الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مركز حقوقي يحث على ضرورة العمل لتفعيل الأديان داخل المجتمع الفلسطيني

نشر بتاريخ: 18/10/2006 ( آخر تحديث: 18/10/2006 الساعة: 19:09 )
رام الله- معا- عقد مركز حقوق الإنسان والمشاركة الديمقراطية "شمس" ورشة عمل حول الدين والدولة في نابلس في الضفة الغربية حضرها عدد من طلبة الجامعات والضيوف.

وقد تحدث في بداية الورشة عبد الله محمود من مركز شمس مرحبا بالحضور ومتحدثا عن المشروع وأهدافه قائلا" عبد الله في معرض مداخلته أنه في القرن العشرين، وقعت أشد حالات الخصام بين الكنيسة والدولة في أوروبا الغربية ،وعلى الرغم من ذلك لا نجد من بلد ديمقراطي في أوروبا الغربية يشكو حالياً من انفصال حاد بين الكنيسة والدولة. وقد توصلت هذه الدول، بعد تفاوض ديمقراطي، إلى نمط من الحرية الدينية تمنع تدخل الدولة في شؤون الكنيسة. وجميع هذه البلدان لا تسمح فقط للجماعات الدينية بحرية العبادة الخاصة بل أيضاً بتكوين جماعات في المجتمع المدني والمجتمع السياسي".

من حهته قدم الدكتور رائد نعيرات رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية ورقة عمل حول الدين والدولة وقال في مداخلته إن من ضمن الإشكالات السياسية في الدول الحديثة هي علاقة الدين بالدولة، والنزاع الحاصل بين السلفيين والعلمانيين حولها، والربط عند السلفيين، والفصل عند العلمانيين.

وهو نفس الإشكال المطروح على كل الدساتير العربية. وهو التحدى الذي تواجه به دول المشرق النظم الغربية والنظام العالمي الجديد وجدول أعماله الخاص بالتحول الديمقراطي وحقوق الإنسان والأقليات.

وقال" أن فرص فرض النموذج الغربي كما هو القائم على الفصل بين الدين والدولة تحت شعار الدين لله والوطن للجميع أمر مبالغ به،منتقداً في ذات الوقت دعوات البعض لنقل النموذج الغربي وتطبيقه على الواقع دون النظر إلى خصوصية المجتمع،مبيناً الصلة بين الكنيسة والدولة أو بين السلطة الدينية والسلطة السياسية في الغرب،حيث أن الغرب جرب التوحيد بينهما فحدثت المذابح باسم الدين مرة وباسم الدولة مرة أخرى. فآثر الاختيار الثاني، وهو الفصل بينهما وإن استحال ذلك من الناحية العملية، في ممارسات الكنيسة والدولة على حد سواء، بالتعاون مرة وبالتعارض مرة أخرى. وتم إسقاط هذا التاريخ الأوروبي الخاص على باقي الثقافات والتجارب الحضارية".

وقال "إن الدرس المستفاد من تجربة أوروبا الغربية لا يكمن في ضرورة إقامة "جدار فاصل" بين الكنيسة والدولة بل في الوجود السياسي المستمر للتسامح المتبادل. ومن وجهة نظر الممارسة الديمقراطية التجريبية، أن العلمانية والانفصال بين الكنيسة والدولة لا يرتبطان ارتباطاً وثيقاً وأصيلاً بالديمقراطية، بل يمكن بالفعل ربطهما ربطاً وثيقاً بالأشكال غير الديمقراطية التي تنتهك التسامح المتبادل بشكل منتظم".

وانتقد الدكتور نعيرات بعض الأنظمة التي تدعي العلمانية من حيث القول وليس الفعل،وقال أن من شأن ذلك أن يدخل مجتمعات تلك الدول في صراعات هي في غنى عنها،وقال أن الأخطر من ذلك هو وقوع الدولة في الممارسات الحالية في المعيار المزدوج، الجمع بين الدين والدولة في ممارستها الخاصة دفاعا عن سلطتها، والدعوة إلى الفصل بينهما عندما تتوجه إلى المعارضة السياسية. فتقيس بمقياسين، وتكيل بمكيالين.

وأضح المشاركون أن هناك حضور لافت للدين في أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة. فيؤذن على الصلاة خمس مرات يوميا بالإضافة إلى قداس يوم الأحد ، والاحتفال بالمناسبات الدينية، العيدين، وصلاة الجمعة، والمولد النبوي، ورأس السنة الهجرية، وليلة القدر. وتعرض الأفلام الدينية ، وتصاغ البرامج الدينية. ويوضع الدين في برامج الأحزاب، حكومة ومعارضة. وتتولى الدولة شئون بناء المساجد، وتعيين الخطباء، وتحديد موضوعات خطب الجمعة. وتفرز الدولة بين الحين والآخر دعاتها ووعاظها.بل وفي كل الدولة وزارة للأوقاف وللشئون الدينية.

ورأى المشاركون أنه وبالرغم من الاختلاف في الثقافة والتاريخ بين الغرب والشرق،إلا انه يمكن البناء على التجربة الغربية في التأسيس للدول الحديثة،ولا يعني ذلك استنساخ التجربة بشموليتها بقدر ما يمكن الاستفادة من هذا النموذج الذي أثبت مقدرته على البقاء بفعل رسوخ التقاليد الديمقراطية،لا سيما تداول السلطة واحترام الحريات الأساسية،وسيادة القانون، والمواطنة بشقيها الحقوق والواجبات.

وفي نهاية اللقاء أوصى المشاركون بضرورة العمل على تفعيل الأديان داخل المجتمع الفلسطيني من أجل الحد من ظاهرة العنف ما بين الأديان.وعقد لقاءات حوارية من خلال الفيديو كتفرنس بين الشباب الفلسطيني والشباب الغربي،وتنظيم زيارات تبادلية شبابية فلسطينية إلى مؤسسات شبابية غربية.وإلى توعية وتثقيف الشباب الفلسطيني بمفاهيم وتفاسير الدين التي تدعو إلى التسامح واحترام الآخر. وإلى تقديم نموذج إسلامي وسطي معتدل متسامح.والدعوة إلى ضرورة إجراء الأبحاث والدراسات الأكاديمية للحصول على الحقائق عن الآخر وفهمه،وأيضاً تقديم صورة أفضل عن العرب والمسلمين.