الثلاثاء: 01/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

تباين الآراء حول مدى الحاجة إلى وضع دستور في ظل الظروف الراهنة

نشر بتاريخ: 29/06/2011 ( آخر تحديث: 29/06/2011 الساعة: 22:25 )
رام الله- معا- تباينت وجهات نظر لقانونيين وسياسيين حول مدى الحاجة إلى وضع دستور في ظل الظروف الراهنة من عدمه، خلال ورشة عمل بعنوان "الدستور الفلسطيني: الموقف والرؤيا"، نظمها "ملتقى الحريات –فلسطين"، بالتعاون مع مؤسسة "فريدريش نومان" الألمانية، اليوم الأربعاء، في رام الله. وانتقد هؤلاء مسودة الدستور الأخيرة باعتبار أنه تكتنفه العديد من الإشكاليات، ليس على مستوى المضمون فحسب، بل والصياغة.

وتحدث في الورشة أستاذ القانون الدستوري في جامعة النجاح ورئيس لجنة صياغة الدستور د. أحمد الخالدي، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت د. أحمد أبو دية، ووكيل وزارة العدل خليل الرفاعي.

وفي هذا السياق، لفت الخالدي إلى أهمية الدستور باعتباره الناظم للحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمجتمعية، والمحدد لسلطات الحكم وضوابطها، واختصاصاتها، وعلاقتها بحقوق وحريات الأفراد.

واستذكر الجهود التي بذلت لإنجاز مسودة الدستور، لافتا إلى أن أول مسودة خرجت إلى حيز النور العام 2001، قبل أن تليها اضافة لذلك مسودتين.

ووصف المسودة الأخيرة "الثالثة" بـ "الركيكة من حيث اللغة"، مضيفا "رغم أنني رئيس لجنة صياغة الدستور، ونائب رئيس لجنة الدستور، إلا أنني لم أشارك في وضع هذه المسودة"، وقارن بين المسودتين الأولى والثالثة، مشيرا إلى أن الأخيرة أغفلت العديد من المسائل مثل حدود الدولة، وحق العودة، وغيرهما.

من ناحيته، ذكر أبو دية أن تساؤلات عديدة تفرض نفسها فيما يتعلق بمدى الحاجة إلى وضع دستور، طالما ليست هناك دولة، منوها إلى أن هناك عددا من المحددات التي يرتبط بها موضوع وضع دستور وإقراره.

وقال: هناك تيار كبير من الأكاديميين والقانونيين يطرح بديلا، يمكن أن يعالج كثيرا من القضايا، بما يغني عن الاستعجال في وضع دستور، مثل ترميم القانون الأساسي.

وذكر أنه منذ العام 2003 وحتى اللحظة برزت العديد من القضايا والإشكاليات، التي لم يستطع القانون الأساسي التعاطي معها، نظرا لافتقاره لبعض العناصر، موضحا أنه في ظل أجواء المصالحة، فإن الفرصة سانحة لبحث مسألة الاتفاق على بعض النصوص القانونية لتطوير القانون الأساسي.

وأشار إلى أنه سواء في حالة وضع دستور أو "ترميم" القانون الأساسي، فلا بد من مراعاة توفير إجابات حول عدة مسائل، مثل ترسيخ عملية الفصل بين السلطات، وطبيعة النظام السياسي، إلى غير ذلك.

وأشار إلى أن المسودة الثالثة من الدستور فيها كثير من التكرار، فضلا عن وجود إشكالية فيها على صعيد الصياغة.

أما الرفاعي، فأكد أن الدستور ليس شأنا قانونيا بالمطلق بل هو سياسي، مشيرا إلى أن اسئلة عديدة تفرض نفسها فيما يتعلق بالدستور، واللجنة المكلفة بإعداده.

وتساءل عما إذا كانت اللجنة بصيغتها الحالية كافية لصياغة الدستور، وعن السبب الذي أدى إلى خروج المسودة الثالثة دون أن يطلع عليها رئيس لجنة صياغة الدستور، مضيفا "من حيث الصياغة، فإن المسودة افتقدت إلى كثير من السبل القانونية، عدا أن هناك تكرارا فيها، وتعارضا في بعض موادها".

وأوضح أن المسودة لم تعالج الصراع أو الفصل بين السلطات، مؤكدا أنه ينبغي البدء بحراك لوضع الدستور، لكن ساعة الصفر لعملية الاستفتاء عليه، تتقرر من قبل أعلى مستوى سياسي.

واعتبر أن وضع دستور يحتاج إلى جهد كبير، لا يمكن اختزاله في فترة زمنية قصيرة، مضيفا "من المهم أن نعد دستورا مستقرا، ولا يقبل التعديلات".

وأكد أن اللجنة المخولة بصياغة الدستور، ينبغي أن تكون قوية، وتتمتع بالحماية والاستقلالية التامة. واثر ذلك، قدم المشاركون مداخلات حول موضوع الورشة، أبرزت إلى حد كبير اختلافهم حول مدى إلحاحية وضع دستور.

وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عبد الرحيم ملوح: أعتقد أنه في ظل المرحلة الحالية التي نعيش، لا حاجة لدستور، لأنه ليست أمامنا دولة في المدى المنظور، وبالتالي فلماذا نبذل جهودا بالاتجاه الخطأ، عدا أن هناك دولا بما في ذلك إسرائيل، ليس لديها دستور.

وأضاف: جرى الحديث عن الدستور خلال مرحلة سياسية معينة لاعتبارات محددة، لذا أعتقد أن ما نحن بحاجة إليه هو تعديل القانون الأساسي.

أما النائب قيس عبد الكريم (أبو ليلى)، فحث على التمييز بين الميثاق القومي لمنظمة التحرير، والقانون الأساسي، ودستور الدولة، مضيفا "من المؤكد أنه ليس بالإمكان إقرار الدستور إلا بعد أن تقوم الدولة وتمارس استقلالها وسيادتها".

وأردف: لا بد من التمييز بين إقرار الدستور، والحوار حوله، باعتبار أن الحوار جزء من التحضير لمرحلة الاستقلال، وبالتالي فهو جزء من عملية الكفاح، لذا من المهم إدراك أن قرار المجلس المركزي بخصوص لجنة الدستور بمثابة عملية حوار تمهيدي، وليس لإقرار الدستور.

ومضى قائلا: ليس من الصحيح إطلاقا إذا أردنا دستورا، إحالته إلى لجنة قانونية، أو فنية، أو متوافق عليها من قبل الفصائل، فهذه يمكن أن تعد مسودات، أو تناقش مبادئ، أو تبحث بخيارات، لكن من يبت بهذه الخيارات ويقر المسودة النهائية، بالضرورة يجب أن تكون جمعية تأسيسية منتخبة.