ورشة:الحكم الصالح المدخل الأساسي لمكافحة الفساد وحماية حقوق الإنسان
نشر بتاريخ: 04/08/2011 ( آخر تحديث: 04/08/2011 الساعة: 13:59 )
طولكرم-معا- عقد مركز حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" لقاء موسعاً مع ممثلي مؤسسات المجتمع المدني والمواطنين في بلدة علار بمحافظة طولكرم وذلك ضمن أنشطة مشروع المثل الشعبي ودوره في مكافحة الفساد والممول من الائتلاف من اجل النزاهة والمساءلة (أمان).
وقد افتتحت اللقاء مديرة المشروع المحامية حنان الحصيني الذي أكدت على تكامل المنظومة الثقافية والقوانين في مكافحة الفساد، وقالت أن تلك اللقاءات تهدف إلى العمل مع مؤسسات المجتمع المدني والمواطنين للوقوف على التحديات والمعيقات التي تحول دون مكافحة الفساد،وإلى توعيتهم بالأمثال الفلسطينية سواء التي تكافح أو تحض على ممارسة الفساد بكل أشكاله.
من جانبه قال المدرب بشار الديك إن الفساد هو إساءة استخدام السلطة، من أجل تحقيق منافع شخصية لمصلحة شخص أو جماعة، والفساد يمارس باتجاهين يشتمل على القطاعين العام والخاص، ويشيع في ظل الحكم السيئ، وحيثما تكون الأجهزة الرقابية مهمشة، في ظل ذلك فإن الفساد يقف عائقاً أمام عجلة التنمية، ويحول دون جذب الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد، والأكثر من ذلك يؤدي إلى تعميق الفجوة بين الأغنياء والفقراء وتهميشهم، ويحجب عن الدولة المساعدات والمعونات الدولية. فالفساد نقيض العدالة لأنه ظلم مُقنع، واستغلال مُقنع، وتعطيل مقنع ، بل تعطيل مكشوف للمؤسسات والقوانين والأنظمة التي كثيراً ما يتم إخضاعها لمصلحة الفاسدين إما بالترغيب أو بالترهيب، ودائماً عبر سلطة تتحكم بها أموال هؤلاء الفاسدين من أجل استخدامها كأداة لاستشراء الفساد وحمايته وصولاً إلى "مأسسته" وتطبيع العيش معه، وتكييف نظام القيم في المجتمع لكي يتحول الفساد إلى "فضيلة" يلخّصها المثل الشعبي الشائع: "الشاطر ما بيموت"، والشطارة هنا هي فن من فنون الفهلوية التي يمارسها الفاسدون.
وقال أن المفارقة أن تصبح كلمة (فساد) من كثرة تكرارها مفردة عادية وباردة ولا تثير الاستغراب، بينما كانت هذه المفردة حتى عقود قليلة خلت (تصدم) حين تستخدم بمدلولاتها الأخلاقية والتربوية والاجتماعية إذا ما استثنينا بالطبع المفهوم الفلسفي لهذه الكلمة والتي لها مدلول أخر يختلف تماما عن الاستخدام الشائع.وإن مكافحة الفساد الذي يعد سلوكاً غير مقبول اجتماعياً ويتنافى مع قيم ومعايير وثقافات ذلك المجتمع من خلال تفعيل قانون العقوبات بحق المفسدين أو الذين يمارسون الفساد بجميع أشكاله وفرض الرقابة على المسؤولين في مؤسسات الدولة فضلا عن التوعية الإعلامية للمواطن بحقوقه وواجباته والتأكيد على أسس التربية الحديثة مع محاولة بناء برامج لتعديل السلوك الفاسد.وترسيخ قيم وثقافة النزاهة التي تشيد بالجوانب الأخلاقية والقيم المرتبطة بقيام الفرد بأداء مهامه مثل الأمانة والصدق والإخلاص والحفاظ على المال العام ولتحقيق هذه الأهداف يتطلب معرفة النظام الثقافي السائد والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وذلك أن تغييرات تحصل في هذا المجال ينتح عنها تغيرات في السلوك.
وقال أن الفساد يشكل عقبة كأداء في طريق إنجاز المهام التي ينشدها المجتمع، كون الرشوة والمحسوبية والواسطة واستغلال النفوذ وهدر المال العام، تضيف أعباءً جديدة على كاهل المواطنين، وتتسبب في سوء توزيع الدخل القومي توزيعاً عادلاً بين أبناء المجتمع، والأكثر من ذلك عندما تتسع دائرة الفساد ويرتفع الطلب على الرشوة من المسؤولين الفاسدين، تتأثر سلباً على التنمية الاقتصادية برمتها، فتتراجع معدلات النمو وكفاية الإنتاج، كون الفساد، يشكل قيداً على حرية المنافسة، فيعمد إلى تقييدها، الأمر الذي يؤدي إلى تردي المستوى المعيشي للفقراء، وعندها تتسع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وتتعمق ظاهرة الاستقطاب الاجتماعي وتتراجع الخدمات العامة (كالصحة والتربية والتعليم)، نتيجة إدارتها من قبل مدراء فاسدين، ينهبون القسم الأكبر من الأموال المخصصة للإنفاق العام.
