إبداع المعلم يختتم مؤتمر الأيام التربوية التنويرية
نشر بتاريخ: 27/07/2011 ( آخر تحديث: 28/07/2011 الساعة: 00:49 )
رام الله - معا - اختتم مركز إبداع المعلم فعاليات مؤتمره السنوي الثاني، الأيام التربوية التنويرية "نحن نهتم: الجميع من أجل نهضة التعليم في فلسطين" والذي انعقد في مقر الهلال الأحمر الفلسطيني في رام الله يومي 25-26/ 7/ 2011. بحضور 250 مشاركاً ومشاركة من التربويين والخبراء والسياسيين والمعلمين والمعلمات وأعضاء مجالس أولياء الأمور وممثلي مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص في أحد أكبر الملتقيات التربوية في فلسطين.
وكان المؤتمر قد تناول موضوعي الشركات التربوية الفاعلة والاستثمار في رأس المال الاجتماعي الفلسطيني كمحورين أساسيين لجلسات الأيام التربوية. وعلى مدار يومين احتضن المؤتمر أربعاً وثلاثين مبادرة تربوية متميزة قدمها معلمون ومشرفون تربويون وممثلو مؤسسات مجتمع مدني ومؤسسات خاصة وأولياء أمور وطلبة.
تحت عنوان سبل تفعيل شراكات حقيقية من أجل إصلاح التعليم في فلسطين شهدت جلسات اليوم الأول للمؤتمر نقاشات جادة حول المسؤولية المشتركة عن التعليم والتي يتقاسمها المجتمع ككل بقطاعاته المحلية المدنية والخاصة والرسمية. وكان ثروت زيد مدير عام الإشراف والتأهيل التربوي في وزارة التربية والتعليم قد شدد في مداخلته على أن الوزارة تعي أن المجتمع شريك في تحمل المسؤولية عن التعليم، وأن مبادرتها لتشكيل مجالس التعليم المجتمعية تأتي ضمن هذا السياق. كما استعرض التصور الكامل للوزارة حول هذه المجالس ومسؤولياتها وآليات عملها بما يحقق شراكة فعالة بين جميع الأطراف المعنية في التعليم.
من جهته أكد الدكتور عبد الرحمن التميمي في مداخلته التي تناول فيها تصوراً لبناء الشراكة الفعلية بين جميع أطراف العملية التربوية، أكد على أن التعليم الفلسطيني يحتاج إلى شراكة مبنية على وعي من قبل الجميع بأهمية أن ينتج التعليم متعلمين متحررين فكرياً ومعرفياً. كما اوضح أن الشراكات الفعالة هذه من شأنها أن توجد بيئة تعلم محفزة وداعمة للمتعلمين.
وقد تعرض المشاركون في النقاش الذي دار في هذه الجلسة إلى قضايا جوهرية بمزيد من الإمعان. ونالت مبادرة تشكيل مجالس التعليم المجتمعي نصيباً كبيراً من النقاشات، إذ دعا المشاركون إلى إفساح المزيد من المساحات لعمل هذه المجالس المباشر مع المدارس وزيادة مستوى استقلاليتها. كما وضح المشاركون أن عملية التربية والتعليم هي عملية اجتماعية تسأل عنها كل الأطراف ولذلك لابد من شراكات على كافة المستويات في عمليات التخطيط ووضع السياسات وصنع القرارات وتفعيلها. إذا أن الشراكة لا تعني وفقاً للمشاركين مجرد تنفيذ مشاريع مشتركة وإنما تعني العمل الجمعي الذي يكفل السير في أفضل الطرق نحو الإصلاح والذي يجعل من الجميع شركاء في المسؤولية.
