مانديلا: اسرائيل تستخدم اساليب تحقيق جديدة تتنافى مع القوانين الدولية
نشر بتاريخ: 25/08/2011 ( آخر تحديث: 25/08/2011 الساعة: 14:18 )
رام الله- معا- كشفت المحامية بثينة دقماق رئيسة مؤسسة "مانديلا" لرعاية شؤون الاسرى والمعتقلين النقاب عن استخدام اجهزة "الامن" الاسرائيلية "الشاباك" اساليب تعذيب جديدة تشكل خطرا على حياة الاسرى وتتنافى وكافة الاعراف والقوانين الدولية، مطالبة اللجنة الخاصة التابعة للأمم المتحدة للتحقيق في الانتهاكات الاسرائيلية لحقوق الانسان الفلسطيني والعربي في السجون والمعتقلات الاسرائيلية بارسال لجان متخصصة لمتابعة هذه الانتهاكات الخطيرة.
وفي تقرير اصدرته "مانديلا"، اشارت دقماق انه من خلال زيارات محاميها المتواصلة للاسرى وبالاستناد الى افادات العديد من الاسرى والاسيرات فإن ممارسة التعذيب وسوء المعاملة بحق المعتقلين الفلسطينيين في الاراضي الفلسطينية المحتلة يشكل سياسة منهجية تنفذها مختلف الاذرع "الامنية" والعسكرية الاسرائيلية منذ العام 1967، وأدت هذه الممارسة الى وفاة العديد من المعتقلين والحاق إضرار جسدية ونفسية بالغة لدى الكثيرين منهم.
وأكدت "مانديلا" بان إجراءات الاحتلال وأجهزته الأمنية بحق الاسرى والمعتقلين تتنافى وتتعارض مع المواثيق الدولية لحقوق الانسان التي تحظر التعذيب وبالتحديد اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 / المادة 3 ، الميثاق الاوروبي لحماية حقوق الانسان الاساسية لعام 1950 / المادة 3 ، الاعلان العالمي لحقوق الانسان / المادة 5 اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1948 / المادة 4.
سياسة خطيرة:
ومن خلال متابعة مانديلا لاوضاع المعتقلين، لاحظت بأن السلطات العسكرية الاسرائيلية قد مارست سياسة التعامل القاسي واللاإنساني والحاط بالكرامة تجاه المعتقلين الفلسطينيين، وأنها وخلال مداهمتها للبيوت الفلسطينية بهدف الاعتقال غالبا ما تقوم بأحداث إصابات جسدية وتتعمد التخريب والعبث بمحتويات المنازل و تدمير الاثاث والممتلكات فيها، وتقوم بفرض العقاب الجماعي على السكان من خلال احتجازها المواطنين الابرياء والمدنيين في مدارس القرى والمدن والمخيمات، حيث يتعرضون للاذلال والضرب والتعرية، اضافة لاستخدام عائللات باكملها او عدد من الاشخاص كدورع بشرية اثناء محاولات الجيش ملاحقة ما يسمى مطلوبين لاعتقالهم او اثناء مداهمة منازل.
وسائل التعذيب:
ونشرت "مانديلا " تفاصيل موثقة بشهادات مشفوعة بالقسم عن وسائل المستخدمة بحق المعتقلين الفلسطينيين أثناء التحقيق معهم وفي مقدمتها العزل، موضحة انها سياسة ثابتة تقضي بعزل الاسير لفترات طويلة ( العزل الانفرادي ) وحرمانه من لقاء محاميه وفقا لاوامر عسكرية يأمر مسؤول طاقم التحقيق اصدار تمديد توقيف المعتقل لفترة 15-30 يوما وكما أن القاضي العسكري يأمر بتمديد أمر التوقيف لفترة أطول بناء على ذلك.
وذكرت ان المحققين يقومون بممارسة اسلوب الشبح فترات طويلة وتقييد المعتقل بأوضاع مؤلمة وأوضاع قاسية جدا، مترافقا مع الضرب واستخدام الصدمات الكهربائية – العنف الجسدي – الهز العنيف وهو هز المعتقل بشكل منظم وبقوة كبيرة بحيث يهتز العنق والصدر والكتفين الامر الذي تسبب باستشهاد العديد من الاسرى.
