وزارة الاسرى تسلط الضوء على معركة الأمعاء في سجون الاحتلال
نشر بتاريخ: 02/10/2011 ( آخر تحديث: 02/10/2011 الساعة: 12:21 )
رام الله- معا- سلّطت وزارة شؤون الأسرى والمحررين الضوء على معركة الأمعاء التي يخوضها ستة آلاف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال وفق برنامج نضالي يتخذ مسارين هما: الإضراب المفتوح عن الطعام الذي بدأه أسرى الجبهة الشعبية مطالبين بإنهاء عزل الأسير النائب أحمد سعدات وفتح ملف الأسرى المعزولين، وإضراباً تدريجياً تصاعدياً لمدة ثلاثة أيام أسبوعياً هي الأربعاء والخميس والسبت، يخوضه أغلبية الأسرى في السجون الإسرائيلية.
وقد انفجر الوضع في السجون على ضوء السياسة الرسمية لحكومة إسرائيل بشن سلسلة من العقوبات الجماعية والفردية على الأسرى وسلب حقوقهم الإنسانية والمعيشية والانقضاض على كافة مكتسباتهم النضالية والوطنية.
إضراب الأسرى الذي بدأ يوم 27-9-2011، يطرح مطالب أساسية للمعتقلين أبرزها وقف سياسة العزل الانفرادي والتي تعتبر من أخطر العقوبات وأبشعها، وإعادة التعليم الجامعي للأسرى، ووقف سياسة العقوبات الجماعية بالحرمان من الزيارات وفرض الغرامات واقتحام غرف المعتقلين وسياسة الإهمال الطبي، وغيرها من الحقوق الأساسية.
إن سياسة العزل التي تطبقها إدارات سجون الاحتلال منذ العام 1967 تتخذ ثلاثة أشكال هي: عزل إنفرادي قصير المدى، يمتد ما بين ثلاث أيام إلى عدة أسابيع، وعزل جماعي، يكون في قسم خاص ويكون هدفه الأساسي إبعاد قيادات السجون عن بقية الأسرى، العزل الانفرادي المفتوح وهو الأقسى والأصعب، حيث يعزل الأسير في زنزانته منفرداً أو مع أسير آخر، ممنوع من التواصل مع باقي الأسرى لمدة غير محدودة، ويتم تمديد مدة العزل كل ستة أشهر من خلال محكمة ترتهن لقرارات جهاز المخابرات الإسرائيلي ووفق ما يسمى الملف السري الذي لا يسمح للأسير أو محاميه بالإطلاع عليه، حيث يحضر مندوب عن جهاز المخابرات إلى المحكمة إلى جانب النيابة العامة التي تمثل سلطات السجون.
ويقبع حالياً في زنازين العزل الانفرادي 20 أسيراً وأسيرة فلسطينية، بعضهم يقضي 10 سنوات في العزل، كحالة الأسير حسن سلمة المعزل منذ العام 2002، ويطلق الأسرى على هذه الزنازين "مقابر الأحياء" حيث يتم عزلهم تماماً عن العالم الخارجي وعن عالم السجن الداخلي، يعيشون في زنازين صغيرة جداً تبلغ مساحتها 2.5م X 1.5م تشمل الحمام ودورة المياه ولا يوجد مكان أو متسع للحركة داخل هذه الزنازين.
تتميز غرف العزل بقلة التهوية والرطوبة العالية، حيث لا يوجد سوى شباك صغير قريب من السقف، وتنتشر فيها الحشرات والروائح الكريهة والأمراض المختلفة بسبب قلة الهواء وعدم دخول أشعة الشمس إليها.
ولا يسمح للأسير المعزول بالخروج إلى الساحة سوى ساعة واحدة يومياً، ويتم تقييد الأسير بالأغلال خلال خروجه إلى الساحة أو إلى العيادة أو لقاء المحامي، وغالباً ما يتعرّض الأسير المعزول إلى الاستفزازات الدائمة من قبل السجّانين أو من قبل السجناء الجنائيين، وفي كثير من الأحيان يتم الاعتداء على الأسرى المعزولين وتفرض عليهم عقوبات لأتفه الأسباب.
