الإثنين: 30/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

المفوض العام للأونروا: ملتزمون بخدمة اللاجئين أيا كانت نتائج أيلول

نشر بتاريخ: 13/09/2011 ( آخر تحديث: 13/09/2011 الساعة: 19:49 )
القدس - معا - فيما يحتدم الجدل حول الطلب الذي ستتقدم به القيادة الفلسطينية للأمم المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، تطرح تساؤلات حول وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا التي تقدم الخدمات التعليمية، والصحية، والاجتماعية لقرابة خمسة ملايين لاجئ فلسطيني ما زالوا بانتظار حل لمحنتهم .

ما الذي يخفيه المستقبل للاجئين بعد أن تجري مناقشة طلب الاعتراف بالدولة؟ وماذا عن استمرارية الخدمات التي تقدم للاجئين؟ للإجابة على هذه الأسئلة أجرت "معا" الحوار التالي مع المفوض العام للأونروا فيليبو غراندي:

معا: كيف يؤثر طلب الاعتراف بفلسطين عضو دائم في الأمم المتحدة في الأونروا، وفي قضية اللاجئين المسجلين ضمن الوكالة؟

غراندي: الطموح في إقامة الدولة، وإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والتوصل إلى حل دائم لقضية اللاجئين الفلسطينيين هي غايات مختلفة ولكنها متداخلة، فالتقدم بطلب للاعتراف بالدولة في حد ذاته لا يعالج قضية اللاجئين.

ويتابع":لطالما نادينا منذ زمن بعيد بأن حقوق اللاجئين، ومطامحهم ينبغي أن تعالج وتسوى في سياق نقاشات بين الأطراف السياسية بما في ذلك النقاشات التي يجب أن تستند إلى القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة، وأن تأخذ في عين الاعتبار وجهات نظر اللاجئين وخياراتهم. "

ويضيف "ليس لدي أدنى شك أن الشرق الأوسط لن ينعم بسلام عادل ودائم دون التوصل إلى حل لقضية قرابة خمسة ملايين لاجئ مهجرين في المنفى منذ 63 عاما. وهنا نأتي على مجموعة واسعة من الحقوق والتي سنظل نقول إن الأطراف يجب أن تتطرق إليها ومن من خلال مناقشتها مع اللاجئين. وكالة الغوث لا تقدم توصيات محددة حول كيفية إنجاز هذه الحقوق، لكننا نقول إن هذه الحقوق يجب أن تعطى لأصحابها.

ويستطرد ":هذا يتفق تماما مع القانون الدولي، ومع ما يخص قضايا اللاجئين. بالتالي فمع احتدام الجدل حول طلب الاعتراف بالدولة، فإنني أحث كل الجهات المعنية بأن تبقي في أذهانها موضوع اللاجئين الفلسطينيين، وأن تتذكر أن اللاجئين سوف يلعبون دورا رئيسيا في إذا ما تم التوصل إلى حل سياسي يقوم على أساس دولتين تعيشان جنبا إلى جنب بسلام وكرامة، وإذا ما تم التوصل إلى حل عادل للصراع من خلال المفاوضات بين الأطراف. "

معا: ثار جدل كبير حول أعمال وكالة الغوث، وإمكانية تقليلها حجم الخدمات، وخصوصا برامج الطوارئ. هل تتفق مع من يقولون إن الجدل حول موضوع الدولة قد زاد من مخاوف وقلق اللاجئين؟

غراندي: معك حق. إنني أدرك جيدا أن الجدل حول موضوع الدولة قد ولّد مخاوف جديدة لدى اللاجئين حول المستقبل، واسمح لي أن أحاول بطريقة ما أن أخفف من هذه المخاوف. مثلما أن الجدل حول طلب الاعتراف بالدولة في حد ذاته لا يتطرق إلى قضية اللاجئين، تظل الحاجة إلى العمل الذي تقوم به وكالة الغوث حاجة سامية، وهذا يجعل من الضروري أن تحظى برامجنا بالتمويل الكامل أيا كانت النتائج التي ستكشفها الأشهر المقبلة.

سوف تستمر وكالة الغوث في تقديم خدماتها وبرامجها إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لقضية اللاجئين، وسوف تتواصل خدماتنا في مجالات التعليم، والصحة، والإغاثة، والخدمات الاجتماعية بجدية، وسأظل أدافع عن هذا يقينا وسأظل متعاطف مع هذه القضية.

الجميع على دراية بهذا بما في ذلك الجهات المانحة. وبخصوص برامج الطوارئ فإنها ستظل ضرورية ما دامت هناك احتياجات للاجئين، ونحن بصدد رفع وتيرة جهودنا لجمع الأموال لهذا الغرض.