خصص اليوم الأول للمؤتمر لمناقشة موضوع الشراكات التربوية ولذلك تابعت جلساته بعرض مجموعة من المبادرات التربوية التي حدثت ضمن إطار شراكات. وتنوعت هذه الشراكات من شراكات بين المدرسة والقطاع الخاص مثل مبادرة مدرسة جنين الصناعية التي عملت على تفعيل أنموذج شراكة فعال بين التعليم المهني وسوق العمل، وتجربة شركة نيربا للإنتاج الجرافيكي التي تؤسس لشراكة من نوع آخر بين القطاع الخاص والمدرسة من خلال التدخل في تحسين نوعية التعليم بتصميم وسائط متعددة تعليمية تثري وتيسر عملية التعلم، أو شراكات بين المدرسة والمجتمع المحلي مثل تجربة مدرسة ذكور جعفر الثانوية ومجلس أولياء الأمور التي عملت على إيجاد مساحات لانخراط أكبر من قبل المجتمع المحلي في بيئة المدرسة وشؤونها الملحة، بالإضافة إلى شراكات بين المدرسة ومؤسسات المجتمع المدني مثل تجربة منتدى شارك الشبابي في الجمع بين أطفال المدارس وطلاب الجامعات من خلال برنامج جسور، وتجربة مؤسسة تامر في إشراك المجتمع المحلي في عملية إيجاد بيئة تعلم آمنة للأطفال، وغيرها من الأمثلة على الشراكات التربوية التي حققت نجاحات على المستويات التي طبقت بها، والتي ناقش المؤتمرون إمكانية تطويرها وتجربة تعميمها.
أما اليوم الثاني للمؤتمر فقد تناول موضوع تطوير الاستثمار في رأس المال الاجتماعي الفلسطيني سعياً إلى تحقيق الإصلاح التعليمي. وفي ظل شح الموارد التي يعاني منها المجتمع الفلسطيني فإن رأس المال الاجتماعي هو أحد أهم مصادر الثروة للفلسطينيين. وكان السيد فريد مرة قد تحدث في مداخلته عن أهمية استغلال الموارد البشرية المتوفرة لنا في عملية النهوض بالتعليم. وأشار إلى أن المعرفة والتربية والمدرسة والمجتمع هي عناصر متداخلة، والمدرسة لم تعد مصدر المعرفة الوحيد وهذا يؤثر في العلاقة بينها وبين المجتمع. وفي موضوع الاستثمار في الموارد البشرية قال السيد فريد مرة أن المعرفة لا تكون ذات نفع إذا لم يتم استخدامها. أما بموضوع علاقة المدرسة بالمجتمع .
وأشار إلى أن الواقع الحالي يبين عزوف أولياء الأمور عن التفاعل مع المدرسة الأمر الذي يعيق تطوير هذه العلاقة لتتماشى مع تنوع مصادر المعرفة الحالي. وكان هناك تأكيد على أن العلاقة بين المدرسة والمجتمع يجب أن تكون محكومة بأسس شراكة حقيقية في كل المراحل وهذا يستوجب تغيير نمط التفكير الذي يحدد رؤيتنا للأدوار.
وفي ذات السياق أكد الأستاذ حسن لدادوة أن رأس المال الاجتماعي هو أساس الشراكات والتعاون، والاهتمام به يأتي نتيجة لتلمس التربويين للمشكلات التي تفوق قدرة طرف واحد على حلها. وقد يكون هناك تأثير للثقافة السائدة التي تسهل وصول الجماعات إلى رأس المال المادي. والهدف من الاستثمار في رأس المال الاجتماعي هو تسهيل الوصول إلى الموارد مع تخفيض تكلفة الوصول للمعلومات. كما أن هذا المفهوم يعزز التضامن ويزيد من تمكين الأفراد وتطوير اتجاهاتهم وتقليل احتمالات هدر رأس المال المتوفر.
وكانت النقاشات حول موضوع الاستثمار في رأس المال الاجتماعي قد تناولت بعض القضايا مثل ضرورة مراعاة الخصوصية للوضع الفلسطيني في صنع السياسات بسبب الاحتلال والانقسام وكلها أمور تعمل على تكريس نزعة الإقصاء، والذي يؤدي بدوره إلى هدر رأس المال. كما تعرض المؤتمرون مرة أخرى لأهمية وجود هياكل وإجراءات تيسر شراكات مستدامة لتحقيق أفضل للاستثمار في رأس المال الاجتماعي. وأشار المتحاورون إلى وجود فجوة بين السياسات والتطبيق وخاصةً في مجال صنع القرار المشترك.