ولا تكتفي سلطات الاحتلال بعزل الأسير وإنما تفرض عليه سلسلة من العقوبات والإجراءات المشددة كالحرمان من الكنتين والحرمان من الزيارة والتعليم الجامعي وعدم السماح بإدخال الكتب والصحف، فعلى سبيل المثال إبنة الأسير المعزول جمال أبو الهيجا انتزعت قرار من المحكمة العسكرية بزيارة والدها المعزول ولكن سلطات الاحتلال منعتها من دخول السجن، وهذا أيضاً ما جرى مع ابن الأسير أحمد المغربي البالغ من العمر 7 سنوات، فبعد مصادقة محكمة العدل العليا الإسرائيلية على السماح لهذا الطفل بزيارة والده، رفضت إدارة السجون ذلك، بإدعاء أن هذا الطفل الفلسطيني يشكّل خطراً على أمن دولة إسرائيل.
ويتعرّض الأسرى المعزولين لعمليات تفتيش ومداهمات مستمرة تحت حجج وذرائع أمنية، ليس الهدف منها سوى إذلال الأسير ووضعه في حالة من القلق وعدم الاستقرار طوال الوقت.
فبحسب أنظمة مصلحة السجون الإسرائيلية، يتوجب عليها في حال تمديد فترة العزل أمام محكمة إسرائيلية أن تقدم تقريراً مفصلاً عن الوضع الصحي والنفسي للأسير المعزول، إلا أن مصلحة السجون الإسرائيلية، وبغطاء تام من المخابرات والتي هي بالفعل صاحبة القرار في موضوع تمديد فترة العزل للأسرى، تتجاهل إلتزاماتها القانونية ولا تقوم بإجراء الفحوصات الطبية للأسير المعزول. التقرير الطبي الذي يقدم عادةً للمحكمة من أجل تمديد العزل يكون تقريراً صورياً ويصادق دائماً على تمديد العزل للأسير تحت حجة أن وضعه الصحي جيد.
وقد ترك العزل آثاراً صحية ونفسية خطيرة على الأسرى المعزولين، حتى أن بعضهم بدأ يفقد السيطرة على نفسه وأصيب عدد منهم بأعراض من الاضطرابات النفسية والاكتئاب.
تدعي سلطات الاحتلال دائماً أن أهداف عزل الأسرى هو الحفاظ على الأسير ومنع الإضرار بسلامة المعتقلين وحماية أمن الدولة، ولكن الواضح أن هذه الأهداف ما هي إلا غطاء لسياسة انتقامية ووحشية هدفها إذلال الأسير وتحطيم نفسيته وتدميره والنيل من عزيمته والانتقام منه على خلفية ما قام به قبل اعتقاله.
تقوم إدارة السجون وجهاز المخابرات بعزل الأسرى القيادات والنشطاء في السجون والذين يمثلون حالة نضالية ورمزية وذلك لمنعهم من التواصل مع الأسرى، ولتحجيم فعاليتهم في مواجهة سياسة إدارة السجون وأعمالها التعسّفية.
وواضح من خلال قراءة أسماء الأسرى الذين تم عزلهم، أن قرار العزل كان سياسياً ومن جهات رسمية ومن الحكومة كعزل مروان البرغوثي لمدة عامين واستمرار عزل أحمد سعادات وإبراهيم حامد وغيرهم.
وقد وضعت حكومة إسرائيل غطاءاً قانونياً لسياسة العزل الانفرادي وهي الدولة الوحيدة في العالم التي تشرّع وبقانون انتهاكاتها لحقوق الإنسان الأسير. فقانون مصلحة السجون الإسرائيلية لعام 1971، ينص على السماح بعزل الأسير تحت حجج أمنية، بحيث أصبح العزل وسيلة مشروعه بيد مدير السجن وضباطه.
وقد جرى تعديل على هذا القانون عام 2006، وتوسعت معايير احتجاز المعتقل في العزل وتوسيع صلاحيات المخوّلين بفرض عقوبة العزل على الأسرى ومنها محكمة العدل العليا التي تستند في ذلك إلى ما يسمى "تقارير سريّة" من جهاز المخابرات الإسرائيلي.
