الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

أميركا تترك مكانها للصين

نشر بتاريخ: 06/08/2011 ( آخر تحديث: 07/08/2011 الساعة: 22:19 )
بيت لحم-معا- اعتبر الكاتب الصحفي وليام ريس موغ أن العالم شهد تغييرا سريعا في مقاليد السيطرة بين القوى الدولية منذ تخلي بريطانيا عن قيادة العالم في ثلاثينيات القرن الماضي.

وقال موغ في مقال بصحيفة تايمز إن العالم شهد بعد ذلك تغييرات سريعة، ففي عام 1931 خرج الاقتصاد الأميركي منهكا بسبب الكساد الكبير، واضطرت بريطانيا لتعويم الجنيه، وفي عام 1933 وصل هتلر إلى السلطة في ألمانيا، وحينها كانت بريطانيا لا تزال أكبر قوة في أوروبا لكن هتلر أراد منافستها للسيطرة على أوروبا.

وأوضح الكاتب أن الحرب العالمية الثانية غيرت موازين القوى بشكل كامل، حيث تركت بريطانيا دور شرطي العالم للولايات المتحدة، وكانت هي القوة الاقتصادية الأبرز وعن طريق هوليوود مارست سيطرتها الثقافية، وبتفوقها التكنولوجي وقوتها العسكرية كانت سدا حمى أوروبا من اجتياح سوفياتي محتمل، وجسدت هذه الزعامة جهود ثلاثة رؤساء هم روزفلت وترومان وآيزنهاور.

وقال موغ إن أول زياراته لأميركا كانت عام 1951، وحضر عدة نقاشات ويذكر أن النقاش دار في أحدها حول الجانب التاريخي للسيطرة الأميركية وأنها لن تدوم إلى الأبد، وأوضح أن الأميركيين غضبوا من كلامه واعتبروه غير واقعي خاصة وأنه كان يومها في الثالثة والعشرين من العمر فقط.

وأكد الكاتب صحة رأيه قائلا إن الواقع أثبت أن أميركا لم تعد تلك القوة المسيطرة، رغم أنها ما زالت تملك أكبر قوة عسكرية ويمكنها الدخول في حرب عالمية لكنها لا تستطيع خوض الحروب الصغيرة، كما أنها تفتقد إلى القوة اللازمة لكسبها بدون قتال.

وأوضح أن السيطرة الأميركية كانت قصيرة بشكل مفاجئ، فقد بدأت بشكل فعلي عام 1941 بعد هجوم بيرل هاربر، لكن سيطرتها الاقتصادية من المتوقع أن تنتهي 2020 وهو تاريخ مرجح أن تصبح فيه الصين أكبر اقتصاد عالمي.

وقال الكاتب إن الإمبراطوريات الحديثة تبدو أنها صاحبة أعمار قصيرة، فالرايخ الثالث الذي أراد له هتلر ألف عام لم يعش سوى 12 عاما فقط، والإمبراطوريتان البريطانية والفرنسية اللتان قال نوستراداموس إنهما ستدومان ثلاثمائة عام، دامتا 225 عاما من الثورة السلمية عام 1688 إلى 1913 وهو آخر عام سلام بأوروبا قبل الحرب العالمية الأولى، أما الإمبراطورية الأميركية فلم تدم سوى 79 عاما.

وأضاف أن الصين هي القوة الصاعدة بفضل عدد سكانها الضخم واحتياطيها النقدي الكبير، وبينما يخاف البعض من هذا الصعود قال إنه متفائل به نظرا للعلاقة التجارية بين القوتين الكبيرتين التي تظهر فرقا شاسعا بين الفائض الصيني والعجز الأميركي، ويمكن أن نلاحظ ارتباط الاقتصادين.

وأوضح الكاتب أن صعود الاقتصاد الصيني كان مبنيا على الصادرات، كما أن الرفاهية الأميركية ارتكزت على نمو الدين تجاه الصين، وكلا البلدين اتبعا معادلة مالية واحدة، وحتى لو أرادا التخلي عنها الآن فالأمر مستحيل من الناحية الافتراضية، فأميركا والصين مقيدتان بمصالحهما المشتركة في التجارة والنمو الاقتصادي. "

واستنتج أن هذا الوضع سيكون مفيدا للسلم الدولي، فعلى عكس ما كان عليه الأمر بين بريطانيا وفرنسا من حروب بسبب النزاع على الأراضي، فإن الحرب لن تحدث بين القوتين الكبيرتين لعدم وجود حدود بينهما، كما لا يوجد صراع أيديولوجي بين الطرفين كالذي كان بين واشنطن وموسكو بسبب العقيدة الماركسية اللينينية التي كانت خطرا على أميركا.

وعاد الكاتب إلى الماضي فقال إنه لا يوجد في تاريخ الصين ما يدعو إلى القلق، فحتى الماركسية التي اعتمدها ماو تسي تونغ تم توجيهها بالعقيدة الكونفوشيوسية المحافظة.

وفي ختام مقاله استنتج موغ أن العالم يشهد وضعا مغايرا لما كان عليه عام 1931 عندما سطع نجم أميركا وخفت نجم بريطانيا، أما اليوم فأميركا تتراجع لتترك مكانها للصين، وهي فرصة متاحة للقوى الغربية أكثر من كونها تهديدا