الثلاثاء: 24/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

سوسن: والدي لِمَ قتلتني وحرمتني رمضان وفرحة العيد ؟!

نشر بتاريخ: 25/08/2011 ( آخر تحديث: 25/08/2011 الساعة: 16:36 )
غزة- معا- إسماعيل شكشك- ما زالت الصدمة تخيم على أهالي قطاع غزة بعد الجريمة البشعة التي ارتكبت فجر أمس الأربعاء في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، عندما أقدم مواطن على قتل ابنته بإطلاق الرصاص على رأسها من نقطة الصفر، ليصبح التساؤل الأبرز في القطاع لماذا قتلت "سوسن"؟!.

تفاصيل الجريمة:

في الدقائق الأولى من فجر يوم أمس الأربعاء، وفي عزبة "ملين" بمخيم جباليا شمال قطاع غزة، بعد يوم عمل منهك وشاق في المنزل أنهت سوسن أحمد محسن (25) عاماً جميع أعمال البيت واعدت الشاي لأفراد عائلتها وجلست لترتاح قليلا، فما كان من والدها إلا أن بدأ بتوبيخها بتهمة التقصير في أعمال المنزل، ولم يكتف بذلك بل قام بنقلها إلى إحدى غرف المنزل وأغلق الباب حتى يمنع أي محاولة من قبل والدتها وإخوانها للدفاع عنها، وبدأ بضربها بشكل عنيف جداً مستخدما العديد من الآلات الحادة بدءا من "الكريك" وصولا إلى استخدام "بربيج الغاز" حيث تلقت ضربات حادة جدا في عينها وأذنها من شدة الضرب.

لم يستمع والدها إلى توسلاتها ورجائها له بالتوقف عن الضرب ومطالبتها له بتحسين معاملته لها واستمر بضربها بعنف اكبر، ففاضت بها الدنيا ولم تعد ترى أملاً أو جدوى في الاستمرار في الحياة تحت هذه الظروف، فقالت له والدماء تسيل من جسدها المتهالك والنازف من شدة الضرب: "اقتلني وريحني من هذا العذاب الذي أعيشه"، فما كان منه إلا أن توجه إلى غرفته واصطحب سلاحه "مسدس" وبدأ بضربها بشدة وأطلق رصاصة قاتلة على رأسها من نقطة الصفر، لتبقى روحها الطاهرة تتساءل: "والدي لِمَ قتلتني وحرمتني حقي في الحياة وفرحتي بالعيد".

فجعت الأم بمنظر ابنتها وهي ملقاة على الأرض ومضرجة بدمائها وبدأت بالصراخ على الجيران لكي يتدخلوا ويساعدوا في نقلها إلى المستشفى فباغتها بضربة من سلاحه محدثا شرخا كبيراً برأسها ووقعت إلى جانب ابنتها التي كانت تنازع الموت وتنزف ما تبقى من دمها البريء.

وصول الشرطة:

وأوضحت مصادر العائلة أن أخ الضحية وعدد من جيرانهم ساعدوا في نقلها إلى مستشفى كمال عدوان في حين قام والدها بعد ارتكاب جريمته بتصرفات غير مفهومة حيث قام بالاستحمام وتغيير ملابسه وتهديد من تبقى في المنزل إلى حين حضور الشرطة المقالة التي حاصرت المنزل وطالبته بالاستسلام، حيث رفض تسليم نفسه وقام باحتجاز باقي أبنائه كرهائن محاولا الهروب من الشرطة إلى أن تم اقتحام المنزل من فوق الأسوار وتمكنت الشرطة من إلقاء القبض عليه.

واصلت الشرطة التحقيقات حتى ساعات الصباح إلى أن عثرت على أداة الجريمة "المسدس" وتابعت وزارة الداخلية والصحة الإجراءات الأمنية والصحية للضحية وأصدرت النيابة العامة قرارا بتشريح جثة الضحية حيث أوضح الأطباء أن الفتاة قتلت نتيجة طلق ناري في رأسها من مسافة الصفر وتم تحويلها من مستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة إلى قسم العناية المكثفة في مستشفى الشفاء الذي أعلن وفاتها بعد وقت قصير من وصولها.

سوابق جنائية:

مصادر محلية في المنطقة التي وقعت بها الجريمة أوضحت أن والد الفتاه أحمد محسن (45) عاماً يعاني من اضطرابات عقلية ونفسية وهرب من سجن السرايا المركزي خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة نهاية عام 2008 حيث كان معتقلا على خلفية ارتكابه جريمة قتل سابقة في مخيم الشاطئ بغزة، بإطلاق النار من نقطة الصفر على مواطن من عائلة ماضي عام 2007، وعليه العديد من التهم الجنائية الأخرى.

من جهته نوه احد أفراد العائلة إلى أن الفتاة لم ترتكب أي جرم أو ذنب سوى أن والدها يعاني من اضطرابات عقلية ويمتلك سلاح "مسدس"، وهارب من القضاء على خلفية جريمة القتل السابقة ولم تبادر الأجهزة الأمنية إلى إعادته إلى السجن إلى أن ارتكب جريمته الجديدة بدون أي سبب يذكر، مشيرا إلى انه كان يرتكب يوميا أفعال مشينه بحق زوجته وأبنائه وبناته، خاصة "سوسن" الذي قام قبل يومين فقط من جريمته بتقييدها بأسلاك حديدية لساعات لأسباب بسيطة جدا.

تقصير امني:

من جهتها اتهمت عائلة الجاني الأجهزة الأمنية في الحكومة المقالة بالتقصير وعدم العمل للحيلولة دون وقوع هذه الجريمة، وقال احد أفراد العائلة: "تقدمنا عدة مرات ببلاغات رسمية وغير رسمية إلى الشرطة وأجهزة الأمن الأخرى مفادها أن الجاني الهارب من العدالة موجود في البيت ويمتلك سلاحا ويهدد أهل منزله بإطلاق النار عليهم وكان أخر هذه البلاغات قبل يومين من ارتكاب الجريمة ولكن الشرطة لم تحرك ساكنا وأبلغتنا أنها لا تريده ولا تنوي إلقاء القبض عليه أو مصادرة سلاحه".

مناشدة واستنكار:

وناشدت العائلة النيابة العامة والأجهزة الأمنية المقالة بمحاكمة القاتل وإنزال أقصى العقوبات عليه، محذرة من التساهل في قضيته وإطلاق سراحه مما سيشكل تهديد كبير على باقي أفراد عائلته، مؤكدين أن من تجرأ على ارتكاب هذه الجريمة لا يمكن أن يصبح طليقا بعد ذلك.

واستنكرت العائلة بشدة الإشاعات التي يتداولها من وصفتهم "أصحاب النفوس الضعيفة والذي يفتقدون إلى أي وازع ديني أو أخلاقي" حول دوافع عملية القتل، مؤكدةً أن الجميع في العائلة والحي الذي تقطنه يشهد لها بحسن الأخلاق والالتزام الديني والاجتماعي.
|142160|