الجمعة: 27/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

صحيفة بريطانية تتحدث عن ورطة الأسد بين رحيله والعقوبات الغربية

نشر بتاريخ: 19/08/2011 ( آخر تحديث: 19/08/2011 الساعة: 15:07 )
بيت لحم-معا- كتبت صحيفة الغارديان البريطانية في افتتاحيتها حول ما يجري في سوريا وقالت ان الرئيس بشار الأسد في ورطة، وأن الأمل وراء دعوات الغرب المنادية برحيله هو أن بعض الذين في النظام الحاكم سيدركون أن رحيله هو السبيل الوحيد للمضي قدما.

وقالت الصحيفة إن الأسد استنفد بالأمس نهائيا كل ما تبقى له من شرعية دولية كانت لديه حتى الآن بالدول الغربية بعد إعلان الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين البارزين أنه يجب أن يتنحي، وتفكير الأمم المتحدة في احتمال إحالة سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية. وقد كان الموقف السابق بالعواصم الغربية هو أن الأسد يجب أن يقدم إصلاحات أو يستقيل. والتوجه الجديد الآن هو أنه صار ملطخا وضعيفا أكثر من اللازم ليكون طرفا في أي حل بسوريا، وهي الصيغة التي تترك الباب مفتوحا أمام احتمال أن شخصيات أخرى بالنظام أو حزب البعث أو القوات المسلحة، قد تكون مقبولة كوكلاء لفترة انتقالية بمجرد رحيله.

وأشارت إلى أنه كان من شبه المؤكد أن السياسة المتبعة كانت تهدف إلى تشجيع مثل هذه النتيجة، خاصة إذا كان قد أعقبها تصريحات مشابهة من دول الجوار لسوريا كما كانت ترجو الولايات المتحدة.

ومن الصعب تصور وجود حكومة للأسد، أياً كان ما قد تقدمه الآن في شكل إصلاحات، تحصل من أغلبية الشعب على أي شيء أكثر من التجهم والإذعان، في أحسن الأحوال. فالإصلاح يتطلب شراكة من نوع ما بين النظام والمعارضة. ومع ما لا يقل عن ألفي قتيل منذ بدء الاحتجاجات في مارس/ آذار وسجن الآلاف فقد أريق الكثير من الدم، ولم يعد هناك أي مجال لتحقيق هذا الإصلاح. لقد كان موقف الأسد جليا منذ البداية. فقد كان خطاب الإصلاح الأول الذي ألقاه أمام البرلمان يفتقر لمضمون حقيقي، ولم يصلح هذا الإغفال أبدا

والقمع أولا ثم بعد ذلك الإصلاح من أعلى لأسفل، لم يكن أبدا مسألة قابلة للتطبيق، وقد أصبحت عقبة كأداء أكثر فأكثر. وهذا الرأي لم يكن قاصرا على الدول الغربية فقط، فقد سحبت عدة دول عربية سفراءها في حين أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، الذي حاول جاهدا أن يكون وسيطا لتسوية في سوريا، قارن هذا الأسبوع الأسد بالقذافي. إن أهم ما يخشاه جيران سوريا هو انهيار نظام الحكم، لكن المواجهة الكئيبة التي يسيطر فيها النظام شبه كلي على أساس استعداده لاستخدام القوة، تلك المواجهة التي بأي حال من شأنها أن تهدد دائما بأن تتحول لفوضى وحرب أهلية، قد تكون أفضل من الناحية الهامشية.

وقد يبدو الموقف الأميركي والأوروبي الجديد قويا، لكن المجتمع الدولي في واقع الأمر لديه أدوات قليلة وثمينة تحت تصرفه يؤثر بها على الوضع بسوريا. فليس هناك إمكانية لتدخل عسكري، وسوريا في مأمن نسبيا من العقوبات الاقتصادية، رغم أن أوروبا بعلاقاتها التجارية الأقوى، من المفترض الآن أن تمارس نفوذا أكثر. والأمل المرجو أن يكون لدى بعض العناصر بالنظام الحس السليم لإدراك أن الطريقة الوحيدة للخروج من هذه الورطة والفرصة الوحيدة لبداية جديدة لائقة هي التخلص من هذا الزعيم المعروف بتلك السياسات التي قد تكون حققت سيطرة مادية لحظية لكنها نفرت بطريقة مبرمة قطاعات كبيرة من السكان.

وبسياق آخر، قالت غارديان إن الدول الغربية في حيرة من أمرها بشأن كيفية الضغط على الأسد لإنهاء القمع الوحشي للمتظاهرين. فهم لا يعرفون ما إذا كانوا سيعاقبون قطاع النفط والغاز أم لا. وهم غالبا ما يسألون أولا ما إذا كانت العقوبات ستصير وبالا على المدنيين، وثانيا هل ستنفع فعلا. وأضافت أن هذه الأسئلة لها صلة لكنها توضح الفهم القاصر للعقوبات كأداة سياسة خارجية.

وأشارت الصحيفة إلى أن عائدات النفط السورية أصبحت أساسية لبقاء النظام بعد أن جفف القمع الحكومي عائدات السياحة.

لكنها شككت في نجاح عقوبة غربية على الغاز والنفط تؤثر في نظام الأسد. وعلقت ذلك على عدة ظروف قد تكون وراء متناول الدول الغربية. فالصين والهند بحاجة للطاقة ومن المحتمل أن يزيدا نصيبهما من النفط السوري. ومن المحتمل أيضا أن تستحوذ شركات النفط المحلية لهذه الدول على عمليات الشركات الغربية في سوريا.

وهذا هو ما تقوم به بالفعل شركتان تابعتان لهاتين الدولتين من إدارة عمليات التنقيب والتطوير في سوريا.

وحتى إذا نجح الضغط الدولي والمحلي في تقليص علاقات الطاقة الصينية والهندية وحتى الروسية مع سوريا فإن نظام الأسد ما زال مؤمنا باحتياطيات هائلة تقدر بـ18 مليار دولار موجودة في بنك سوريا المركزي وبنك سوريا التجاري. وهذا النوع من المال سيجعل النظام يكتفي ذاتيا لفترة، لكنه لن يدير البلد مدة طويلة. ومع محدودية الرصيد المصرفي المحلي واستحالة الاقتراض الدولي ليس أمام سوريا خيار سوى اللجوء إلى الأصدقاء العامرة جيوبهم.

وإيران هي البلد الوحيد المستعد والراغب في التطوع لتقديم المساعدة. وهي تدرس حاليا صفقة بقيمة 5.8 مليارات دولار في شكل معونة مالية لسوريا بل وشحنات نفط.

وختمت الصحيفة بأن هذا بلا شك سيعيد تأكيد المحور السوري الإيراني، لكنه سيكون على حساب تكلفة ضخمة لدمشق ألا وهي عزلة تامة بالعالم العربي.