الأربعاء: 25/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

كتب المحرر السياسي : هل غــــــــــــــادر العقلاء؟!!

نشر بتاريخ: 07/10/2006 ( آخر تحديث: 07/10/2006 الساعة: 16:02 )
بيت لحم- معا- كتب المحرر السياسي - مؤسف ومحزن ومعيب ،ذلك السجال المتصاعد بين حركتي فتح وحماس والذي انحدر الى دركٍ لا يليق بشعب حمل الوطن وهناً على وهن, حماه برموش عيونه, ونزف جراحه ووجع معاناته، وظل على امتداد الصراع الطويل المرير , عصياً على القسمة وفيا لما ضحى من اجله الشهداء ......شعب, لم يخضع للذهب ولا للسيف ،رغم ضيق الحال، وقسوة الاحوال التي نالت منه جوعاً ،وفقراً مدقعاً ،لكنها لم تنل من صبره وصموده ويقينه بحتمية انتصار الحق على الباطل، والوطن على الاحتلال، والحقائق الثابتة على عناصر الغطرسة.

فارتفاع وتيرة السجال على النحو الخشن من اللغة الغريبة المحرضة على تقاطع السيوف بين الاخوة تبعث على الاشمئزاز، والالم في آن معاً، وتشعل اكثر من ضوء احمر ازاء ما تخبئه الايام القادمة اذا ما ترجمت تلك العبارات الخشنة الى احتكاك خشن يصل الى تقاطع السيوف بين الاخوة الذين يطحنهم بطش المحتل, ويستبد بهم الفقر والجوع, جراء الحصار الظالم المفروض عليهم منذ سبعة اشهر.

وفيما يتصاعد السجال, فان المحتل يفرك يديه فرحاً بانتظار جولة جديدة من المواجهة الدامية وهي مواجهة تشكل اذا ما وقعت لا قدر الله ربحاً صافياً لاسرائيل التي ترسم بهدوء وبرودة اعصاب حدود الدولة المؤقتة المقطعة الاوصال .

ونحسب ان تبادل الاتهامات الحادة بين "الافرقاء" وفق المصطلح اللبناني يطرح تحدياً كبيراً امام العقلاء من الجانبين للمبادرة وبأقصى سرعة لوقف التدهور ، وتدوير الزوايا الحادة وتبريد الرؤوس الحامية لدى الجانبين ليتسنى من ثم اعادة النقاش بمسؤولية وطنية عالية خالية من شهوة الاستيزار والاسئثار بسلطة لا وجود لها، الا داخل مربعات غير آمنة ومستباحة للمطاردة الساخنة لاتفرق بين لون وآخر من الوان الطيف الغارق في الجدل البيزنطي حول" جنس الملائكة !!" فيما الوطن ممدد تحت قصف الطائرات وجنازير الدبابات ، والشعب الصابر يعاني شظف العيش ونقصا في الانفس والثمرات والمحروقات .

ولعل هذا السجال المؤسف يستدعي من بطون التاريخ ذلك الجدل الذي إحتدم خلال القرن الميلادي الخامس بين أهل بيزنطة " دولة الروم " على جنس الملائكة ذكورٌ هم أم إناث بينما كانت جيوش الفتح الإسلامي العثماني بقيادة السلطان محمد الثاني تدك بوابات عاصمتهم حتى سقطت دولتهم عام 1453م وتحولت عاصمتهم الى " أسطنبول" التي باتت عاصمة للدولة العثمانية حتى مطلع القرن العشرين .

ونحسب ان احدا من " المتساجلين" مهما قدم من برامج او عرض من ذرائع او تلفع بعباءة الحرص على الوطن، بمنأى عن تحمل المسؤولية التاريخية لهذا الانحدار الحاد الذي ينزلق اليه الوطن... فالشعب الفلسطيني يستحق افضل من هذا الاداء المخجل لقيادته.

فهل يبادر العقلاء للتدخل العاجل, لتشكيل حكومة حكماء تدير شؤون الوطن في لحظة تاريخية صعبة ، يستبد فيها الطيش السياسي، ويتكدر فيه عيش الناس وتضيق فيه العبارة، وتنهمر فيه العبرات حزناً والماً وقهراً لما آلت اليه الاوضاع من كآبة المنظر وسوء المنقلب وهواننا على الناس... حكومة تتعامل مع الواقع بكل نتوءاته الحادة وارثه الثقيل الصعب بعيدا عن المواقف المسبقة وتسجيل النقاط ... حكومة تتخذ من وثيقة الوفاق منطلقا لها دون الدخول في جدل الجمل المعترضة التي لامحل لها من الاعراب.