اختصاصيون وخبراء يطرحون أفكارا مبدئية لاستغلال مخلفات النفايات
نشر بتاريخ: 28/06/2011 ( آخر تحديث: 28/06/2011 الساعة: 09:44 )
غزة-معا- طالب اختصاصيون وخبراء بيئيون بضرورة العمل على إنشاء بنية تحتية اقتصادية لاستغلال مخلفات النفايات بإعادة تدويرها بشكل اقتصادي مجدي يراعي الربط بين الجانبين الاقتصادي والبيئي بما يحقق علاقة تكاملية، وتخصيص مناطق لإقامة مصانع للحد من الملوثات البيئة الناجمة عن المخلفات، وتشجيع فكرة إعادة التدوير ونشر هذه الثقافة بين الجمهور، تفعيل الدور الرقابي على المستوى الحكومي والبلديات عبر إيجاد آليات جديدة للرقابة وزيادة تدريب الكادر الذي يعمل في مجال الرقابة.
كما أوصوا بأهمية تصنيف المصانع التي تعمل في مجال التدوير كل حسب مجاله وتسجيله رسمياً للتمكن من المتابعة وضبط أية تجاوزات تضر بالصحة والبيئة من قبل أصحاب هذه المصانع، والبدء في وضع إستراتيجية لفصل النفايات بدءا من المؤسسات الحكومة وغير الحكومية قبل البيوت لتشكل نموذجاً يحتذي به الآخرون.
جاء ذلك خلال الندوة الحوارية التي نظمها مركز العمل التنموي "معا" بغزة ومجلة آفاق للبيئة والتنمية والتي حملت عنوان"الرقابة على مصانع إعادة التدوير في قطاع غزة" بحضور نخبة من الاختصاصين والخبراء في مجال الصحة والبيئة وممثلين عن وسائل الإعلام.
وأكدوا على أهمية وجود إدارة متكاملة للمخلفات تغطي عملية التدوير والإستخدام والتقليل والتركيز على التجارب الواقعية وقصص النجاح بهذا الشأن لتغيير مفاهيم واتجاهات المواطنين وتحقيق التنمية الاجتماعية المستدامة، مشددين في ذات الوقت على ضرورة تطبيق القانون ومعاقبة من يخالف الشروط المنصوص عليها في القانون في المشاريع الإنشائية المقامة والتي تثبت عدم مراعاتها لشروط الصحة والسلامة البيئية.
وطالبوا بتفعيل القضايا البيئية عبر وسائل الإعلام المختلفة وبشكل خاص الفضائيات والإذاعات المسموعة لقربها من الناس، وتأثيرها اللامحدود، ومخاطبة المسؤولين في تلك الوسائل على تخصيص مساحات ضمن برامجهم للقضايا البيئية أسوة بالقضايا السياسية والاجتماعية كون القضايا البيئية لها تأثير كبير في حياة الإنسان والبيئة المحيطة به.
ودعوا القطاع الخاص إلى الاستثمار في مشاريع تدوير النفايات والتركيز على إنتاج مادة الدبال من المخلفات العضوية لاستخدامها في أعمال الزراعة للحد من استخدام الأدوية الكمياوية، مشددين على ضرورة وجود رؤية واضحة ومحددة للإستفادة من كل نواتج النفايات الصلبة مع وضع الشروط الصحية والبيئية لكيفية التعامل معها.
وقال المهندس ماجد حمادة الذي أدار اللقاء الذي يأتي ضمن فعاليات دأب مركز العمل التنموي "معاً" على تنظيمها ومجلة آفاق للبيئة والتنمية لمناقشة القضايا البيئية المختلفة وتأثيراتها على الصحة والبيئة، وقضية التدوير هي من القضايا الهامة ذات البعد الاقتصادي في ظل الحصار المفروض على القطاع ومن الضروري في ذات الوقت معرفة هل هناك رقابة على هذه المصانع خاصة مصانع البلاستيك والألمنيوم وكيفية معالجة المواد الناجمة عن عملية التدوير بطرق سليمة وآمنة صحيا وبيئياً. وأوضح أن التوصيات التي يفضي بها اللقاء سيتم رفعها لصناع القرار والمسؤولين لأخذها بعين الإعتبار.