واعربت عن قلقها الشديد من مخاطر اساليب التعذيب النفسي والإهانات التي يهدف المحققون من خلالها الى تعذيب المعتقل نفسيا وتحطيم اراداته ومن بينها بث الشائعات بإنزال بيان للتشهير بسمعته، اساءة المعاملة والتهديد بإحضار أفراد العائلة أو إعطاء المعتقل حكما عاليا، اضافة الى الحرمان من النوم لفترات طويلة ومنعه من تناول الطعام وقضاء الحاجة أوتعريض المعتقل لضوء خافت، اضافة للضغط على الحواس من خلال استخدام موسيقى صاخبة، ذات ضجة عالية ولفترة تزيد عن 24 ساعة، وتعريض المعتقل لتيارات هوائية باردة او ساخنة، اجبار المعتقل على التصرف بطريقة حاطة بالكرامة الانسانية (الانحناء لتقبيل الحذاء ) أو اجباره على تناول الأكل على الارض ويديه مقيدة الى الخلف.
واشارت لاتساع نطاق استخدام غرف العملاء او ما يطلق عليهم العصافير وحرمان المعتقل من العلاج كوسيلة للضغط عليه في فترة التحقيق، وسط ممارسة حرب الاعصاب والحرب النفسية من خلال استخدام "آلة فحص الكذب " أو مهاجمة المعتقل باستخدام كلاب موحشة.
شهادات مشفوعة في القسم:
ونشرت " مانديلا" شهادة لاسير الضرير عبادة بلال -من نابلس والمعتقل بتاريخ 16/4/2002 ويقضي حكما بالسجن 11 عاما ، والذي قال لمحامي المؤسسة " انه تعرض لاجراءات تعسفية وانتهاكات خطيرة بحقه رغم كونه ضرير ومعاناة قاسية منذ عزله من 24/3/2011 بعد عملية نقل مفاجئة له وللاسير محمد عرمان".
وقال "جرى نقلي من سجن النقب بعد اعتقال زوجتي نيللي بلال وخضعت للتحقيق في بتاح تكفا في شهر 9/2009، فكان التحقيق قاس جدا حيث مكثت 5 ايام على الكرسي طوال الوقت ، ومحققين يتناوبون معي لدرجة انني فقدت التوازن اكثر من مرة.
واحضروا اخي الكبير بكر واحضروا اشخاص اخرين، واضاف "لكن الشيء المؤلم الذي مررت به انهم احضروا زوجتي والاصعب انني لا استطيع عمل شيء لها، وتعيش لحظة الالم وانك لا تقدر على عمل شيء وزوجتي في تحقيق انا اعرف معاناته واعاني منه وغير قادر وعاجز عن وقفه وانقاذها، صمدت في وجه ذلك كله، ولكن المعاناة لم تنتهي، فكانت لحظة الصدمة باعتقال والدتي، واقول الاكثر قساوة يعد اعتقال والدتي عندما سمعت صوتها وهي المريضة لدى ذهابها للعيادة في مركز تحقيق بتاح تكفا، وكان الضغط علي ان تعترف ليتم الافراج عن امك".
وقال الاسير الكفيف "خلال فترة التحقيق وعزلي تعمدوا نقلي من بتاح تكفا الى المسكوبية وعسقلان وهذا كان نوع من الضغط النفسي، وحتى اعتقال الزوجة وسماع صوتها مرة تبكي وغير قادر على عمل شيء"، وعن عزله افاد بلال "ان عزل ايشل بئر السبع يعتبر اسوأ مواقع العزل، ويحتجز معي في الزنزانة الاسير احمد المغربي ونعيش معا في مساحة زنزانة 270×160 سم ، والزنزانة تحتوي على حمام ،دورة مياه ، ثلاجة صغيرة تلفزيون ، خزائن حديد ، ونحن الاثنان نعيش في هذه المساحة الضيقة والروائح الكريهة وحسب ما يقول لي احمد المغربي نعيش في الحمام ،لا يوجد اي خصوصية للاسير ليست حياة ان يغلق على الاسرى المعزولين 23 ساعة يوميا وساعة تخرج فيها وتكون مكبل ايضا".
