الثلاثاء: 01/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

بعد الإفطار...

نشر بتاريخ: 26/08/2011 ( آخر تحديث: 27/08/2011 الساعة: 07:06 )
يكتبها: عمر الجعفري

انطلقت من بيت لحم إلى رام الله وباعتبار ان حكومتنا "الرشيدة" أخرت الدوام خلال شهر رمضان الى الساعة التاسعة صباحا "عز الظهر" وبالتوقيت الشتوي التي ستعود عنه نهاية الشهر الفضيل ... ! ، غادرت بيتي متأخرا على غير العادة على أمل أن أصل الى مكان عملي قبل ساعة، وبعد أن بدأنا نغادر بلدة العبيدية الواقعة اقصى شمال المحافظة وتجاوزنا عشرات "المطبات" الموجودة في الطريق، فتح السائق المذياع وسمعنا انا ومن معي في سيارة "الكرفيل" الحديثة التي كنا نستقلها نشرة أخبار الصباح من إحدى الاذاعات المحلية.

وكان العنوان الرئيس للنشرة:
الحكومة تقرر صرف "نصف" رواتب الموظفين، وأضاف المذيع ان الحكومة ستصرف نصف راتب شهر حزيران المتبقي للموظفين ابتداء من يوم الخميس، وتابع المذيع قرأة الخبر وانتقل من خبر الى اخر، أما أنا ففكرت قليلا وقلت:

ماذا سيعمل نصف الراتب لموظف له أربعة أبناء في الجامعة ونحن في بداية عام دراسي سيدفع عنهم أقساطهم الجامعية ..!!! وهو مقبل أيضا على عيد الفطر ؟
ماذا سيعمل نصف الراتب لرب اسرة عنده 6 أبناء في المدارس وهو مقبل على عيد الفطر ؟
ماذا سيفعل نصف الراتب لموظف اخذ قرضا من البنك ؟
ماذا سيفعل .....؟
وماذا سيفعل ....؟؟

وأمام كثرة عدد الأسئلة التي قفزت إلى ذهني في تلك اللحظات، خاصة واني رجل خمسيني ولا أتحمل الضغط لأنني أصلا أعاني من ضغط مرتفع ومزمن فقد "غفوت" ولم تمنعني غفوتي هذه من أن أحلم فحلمت يا سادة يا كرام:

أنني عينت في وظيفة عالية وأصبحت من المقربين لأصحاب النفوذ والجاه، وأنني في الستة أشهر الأولى اشتريت قطعة ارض في وسط المدينة لأقيم عليها مجمعا تجاريا ضخما، وبعدها بنيت فيلا على قطعة ارض تبلغ مساحتها 15 دونما، وداخل هذه المساحة شيدت بركتي سباحة واحدة لي ولأم العيال فقط حتى لا يزعجنا الأولاد، والثانية لبقية العائلة، كما شيدت مجموعة من الملاعب باعتباري أحب الرياضة والرياضة في دمي وعقلي "فأنا الرياضي الاول".

ورأيت في حلمي انني وظفت أولادي في وظائف أعطيت كل واحد فيهم"مبدئيا" مركز مدير عام، وبالنسبة للبنات المتزوجات فقد أمنت مستقبلهم فكل واحدة اشتريت لها جبل وبنيت لها في وسطه فيلا جميلة.

واستمرت أحلامي وتخيلت نفسي في باريس أتجول في شوارعها أشتري الهدايا لام العيال والأولاد والأحفاد، وأنا هناك شاهدني الصحفيين والتفوا حولي وتسابقوا لأخذ تصريحاتي حول الأزمة المالية التي تعاني منها الحكومة ونصف الراتب ؟؟

فقلت: هذا شعب الجبارين كما قال عنه المرحوم ابو عمار، هذا الشعب يستطيع ان يعيش على الزيت والزعتر ويكافح ويقاتل ويتحدى...

وانا وسط أحلامي السعيدة صحوت على صوت شرطي إسرائيلي يحمل بندقية من نوع " M16 " ويطلب من سائق الكرافيل "السيارة التي كنا نستقلها" رخصة القيادة لانه تجاوز عن سيارة اخرى في المنعطف وعجلات سيارتنا قطعت الخط الفاصل المتواصل...