وتحدث مدير صحة البيئة في بلدية غزة المهندس عبد الرحيم أبو القمبز عن أثر النفايات الصلبة على البيئة وبشكل خاص الكسارات التي يتراوح عددها ما بين (50-60) كسارة في القطاع منها ما هو متواجد في المناطق السكنية، موضحاً أن دائرته تلقت العشرات من الشكاوى من الناس جراء وجود الكسارات وما يتصاعد منها من أتربة ومواد ملوثة للبيئة وصحة الإنسان، ناهيك عن وجود بعض الكسارات بالقرب من المناطق الزراعية وهذا من شأنه أن يهدد ويدمر هذا القطاع.
وأضاف أن إستراتيجية البلديات والحكومة تقوم على دعم مشاريع تدوير النفايات للاستفادة منها وضرورة توفير أراضي لإقامة مصانع التدوير وتصنيع الدبال على أن تبدأ عملية الفصل من المصدر لتوفير الوقت والجهد والمحافظة على البيئة والصحة، لافتاً الى أنه جرى تنفيذ مشروع إعادة تدوير البلاستيك بتمويل من ايطاليا وتنفيذ من بلدية غزة بالشراكة مع مؤسسة كوبي الايطالية وجرى جمع (2-3) طن من مادة البلاستيك وتدويرها.
وأشار أن هناك عدة أنواع من البلاستيك منها عبوات الشامبو والكراسي، الصواني والنايلون موضحاً أن سعر البلاستيك قد شهد ارتفاعا في ظل أزمة الحصار وتراوح سعر الكيلو من(1-1،3) شيكل في حين اليوم انخفض سعر الكيلو إلى شيكل واحد لافتاً أن البلاستيك لا يمكن التخلص منه لأن عمره طويل في المكب وبقائه في المكان يحدث مشاكل لذا يجب الاستفادة منه في التدوير كمصدر دخل، موضحاً أن هناك( 6 )مصانع تستقبل البلاستيك وتقوم بإعادة تدويره في صناعة الخراطيم الزراعية والكراسي ولا يحبذ عمل أشياء أخرى.مؤكدا على ضرورة الاستفادة من دول الجوار التي سبقتنا لسنوات بهذا الشأن.
وتطرق وسام أو جلمبو من جمعية أنصار البيئة في محافظة خانيونس إلى تجربة الجمعية في عملية التدوير والتي بدأت في عام (2006) في ظل فترة عصيبة والتي اعتمدت على الفصل من المنبع وتدوير المخلفات المنزلية موضحاً أن المشروع حمل رسالة إلى المجتمع مفادها تعزيز ثقافة التدوير والتوعية عبر الممارسة العملية.
وأوضح أن المشروع ساهم في خلق مصدر دخل لنحو (50) امرأة وحقق نجاحات أخرى حيث شاركنا في عدة معارض بهذا الشأن، مشيراً أن هناك مشروع نفذ هذا العام بالتعاون مع الصليب الأحمر والذي استهدف (1300) أسرة من خلال التوجه إلى الأسر في البيوت وتوعيتها حول عملية النفايات من خلال ورش فنية تنفذ على ارض الواقع واستهدف منطقتين مختلفتين في محافظة خانيونس منطقة حضرية وأخرى ريفية وجرى تسليمهم أكياس خاصة ومميزة بألوان من البلديات لفرز النفايات العضوية عن الصلبة ولكن هذه التجربة لم تحقق نجاحات ملحوظة نتيجة عدم وعي الناس بأهمية فصل النفايات حيث استطعنا أن نقسم المناطق ولم نستطع تقسيم وتصنيف النفايات داخل البيوت.
وقال المهندس سائد القيشاوي من سلطة جودة البيئة:"أن مسألة التدوير موجودة في الاسترتيجية البيئية ونسعى لها ولكننا واقعين بين البيئة والاقتصاد باعتبارهما عدوين ضد بعض"، موضحاً أن هناك حاجات لإعادة التدوير كونه يأتي بعائد اقتصادي ونظرياً في كل العالم المتقدم تستخدم عملية تدوير النفايات ولكن عملياً يقال بان (40%) من النفايات هى التي تصلح لإعادة التدوير.