اثار التعذيب:
واشارت "مانديلا " لشهادة الاسير نمر الحاج محمد من طوباس والمعتقل في 17/7/2006 ، والذي لمحامي المؤسسة، ان سلطات الاحتلال اعتقلتني عن جسر اللنبي خلال عودتي من الاردن في 17-7-2006 ، ورغم مرور عدة سنوات لن انسى لحظات التعذيب القاسية التي عشتها لان اثارها لا زالت ترافقني في كل محطة وسجن لتشكل شاهدا حيا على الانتهاكات الخطيرة التي يتعرض لها الاسرى، ورغم انني تعرضت للاعتقال سابقا عام 1989 لمدة عام ، فان تجربة اعتقالي الثاني تعتبر الاقسى والاصعب.
واضاف فور اعتقالي خضعت للتحقيق لمدة 5 ساعات على الجسر ثم نقلوني الى تحقيق المسكوبية، حيث بدأت رحلة العذاب، فجرى شبحي على كرسي مقيد اليدين والقدمين ومعصوب العينين لمدة 5 أيام ، فكان يتم ازالة العصبة عن عينيي فقط من أجل التحقيق معي.
وروى الاسير ان صنوف التعذيب التي مورست بحقي اسميها مسلخ الموت البطيء، حيث تعرضت للتحقيق العسكري الذي تخلله الضرب على وجهي لدرجة انه كان يميل الى اليسار واليمين ،وفي بعض الاحيان فرضوا علي رفع قدميي وانا على كرسي دون ظهر واليدين مكبلتين الى الخلف اضافة لاجراء توازن لمدة 15 دقيقة على مدار اكثر من 5 ايام مما تسبب في وجع شديد في العمود الفقري لا زلت اعاني منه لغاية اليوم، كما حرمت من قضاء الحاجة طول الفترة الاولى من التحقيق كنوع من الضغط علي.
ذكريات مؤلمة :
واكد الاسير لمحامي مانديلا ، انه رغم الحكم عليه بالسجن ل35 عاما، وخلاصه من يوميات التعذيب التي استمرت ل60 يوما ، لا زال يتذكر كل ثانية من هول ما مورس بحقه من انواع اخرى من التعذيب، وذكر ان النوع الثاني من التعذيب ارغامي على الوقوف على رؤوس الاصابع واليدان للخلف مكبلة ومنعي من ملامسة جسدي للحائط بالمطلق ،وذلك لفترات متلاحقة بمعدل كل فترة ربع ساعة وهذه كانت ايضا على مدار الخمس ايام الاولى، وفي بعض الاحيان اكثر من مرة.
نوع ثالث من التعذيب:
اما النوع الثالث من التعذيب الذي تعرض له الاسير، فقال "وضع كلبشات على اليدين ووضع كلبشات ثانية في منتصف اليدين للخلف ومحاولة رفع اليدين من الخلف وهذا كان يمزق جسدي ، ورغم معاناتي وتدهور حالتي الصحية استمرت جولات التحقيق وفي احداها كان اثنان من المحققين يمسكان بي ويضعوني على البرش وبعد ذلك يتم التحقيق معي، ومن اثار التعذيب لم تنتهي رحلة الالم والمعاناة بعد توقف التحقيق معي ومحاكمتي، فقد ظهرت مضاعفات واثار التعذيب لدي عام 2008.
وكانت الام شديدة انتهت باستئصال المرارة واجراء عملية فتاك في نفس السنة، ولكن حتى هذا اليوم يصيبني خدران نتيجة ذلك ولا اشعر في المنطقة التي بها فتاك باي احساس لانهم وضعوا سيخ في تلك المنطقة"، واضاف وايضا اعاني من صداع دائم و الام شديدة في العمود الفقري وفي الرجلين عند الركبة لا أقدر على حمل نفسي في بعض المرات ،ويوجد قشط في الرجلين.