وشهدت جلسات اليوم الثاني كذلك مجموعة من المبادرات التربوية المتميزة التي عرضت ليس فقط كقصص نجاح بل كجزء من الدليل على وجود ما يكفي من الخبرات والمهارات والقدرات الفردية في المجتمع الفلسطيني للنهوض بالعملية التعليمية إذا ما تم الاستثمار برأس المال الاجتماعي بالشكل الأمثل. اثنان وعشرون مبادرة فردية قام بها تربويون معلمون ومشرفون وأولياء أمور وطلبة تم تقديمها ضمن 3 جلسات في المؤتمر تتناول قضايا تربوية تنوعت من أساليب تحسين التعليم داخل الصف إلى تحسين قدرات الطلبة الإبداعية والنشاطات اللا منهجية واستخدام الدراما والرسوم المتحركة في إثراء المنهاج وإدماج الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة و تفعيل المكتبة وتشجيع نظم حياة صحية للطلبة وزيادة الحس بالمسؤولية الاجتماعية لدى الطلاب والبرلمانات الطلابية وأساليب دمج التعليم الإلكتروني وغيرها من المبادرات التي عبرت عن مدى واسع من الخبرات والقدرات البشرية التي تتوفر للفلسطينيين من أجل النهوض بتعليمهم.
وكان رفعت الصباح مدير عام مركز إبداع المعلم قد أكد أن المبادرات الخلاقة التي عرضت على مدار جلسات المؤتمر تعتبر بارقة أمل لكل المهتمين بالتعليم في فلسطين، فهي تبشر بأننا نمتلك من العقول والطاقات والفكر ما يلزم من أجل النهضة بالتعليم. إلا أن هذه المبادرات لا تزال مغمورة ومخفية، ولا تعرف عنها الغالبية العظمى، وبالتالي فإنها لا تزال غير مؤثرة. ومن هذا المنطلق لابد من تعزيز ثقة الجميع بالشراكة من أجل تكامل هذه الجهود بحيث تستثمر لصالح النهوض بالتعليم. وقال الصباح أن ما نجم عن المؤتمر من نقاشات وجدل تربوي معمق إنما هو إعادة تأكيد على أن التعليم هو مسؤولية الجميع، وأن هذه المسؤولية تحتم على جميع الأطراف مباشرة العمل على تفعيل شراكات حقيقية من أجل النهوض بالتعليم ضمن أطر واضحة تراعي استغلال القدرات البشرية الهائلة المتوفرة للشعب الفلسطيني. ومن منطلق إيمان مركز إبداع المعلم بمسؤولية الجميع عن التعليم فقد ارتأى أن يعمل على إبراز هذه التجارب والمبادرات القيمة وعرضها على جمهور التربويين كنماذج يمكن النظر في تطويرها ورعايتها وتشجيعها وتعميمها.
وقد خرج المؤتمرون بتوصياتٍ عديدة تلامس جوهر الواقع التربوي الفلسطيني من أهمها:
ضرورة وضع التعليم في القدس ومناطق ج على سلم الأولويات نظراً للتهديد الواضح الذي يواجهه التعليم في هذه المناطق
ضرورة تعزيز القيم الفردية والاجتماعية في البيئة التعليمية وأساليب التعليم
التركيز على الجانب النوعي في التعليم
ضرورة فهم الأولويات الاقتصادية والاجتماعية وترجمتها إلى خطط عمل ذات جدوى وتطبيقها من قبل الوزارة والمنظمات غير الحكومية معاً
ضرورة لعب القطاع الخاص دور أكثر فعالية في دعم نظام التعليم وتحمل المسؤولية
مأسسة الشراكة في العملية التربوية
تحري وإقرار المبادرات التربوية الناجحة في المدارس الفلسطينية، ومن ثم توثيق هذه الأساليب وتجربتها وتطويرها وتطبيقها وتعميمها على مستوى الوطن
العمل على إعداد نماذج تربوية بديلة وخلاقة للتعامل مع الصعوبات التي تواجه قطاع التعليم في فلسطين، على أن تمتاز هذه النماذج بالكفاءة من حيث التكلفة وقدرتها على التعامل مع القيود المالية والمعيقات الناجمة عن البنية التحتية. حيث من الممكن أن يتم إعداد هذه النماذج من قبل المعلمين، مدراء المدارس، المنظمات غير الحكومية، الوزارة أو من خلال الشراكة بين العديد من أصحاب العلاقة.
ضرورة تخصيص قدر من الإنفاق على البحث العلمي وتنمية وتطوير هذا الجانب، بالإضافة إلى تشجيع القطاع الخاص على المساعدة في عملية التمويل، وتشجيع الجامعات ومعاهد الأبحاث على إعداد الكثير من الأبحاث التي تتناول الحلول للمشاكل التربوية.
دعوة كافة فئات المجتمع للانخراط والتفاعل مع مبادرة وزارة التربية والتعليم الداعية إلى تشكيل مجالس التعليم المجتمعية.