الجمعة: 15/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

بروفيسور كرمة النابلسي تدعو لاعادة بناء التمثيل الوطني الفلسطيني

نشر بتاريخ: 16/07/2011 ( آخر تحديث: 16/07/2011 الساعة: 11:54 )
رام الله - معا - دعت البروفيسور في جامعة أكسفورد كرمة النابلسي إلى إعادة بناء التمثيل الوطني الفلسطيني في إطار منظمة التحرير بالاستناد إلى مفهوم السيادة الشعبية (Popular sovereignty)، الذي يعني أن عملية بناء الهياكل المدنية التي يفترض أن تحسن الاتصال بين تجمعات اللاجئين في الشتات والممثل الوطني لا بد أن تعكس الإرادة الشعبية من خلال الاستماع لأصوات الفلسطينيين أنفسهم.

وكانت النابلسي تتحدث خلال لقاء حول إعادة بناء التمثيل الوطني الفلسطيني، نظمه المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية، الخميس الماضي 14 تموز الجاري في مقره بمدينة البيرة.

وأدار الجلسة الأستاذ خليل شاهين مدير البحوث في المركز الذي رحب بالنابلسي وبالحضور الذي ضم عشرات الشخصيات السياسية والأكاديمية والنشطاء الشباب.

وفي شرحها لمبدأ السيادة الشعبية في الحالة الفلسطينية وكيفية تجسيده ضمن هياكل ومؤسسات منظمة التحرير، في ظل وجود أعداد كبيرة من اللاجئين في الشتات لا سيادة لهم على الأرض، أكدت النابلسي على ضرورة إعادة الاعتبار لعدد من المفاهيم، في مقدمتها أن الثورة الفلسطينية انطلقت لتوحيد الفلسطينيين والعودة إلى أرض الوطن وتقرير المصير، وليس من أجل الدولة، كما أن منظمة التحرير كانت الممثل للشعب، وتم تجسيد مبدأ سيادة الشعب عبر المجلس الوطني الفلسطيني، لكن شكوكا تطرح اليوم حول مدى تمثيل مؤسسات المنظمة للشعب، لاسيما في ظل الانقسامات بين الفلسطينيين داخل الوطن وفي الشتات. وهو الأمر الذي يعني أن إعادة بناء التمثيل الحقيقي توحد الفلسطينيين.

|137692|

وأضافت: وضعنا معقد، لكن الحلول تبدو بسيطة. فالمطلوب هو تمثيل مختلف الفئات، لاسيما الشباب، والتفكير بالخروج من المأزق الحالي بإعادة بناء وحدة الشعب بالاستناد إلى فكرة السيادة الشعبية والحاجة إلى عقد اجتماعي جديد، انطلاقا من حقيقة أن الناس تريد أن تمثل وأن يسمع صوتها. الفلسطينيون من الخليج، مرورا بالأردن ولبنان، إلى أوروبا وأميركا اللاتينية، موحدون، وهم يريدون أن يمثلوا، والمهم هو أن يترك للناس أن يتحدثوا وأن يعبروا عن آرائهم بشأن طبيعة الهياكل والمؤسسات التي يجب أن تمثل الفلسطينيين، وكذلك أن تترك لهم حرية اتخاذ القرارات وتقرير مصيرهم.

وأوضحت أن الفلسطينيين قاوموا دائما محاولات الفصل بين الداخل والخارج وتمسكوا بمنظمة التحرير ككمثل وطني، لكن المنظمة عانت من سلسلة من الصدمات العنيفة التي أثرت على التمثيل السياسي الفلسطيني، بالترافق مع عملية تدمير وتهميش للنشاط المدني الفلسطيني في الشتات، لاسيما في ظل الحرب التي شنتها إسرائيل طيلة أكثر من ثلاثة عقود ضد المؤسسات والكوادر الفلسطينية بهدف القضاء على منظمة التحرير وبناها التحتية المؤسسية.

ونوهت في هذا السياق إلى أنه رغم استمرار منظمة التحرير في التواجد على أرض الواقع بعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، إلا أن قياداتها انتقلت إلى المؤسسات الانتقالية للسلطة الوطنية المسؤولة عن الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة حصرا، وكان لهذا الانتقال الكثير من الانعكاسات الخطيرة على الشعب الفلسطيني بشكل عام، وعلى العلاقة بين المنظمة والفلسطينيين في الشتات، ومن ضمنها انعكاسات مدمرة ومضعفة للتركيبة المشتركة للاتحادات ومجموعات الشتات الأخرى التي كانت جزءا من النسيج السياسي الفلسطيني والمجتمع المدني في الشتات.

واعتبرت النابلسي أنه كان لهجرة معظم الجهاز الرسمي لمنظمة التحرير إلى الأراضي المحتلة عدد من النتائج السلبية، مثل قطع الصلات بين الفلسطينيين داخل وخارج الأراضي المحتلة، وإضعاف التمثيل السياسي للفلسطينيين خارج الوطن، منوهة إلى أن العوامل الأكثر أهمية في تهميش التمثيل الفلسطيني تكمن في شروط وإجراءات اتفاق أوسلو بحد ذاته، حيث تضمن مرحلتين: الأولى الاتفاق على القضايا الأصغر والأقل جدلا، فيما تم تأجيل القضايا الحقيقية التي تقع في صميم الصراع، مثل اللاجئين والقدس. وفي النهاية، أهملت التطلعات السياسية والمدنية واحتياجات الفلسطينيين خارج الضفة والقطاع، وفي أحسن الاحوال صنفت كاحتياجات للإغاثة الإنسانية، وقد أدى ذلك إلى إنكار أبسط الحقوق الديمقراطية لهؤلاء الفلسطينيين، وهو حق المشاركة في تشكيل المؤسسات السياسية والدستورية الرئيسة لدولة مستقبلية يمتلكونها بقدر ما يمتلكها أولئك القاطنين داخل الأراضي المحتلة.

واستندت النابلسي في تقديم محاضرتها إلى عدد من النتائج الرئيسة التي خلص إليها مشروع "سيفيتاس" البحثي التشاركي الذي عكفت على تطويره ومتابعته لصالح كلية "نفيلد" في جامعة أكسفورد (2004- 2005)، وهو مشروع انبثق من نتائج وتوصيات التقرير الصادر عام 2000 عن البعثة البرلمانية البريطانية لتقصي الحقائق حول اللاجئين تحت عنوان "حق العودة"، وقد عملت النابلسي مستشارة خاصة لهذه البعثة. وكرس مشروع "سيفيتاس" لدراسة السبل المتاحة لتجمعات اللاجئين الفلسطينيين في الشتات لتقوية هياكلهم المدنية خارج وطنهم، وتحسين الاتصال مع منظمة التحرير ومؤسساتها، ومع الوكالات الإنسانية التي تخدمهم والدول المضيفة لهم حاليا.

وقالت النابلسي إن منهجية وتوصيات هذا المشروع أكدت على جميع حقوق الشعب الفلسطيني من خلال أصوات الفلسطينيين أنفسهم، وعلى رأسها حق العودة للاجئين كما هو مبين في القرار رقم 194، فضلا عن التأكيد على حق الفلسطينيين خارج وطنهم في التمثيل السياسي من خلال بناء الهياكل القادرة على تعزيز اتصالهم مع ممثلهم الوطني، الذي يجب إعادة بنائه من خلال مجلس وطني يعكس تمثيلا حقيقيا للفلسطينيين، ويجسد الإرادة الشعبية.