الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

سياسي اكاديمي فلسطيني : الرئاسة الإسرائيلية مقر دعارة

نشر بتاريخ: 31/10/2006 ( آخر تحديث: 31/10/2006 الساعة: 12:30 )
نابلس - معا - وصف بروفيسور عبد الستار قاسم سياسي اكاديمي فلسطيني مقر رئاسة الدولة العبرية بانه مقر دعارة وقال في مقالة تنشرها وكالة معا تحت عنوان " الرئاسة الإسرائيلية مقر دعارة :

من المتوقع، إذا كانت هناك نية لمواجهة إسرائيل، أن يتريث الذين يجرون وراء طاولة التفاوض معها لأن رياح ضعفها تهب وبقوة. فإذا كان خيار طاولة المفاوضات ناجما عن ضعف أمام قدرة إسرائيل العسكرية وانتصاراتها المتتالية، فإن التمهل الآن أصبح ضروريا في انتظار الضعف الإسرائيلي الناجم عن التدهور الأخلاقي الذي يسري في أوصال الدولة. إذا كانت القوة الأخلاقية قد أتت في السابق بقوة عسكرية، فالضعف الأخلاقي الآن سيذهب بالقوة العسكرية، وهكذا هي سيرة الدول الناهضة وتلك المتراجعة.
لم يكن الرئيس الإسرائيلي، وفق الأنباء عن مغامراته الجنسية، منشغلا بمتابعة شؤون مملكته أو سير الحرب مع حزب الله، بل كان منشغلا بالغواني والحسان. لقد حول مقر رؤساء إسرائيل إلى بيت دعارة، ويبدو أنه كان متخصصا بموظفات الرئاسة، ولا نعلم بعد فيما إذا كان قد أنجب أبناء غير شرعيين. التحقيقات مع سيادة الرئيس ما زالت جارية، والتقارير الإعلامية تشير إلى احتمال إدانته. وسواء أدين أم لا، يكفي أن رئيس إسرائيل قد خضع لتحقيق بسبب أعمال مشينة.
هذه ليست المرة الأولى التي يخضع فيها رئيس إسرائيل للتحقيق بسبب فساد أو دعارة، بل سبق أن تم التحقيق مع وايزمان واضطر إلى الاستقالة والخروج من مقر الرئاسة. وسبق أيضا أن تم التحقيق مع رؤساء وزراء من ضمنهم نتن ياهو ومع وزير الدفاع الذي ذاب عارا وذلك لأسباب أخلاقية أيضا، ومع شارون الذي أدين ابنه بتلقي أموال غير مشروعة أثناء حملة والده الانتخابية.
هذه سيرة جديدة لزعماء إسرائيل، وكعربي أريد أن أربت على ظهر كل منهم وأهنئه وأشجعه لأنه يجعل من طريقي نحو استعادة حقوقي أقل وعورة أو أكثر سهولة. عندما يغرق رأس البلاد بالفساد، فإن الذيل لا بد أن يكون قد فسد منذ أمد طويل، ولا بد لكل الجسد أن يعاني من شلل الفساد. من المتوقع أن يكون الرأس عينا ساهرة تراقب وتصحح وتبادر نحو البناء والنهوض، فإذا غابت هذه العين، وغرقت في التمتع الشهواني، فإن ذلك الرقيب الأول يكون قد غاب، وأعطى دروسا للآخرين في الغياب والاستهتار بالمصالح العامة. وإذا نظرنا إلى أوضاع الصهاينة الآن في فلسطين، نرى الفساد ينتشر بسرعة ويغزو كل الفئات والقطاعات والأحزاب والقيادات. الرشاوى منتشرة، وكذلك الوساطات والمحسوبيات والاختلاسات واستغلال المناصب، الخ. إنهم يسارعون نحو مشابهة الأوضاع العربية، إنما بفارق واحد وهو أنهم ما يزالون يحتفظون بالقدرة على إجراء بعض التحقيق، حتى مع رئيس الدولة.
سلوك الرئيس الإسرائيلي يقدم بشرى لأولئك العرب والمسلمين الذين يصرون على الحقوق العربية والإسلامية ذلك لأنه يؤشر على المنحنى المتهاوي لتماسك إسرائيل. هناك فارق كبير بين الدبابة التي يقودها شخص ملتزم ويتمتع بتماسك داخلي صلب، وتلك الدبابة التي يقودها شخص تشل الشهوات تفكيره؛ والفارق كبير بين جندي يمسك بندقية يدافع فيها عن وطن، وبين آخر يرى أنه يضحي من أجل قيادات تُظهر غير ما تُبطن، وتبيع الناس خطابات يخالفها سلوكهم. نحن العرب لا تنقصنا تجارب الانفصام، ولا غياب الرغبة في التضحية من أجل زعامات لا يحترمها الشارع العربي، ومنها نستنتج أن المنحنى الإسرائيلي في حالة انخفاض.
لاحظ المراقب في الحرب الأخيرة في الجنوب اللبناني التدهور الكبير الذي أصاب الجندي الإسرائيلي، ولاحظ مقاتلو حزب الله مدى الجبن الذي يتلبس جنود إسرائيل. كان يفر الجنود مذعورين يصرخون تاركين بعض أسلحتهم خلفهم. هذا الجندي ليس هو ذاك الذي انتصر عام 1967، وقيادته العسكرية والسياسية ليست تلك التي كانت موجودة. إسرائيل تفتقر الآن إلى القيادة التاريخية، وإلى القيادة القدوة، وإلى تلك القوة الأخلاقية الداخلية التي تسلحت بها في سنوات تأسيسها وانطلاقها. إسرائيل ليست إسرائيل قبل عشرين عاما، إنما هي عبارة عن دولة غرقت في لجج الاستهلاك والترف والملذات، وتحول شبابها عن تلك القيم القديمة التي تبناها المؤسسون وانجرفوا في التيار العالمي القائم على التتفيه والتيه وفقدان الذات.
إزاء هذا، ماذا نحن العرب والمسلمين فاعلون. دائما يبحث الطرف الآخر في معادلة الصراع عن نقاط ضعف خصمه ليستغلها ويبني عليها ويرفع من درجة الضعف. هكذا فعل الاستعمار معنا وما زال يفعل. أتى إلينا ليرى القبلية مستشرية ولها أولوية على المجتمع الأوسع، فعمّقها وجذّرها وزاد من حدة التنافس القبلي والعائلي، وبهذا يكون قد ركز اهتمامات الجمهور بصراعات أو منافسات داخلية. هكذا يفعل الآن في فلسطين من حيث أنه يستغل السلوك القبلي للفصائل الفلسطينية ويفتح آفاقا جديدة لخصومات داخلية تجعل إسرائيل متفرجة سعيدة. بالمثل، نحن بإمكاننا أن نساهم في رفع درجة الفساد في إسرائيل، وضخ بضعة ملايين من الدولارات في جيوب بعض العرب في فلسطين المحتلة/48 ليستعملوها بعلم وحنكة.
الإسرائيليون ليسوا عصيين أمام المال، ومن الممكن شراء ذمم كثيرين منهم. تجند إسرائيل عملاء لها في مختلف أرجاء الوطن العربي والعالم الإسلامي، وهذا جزء من الحرب وأحد أسس نجاحها، وبإمكان العرب والمسلمين أن يستغلوا هذا الهبوط في النفسية الإسرائيلية ويعززوا قدراتهم في التحدي والمواجهة.