الأحد: 29/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

حملة "افتح الباب" في بيت الاسيرة المقدسية ابتسام العيساوي

نشر بتاريخ: 28/08/2011 ( آخر تحديث: 28/08/2011 الساعة: 16:51 )
القدس- معا- قام وزير شؤون الاسرى والمحررين عيسى قراقع ووفد من الوزراة يرافقهم مدير الهيئة المستقلة لحقوق الانسان في منطقة الجنوب فريد الاطرش بزيارة الى منزل الاسيرة المقدسية ابتسام العيساوي 42 عاما من سكان جبل المكبر في القدس والمحكومة 15 عاما، حيث اعتقلت بتاريخ 24/10/2001 وتقبع في سجن الدامون الاسرائيلي.

وتأتي الزيارة ضمن حملة "افتح الباب" التي اطلقتها وزارة شؤون الاسرى منذ بداية شهر رمضان المبارك والتي خصصت لزيارة عائلات الاسرى المرضى وذلك لتسليط الضوء على اوضاعهم والمطالبة بإطلاق سراحهم.

وتركت الأسيرة ابتسام ورائها 6 أبناء وبنات، كانوا صغاراً فجعوا بغياب أمهم التي كبلها الحديد وظلام السجون، يستيقظون صباحاً دون أن يروها، وينامون دون أن يوقظهم صوتها وهي تناديهم لتناول الافطار وتحضير أنفسهم للذهاب إلى المدارس، لا أحد يقرأ عليهم دروسهم ولا أحد يشتري لهم الملابس وحقائب المدرسة.

البيت دون الأم تحوّل إلى صحراء جافّة بعد أن صادر الاحتلال من حياة هذه الاسرة الحنين والدفء وروح الحياة، فقد مرت مئات المناسبات وابتسام لم تحضرها، الأعياد وشهور رمضان، ولم تشارك ابنتها راما في حفل خطوبتها ولا في حفل تخرجها من الجامعة، الفرح كان ناقصاً والدمعة كانت مرّة في العيون.

عندما تخرجت راما من جامعة بيت لحم كانت نظراتها بعيدة وقريبة يمتزج فيها الحزن بالأمل، أمامها مقعد فارغ كان مفروضاً أن تجلس عليه أمها لتبارك لها وتحتضنها، كانت نظراتها مشحونة بالتأمل إلى ذلك اليوم الذي يكتمل فيه كل شيء، العرس والحب وعناق الحاضرين للغائبين بلا سجنٍ وقيود وخوف.

الأسرة المنكوبة بغياب الأم لملمت نفسها، فتحولت ابنتها راما إلى أم وحاضنة، تحمّلت مسئولية تربية اخوتها وسد الفراغ المؤلم الذي تركته أمها بعد أن قررت أن تتحدّى المحتلين ولا تسمح لهم بمصادرة المستقبل من حياة أسرتها وأشقائها.

كبر الأولاد وحموا البيت من الضياع، اجتهدوا وثابروا في المدارس والجامعات، وكانوا المبدعين والأوائل بتفوقهم المميز وغير العادي، فقد انتصروا على كل المعيقات والصعوبات وهم يستمدّون القوة من قوة أمهم المناضلة، مؤكدين لها أن كل شيء يسير كما هي تريد، أن تطمئن كأنها موجودة معهم، وأن لا تخاف عليهم لأنهم مشحونين بما زرعت فيهم من العزيمة والكبرياء والتحدّي.

كبر الاولاد راما انهت دراسة إدارة الأعمالمن جامعة بيت لحم، ربى طالبة في السنة الرابعة في جامعة بيت لحم تخصص لغة إنجليزية، رامي التحق بدراسة الهندسة في جامعة الجزائر ثم منع من السفر بعد عام من الدراسة ليلتحق بجامعة بيرزيت، رأفت انهى التوجيهي بنجاح، ريم تدرس في الصف العاشر، ريناد طالبة في الصف الرابع.

كان عمر ريناد 6 شهور عند اعتقال أمها، وهي الآن تكتب مذكراتها برسائل خاصة لوالدتها، منها ما يرسل إليها في السجن، ومنها ما ينتظر عسى أن يأتي اليوم الذي تقرأه الأم وتشعر كم كانت حاضرة في وجدان أطفالها وقلوبهم.

أما راما، الابنة الكبرى، فقد كتبت لأمها في إحدى رسائلها: أنا ووالدي وأخوتي ننتظرك حرّةً بقدر انتظارنا لحرية الوطن، قلوبنا جميعاً معك كما هي مشاعر كل شعبنا العظيم، وتقول راما: عندما نزورك نستجمع كل قوانا في الليل ننتظر لنراك دقائق معدودة نثلج بها صدورنا الجائعة إلى الوصل معك، وعندما يبصرنا السجان ندخل متاهة أخرى من الحنين في انتظار الزيارة القادمة.

وكتبت راما إلى أمها: حاولوا إبعاد القدس عن الوطن إلا أننا رأيناها في تصميمك وداخل قلبك، صوت القدس، آذان مساجدها، أجراس كنائسها، رائحتها التي تدلّ على وجودنا الأبدي فيها.

لقد تحمّل زوج ابتسام مسؤوليات كبيرة وثقيلة في احتضان أسرته التي غابت عنها الزوجة، فقد اضطر بعد اعتقال زوجته أن يبيع محل الخضار الذي كان يمتلكه ليتفرّغ لخدمة وتربية أولاده مؤمناً أن الوفاء لزوجته الأسيرة هو جزء من الوفاء للوطن ولقضية الحرية.

وزير الأسرى والمحررين عيسى قراقع قال: هذه الأسرة الفلسطينية النموذج، أسقطت كل حسابات المحتلين الذي راهنوا على تدمير وتشتيت العائلات الفلسطينية من خلال حرب الاعتقالات التي طالت النساء والرجال والأطفال، فقد أنجبت ابتسام العيساوي أبناءاً تشرّبوا من روح وإشراقة مدينة القدس، رضعوا من أم فدائية وبطلة توّجت سماء العاصمة بكفاحها وصبرها وبأولادها وهم يعلنون: أننا أحياء وباقون، ولأحلامنا بقية ستكتمل بعودة الأم وتحرير أسرانا وأسيراتنا من سجون الاحتلال.

مدير الهيئة المستقلة فريد الاطرش قال اننا نفتخر بهذه الاسرة المثابرة ، وبالاسيرة ابتسام وبكل الاسيرات المناضلات في سجون الاحتلال ، وحيا المراة الفلسطينية المناضلة والصابرة والتي تتحدى ظروف السجن والظلام قوية شامخة تمثل حارسة الحلم الفلسطيني وروح الارض الفلسطينية .