الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

"مدى": 113 اعتداء على حرية الصحافة بالنصف الأول من العام الحالي

نشر بتاريخ: 21/07/2011 ( آخر تحديث: 21/07/2011 الساعة: 12:12 )
رام الله- معا- رصد المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية "مدى" 113 اعتداء على حرية الصحافة في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2011، ارتكبت جهات فلسطينية مختلفة 68 منها، في حين ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي 45 انتهاكا.

واكد المركز ان الاعتداءات على الصحفيين لازالت تلقي بظلالها السوداء على عملهم بشكل خاص وعلى حياتهم بشكل عام، حيث أن حقهم في التعبير المكفول في المواثيق والقوانين الدولية لا زال يتعرض للانتهاك بشكل صارخ من جهات عديدة أبرزها قوات الاحتلال الإسرائيلي التي لا تتردد في قمع الصورة والكلمة الفلسطينية، كما تأتي الانتهاكات الفلسطينية لتزيد من معاناة الصحفيين، رغم أنها لا تشكل خطراً على حياتهم (باستثناء جريمة قتل الصحفي الايطالي فيتوريو اريغوني).

وجاءت محصلة انتهاكات العام الجاري مختلفة عمّا رصده المركز في السنوات الثلاث الأخيرة التي كانت فيها انتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلي تفوق كثيراً الانتهاكات الفلسطينية، ويعود السبب في ذلك إلى الانتهاكات الواسعة التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية بحق الصحفيين والمؤسسات الإعلامية خلال تغطيتهم للمسيرات الشبابية التي انطلقت في 15 آذار للمطالبة بإنهاء الانقسام الداخلي في الساحة الفلسطينية. حيث ارتكبت الأجهزة الأمنية الفلسطينية 30 انتهاكا في شهر آذار لوحده، معظمها ارتُكبت في قطاع غزة.

مقتل أريغوني جريمة هزت المجتمع الفلسطيني:
ان جريمة قتل الصحفي الإيطالي فيتوريو أريغوني - الذي مُنِح الجنسية الفلسطينية- من قبل مجموعة فلسطينية مسلحة، كانت أخطر وأبشع انتهاك خلال العام، ورغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر على مقتله لا زالت ملابسات الجريمة غير معلومة للمواطن الفلسطيني الذي فُجِع بمقتله. فالحكومة المقالة في غزة لم تنشر بشكل رسمي النتائج الكاملة للتحقيق الذي قامت به باستثناء إعلانها عن انتحار أحد المشتبهين بقتله بعد إلقاء قنبلة على زميلَيه داخل منزلٍ حاصرته قوات الأمن الداخلي.

لقد كان أريغوني واحدا من أنشط المتضامنين مع الشعب الفلسطيني من خلال تواجده في غزة ومساعدة أهلها لمدّة ثلاث سنوات، ومن خلال كتاباته التي أبرز فيها معاناة أهالي القطاع جرّاء الحصار الإسرائيلي. كما كان أريغوني شخصاً محبوباً ومعروفاً بحبه لمساعدة الجميع.

" لقد عُثر على جثة أريغوني صباح يوم الجمعة الموافق 16/4/2011 في بيت مهجور شمال قطاع غزة. وكانت مجموعة مسلّحة قد أعلنت عن اختطافها له قبل يوم من مقتله، وطالبت في شريط مصور بإطلاق سراح معتقلين من "الجماعة السلفية الجهادية" لدى الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة المقالة خلال يومين، إلا أنهم قاموا بقتله قبل انتهاء الموعد المعلن عنه".

قوات الاحتلال ترتكب انتهاكات خطيرة بحق الصحفيين:
بالرغم من ازدياد عدد انتهاكات الجانب الفلسطيني منذ بداية العام، إلا أن قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت انتهاكات شكّلت خطراً حقيقياً على حياة الصحفيين. حيث تعرض 49 صحفي للاعتداء الجسدي منذ بداية العام، 24 منهم أصيبوا من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، والباقي من قبل جهات فلسطينية مختلفة في الضفة والقطاع، وفيما يلي أخطر الاعتداءات الإسرائيلية منذ بداية العام:

-إصابة مصوّر بال ميديا والتلفزيون الألماني عبد الغني النتشة برصاصة مطاطية في يده ومن ثم ألقت قوات الاحتلال نحوه قنبلة غاز، مما أدى إلى نقله للمستشفى. وذلك أثناء تغطيته للمسيرة الأسبوعية في بيت أمر بالخليل بتاريخ 25/2/2011.

-الاعتداء على مراسل وكالة "وفا" في الخليل ثائر فقوسة بالضرب المبرح من قبل أحد جنود الاحتلال بتاريخ 15/3/2011 مما تسبب له بكدمات ورضوض في أنحاء جسمه كما كسرت آلة التصوير خاصته. ومن ثم تم إلقاء قنبلة غاز باتجاهه مسببة له فقدان في الوعي، حيث نقل إلى المستشفى لتلقي العلاج.

