الفلسطينيون يستقبلون عيد الفطر باكثر من 4450 شهيدا وعشرة الاف اسير وخمسين الف جريح
نشر بتاريخ: 22/10/2006 ( آخر تحديث: 22/10/2006 الساعة: 21:49 )
بيت لحم - معا - مع غياب شمس هذا اليوم يودع المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها شهر رمضان المبارك والذي حل على الانسانية بنوره المشرق, وهدايته السامية وروحانيته الصافية. حيث عاش المسلمون لحظات ايمانية لم يعتادوا على عيشها في شهر غيره, كيف لا ؟ وهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبيّنات من الهدى والفرقان.
ولم يكن الشهر في فلسطين شهراً عادياً, حيث عاش الفلسطينيون لحظات صعبة, اذ تواصلت عمليات الاجتياحات, والتوغلات في المدن والقرى الفلسطينية وسقط العديد من الشهداء والجرحى, وهو ما يجعل العيد يوماً عادياً تغيب فيه مظاهر الاحتفال الا من الشعائر الدينية .
ولان العيد في فلسطين استثنائيا ، يخترع الفلسطينيون كل عام اسلوبا خاصا للاحتفال ، فالعيد في فلسطين مهمة وطنية ودينية يجب ان تنجح ويجب ان يستخرج الناس فيها الفرح من صلب الاحزان .
ولان العبء ثقيل ، لابد وان يكون الجهد جماعيا ، وتتكاتف الجهود في العيد ، واذا كان الاحتلال يفرض حظر التجوال يتبادل الناس المعايدة بواسطة الهاتف او بواسطة الرسائل القصيرة ، واذا كان هناك شهيد يلتقون في مقابر الشهداء ، واذا كانوا اسرى في السجون اقاموا عيدا ليقهروا السجان ، واذا كانوا يعانون من الفقر تكفلت لجان العمل الشعبي بالحد الادنى من مستلزمات الاطفال ووجبة العيد وبعض الحلوى وسارع الميسورون لفتح اياديهم امام المحتاجين .
وفي عيد الفلسطينيين ، لا مجال للادّعاء الفارغ من المضمون او الشكليات والمجاملات الاجتماعية ، فالمضامين تبقى اعمق من الشكليات ، والضرورات اثبت من الصدف ، والزمان دائما هو مفتاح المكان .
الفلسطيينون هنا مبدعون في انتقاء الكلمات التي ترفع المعنويات وتظهر قوة الارادة وتزدري الهزيمة ، ورغم ان نتائج المسوح اثبتت ان نسبة فقر الدم عند النساء والاطفال قد ارتفعت من 20% الى 40% وان الاسرة تشهد تراجعا صحيا خطيرا ، الا انه مجرد الجلوس مع احدى العائلات والحديث مع افرادها ينسيك تلك الارقام وتجد نفسك تتعلم منها الصمود والارادة والامل .
اذن فالعيد في فلسطين يمثل حالة الصراع بين الزمان والمكان ، بين الهزيمة والانتصار ، بين المستقبل والحاضر ، بين الحق والباطل ، بين ما ارداه الله وما تريده حفنة من البشر .
العيد في فلسطين ، صورة متكاملة يتماهى فيها الشعور بالقهر مع ضرورة الانتصار ، وبرهان اخر على ان الفقراء لا يزالون هم الاقدر على العشق وعلى المسرّة .