في ذكرى يوم الصحة النفسية العالمي تدهور خطير في الصحة النفسية للفلسطينيين جراء العدوان والحصار
نشر بتاريخ: 10/10/2006 ( آخر تحديث: 10/10/2006 الساعة: 22:06 )
بيت لحم -معا- تحتفل الفيدرالية الدولية للصحة النفسية في العاشر من أكتوبر من كل عام باليوم العالمي للصحة النفسية لما للصحة النفسية من أهمية وتأثير بالغ في تمتع الإنسان بالصحة الجسدية والعامة والقيام بدوره بشكل طبيعي في المجتمع، ويعتبر اليوم العالمي للصحة النفسية بمثابة يوم للتثقيف والمناصرة للأفراد والعائلات والمجتمعات حول قضايا الصحة النفسية المختلفة.
وقال البرنامج ان هذه المناسبة تحل هذا العام في ظل متغير جديد في الواقع الفلسطيني والمتمثل في تولي حركة حماس السلطة في فلسطين بعد نجاحها بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي في انتخابات ديمقراطية جرت أواخر يناير الماضي، وقد تلت هذه الانتخابات وتشكيل حركة حماس للحكومة الفلسطينية فرض حصار إسرائيلي وإعلان مقاطعة للحكومة الجديدة ووقف اعطاء الفلسطينيين عائدات الجمارك، وتبعت ذلك العديد من الدول المانحة التي قطعت كافة المساعدات التنموية والإغاثية عن الشعب الفلسطيني وبضمنها المانحين الأساسيين كدول الاتحاد الأوروبي وأمريكا واليابان.
وقد أدت كل هذه الإجراءات إلى تدهور خطير في الأوضاع المعيشية والإنسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني الذي كان يعاني أصلاً من ممارسات الخنق الاقتصادي والاجتماعي شمل محاربته في وسائل عيشه وتضييق الخناق على حرية المرور للمدنيين وللأغذية والبضائع والدواء عبر سياسة الحواجز التي انتشرت في كافة أنحاء الضفة الغربية وإغلاق معابر قطاع غزة بشكل شبه كامل.
وتلى تولي الحكومة الفلسطينية الحكم إقدام إسرائيل على عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة تحت إسم "أمطار الصيف" وذلك بعد عملية فلسطينية تم فيها أسر جندي إسرائيلي وإخفاؤه في قطاع غزة، كما أدت هذه العملية إلى قتل أكثر من 200 فلسطيني نصفهم من المدنيين وربعهم من الأطفال.
وشملت هذه العملية تخريب متعمد للمنشآت المدنية والبنية التحتية وكذلك محطة الكهرباء الرئيسية التي تغذي 40% من استهلاك الكهرباء في القطاع، و أدت هذه الممارسات إلى تفاقم المعاناة ونقص في مياه الشرب وحرية الحركة بين أجزاء القطاع نتيجة لتدمير الجسور الرئيسية والبنية التحتية والتي يكلف إعادة بنائها ملايين الدولارات مما يرهق الاقتصاد الفلسطيني ويسبب عجز كبير في ميزانيته.
وهناك مؤشرات كبيرة على استخدام إسرائيل ضمن عملية أمطار الصيف لأسلحة غير اعتيادية والتي كان من أبرز هذه المؤشرات وجود بتر وتشوه في الأطراف والحروق المختلفة في جميع أنحاء اجساد الشهداء والجرحى وحدوث إصابات وحالات وفاة مجهولة السبب.
كما لجأت إسرائيل إلى استخدام سياسة القصف الجوي المكثف واستناف الغارات الوهمية الشديدة التي كانت قد استخدمتها سابقاً في قطاع غزة مما أدى إلى انتشار حالات الذعر وارتفاع مستوى القلق والخوف وحالات التبول الليلي اللاإرادي والمعاناة من العدوانية والأحلام والكوابيس الليلية والصعوبات الدراسية وتدني مستوى التركيز والقدرة على التعلم، وأدى إلى إشاعة حالة من التشوش وفقدان السيطرة والعجز المكتسب واليأس والإحباط وفقدان الأمل لدى المواطنين بشكل يفقدهم القدرة على التحكم في أمور حياتهم.