- إصابة مصور الوكالة الفرنسية محفوظ أبو ترك بقنبلة غاز في وجهه، مسببة له حروق وجروح بجانب العين والجبين، أثناء تغطيته لمواجهات بين فلسطينيين وقوات الاحتلال في حي سلون بالقدس بتاريخ 25/3/2011.

- إصابة مراسل مجلة البيادر السياسي محمد المدهون في رأسه بتاريخ 7/4/2011 جرّاء القصف الإسرائيلي لمنطقة أباد الرحمن في القطاع. وأجريت له عملية جراحية في مستشفى الشفاء.

- إصابة الصحفي الحر محمد عثمان برصاص قوات الاحتلال في صدره ويده أثناء تغطيته لمسيرة العودة في الذكرى الثالثة والستين للنكبة بتاريخ 15/5/2011، حيث أنه لغاية الآن غير قادر على تحريك الجزء السفلي من جسده. ولخطورة الإصابة تم نقله إلى الأردن لتلقى العلاج.

-إصابة مصور وكالة ABA ناجح الهشلمون في رجله اليسرى برصاص قوات الاحتلال أثناء تغطيته مواجهات اندلعت بين فلسطينيين وقوات الاحتلال في مدينة الخليل بتاريخ 15/5/2011. وقد أصيب برضوض شديدة في الرجل، حيث تم تجبيرها وتوقفه عن العمل لمدة.

انخفاض عدد الانتهاكات في الأشهر الثلاث الماضية:
طرأ تحسّن على حرية الرأي والتعبير في الأشهر الثلاث الماضية ( نيسان، أيار، حزيران) في فلسطين، وتجسّد التحسّن في انخفاض عدد الانتهاكات قياساً بالأشهر الثلاث الأولى من العام، بالإضافة إلى عودة بعض وسائل الإعلام إلى العمل بعد توقيع اتفاق المصالحة في الرابع من أيار الماضي، كعودة تلفزيون فلسطين للبث من قطاع غزة، وتلفزيون الأقصى من رام الله.

ورغم ترحيب المركز بهذا التحسّن إلا أنه يعتبره غير كافٍ، حيث ان توقيع اتفاق المصالحة لم ينعكس بشكل واسع على الإعلام الفلسطيني الذي دفع ثمنا غاليا نتيجة الانقسام سواء بارتفاع عدد الانتهاكات أو بتعزيز الرقابة الذاتية مما أثر بشكل سلبي جداً على أداء مختلف وسائل الإعلام الفلسطينية. كما أن الأراضي الفلسطينية لم تشهد أحداثاً داخلية ساخنة خلال الأشهر القليلة الماضية، بالإضافة إلى أن نوعية الانتهاكات وطريقة التعامل مع الصحافيين لم تتغير كثيرا.

واكد المركز إن حرية الرأي والتعبير في الأرض الفلسطينية المحتلة ما زالت مقيّدة بالرغم من أنها مكفولة في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والقانون الأساس الفلسطيني. فقد واجه الصحفيون منذ بداية العام المتاعب والاعتداءات بسبب عملهم الصحفي سواءً من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يفوّت فرصة لقمع الصحفيين ومنعهم من توثيق الأحداث الجارية وانتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني، أو من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة والقطاع التي زادت الطين بِلة باعتداءاتها الكثيرة على الصحفيين، مع العلم أن الوضع في قطاع غزة كان أسوء بكثير من الضفة الغربية، خاصةً في شهر آذار.

وجدد إدانته لجميع الانتهاكات التي ترتكب بحق الصحفيين أياً كان نوعها أو مرتكبها، داعيا المجتمع الدولي لممارسة ضغط جدي على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لوقف اعتداءاتها بحق الصحفيين التي تحد من قدرتهم على القيام بأداء واجبهم المهني وتؤرقهم كثيرا.

وعلى الصعيد الفلسطيني الداخلي طالب المركز بتمكين الصحفيين ووسائل الإعلام العمل بحرية تامة، كما طالب الأجهزة الأمنية الفلسطينية بوقف اعتداءاتها على الصحفيين والكف عن استدعائهم والتحقيق معهم، حيث تم استدعاء 14 صحفيا منذ بداية العام للتحقيق، كما طالب الحكومة المقالة بكشف ملابسات جريمة مقتل الصحفي أريغوني.

كما اكد مركز مدى على ضرورة محاسبة مرتكبي الانتهاكات، حيث ان الإفلات من العدالة يشجع المعتدين وغيرهم على ارتكاب المزيد منها، كما يطالب بتعويض الصحفيين الذين أصيبوا نتيجة الاعتداءات عليهم.