وأضاف القيشاوي أن المشكلة في القطاع تكمن في عدم وجود خطة متكاملة لهذه العملية فلا توجد صناعة معتمدة ومدروسة اقتصاديا لإنتاج الكميات المحسوبة وفي حالة وجود هذه الخطة بكل أبعادها يمكن أن تنتج أرباح جراء عملية التدوير وبالتالي يتقلص الفارق بين البيئة والاقتصاد، عدا عن منح حوافز للناس لتشجيع هذه العملية وتمويل حملات دعائية للجمهور.
وأوضح أن سلطة البيئة لديها منظومة كاملة من التشريعات والقوانين ولكن لدينا نقص في عدد الكادر الذي يتولي مهام الرقابة الميدانية، وسياسة مقاومة التغيير في السلوكيات وعدم تعاون الجهات ذات العلاقة لجهلها بدور سلطة البيئة كل ذلك يحول دون تطبيق القوانين.
فيما اعتبر المهندس الصناعي فادي نصار أن أهم خطوه في عملية التدوير تبدأ بفصل النفايات من المصدر وفق وجهة نظره قبل عملية التثقيف والتوعية والحوافز، مشيراً أن المفروض أن تبدأ المؤسسات الرسمية والأهلية بعملية الفصل ليسهل بعد ذلك تعميم الفكرة لتكون قدوة للآخرين، داعياً إلى وجود وحدات لإعادة تدوير الكرتون وخلق صناعة وضرورة التزام المصانع التي تقوم بعملية التدوير بفصل المواد البلاستيكية بشكل كامل عن المواد العضوية وغيرها.
مدير دائرة الصحة والبيئة بوزارة الصحة فؤاد الجماصي تحدث عن الآثار الصحية لعملية التدوير والتي تحتاج إلى وعي بالقضايا البيئية خاصة تدوير البلاستيك لان حرقه يسبب مشكلة ودفنه يسبب مشكلة أكبر كونه لا يذوب حتى لو بقى مائة عام في باطن الأرض وبالتالي فإن عملية التدوير هي الحل الوحيد للتخلص منه منبهاً من خطورة استخدام الأكياس السوداء في عملية حفظ الخضار والفاكهة والخبز.
وأشار أن هناك دراسات تقوم الوزارة بإجرائها للتعرف على الآثار الصحية الناجمة عن عملية تدوير النفايات، موضحاً أنه جرى تسجيل (181) حالة مرضية وتعاملت وزارة الصحة بنجاح مع هذه الحالات التي كانت تعاني من التسمم وزيادة نسبة الرصاص في الدم، ونجحنا في خفض نسبة الرصاص في الدم إلى أقل من (10) مليجرام وفق ما هو مسموح حسب منظمة الصحة العالمية وأنه تم التخلص من (4) طن من مخلفات البطاريات.
واقترح الجماصي بوضع إشارات أو علامات معكوسة يوجد داخلها رقم يمثل المادة الداخلة في الصناعة أو استخدامات هذه المواد أسوة بما هو معمول به على مستوى العالم ولكن نحن للأسف لم نفكر بذلك.
وشدد على ضرورة استخدام مادة البلاستيك في الأشياء التي ليس لها علاقة بمأكل ومشرب الإنسان والسلسة الغذائية واقتصار استعمالاتها على الكراسي البلاستيكية والعلاقات أو أباريز الكهرباء.
وقال أن المشكلة تكمن في الجانب الإسرائيلي الذي يمنع إقامة منشات للتخلص من النفايات على بعد (500) من الحدود الفاصلة وبالتالي تبقى المشكلة قائمة ونحاول التعامل معها بقدر الإمكانيات المتاحة ونحاول السيطرة على المحارق المتواجدة في القطاع للحد من الأضرار الناجمة.
وأوضح أن دور وزارة الصحة الرقابي يتمثل في الكشف الدوري على المصانع عند ترخصيها والمراقبة الدورية بالتعاون مع وزارتي الاقتصاد والبيئة وهناك لجان مشتركة مشكلة بهذا الخصوص، موضحا أن الوزارة يقتصر دورها على منح الموافقة الصحية والمراقبة من خلال العمل ولا تمنح تراخيص.