ووتتزامن هذه الذكرى ايضا مع مرور حوالي عام على خطة فك الارتباط الإسرائيلي من قطاع غزة والتي كان يتوقع لها أن تحول القطاع إلى منطقة حرة وامنة، ولكن جاء الواقع ليبدد هذه الآمال حيث بقي مصير الماء والسماء تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة بما فيها معبر رفح وهو المنفذ الرئيسي لسكان قطاع غزة إلى مصر والعالم الخارجي، محولة القطاع إلى سجن كبير ومحتجزة حوالي مليون ونصف فلسطيني الى معتقلين لفترة غير معلومة. كما واستمرت إسرائيل في احتجاز الأسرى الفلسطينيين في سجونها رافضة إطلاق سراحهم مما يشكل مخالفة واضحة لبنود اتفاقيات جنيف، وزيادة الإحباط وفقدان الأمل ليتبدد حلم الفلسطينيين بأن تتحول غزة إلى مكان حر وآمن.
وقال البرنامج إن الواقع الصعب الذي يعيشه الشعب الفلسطيني ينذر بمزيد من التدهور في كافة مناحي الحياة الفلسطينية وتتجلى مظاهر ذلك في ازدياد العنف بكافة أشكاله الأسري والعشائري والسياسي بين أبناء الشعب الفلسطيني وارتفاعات مذهلة وغير مسبوقة في معدلات البطالة والفقر المتدهورة أصلاً، حيث يعيش حوالي 70% من الأسر الفلسطينية في قطاع غزة تحت خط الفقر، ويزداد الوضع تعقيداً مع عجز السلطة الفلسطينية عن دفع رواتب الموظفين والعاملين في الأجهزة المدنية والأمنية.
واضاف : إننا في برنامج غزة للصحة النفسية نحذر من التداعيات الخطيرة لاستمرار الظروف الصعبة التي يعيشها الفلسطينيين والتي ستؤدي بلا شك إلى مزيد من التدهور في الصحة النفسية للمجتمع الفلسطيني برمته وبناؤه الاجتماعي السليم.
واوضح البرنامج إن النظام السياسي العالمي اليوم ممثلاً بالدول الكبرى والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بمنظماتها المختلفة مطالب بالتدخل لترسيخ مبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في فلسطين والعالم وتحقيق العدالة لشعوب العالم لتلافي حدوث المزيد من التدهور في الوضع النفسي للفئات المقهورة والمهمشة والتي تعاني الظلم في العالم، والذي لابد وأنه سيؤثر على ردود أفعالها وسلوكياتها وبضمنها سلوكيات العنف والتي تؤدي إلى مزيد من العنف والعنف المضاد. كما أن القوى الاجتماعية والمدنية مدعوة لتعزيز دورها وعملها في المجتمع من أجل تحسين الظروف المعيشية وأوضاع الصحة النفسية للمتضررين من التهديد والقتل وعدم التمتع بالاحتياجات الأساسية للإنسان.
وطالب برنامج الصحة النفسية العاملين في مجال الصحة النفسية أن ينظموا قواهم وجهودهم عبر الانضمام إلى مؤسسات وشبكات مهنية محلية وعالمية تسعى إلى نشر السلم والأمن عبر تعزيز الديمقراطية وتحرر الشعوب باعتبارهما ضرورة لتحقيق السلام والسلامة النفسية للإنسان ولزيادة قدرته علي بناء وتنمية المجتمع.
ووجه البرنامج التحية إلى كافة الزملاء والزميلات العاملين في مجال الصحة النفسية في فلسطين والعالم لجهودهم ودورهم في تحسين وتطوير السلامة النفسية للإنسان في كل مكان.
كما دعاهم إلى بذل كل ما بوسعهم لدعم حقوق الشعب الفلسطيني وتمتعه بالكرامة الإنسانية ووقف كافة أشكال العنف التي يتعرض لها وفي مقدمتها إزالة الاحتلال الإسرائيلي عن أرضه وإعطاؤه حق تقرير المصير باعتبار ذلك من أهم أساسيات تمتع الإنسان بالكرامة الإنسانية، مما يساهم في تعزيز صحته النفسية الأمر الذي سينعكس ايجابياً علي مسيرة السلم والتنمية في المنطقة والعالم.