"الشعب يريد ارجوحة" لافتات في مخيم عايدة
نشر بتاريخ: 16/07/2011 ( آخر تحديث: 16/07/2011 الساعة: 17:02 )
بيت لحم - معا - كتبت عبلة درويش - يبدو أن لافتات الحقوق والمطالبة لم تقتصر للنظام والحكومات انما باتت لحماية "ارجوحة" وورود وشجرة، فالشعب هنا لا يريد "تغيير النظام" بصوت الأمم... إنما يريد "حماية الارجوحة" بصوت ملائكة...
مطلب طفولي للاجئين فلسطينيين تهدد فرحتهم وسكونهم وقلة حيلتهم ضياع ارض يلعبون فيها تحميهم خطورة شوارع المخيم الضيقة وقلة المساحات في المخيم وانعدام اماكن الترفيه والوضع الاقتصادي الذي يحول دون ان تخرج معظم العائلات باطفالهم عطلا صيفية.
|137743|
كانت صدفة غريبة حيث مررنا قرب المخيم، حتى جذبنا حشد من اطفال، بعضهم لم يكمل الخامسة من عمره، يشاركون في مخيم صيفي يحملون لافتات واوراق ملونة كتب عليها: "من حقي ان العب"، "من حقي ان احيا في بيئة نظيفة"، من حقي ان اعبر عن رأي" وغيرها من اللافتات "الطفولية" التي تطالب بحقوقهم، والتي لم يغب عن ذاكرتهم خلالها ايضا حقهم في العودة الى أرضهم.
|137744|
الامر الذي جذبنا لمعرفة ماذا دفع هؤلاء الاطفال ليخرجوا بالشوارع تحت اشعة الشمس وقرب النقطة العسكرية "راحيل" على مدخل مخيم عايدة شمال مدينة بيت لحم، والتي استشهد قربها عشرات الشبان والاطفال خلال مواجهات مع الاحتلال الاسرائيلي الذي سلب اللاجئين جزءا من راحتهم وسكونهم ان وجدت... في مخيم ضاق بسكانه واطفاله ليجدوا لهم متنفسا ولو ضيقا في قطعة ارض تشبه المتنزهات في الدول بشيء بسيط، الا ان لجوءهم ايضا ومدافعتهم عن هذه الارض وحمايتها من استيلاء الاحتلال الذي حاول عدة مرات سلبها وضمها للنقطة العسكرية لم يشفع لهم حتى بحقهم في اللعب.
|137742|
ثقافة الاطفال ومعرفتهم بما يدور حولهم كانت كافية لتدفعنا لنجلس معهم ونتناول اطراف الحديث... وقد تبين لنا انهم يشاركون في مخيم صيفي ينظمه مركز لاجئ في مخيم عايدة، وانهم تعلموا خلال ايام المخيم الصيفي السبعة الماضية ان لهم حقوقا، وان من حقهم التعبير عنها.
نشط الفلسطينيون واهالي المخيمات في الوطن، بانشاء مراكز تعليمية وترفيهية في كل مخيم تقريبا، انعكس بصورة كبيرة على مستوى ثقافة الاطفال وسلوكهم وانعكس ايجابا على قلة انتشار الاطفال في الشوارع واطمئنان الاهالي على اولادهم.
واحد هذه المراكز، مركز لاجيء في مخيم عايدة، حيث وجدنا الاطفال يطالبون بحقوقهم، حيث بدأ مركز لاجئي من الصفر بانشاء مركز يحوي الاطفال ويعلمهم وينمي فيهم الروح الوطنية ويعلمهم حقوقهم وحقهم في العودة حيث وجدنا الاطفال منهم من هو دون سن الخامسة يقول انا من قرية عجور واخر انا من بيت نتيف وانا من علار، بعض القرى المهجرة من عام 48 التي سكن اهلها في المخيم، وترعرع اطفالهم في ازقة المخيم وشوارعه الضيقة الى ان احتوى مركز لاجئ هؤلاء الاطفال ووفر لهم عدة مجالات للترفيه والتعليم اللامنهجي بعد المدارس وفي عطل الصيف.
|137729|
لفت انتباهنا طفلة 4 اعوام ونصف كانت تتقدم نحونا بخجل.... سألناه: ماذا كتب على اللافتة التي تحملها؟ اجابت: "بدي العب". ماذا تحبي ان تلعبي؟ فقالت: "على المرجيحة"... صمتت ثم فاجأتني بالقول: "بس بدهم يخلعوا المراجيح". واخذها الحديث لتقول لنا ان احدا ما سيقطع المراجيح ويمنعهم من دخول الحديقة التي تقع الى جانب المركز.. ولكن هل يعقل هذا؟!
مركز لاجيء يقع قرب النقطة العسكرية التي شهدت مئات المواجهات في الانتفاضة وسقط اثرها عشرات الشهداء دفاعا عن مخيمهم، حيث يوجد الى جانب المركز قطعة ارض تفصل المركز على مقبرة المدينة التي سرق الاحتلال منها مساحات ايضا ودفن قبور بعض الاجداد تحت النقطة العسكرية، قطعة الارض تخص مواطن مستثمر سمح للاطفال مشكورا باللعب فيها عدة سنوات ليرددها الاطفال عدة مرات بلغتهم الطفولية "في واحد كتير منيح صاحب هذه الارض سمح لنا ان نلعب فيها عدة سنوات وسمح لنا ان نزرعها بالورد ونزيل القمامة منها ونلعب فيها بدل ما نلعب في الشوارع ونندهس".
