا توجد مبررات لممارسة التعذيب لا على المستوى المحلي أو الدولي تحت أي ظرف كان وذلك وفق القانون الدولي لحقوق الإنسان حيث أن عدم التعرض للتعذيب أصبح جزءً أساسياً من القانون الدولي ومن لم يوقع عليه هو ملزم باحترام هذه الإتفاقيات مبيناً أنه وبالرغم من التوقيع على هذه الإتفاقيات إلا أن التعذيب ما زال منتشراً ويستهدف أشخاصاً لمجرد محاولة التعبير عن آرائهم وذلك حسب تصريح المفوض السامي. كما بين أن مكتب المفوض في فلسطين يستقبل التقارير حول ممارسة التعذيب داخل السجون الإسرائيلية وكذلك في المناطق الفلسطينية والمحاولات التي تبذل للعمل على تحسين أداء هذه الجهات في محاربة التعذيب.

وتطرق الاخصائي حسن زيادة إلى أن تجربة التعذيب من أكثر التجارب إيلاماً للإنسان مشيراً إلى أن ضحايا التعذيب يشكون من آلام جسدية ومع الوقت تتطور بحيث تظهر على شكل مشاكل واضطرابات نفسية تجعلهم عاجزين عن كونهم أشخاص منتجين وفاعلين في الحياة المجتمعية. الأمر الذي يؤدي إلى وصول هؤلاء الأشخاص إلى أن يكونوا فقراء ومعتمدين على الغير مستعرضاً نتائج دراسات تمت على أشخاص تعرضوا للتعذيب في السجون الإسرائيلية أظهرت أن 30% من ضحايا التعذيب يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة وأن 32.5% يعانون من مشاكل جسدية مزمنة وكذلك أمراض نفسية مزمنة تشكل عائقاً في أن يصبح الشخص منتجاً، كما أظهرت النتائج أن 76.5% عانوا من مشاكل اقتصادية، وأن 20% عانوا من مشاكل في العلاقة الزوجية.

وأوضح زيادة أن الفقر في المجتمع الفلسطيني هو شكل من أشكال التعذيب حيث أن الحصار شمل جميع جوانب الحياة وتم بقرار دولي موضحاً أن التعذيب الفلسطيني على أيدي الفلسطينيين داخلياً كان أكثر ايلاماً وأدى إلى ظهور أمراض نفسية خطيرة مطالباً الجميع بضرورة أن يتوقف التعذيب على أيدي الفلسطينيين وهذا جزء من مهمة الجميع في كافة المؤسسات والجهات المعنية.

وفي ختام الورشة، فتح باب النقاش وتم تقديم العديد من المداخلات الهامة حول موضوع التعذيب والإتفاقيات الدولية ودور الأمم المتحدة في منع والحد من التعذيب. وتم الخروج بعدد من التوصيات أهمها: التعمق والتخصيص من خلال ورش العمل في نقاش قضايا تتناول التعذيب، وضرورة عمل أبحاث ودراسات حول أفضل الطرق لمساعدة ضحايا التعذيب وكذلك اتخاذ مواقف صارمة وواضحة لفضح الإنتهاكات الإسرائيلية وبذل المزيد من الجهد لرفع المعاناة عن المواطن الفلسطيني.

كما أوصى الحضور بضرورة الضغط لإتمام المصالحة الفلسطينية من أجل حماية النسيج الإجتماعي الفلسطيني كما يجب التعامل مع ملفات ضحايا الإقتتال الداخلي والفلتان الأمني بجدية والعمل على انهائها وضرورة العمل المستمر من أجل دعم ضحايا التعذيب وإعادة تأهيلهم وكذلك مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على اسرائيل لزيارة الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية إضافة إلى تجريم الاعتقال السياسي.