وقال أن البيئة الفاسدة تنطوي على أثارٍ سيكولوجية مدمرة للمجتمع، إذ يضعف الشعور بالمواطنة وتهتز ثقة الناس بالدولة ومؤسساتها، وإذا ما استمرت مشكلة الفساد طويلاً ربما تتسبب في انهيار الحكم الجيد، كونه يُمثل انتهاكاً صارخاً للحقوق والواجبات، فيؤدي إلى تآكل الرأسمال الاجتماعي، ويضعف من الدور الذي تلعبه القوانين والأنظمة النافذة في حياة البلاد، ناهيك عن انتهاك الشرعة السياسية، وعندها يصل المواطن إلى قناعة لا جدوى من محاربة الفساد سوى القبول به والتعايش معه، فتشهد البلاد نزوحاً غير مسبوق من الكفاءات والمؤهلات إلى الخارج.
وقال أن المشاكل التي يطرحها الفساد تهدد استقرار المجتمع وأمنه، وتقوض قيم الأخلاق، وتعرض التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للخطر. ويبرز القلق من الصلات القائمة بين الفساد وسائر أشكال الجريمة، وخاصة الجريمة المنظمة والجريمة الاقتصادية، بما فيها غسل الأموال.
وقال أن ترسيخ قيم وثقافة النزاهة وإعادة بناء الشخصية الفرد ترتبط بإشاعة القيم التربوية والدينية والأخلاقية وهي جزء من منظومة أخلاقية متكاملة ومترابطة، حيث أن إعادة بناء الشخصية أو على وجه الدقة إعادتها إلى قيمها الأصيلة التي نشأت عليها ثم انحرفت عنها بسبب الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني.
وقال أن الشخصية الفلسطينية في حقيقتها شخصية سوية محبة في طبيعتها للخير وهذه الصفات الايجابية مستمدة من روح الحضارة الفلسطينية القديمة ومن قيم الشرائع السماوية وفي مقدمتها القيم الحضارية، لذلك فان ترسيخ قيم وثقافة النزاهة في مثل هذه الشخصية قد لا يجد عقبات كبيرة في ظروف الاستقرار والعدالة وتكافؤ الفرص والرفاهية الاقتصادية وسيادة القانون.
وفي معرض رده على تشخيص ظاهرة الفساد وأسبابها وعواقبها. حيث يقف وراء تفشي ظاهرة الفساد مجموعة من الأسباب وفي مقدمتها ضعف مؤسسات المجتمع المدني.و تهميش دور المؤسسات الرقابية، وقد تكون تعاني من الفساد هي نفسها.وتهميش السلطتين التشريعية والقضائية.توفر البيئة التاريخية والاجتماعية والسياسية التي تنتج الفساد.
وشدد المشاركون على ضرورة ترسيخ قيم وثقافة النزاهة من خلال إشاعة الثوابت الأخلاقية والإخلاص وهذه القيم ليست طارئة على الشخصية الفلسطينية، كما ويمكن أن تكون الأسرة هي النواة الأولى مروراً بالمدرسة والجامعة والحياة العملية مكانا للتنشئة الاجتماعية فضلا عن دراسة ظاهرة الفساد بجميع أنواعها المالي والإداري والفكري من خلال الكثير من البحوث والدراسات والندوات وتشجيع أقسام الدراسات العليا بالبحث واستخدام المنهجيات العلمية للكشف عن خفايا الشخصية وبالذات علم النفس السياسي الذي يؤثر بمجالات واسعة في الاختبارات لكشف العيوب النفسية وبضرورة وضع إستراتيجيات علمية ومعرفية لتغيير اتجاهات المجتمع من المظاهر السلبية إلى المنظومات الايجابية بطرق وأساليب علمية تستخدم تقنيات سيكولوجية الدعاية.
وفي نهاية اللقاء أوصى المشاركون بضرورة تنظيم حملات توعية للرأي العام لدعم مكافحة الفساد ونشر التقارير الحكومية في الوسائل الإعلامية بشكل دوري لفضح أشكال الفساد وممارساته والتحقيقات والتدابير القانونية المتخذة ضد المخالفين وضرورة ترسيخ قيم النزاهة من خلال إصلاح الأطر المؤسساتية والقانونية للدولة وضرورة المشاركة المجتمعية التي تشمل مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص ووسائل الإعلام والمؤسسات الدينية ،وضرورة تطوير القيم الفردية والشخصية.