الإثنين: 30/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

خلال ورشة عمل- التأكيد على أن الفساد انتهاك لحقوق الإنسان

نشر بتاريخ: 14/09/2011 ( آخر تحديث: 14/09/2011 الساعة: 11:34 )
طولكرم -معا- عقد مركز حقوق الإنسان والديمقراطية " شمس" لقاء موسعاً في قاعة المجلس القروي في صيدا بمحافظة طولكرم ومع وممثلي مؤسسات المجتمع المدني والمواطنين، بحضور رئيس المجلس فؤاد عبد الغني حول الثقافة المضادة للفساد.

وذلك ضمن أنشطة مشروع المثل الشعبي ودوره في مكافحة الفساد والممول من الائتلاف من اجل النزاهة والمساءلة (أمان).

وقد افتتح اللقاء محمد حمايل من مركز "شمس"، وقال أن الفساد يعد الجريمة الأكثر خطراً من بين الجرائم التي تنال من قيم العدالة وسبل تنمية وتطور المجتمعات المعاصرة، فهو العامل الأكثر تخريباً وتدميراً للمجتمعات الفقيرة والنامية وسبباً مباشراً في ضياع فرص التقدم والرفاه الاجتماعي وإحباط خطط التنمية وفي زيادة الفقراء فقراً.

وقال أن بحوث المنظمات الدولية أشارت، كالأمم المتحدة ومنظمة الشفافية الدولية إلى عمق الدمار الذي ألحقه الفساد باقتصاديات الدول النامية وفي دوام أسباب المرض والجهل والفقر والجريمة.

من جانبه قال المدرب بشار الديك ،أن وجود نظام قانوني متميز لمكافحة الفساد يتضمن هذا القانون إلزام الموظفين بتقديم كشف عن مصالحهم المالية، بما يملكونه من عقارات ومنقولات وأرصدة مالية واسهم وسندات وحقوق ، ومن ثم تتم مراقبة التطور المالي الحاصل للموظف سنويا لتحديد الزيادات المالية الطارئة غير المعقولة قياساً إلى دخله السنوي المعتاد، هذا إلى جانب وجود قضاء مستقل ونزيه وكفؤ هو من الوسائل الرادعة للفساد.

وقال أن من أهم التحديات التي تواجه المجتمع الفلسطيني ، تتمثل بصفة أساسية في الفساد بأشكاله المختلفة، حيث يمكن اعتبار الفساد احد الأسباب الجوهرية في دوام تحديات مأساوية مثل الفقر والتخلف وانخفاض مستوى التعليم والرعاية الصحية ونقص الخدمات العامة ، وما يترتب على ذلك من تعميق للظلم الاجتماعي وإعاقة جهود التنمية. كما يمكن القول أن هذه التحديات تشكل متلازمات أو أن كل منها يُعد سببا ونتيجة للآخر، فالفقر صورة من صور الظلم وتعبير عن اختلال في قيم العدالة الاجتماعية ، وقد يقود الفقر إلى الجريمة. بينما لا يستطيع الفقير ممارسة حقوقه الإنسانية كاملة.

وقال أن أسباب تفشي الفساد تتمثل في ضعف الحياة السياسية تدني مستوى الدخل انعدام المراقبة، وتهميش دور السلطة القضائية، وفقدان العدالة، وعدم معاقبة المسؤولين الكبار الذين تورطوا في عمليات الفساد ونهب المال العام. ضعف العقوبة المقررة لمرتكبي عمليات الفساد.