سوف أجدد هذا الأسبوع المناشدة من أجل الحصول على تمويل كبير، وسوف نطلب من الجهات المانحة اليوم مبلغ 36 مليون دولار لدعم برنامجنا الطارئ في قطاع غزة، وستخصص 11 مليون دولار من هذا المبلغ لتوفير وظائف مؤقتة، في حين ستخصص 16 مليون لتقديم مواد غذائية للمدارس، إضافة إلى 3 ملايين ستنفق على الصحية النفسية والمجتمعية. لقد توجهنا إلى بعض الجهات المانحة الرئيسية بهذه المناشدة الجديدة، وسأفعل كل ما باستطاعتي للتأكد من توفير التمويل لهذه البرامج.

أدرك أن برامجنا الطارئة في قطاع غزة تواجه مشكلة صعبة، وأن جميع المانحين وغيرهم من أصحاب النفوذ يدركون أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، ويجب التعامل معه على الفور كأولوية ملحة.

معا: في حال فشل طلب الاعتراف بالدولة، هل تساورك مخاوف حول تزايد وتيرة العنف، وحول تغير الوقائع على الأرض، وأن الفلسطينيين سوف يفقدون الثقة في العملية السلمية ويلجأون إلى أساليب أخرى لتحقيق أهدافهم؟

غراندي: لا بد لي من القول إن خطر تعرض الفلسطينيين والإسرائيليين للقتل والإصابة جراء تزايد وتيرة العنف ينبغي أن يقلق شخصا مثلي ملتزم بالمبادئ الإنسانية، ويؤيد القانون الدولي، والتغيير بعيدا عن العنف. أيا كانت النتائج التي ستتمخض عن طلب الاعتراف بالدولة، أود أن أتقدم بمناشدات من كل قلبي إلى مستويات ثلاثة:

أولا:

أناشد كافة الأطراف والجهات المعنية أن تتحلى بضبط النفس إلى أبعد الحدود في ردود أفعالها، وأن تتجنب أعمال العنف بكل أشكالها آخذين بعين الاعتبار أن الشعب الفلسطيني - سواءً اللاجئين وغير لاجئين- قد عانوا بما فيه الكفاية من النزاعات المسلحة، والمواجهات السياسية، وانتهاكات حقوق الإنسان وما إلى ذلك من معاناة.

ثانيا: يجب على كافة الجهات المعنية أن تقر بأن طلب الاعتراف بالدولة وما يترتب عليه من نتائج يجب ألاّ يتسبب بإهمال قضايا حقوق الإنسان، والحريات التي تظل قضايا بارزة، وخصوصا في المناطق الفلسطينية المحتلة. يجب التطرق إلى موضوع الاحتلال بحد ذاته، وإلى العنف الذي يمارسه المستوطنون، وإلى التوسع الاستيطاني، وهدم المنازل، وتشريد السكان في الضفة الغربية، وكذلك الحصار المفروض على غزة الذي وصفته اللجنة الدولية للصليب الأحمر على أنه انتهاك واضح للقانون الدولي الخاص بحقوق الإنسان.

على مدى سنوات عارضت وكالة الغوث هذه الانتهاكات بإصرار وثبات، ولن تتوقف جهودنا في هذا المجال.

ثالثا: يجب على الأطراف وعلى المجتمع الدولي أن يكونوا أكثر إلحاحا في سعيهم وراء التوصل إلى حل للصراع من خلال التفاوض، وأن يتطرق هذا الحل بصورة شمولية إلى كافة القضايا بما في ذلك قضية اللاجئين، بما يتفق مع قرارات الأمم المتحدة ومع القانون الدولي.

الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من أعقد الصراعات التي عرفها العالم وأعسرها، بيد أن الحلول ستكون ممكنة إذا ما خاضت الجهات السياسية في القضايا، وأوفت بالتزاماتها بمبدئية، وشجاعة، وتعاطف. النتائج التي ستترتب على طلب الاعتراف بالدولة لن تغير من التزامات الأطراف، أو من استمرار المجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته في الضغط باتجاه التوصل إلى حل عادل ودائم للصراع.

أعتقد أن الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني، ورفضه الخنوع رغم الصعوبات والتحديات الهائلة سيجعلهم يجتازون الأشهر المقبلة، ويستخلصون النتائج الإيجابية مهما حصل. كونوا على ثقة بأن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين من جانبها ستظل ثابتة على التزامها بتقديم الخدمات الإنسانية، وكل ما يلزم اللاجئين الفلسطينيين لتغطية احتياجاتهم الإنسانية إلى أن يتم التوصل إلى حل لقضيتهم.