الثلاثاء: 01/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

سيادة اللواء.... عذرا

نشر بتاريخ: 01/08/2011 ( آخر تحديث: 01/08/2011 الساعة: 11:20 )
بقلم: سبأ جرار

في اللحظة التي غادرت فيها ملعب الشهيد فيصل الحسيني بعد لقاء الوطني وتايلاند الخميس الفائت، انتابني تناقض غريب من مشاعر الغضب والقهر وعدم الفهم، أو ربما عدم الجرأة على الاعتراف بالحقيقة، وهي اللحظة ذاتها التي تهافتت فيها أحلام كل من حضر إلى الملعب، أو جلس في غزة والخليل وعمان يترقب التأهل......، والذي لا يختلف اثنان أنه كان الرجاء الذي انتشر تحت كل سماء قبع تحتها فلسطيني ، بأن يمن الله علينا بنتيجة التأهل ، ....ولكن عندما تغادر الملعب وأنت لا ترغب أن تعترف بأن الموقف انتهى، وان الحلم تطايرت أشلاءً، وأن للحقيقة التي تواجهنا ـــ ما دمنا لا نجرأ على مواجهتها ــــ هي أن الإيمان بالنوايا والدوافع هو مزيج من التخطيط والإمكانيات والتراكمات الممزوجة بالرغبة والسعي نحو تحقيق الهدف ’ وحيث أنني قد لا امتلك أكثر من الخبرة البسيطة المتراكمة من متابعة أخبار ومباريات المنتخب الفدائي لتحليل ما جرى في لحظات لن تنسى من ذاكرة كل من هتف لفلسطين على المدرج ،وبصوت موحد تجاوز التعصب للتنظيم أو الشخوص أو الجغرافية، فلقد كانت كل ركلة من خضر يوسف ،وصدة دفاع للعمور ، وتصويبه من عليان ، كأنها هلال العيد الذي نصوم الشهر تضرعا لفرحته ،وأملا ببدره المتمثل بذلك الخجول المقاتل شبير، والذي يشعرك كل لحظة انك تعتز بفلسطينيتك والذي كانت دموعه تلامس ارض الملعب بعد كل لحظة إخفاق وخوف من الفرص الضائعة والهجمات الغير موفقة.

ولكن وبعد كل ما قد يقال، لا بد من المثول أمام الحقيقة .لقد رفعنا العلم وجعلنا العالم يقف خاشعا للسلام الوطني أينما عزف في كل بقاع المعمورة ، ولقد تحمل كل طفل في مخيم قسوة الحياة ،كما تحمل كل ابن لشهيد قسوة الحرمان بصمود تماما كالصمود الذي يتحمله المنتخب في صعوبة التدريب والتنقل والابتعاد عن الأهل والترقب لاستصدار التصاريح والفيز، بل انه تحمل منذ البدايات استبدال شراء الحلوى ليدفع اجرة المواصلات والتنقل بين رفح وغزة وبين دورا والخليل للتدريب، كل ذلك مررنا به، ولكن لم نتهيأ أن لحصد توقعات تأهل ساءت على صعيد الاولمبي أو المنتخب الأول للأسباب التي استقرئناها وعشناها مباشرة على ارض الملعب، حيث آن لنا أن ندرك أنه ليس بالحب وحده تنتصر الشعوب ،ولا بالتمني والجهود الفردية تصنع الأهداف، فلقد آن الأوان أن نضع أقدامنا على الأرض، وان نصيغ أفكار الأحلام، ونضع الخطط ، ونشرك من يستشعر المسؤولية، ويتقن القتال لتحقيق الغايات , ولا يكفي أن نمتلك النجوم ،وكل المنتخب الوطني نجوم بلا مجاملة ،أو نمتلك الإيمان بأهمية الفوز والنصر، ولكن علينا أن ندرك أهمية استيعاب قدراتنا وسبل تطويرها وتوحيد توجهاتنا ،ووضع الخطط بروح فلسطينية غيورة على الحلم ،وإذابة مفهوم " الأنا "لكل من ينتمي للطاقم القائم على تطوير الرياضة ، حتى لا تبقى الجهود الجبارة التي تبذل في أعلى الهرم تصطدم وتتراجع أمام التهاون في تقدير المواقف وإضاعة الفرص من قلة اثبت التاريخ أنهم قادرون على التأثير،.. نريد أن نتوحد بهدف واحد جغرافية واحدة وأجندات واحدة، تجتمع في كلمة واحدة هي فلسطين .

وآن لنا أن نتسارع نحو إحداث التغيير، والذي أصبح ملحا في الأشخاص الذين لا يرغبون بالتخلص من ثقافتهم ورؤيتهم للمصالح ، فليس من الحكمة انتظار المعجزات ,لان الله وحده القادر على تغيير ما في أنفسهم، ولا شك انك يا سيادة اللواء قادر على تغيير من لم يدرك للان انه هنا ليعطي لا ليأخذ، وليبذل الجهد لتحقيق أحلام أطفالنا الذين مازالت ترددات حناجرهم تهتف فلسطين في ارجاء الملعب .

ومع تقديري واحترامي لكل ما بذله البزاز، فلن استوعب ولن أحاول حتى أن افهم سبب انشغاله في جدل قاتل مع حكم الخط ،ليس وقت الاستراحة ،بل أثناء المباراة، وما لن اغفره إخراج العمور رغم إرهاقه وتعبه الا انه كان بمثابة حائط من الدعم والصمود في جزء كان الأخطر من حيث الوقت والمباراة .

سيادة اللواء آن الأوان أن تبادر لإحداث تغيير جدري في الشخوص الذين لا تنقصك الحكمة وبعد الرؤيا بادراك أن هذا أقصى ما يرغبون بتقديمه ،وأنا لا احصر ذلك فقط بما يتعلق بالمنتخب الأول وكرة القدم، بل بكل من تطاله مسؤولياتك كرئيس للجنة الاولمبية الفلسطينية ’ حيث أحدثت المساعي والجهود الجبارة التي تبذلها و المخلصون لهذا المجال أن أصبح العالم يترجى ويتوقع الأفضل منا دائما ،وهذا ما ورد في الأمس على لسان وزير الخارجية البريطاني السيد وليام هيج،. حينما مر على اسم عداء بكين البطل نادر المصري، وكأنه يستنير بفارس شجاع يمتطي حصانه ويعيد للقيصر مجده لحظات انطلاق الألعاب الاولمبية قبل التاريخ، وجاء نادر وحمزة عبده وزكية نصار ليخطوا بأحرف من الذهب والصمود مشاركتهم في بكين رغم كل الصعاب في ذلك الجزء من الزمن، لا لشيء سوى لإيمانهم بفلسطين.

والآن عاد نادر مودعا في كل صباح بنات الورد من أطفاله ليعانق شمس غزة ،وغضبها الصامت ،ويستعيد قدراته ولياقته سيدي، فلم يبقى من الحلم سوى 365 يوم يفصلنا عن لندن ويصلنا بالإصرار على إحداث الأعظم لبلدنا .