وليتضح الامر لنا اكثر تحدثنا مع بعض الشباب والشابات الذين يشرفون على تعليم وتدريب وحماية الأطفال في المركز، ليكون حديثهم، ان ابناء المخيم اعتادوا ان يلعبوا في هذه الارض التي كانت "مزبلة"، وان مالك هذه الارض سمح لنا مشكورا طوال عدة سنوات ان نؤهل الارض وننظفها بعد ان كانت "مكرهة صحية" يلقي فيها الأهالي قمامتهم لضيق المساحات في المخيم، وسمح لنا أن يلعب فيها الأطفال وهو مشكور جدا، فقد كانت قطعة الارض هذه "مكرهة" ووجود الأطفال وزراعتهم لها وتنظيفها حال دون سرقتها من قبل الجنود على النقطة العسكرية "راحيل" حيث سرق عدة مساحات الى جانبها من ضمنها المقبرة الى جانب الجدار الفاصل الذي سرق مساحات ومساحات وضيّق على سكان المخيم ضيقهم، الا ان الشباب والشبات هناك قالوا يبدو ان فرحة الاطفال لن تكتمل! حيث وقعت مشكلة مع المالك، وهناك اوامر تقضي بمنع دخول الاطفال الى الساحة.
|137738|
احد المسؤولين عن ادارة المخيم الصيفي الشاب محمد قال لنا، ان مالك الأرض من عائلة طيبة، وقد تعاون معنا منذ اربع سنوات حيث سمح لنا مشكورا بتنظيف القطعة والسماح للاطفال باللعب فيها، وسمح لنا بتأهيلها، ورغم اننا لم ولن ننكر يوما انها له، الا ان وجود المراجيح "والسيسو" قد "استفزه"، وربما جعله يعتقد -خطأ- اننا ننوي الاستيلاء على الارض ... الامر الذي عقّد الامور وصفو العلاقة حيث وصلت الامور الى اعتبارنا "معتدين"، والمراجيح "تعديات" يجب ازالتها، حتى قبل صدور قرار المحكمة حيث رُفعت قضية علينا والمحكمة لم تبت بعد في القضية.
واكد محمد، ان مشاورات جرت مع مالك الارض، لشراء الارض او استئجارها او استبدالها بقطعة ارض بنفس المساحة في مدينة بيت لحم او بيت جالا مع الابقاء على هذه الساحة التي تعد آخر قطعة ارض فارغة في مخيم ضيق، بعد ان اصبحت روح الاطفال والاهالي مرتبطة فيها، الا ان الرفض كان سيد الموقف، لان المالك يعتقد اننا "نلوي ذراعه" رغم تأكيدنا على حقه في ارضه، او القبول أو الرفض او طرح السعر المناسب.
ولكن الصورة كانت تتحدث وصوت الاطفال ولافتاتهم تحكي قصة "التعديات"، لنتوجه ونشاهد بأعيننا التعديات التي تمثلت بأرجوحة وعدة العاب وساحة يلعب فيها الأطفال كرة القدم في مخيم لا يتسع لسيارة تقف الى جانب الرصيف ان وجد، ليجدوا مكانا للعب كرة القدم.
|137732|
الاطفال محمد وصفاء واحمد ورغد ومعتز وغيرهم كان اكبرهم 13 عاما، انتفضت الدمعة من عيونهم لان حقوق الملكية بالمعنى المجرد، لا تعرف قيمة الارض بالنسبة لاطفال يرون العدالة فقط بحقهم في اللعب في مكان نظيف وآمن، وما عدا ذلك مبررات تحرمهم من حقهم على الجميع وبالذات اصحاب المسؤوليات العليا.
املهم لا زال قويا بأن الرئيس محمود عباس لن ولن يسمح ان يخطف احد فرحتهم، ولكن يبقى السؤال مفتوحا هنا، حول "التعديات" رغم حدوث التغييرات التي تمثلت بالتنظيف والتأهيل ووضع بعض المراجيح مع مشاورة مالك الارض الذي كان موافقا دوما مشكورا بالسماح للاطفال باللعب فيها، الا ان القانون كما يقال "اعمى"، و"تطبيقه على عماه" كما في حالة ازالة الارجوحة- "لا يقود بالضرورة الى العدالة".
فمن يحمي اطفال المخيم بعد ان توفر مكانا لحمايتهم من حوادث السير الكثيرة في ازقة المخيم واللهو في الشوارع وخوف الاهالي على ابنائهم وبناتهم الذي ما عاد موجودا بوجودهم في مركز لاجئ وحديقة المخيم.
فقد قام اهالي المخيم واطفالهم بتأهيل الارض وزراعة الورود فيها وتنظيفها وتسييجها لحمايتها من الجيش ولتوفير مكان لابنائهم يكون لربما امينا رغم علو النقطة العسكرية فوق المركز، الا انها بدون بديل، فهي آخر المعاقل، وأول العدالة.
|137740|
|137739|
|137737|
|137734|
|137733|
|137731|
|137730|
|137714|
|137713|
|137712|
|137710|
|137708|
|137704|
|137703|
|137735|
|137728|
|137727|
|137726|
|137725|
|137724|
|137723|
|137722|
|137721|
|137720|
|137719|
|137718|
|137717|
|137716|
|137736|