الثلاثاء: 01/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

اختتام مهرجان وادي الشعير للثقافة والسياحة والفنون بعروض مبهرة

نشر بتاريخ: 31/07/2011 ( آخر تحديث: 31/07/2011 الساعة: 13:42 )
طولكرم -معا- أجمع مسؤولون في منظمات أهلية وفعاليات وطنية واقتصادية واجتماعية ، على ضرورة تضافر الجهود والإمكانيات الرسمية، مع المبادرات الشعبية التطوعية لدعم وإسناد المهرجانات الثقافية والفنية التي تنظمها المؤسسات الأهلية في عدد من المحافظات، وباتت تشكل ظاهرة لافتة في الحياة الثقافية الفلسطينية وبخاصة في موسم الصيف.

وقال عدد من المهتمين والمشاركين على هامش اختتام مهرجان وادي الشعير للثقافة والسياحة والفنون أن المهرجان لم يكن فرصة للترفيه والاسترخاء فقط بل كان عاملا مهما لاستنهاض الحالة المعنوية وشحذ الهمم وتعزيز روح الانتماء الوطني، والاعتزاز بالهوية الوطنية الفلسطينية، كما كان النجاح ثمرة للتعاون والعمل التخصصي الدؤوب والمثابر، وسيادة روح التطوع والرغبة في خدمة الناس والوطن.

وأقيمت فعاليات المهرجان في بلدة عنبتا في محافظة طولكرم بعد ثلاثة ايام حافلة بألوان الثقافة والفنون وتوجها الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم، وشارك فيها نخبة من الشعراء الفلسطينيين الشباب والمخضرمين إلى جانب لوحات ساحرة للرقص الشعبي، وفرق الغناء التراثي، وعروض مسرحية وترفيهية للأطفال.

وجرى تنظيم المهرجان من قبل مركز واصل لتنمية الشباب ودعم من وزارة السياحة والاثار، وعدد من مؤسسات القطاع الخاص والفعاليات الاقتصادية، واستضافته ساحات مدرسة الشهيد عبد الرحيم محمود في بلدة عنبتا، ، وشكل المهرجان مركز استقطاب لعشرات آلاف المواطنين الذي تقاطروا من مختلف قرى وبلدات محافظة طولكرم ومحافظات شمال الضفة، وحتى من ضواحي القدس ورام الله، واجتذبت الفعاليات كذلك وفودا عربية وأجنبية صديقة كانت في زيارات لأغراض شتى لفلسطين، حيث شكل المهرجان فرصة أمام هذه الوفود التضامنية والرسمية والسياحية للتعرف على جوانب اخرى من حياة الشعب الفلسطيني خلافا للصورة النمطية المعهودة التي تطغى عليها مشاهد المعاناة والمواجهات الدامية مع الاحتلال.

وقال المهندس ياسر بركات رئيس بلدية عنبتا ان المهرجان الذي حضره خلال ايامه الثلاثة ما يربو على أربعين ألف مواطن وجه رسالة ثقافية وحضارية باسم شعبنا الفلسطيني كله، وهي أننا شعب متمسك بارضه ووطنه، محب للحياة، وقد خلقنا الله على هذه الأرض المقدسة لكي نعيش فيها بحرية وكرامة في ظل دولتنا الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس.

واضاف أن المهرجان جمع التراث الشعبي الفلسطيني الأصيل إلى الفن الحديث الجاد والرصين، وهو ما يفسر إقبال الشيوخ والشباب والأطفال، الرجال والنساء ، وفئات من مختلف الشرائح والطبقات على فقرات المهرجان المختلفة.

الحاجة مريم حسن (71 سنة) جاءت من قرية كفر اللبد المجاورة بصحبة ابنائها وأحفادها قالت أن فقرات الدبكة والتراث الشعبي الفلسطيني اعادتها إلى ايام الماضي الجميل، واعربت عن سعادتها لأن هذه الفقرات بالتحديد هي التي جذبت ابناءها واحفادها، واشارت إلى أن العروض التراثية تختلف قليلا عن تراث الأعراس والمناسبات الاجتماعية، لكنها تحمل رائحة البلد والماضي الجميل.

واشتمل مهرجان وادي الشعير للثقافة والسياحة والفنون على 15 فعالية تراثية وثقافية وفنية حيث حرص منظمو المهرجان على حضور مختلف مكونات الثقافة الشعبية الفلسطينية عبر فرق تراثية من حيفا والجليل، إلى مشاركين من القدس وبيت لحم ورام الله، فضلا عن الجمع بين فرق تراثية صميمة، إلى فرق ومجموعات حرصت على المزاوجة بين التراث الشعبي والحداثة سواء في الأشكال الفنية المبهرة التي قدمتها هذه الفرق، أو في المضامين التي جمعت بين المعاني التقليدية المالوفة كتمسك الفلاح بارضه، واعتزازه بنمط حياته، وصولا إلى تطلع الشعب الفلسطيني برمته، وفي اماكن وجوده كافة إلى الحرية والانعتاق من الاحتلال، واشكال الفن الإنساني الذي يتجاوز حدود المكان والزمان.

