الإثنين: 23/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

البنك الدولي: الأزمة المالية تهدد إنجازات بناء المؤسسات الفلسطينية

نشر بتاريخ: 12/09/2011 ( آخر تحديث: 13/09/2011 الساعة: 11:18 )
القدس - معا - أكّد التقريرُ الأخيرُ الذي أصدره البنك الدولي عن الضفة الغربية وقطاع غزة، أنّ السلطة الفلسطينية حقّقت تقدّماً جوهرياً في تنفيذ أجندة أعمالها المعنية ببناء المؤسسات، ولكنّ حدوث أزَمَةٍ حادة في المالية العامة الفلسطينية قد يُهدّد استدامة هذه المُكتسبات المُهمِّة.

ويأتي التقرير الذي نُشر اليومَ الإثنين، قبل أنْ تعقد لجنة الارتباط الخاصة اجتماعها التالي في مدينة نيويورك يوم 18 أيلول/ سبتمبر الجاري، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا التقرير الدوري يُنْشر كلّ ستة أشهر لإطلاع اللجنة على ما استجدّ من المعلومات، وإلى أنّ هذه اللجنة عبارة عن منتدىً تتألّف عضويته من الجهات المانحة والسلطة الفلسطينية.

ويَتَفَحَّصُ التقرير ما جرى إحرازه من تقدّم على صعيد البناء المؤسسي من خلال خطة السلطة الفلسطينية، التي استغرقت مدة عامين، وجرى تنفيذها تحت عنوان: 'فلسطين: إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة'. ويركز التقرير على ذلك التقدّم المُحرز على ضوء التّراجع الذي حدث في النمو الاقتصادي وأزَمَة المالية العامة الحادة التي تشهدها السلطة.

وحذّر البنك الدولي، في تقاريره السابقة التي رفعها إلى لجنة الارتباط الخاصة، من أنّ النمو الاقتصادي الإيجابي، الذي شهدته الضفة الغربية وقطاع غزة خلال المدة 2008 – 2011، كان نموّاً غير مستدام وأن معونات المانحين هي التي كانت تقوده بصفة رئيسة، وكان القطاع الخاص الفلسطيني مُكبّلاً، بصفة رئيسية بالقيود الإسرائيلية المفروضة على حرية النّفاذ إلى المصادر الطبيعية والأسواق، بينما رَدَعت التكاليف المتزايدة لنشاطات الأعمال، والمرتبطة بنظام الإغلاق، المستثمرين عن المبادرة إلى الاستثمار.

وفي ظلِّ هذه الظروف، كان لانخفاض المعونات النقدية إلى مستويات أقل من المستوى المتوقّع لها خلال النصف الأول من عام 2011، أثَرٌ مباشرٌ على الاقتصاد الفلسطيني، فقد كان يُتَوَقَّع لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، الذي شهد نمواً مطرداً خلال المدة 2009 – 2010، أنْ يصل إلى نسبة 9% في عام 2011. ولكنّ هذا التّوقّع عُدّل الآن إلى نسبة 7%.

وحسب التقرير، أثّرت حالات القصور في الدعم المالي الخارجي تأثيراً مباشراً في موازنة السلطة الفلسطينية، وأسهمت إلى حدٍّ كبير في وقوع الأزمة الحادة في المالية العامة التي تواجهها السلطة الفلسطينية في الوقت الحاضر.

ويُلاحظ التقرير أنّه على الرّغم من وضع المالية العامة الضعيف لدى السلطة الفلسطينية، إلا أنّ السلطة استمرت في تنفيذ أجندة أعمالها الإصلاحية، غَيْرَ أن مؤلِّفي التقرير حذّروا من 'أنّ وقوع أزمة طويلة المدى يُعرّض للخطر مكتسبات البناء المؤسسي خلال السنوات الماضية، التي تحقّقت بمثابرة واجتهاد'.

وضمن هذا السياق، قالت المديرة والممثلة المقيمة للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة مريم شرمن، 'في نهاية المطاف، فإنّ استمرار السلطة الفلسطينية في الإبقاء على مستوى الزّخم في عملية الإصلاح لديها، واستدامة ما حقّقته من إنجازات في مجال بناء مؤسساتها، يتوقّفان على انتعاش القطاع الخاص، إذ من شأن ذلك الانتعاش أن يعمل على زيادة حجم الوعاء الضريبي لدى السلطة الفلسطينية، وأن يُقلّل بصورة تدريجية من الاعتماد على المساعدات الخارجية، وإلى أن يتحقّق ذلك، فإنّ السلطة الفلسطينية تبقى عُرْضةً لانخفاضات عديدة في مستوى تدفق المعونات، وتحتاج هذه الانخفاضات إلى أنْ تُدار بعناية.'

يشار إلى أنه قد تم الانتهاء من تنفيذ خطة السلطة الفلسطينية تحت عنوان: 'فلسطين: إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة'، في حين يؤكد تقرير البنك بأن تقدّماً جوهرياً قد تحقّق.