وقال إن نتائج انتشار الفساد على المجتمع تؤدي إلى الاستهتار بالقوانين والأنظمة الناظمة النافذة والتشكيك بها وخرقها باستمرار، والى انهيار منظومة القيم الأخلاقية والروحية فيه كالثقة والأمانة. ويضعف النمو الاقتصادي من خلال انعكاس الرشوة على الكلفة الاجتماعية والاقتصادية للمشروعات بما يرفع من تكلفتها وضعف مردودها.ويدفع الفساد إلى إتباع أساليب الغش في محاولة للربح السريع على حساب جودة الخدمة أو البضاعة المصنعة سواء تلك المقدمة من القطاع العام أو القطاع الخاص، مما ينعكس سلباً على قدرة الدولة على التصدير وإضعاف واردات الخزينة.و يساهم في تشجيع ثقافة الاتكال والاستهلاك بدون حدود، على حساب إضعاف روح المبادرة والابتكار ويؤدي إلى تكديس الثروات بأيدي أصحاب النفوذ والسلطة على حساب تهميش بقية أفراد المجتمع.و يدفع الفساد بمن يدهم السلطة إلى التركيز في الإنفاق على المؤسسات والمشاريع التي يمكن من خلالها بسهولة كسب المال بطريق الرشاوى، على حساب إنفاق أقل على قطاعات مثل التربية والتعليم والصحة.

وقال أن الفساد انتهاك لحقوق الإنسان ،حيث ينتهك الفساد الحقوق السياسية والمدنية من خلال تشويه طريقة عمل المؤسسات والعمليات السياسية أو جعلها عديمة الفائدة، ويقوض أداء القضاء وأجهزة تطبيق القانون. كما ينتهك الفساد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من خلال الحرمان من المساواة في توفير الخدمات العامة كالرعاية الصحية والتعليم، ووضع عقبات أمام كسب المعيشة في القطاع العام أو الخاص.كما أن الفساد يقوض الديمقراطية وقد يكون سبباً في إجهاضها.

وعن دور منظمات المجتمع المدني والإعلام في مكافحة الفساد، مؤكدا على أهمية دور منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام في تعزيز نشر ثقافة مكافحة الفساد في أوساط المجتمع. وحث وسائل الإعلام التفاعل البناء مع جهود مكافحة الفساد من خلال وسائل عديدة أبرزها الصحافة الاستقصائية وعملية التوعية، مشيرا إلى جهود المنظمة في تحصين المجتمع من أشكال الفساد وتعميق ثقافة الولاء الوطني.

وقال أن المجتمع المدني يمارس دوراً محورياً في مكون التوعية بمخاطر الفساد ومكون المنع والوقاية من ممارساته، مؤكدا أهمية تآزر جميع المكونات المجتمعية وتضافر جهودها للقضاء على أسبابه.

واعتبر أن الاختلالات البنيوية في نظام الضبط الاجتماعي ومنظومة القيم الثقافية أدت على تفشي ظاهرة الفساد باختلال نسق القيم ، لافتا إلى أن وظائف المجتمع المدني تتحدد في مجالات الرصد والتثقيف والتوعية وإعداد دراسات وبرامج تدريبية وتقديم الاستشارات والمساعدات القانونية للموظفين للدفاع عن المصالح العامة في مواجهة الفساد والتصدي له.

وأشار إلى أهمية حرية الحصول على المعلومة في تعزيز الجهود الرامية إلى مكافحة الفساد، لافتا على أن الإعلام راصد ومراقب هام للفاسدين ومربي ومعلم ومثقف بمبادئ القيم التي يحتاجها نظام نزاهة اجتماعية وسياسية.

وفي نهاية اللقاء أوصى المشاركون بضرورة التركيز على البعد الأخلاقي في موضوع الفساد، وعلاج هذا الجانب يكون من خلال مناهج الدين والأخلاق، وتعديل القوانين المتعلقة بمحاسبة مرتكبي جرائم الفساد المختلفة، وإصلاح في العملية التعليمية، وتطوير مناهج التربية والتعليم، وتقديم مواد تتدرج في أفق التربية على القيم الأخلاقية والروحية واحترام القانون وحقوق الناس وضرورة خلق رأي عام معارض للفساد داخل المجتمع، وذلك من خلال توعية الناس بخطر الفساد على التنمية بمختلف جوانبها، وضع لوحات إعلانية إرشادية في جميع مؤسسات ودوائرها وأقسامها تعرف المراجعين بما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات منعاً للابتزاز الذي قد يتعرضون له.