من الفرق التي تميزت على نحو لافت فرقة "فنونيات" من رام الله والتي قدمت لوحات فنية زاهية جمعت بشكل خلاق بين الروح الفلسطينية الأصيلة، عميقة الارتباط بهذا الوطن، وتوق الإنسان الفلسطيني المعاصر للحرية والانعتاق، كما شكلت فرقة واصل للتراث الشعبي مفاجأة سارة للمتابعين الذين بهرهم المستوى الفني الذي وصلته هذه الفرقة حديثة التشكيل، أما الفنان الشعبي محمد أبو هلال "أبو نسرين" صاحب الأهزوجة الشهيرة "يويا" فقد ولد من جديد بكامل عنفوانه مع آلاف الحناجر التي ظلت تردد أهازيجه في أكثر الوصلات تفاعلا بين الفنان والجمهور.

وقد حرصت وزيرة السياحة والآثار الدكتورة خلود دعيبس على افتتاح المهرجان بنفسها مع أنها المرة الأولى التي يقام فيها هذا المهرجان وقد ركزت في كلمتها الرسمية وأحاديثها الجانبية على الأهمية القصوى التي توليها الوزارة لهذه المهرجانات لما لها من تاثير كبير على مجمل جوانب حياتنا الوطنية والثقافية والفنية والاقتصادية والسياحية.

مهرجان وادي الشعير بدد أيضا المقولة الشائعة حول غربة الشعر الفلسطيني الحديث وعزلته عن الجمهور، بل أن أحد الشعراء المشاركين قال مداعبا المنظمين أن التسمية الأنسب للمهرجان كان ينبغي لها أن تكون " مهرجان وادي الشعر" في إقرار صريح بان للشعر جمهورا لا يستهان به، ليس في اوساط المثقفين والنخب فقط بل في أوساط الجمهور العريضن وهو ما يلقي على الشاعر مسؤوليات كبيرة بحسب ما قال الشاعر طارق عبد الكريم، وقد شارك في الفقرات الشعرية على امتداد ايام المهرجان الثلاثة الشاعر الكبير سميح القاسم الذي تحامل على مرضه، مصرا على زيارة عنبتا مسقط راس الشاعر الفلسطيني الشهيد عبد الرحيم محمود، أحد ابرز رموز الشعر العربي ورواده في القرن العشرين ومؤسس شعر المقاومة، والذي كانت روحه التي حملها على راحته حاضرة بقوة في المهرجان، استحضرها الشعراء والفنانون والراقصون ليستمدوا منها العزم ويشحذوا إرادتهم لصنع مستقبل فلسطين الحر .

كما شارك الشاعر الدكتور المتوكل طه الذي لم يخف انبهاره بالحفاوة الجماهيرية التي استقبل بها الجمهور الشعر، واصفا المنظمين بأنهم اقمار هذا الزمان، إلى جانب الشعراء أديب الشيخ رفيق وبشار الطميزي، وطارق الشيخ محمود. وفقرة مميزة للطفل الفلسطيني الظاهرة عصام البشيتي الذي الهب حماس الجمهور بإلقائه المميز الذي عزز مكانة الشعر لدى عموم المتلقين.

أما كلمة السر في نجاح المهرجان فيعزوها محمد سلامة رئيس اللجنة التحضيرية لمهرجان وادي الشعير إلى عدة اسباب أبرزها الروح التطوعية العالية التي عمل بها أكثر من مئة متطوعة ومتطوع من منتسبي وأصدقاء مركز واصل لتنمية الشباب ، وهو مؤسسة شبابية نشطة على المستوى الوطني وليس على مستوى المحافظة فقط، والاحتضان الذي قابل به سكان المنطقة وقياداتها ومؤسساتها فكرة المهرجان واعتبروها إنجازا يخصهم جميعا وليس شأنا للمنظمين فقط، علاوة على تعطش الجمهور بشكل عام لمثل هذه الفعاليات الثقافية المنوعة التي تجمع الفقرات الوطنية الجادة إلى الترفيهية وتوفر مناسبة لاجتماع أفراد العائلة والأصدقاء.

واضاف أن المهرجان شكل فرصة استثنائية لتعريف المغتربين وابنائهم على جوانب الفن والتراث الشعبي الفلسطيني التي قلما تتوفر في بلدان الشتات والمهجر.

ودعا سلامة إلى مزيد من التعاون بين الجهات الأهلية التي تبادر عادة إلى تنظيم مثل هذه المهرجانات والأطراف الحكومية الرسمية بما يساعد على مأسسة هذه التظاهرات الثقافية، وتحويلها إلى مكون ثابت وأصيل في الحياة الوطنية الفلسطينية، كما أكد ضرورة التكامل والتنسيق بين هذه المهرجانات لتلافي التكرار والمزاحمة، وفي المقابل تشجيع التنافس وإطلاق روح الإبداع لدى مختلف الهيئات والمؤسسات.

ونجح المهرجان في اجتذاب فئات اجتماعية مختلفة، وقد لوحظ بشكل جلي غلبة العنصر النسائي في أوساط الحضور، كما نجح منظمو المهرجان في استقطاب دعم عدد من رجال الأعمال المحليين والمؤسسات والشركات والقنوات التلفزيونية، فقد حرص رجل الأعمال زهير عورتاني على الحضور من الأردن لمتابعة فعاليات المهرجان، وأعرب عن امنيته في تمكين قطاعات أوسع من أبناء المنطقة والمغتربين بشكل خاص من حضور هذه الفعاليات والمشاركة بها. من جانبه واظب المقاول شاهر العموري على حضور فعاليات المهرجان كافة، وجند نفسه وعائلته واصدقاءه لإنجاح الفعالية التي احس كثير من ابناء النمنطقة وفعالياتها أنها تخصهم ولا تخص المنظمين والمشاركين فقط.