ويذكر مؤلّفو التقرير أنّ المؤسسات العامة الفلسطينية تتفوق على نظيراتها في الدول الأخرى داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخارجها في المجالات التي تكون فيها فعّالية الأداء الحكومي أكثر أهميةً من فعّاليته في غيرها، وهذه المجالات هي: الأمن والعدالة، وإدارة الإيرادات والنفقات، والتنمية الاقتصادية، وتقديم الخدمات إلى الفلسطينيين.

وفيما يلي الملخص التنفيذي الذي نشره البنك الدولي بعنوان "استدامة الإنجازات الفلسطينية في بناء المؤسسات والنمو الاقتصادي"، حول برنامج السلطة الوطنية تحت عنوان "فلسطين: إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة"، الذي امتد لسنتين.

أ‌- يصادف موعد انعقاد اجتماع لجنة الارتباط الخاصة، المُقرّر في شهر أيلول/ سبتمبر 2011، موعد الانتهاء من تنفيذ برنامج السلطة الفلسطينية الطّموح تحت عنوان 'فلسطين: إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة'، الذي امتد لسنتين، والذي جرى طرحه للتنفيذ بتاريخ 25 آب / أغسطس 2009، لقد تَحقّقَ تقدّمٌ جوهريٌّ على صعيد تنفيذ أهداف هذا البرنامج وسياساته، التي تركّزت كلّها حول هدف بناء مؤسسات دولة قوية. غَيْرَ أنّ بدايةَ أزَمَة حادّة على صعيد المالية العامة الفلسطينية، مصحوبةً بنموٍّ اقتصاديٍّ آخذٍ في التّراجع، ربّما يُقوّضان الأملَ الموعود من إنجازات هذا البناء المؤسّسي.

ب‌- في المجالات التي يكون فيها الأداء الحكومي أكثر أهميةً من غيره – وهي: الأمن والعدالة، وإدارة الإيرادات والنّفقات، والتنمية الاقتصادية، وتقديم الخدمات إلى المواطنين، فإنّ المؤسسات العامة الفلسطينية تتفوّق في مستوى الأداء على قريناتها في الدول الأخرى داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخارجها. فقد أدّت المؤسسات الفلسطينية دوراً حاسماً في التمكين من تحقيق النّموّ الاقتصادي الإيجابي في كلٍّ من الضفة الغربية وقطاع غزة في السنوات الأخيرة.

ج- بالرّغم من أهمية هذا النّموّ، إلا أنّه كان وما يزال نموّاً غير مستدام؛ إذ تقوده معونات المانحين بدلاً من أن يقوده القطاع الخاص الآخذ في الانتعاش والنّهوض بعد فترة من التّعثّر، والذي يبقى مُكبّلاً بالقيود الإسرائيلية المفروضة على حرية النّفاذ إلى المصادر الطبيعية والأسواق. وفي ظلّ هذه الظروف، فإنّ تدفقات المعونات، التي جاءت أقل من المستوى المتوقّع لها في النصف الأول من عام 2011، كان لها أَثَرٌ مباشر على الاقتصاد الفلسطيني. أمّا النمو الحقيقيّ للناتج المحلي الإجمالي، الذي كان يزداد بنسب مطّردة خلال المدة 2009 – 2010، والذي كان يُتوقّع له سابقاً أن يصل إلى نسبة 9% في عام 2011، فمن المتوقّع له الآن أن يصلَ إلى تحقيق نمو حقيقي بنسبة 7%. كذلك فقد ساهم القُصور في الدّعم المالي الخارجي في النصف الأول من عام 2011 في حدوث الأزّمة الحالية التي تشهدها المالية العامة للسلطة الفلسطينية.

د- إنّ هذا الوضع يُشدّد على الاعتماد المتبادل لكلٍّ من بناء المؤسسات والنمو الاقتصادي المستدام على بعضهما بعضاً في إرساء الأسس الاقتصادية لدولة فلسطينية في المستقبل. لقد استمرت السلطة الفلسطينية حتى الآن في تنفيذ أجندتها الإصلاحية، ولكنّ الأزمة التي طال أمدُها تُعرّض للخطر المُكتسبات التي تحقّقت على صعيد بناء المؤسسات على مدى السنوات الماضية، بطريقة اتّسمت بالاجتهاد والمثابرة.

ه- وفي نهاية المطاف، ولكي يتسنّى للسلطة الفلسطينية الإبقاء على استمرار الزّخم في عملية الإصلاح، واستدامة ما تحقّق من إنجازات في مجال بناء المؤسسات لديها، فإنّه لا بُدَّ من رفع ما تبقّى من القيود التي تفرضها إسرائيل على حرية النّفاذ إلى المصادر الطبيعية والأسواق. إذ يُتَوقّعُ لانتعاش القطاع الخاص، الذي يَنتُجُ عن رفع تلك القيود، أنْ يعمل على زيادة حجم الوعاء الضريبي لدى السلطة الفلسطينية، وأن يُقلّل بصورة تدريجية من الاعتماد على المساعدات الخارجية. ومع ذلك، فإنّ الضفة الغربية وقطاع غزة سوف يبقيان، حتى ذلك الحين، عُرْضةً لانخفاضات عديدة في مستوى تدفق المعونات، وسوف تحتاج هذه الانخفاضات إلى أنْ تُدار بعناية.