الأربعاء: 02/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

كتب المحرر السياسي:"التوجيهي" مر من هنا: نقاش هادىء بعد انتهاء العاصفة

نشر بتاريخ: 04/07/2011 ( آخر تحديث: 05/07/2011 الساعة: 21:19 )
بيت لحم- معا -كتب ابراهيم ملحم- واخيرا طوى صفحته الاخيرة وغادرنا مخلفا وراءه جدلا مكتظا بالاسئلة الصعبة من جنس اسئلته التي هزت نفوس الطلبة من اقطارها لا سيما في العشر الاواخر منه، خلال شهر هو الاصعب من اي شهر، عاشه الطلبة وذووهم، بعدما كابدوا قلقا يوميا تفاوتت شدته على مقياسه المربك، والمرتبك، فبين خائف من اسئلته الصعبة،الى خائب من اجابات طاشت سهامها وحادت عن اهدافها .

بين مؤيد.. ومعارض .. ومعاتب .. تباينت ردود المتفاعلين على مقالين متتابعين حول "التوجيهي"، ذلك المقياس المقيم ما اقام "عسيب" ! وهي ردود اتفقنا معها او اختلفنا، فاننا لا نملك الا ان نحترمها، ونجادل اصحابها بالتي هي احسن، حتى لا يفسد "التوجيهي" في الود قضية.

اما المؤيدون فيؤمنون بالحداثة والتطوير،ليس لادوات القياس القديمة فحسب، بل ولاساليب وطرائق التدريس التي جعلت من غرفة الصف سجنا، ومن المعلم ملقنا، وواعظا، ومن التعليم كما متراكما، لا كيفا متميزا، وهم برايهم هذا انما يسعون لايجاد مقياس للقدرات يضاعف الانجازات، ويعزز الابداعات يواكب متغيرات المستقبل، ويدفع بمهارات البحث، والاكتشاف، والابتكار، والاختراع، لتحل محل الوعظ والتلقين الذي تحشى به ادمغة، تعيش زمانا غير زمانه، زمان يتطور بسرعة البرق بانجازات علمية تكنولوجية، تتحدث بلغة رقمية دجتالية ،غير تلك الابجدية التي مازالت العملة الوحيدة المعتمدة في مناهجنا.

اما المعارضون لالغاء الامتحان فينطلقون من حرصهم على سلامة العملية التعليمية، وانضباط ايقاعها متوجسين من انهيار اي من اضلاعها الثلاثة طلبة ومعلمين ومناهج، وهم لفرط حرصهم هذا، يخشون من التغيير، ويؤمنون ببقاء القديم على قدمه.

اما المعاتبون وهم اصدقاء تربويون يتبوأون قمة الهرم التعليمي، نقدر قيمة وقامة كل واحد منهم لاتساع علمهم وعمق خبرتهم وسداد رايهم ،فيرون ان طرح الموضوع للنقاش بيما الطلبة على مقاعد الامتحان من شانه ان يضاعف قلقهم، ويعكر صفوهم، ويربك اداءهم، وهو ما يتعارض مع سلامة القصد من طرح الموضوع.

ولعل منطق الاجابة على هذا الراي ان الحديد لا يطرق باردا، وان المواسم انما هي مناسبات لتبادل الاراء واشتعال النقاش بالذخيرة الحية وهو نقاش يفيد ولا يخيف يضيف ولا ينقص يرفع ولا يضع ..ذلك انه ليس ثمة قلق يربك الطلبة اكثر من "التوجيهي" معنى ومبنى فهو يشكل خوفا موروثا ،يسعون لتبديده واجتياز ممره الماراثوني الاجبارى كل عام ما استطاعوا الى ذلك سبيلا.

يغادرنا الامتحان اليوم تاركا وراءه عاصفة من نقاشات اكتظت بها اعمدة الصحف وشبكات التواصل الاجتماعي، خوفا من اقصاءاته الحادة، وطمعا في نيل رضاه بعلامات يجتاز بها الطامحون حوافه الخطرة باعتباره صاحب القول الفصل في تحديد ملامح مستقبلهم.

ولعل اولى الثمار التي طرحتها النقاشات حول" التوجيهي "هي تلك الاستجابة العاجلة التي عبر عنها المسؤولون في وزارة التربية عن استعدادهم لاقامة ورشة تربوية بمشاركة "معا " يشارك فيها كل من يهمه الامر من خبراء وتربويين وذوي اختصاص وقادة راي، لدراسة كل ما قيل حول الموضوع واعتماد ما يمكث منه في الارض ليكون اساسا للاصلاح والتطوير.

بيد اني لا احسب ان اسباغ صفة القداسة والرمزية على اداة قياس تتغير بالضرورة بتغير القياسات، وتتطور بتطور تقنيات وادوات التعليم يخدم النقاش الجريء حول التغيير والاصلاح في التعليم مثلما لا يخدم ديموقراطية الاجابة ممن يتولون قيادة العملية التربوية فاذا كانت الوزارة ملتزمة باتفاقيات مع دول اخرى بالاعتراف المتبادل بشهادة التوجيهي فما الذي يمنع بقاء تلك الاتفاقيات اذا ما تطورت اداة القياس وهو الشيء ذاته الذي تقوم به تلك الدول.

اصلاح الامتحان ليس هو ذروة سنام الاصلاح المرجو للتعليم مدرسيا او جامعيا والذي ينبغي ان يتصدر اهتمامات المسؤولين في اطار رؤية تتكيء على ارادة حقيقية بالاصلاح وهي ارادة وللاسف الشديد لازالت غائبة عن القائمين على السياسات التعليمية، ولا تشكل هاجسا لهم ،ذلك ان اولى الخطوات لاصلاح التعليم تبدأ باصلاح اوضاع المعلمين برفع سوية ادائهم، وتحسين مستوى حياتهم برفع رواتبهم، لاستعادة هيبتهم بين طلابهم، حتى انك لو تجولت في ساحات احدى المدارس فانك تجد صعوبة في التمييز بين المعلمين ،وطلابهم من حيث الزي الذي يرتدونه، لابل ان بعض الطلبة يرتدون زيا افضل من زي معلميهم.

استوقفني راي لخير تربوي يستحق النقاش يقول باتباع نظام يقسم الطلبة إلى شريحتين الأولى لا ترغب بمتابعة الدراسة، والثانية تطمح بالحصول على شهادات بعد الثانوية العامة.

ويتضمن المقترح اعتبار الشهادة المدرسية هي شهادة الثانوية العامة لأولئك الطلبة الراغبين بالانخراط في سوق العمل مباشرة أو العمل المهني.

أما الطلاب الراغبون بإتمام دراستهم الجامعية أو الدبلوم فيمكن إخضاعهم لامتحان عام يوصلهم لرغباتهم، مشيرا إلى أن إجراء الاختبار العام يتم برغبة داخلية من الطالب الأمر الذي يقلل الضغوط النفسية عليه.