ولم تكتف سلطات الاحتلال بإبقاء المشروعية بعزل الأسرى بيد سلطات السجون والمحكمة العليا، وإنما وضعت قانوناً لتشريع عزل الأسرى الفلسطينيين يسمى "قانون شاليط" الذي أقرّه الكنيست الإسرائيلي بالقراءة التمهيدية الأولى يوم 26-5-2010، والذي ينص على تشديد العقوبات والإجراءات بحق المعتقلين ومنها عدم تحديد فترة عزل الأسير انفرادياً وإبقائها بشكل مفتوح، إضافة إلى منع زيارات العائلات وحرمان الأسرى من التعليم وقراءة الصحف ومشاهدة التلفاز وغيرها.
ويقبع الأسرى الفلسطينيين المعزولين في أقسام السجناء الجنائيين الإسرائيليين المعزولين، ولكن الأسرى الفلسطينيين المعزولين انفرادياً لا يحصلون على الحد الأدنى من الحقوق والامتيازات التي يتمتع بها السجناء الجنائيون الإسرائيليون المعزولون. وأكبر دليل على ذلك هو السجين الإسرائيلي المعزول انفرادياً "إيغال عمير" قاتل رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين، حيث يحظى هذا السجين بزيارات عائلية دائمة، والاتصال الهاتفي، واستلام الكتب والصحف.
وكان استشهاد الأسير رائد أحمد أبو حماد، 31 عاماً من سكان القدس، بتاريخ 14-6-2010، في زنازين عزل بئر السبع بعد سنة ونصف من عزله جرّاء الاعتداء عليه داخل زنزانته وإصابته بضربة قاتلة أسفل العمود الفقري، حسب تقرير الطب الشرعي، قد فتح ملف الأسرى المعزولين وألقى الضوء على هذه السياسة الخطيرة والتي تحوّلت إلى أداة لقتل الأسرى سواء بشكل مباشر او غير مباشر.
وقد بدأ الأسرى بخطواتهم الاحتجاجية ضد سياسة العزل الانفرادي على ضوء فشل كافة الجهود القانونية على الصعيدين المحلي والدولي التي هدفت لردع إسرائيل عن ذلك، وقد وصل تفكير الأسرى إلى تصعيد المواجهة بخوض إضراب انتحاري مفتوح على الطريقة الأيرلندية حسب قولهم تقوم به نخبة من المعتقلين من أجل إثارة قضية العزل بشكل أوسع وتحميل المجتمع الدولي ومؤسساته المسئولية الدولية في سبيل التحرك والضغط لوقف هذه السياسة الخطيرة.
إن سياسة العزل الانفرادي هي سياسة موت بطيء للأسرى تنتهك من خلالها حكومة إسرائيل كل المواثيق الدولية والإنسانية التي تلزم دولة الاحتلال بتوفير الحماية للأسرى وضمان حقوقهم الإنسانية والمعيشية واحترام كرامتهم وإنسانيتهم.
ومن هذه القوانين والاتفاقيات: لائحة لاهاي لعام 1907 والمتعلقة بقوانين وأعراف الحرب، اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة المتعلقة بأسرى الحرب وحماية الأشخاص المدنيين، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بهذا الشأن.
حكومة إسرائيل تضرب بعرض الحائط كل هذه القوانين والقواعد الدولية وتتصرف كدولة فوق القانون الدولي الإنساني، بل تستهتر بهذه المبادئ والقيم الدولية، ولا زالت تمعن في ممارساتها التعسفية بحق الأسرى والتي أخطرها عزلهم انفرادياً وبشكل مفتوح.
فيما يلي أسماء الأسرى عدد من الأسرى المعزولون انفرادياً والذين يتوزعون في سجون رامون وبئر السبع والرملة وهشارون ونفحة:
أحمد سعادات، عاهد أبو غلمة، عبدالله البرغوثي، جمال أبو الهيجا، محمود عيسى، إبراهيم حامد، حسن سلامة، هشام شرباتي، أحمد المغربي، مريم طرابين، يحيى السنوار، أحمد أبو السعود.