الاسير المحرر جمال الطويل يروي تفاصيل الأسر والإبعاد
نشر بتاريخ: 15/10/2011 ( آخر تحديث: 15/10/2011 الساعة: 16:23 )
القدس- معا- اشاد فهد ابو الحاج مدير عام مركز ابو جهاد لشؤون الحركة الاسيرة في جامعة القدس، بوقوف والتفاف الجماهير حول مطالب الاسرى ودعما لاضرابهم، وذلك عبر خروج مسيرات عدة في كافة المناطق الفلسطينية لاسناد الاسرى في اضرابهم، معتبرا ذلك تحقيقا للدعوات العديدة والتي نادت بجعل اضراب الاسرى هو قضية الجماهير الفلسطينية الاولى وليس فقط الاكتفاء بالتضحية الجسدية من قبل مئات الاسرى داخل السجون.
وحمل ابو الحاج حكومة الاحتلال مسئولية اي اذى جسدي قد يلحق بالاسرى ،نتيجة استمرارها بالتعنت ورفض تحقيق مطالب الاسرى العادلة والمحقة ، حيث انه وبعد فشل اللقاء الذي اجراه ممثلو الاسرى مع مصلحة السجون الاسرائيلية ،بدت لغة التعنت والتحدي على مصلحة السجون، كما طغى على هذا اللقاء التصلب والتمسك بالمواقف من قبل ممثلي الاسرى ،ذاكرا بان مصلحة السجون تغشى من وحدة وتماسك الاسرى وتسعى الى تشتيت صفوفهم ،عبر اجرائها لتنقلات عديدة تهدف الى خلق بلبلة في في ثباتهم ،واصفا هذه الاجراءات بالمؤشر السلبي على التلبية القريبة لمطالب الاسرى.
كما اوضح ابو الحاج بان الاسرى قد وصلوا الى نقطة اللاعودة في اجرائاتهم التصعيدية ،وبالذات بعد الاجتماع الذي جرى مع مصلحة السجون ،وان الاسرى قرروا اللجوء الى الاضراب المفتوح ، وانه اذا ما استمر التعنت ورفض المطالب ،فان كافة الاسرى سيعلنون الاضراب المفتوح ،متسلحين بعدالة مطالبهم وبالتفاف جماهير شعبنا حول مطالبهم.
ودعا ابو الحاج الى الاستمرار بتصعيد الخطوات الجماهيرية والعودة الى وضع خطة وطنية شاملة تصلح لتغطية كافة ايام الاضراب والتي بات من الواضح انها ستكون طويلة ، وحيا العديد من الشبان والشابات اللذين اعلنوا اضرابهم في عدة منطاق تضامنا مع اضراب الاسرى، متمنيا المزيد من تلك الخطوات البمؤثرة محليا ودوليا، وفي ختام حديثه وجه ابو الحاج دعوة الى تشكيل فريق وطني موحد لاسناد الاضراب يعمل على فضح الممارسات الاسرائيلية وتغطية فعاليات الاضراب ،وذلك لما للاعلام من اهمية جوهرية في تصليب مواقف الاسرى.
الحقة الثانية
من جانب اخر يواصل مركز ابو جهاد سرد بطولات العديد من الاسرى المحررين مخصصا هاذا الاسبوع للحلقة الثانية من السيرة النضالية للاسير المحرر جمال الطويل، والتي يعرج فيها على سرد تجربته في الابعاد في مرج الزهور واصفا العلاقة التي قامت مع الاهالي في الجوار ،وموقف اسرائيل من قضية الابعاد ، ثم نجاحه بتجاوز كل المحن ،واستئنافه لدروب حياته وعمله كمدرس ،والمحطة الابرز في مسيرته كرئيس منتخب لبلدية البيرة والتي لا يزال يرئسها الى الان.
العلاقة مع الأهالي في الجوار.
يصف المناضل الطويل تلك العلاقة كما ياتي "لقد حظينا بعلاقة حميمة دافئة مع الأهالي بسبب التزامنا بحدود وأصول اللياقة الاجتماعية ، والتزامنا بأدب الجوار والضيافة ، وكان هؤلاء الأهالي يجمعون لنا التبرعات والأغذية والأغطية، بالمقابل عندما كنا نحتاج الى أي شيء كنا نشتريه بالمال ، واذكر انه كان بجوارنا بستان من التين فقام الأخوة باستئجاره من أصحابه حتى تمكنا من دخوله والتصرف بثماره حسب الأصول ، وكنا نقوم ببعض النشاطات الزراعية البسيطة كزراعة البقدونس والنعنع " .
موقف إسرائيل من المبعدين بعد الإبعاد ؟
اما عن كيفية تعامل اسرائيل مع ملف المبعدين بعد ابعادهم فيقول " في ضوء ما كنا نقوم به من أنشطة وتظاهرات ، بالإضافة الى التحرك الجماهيري الكبير والمتواصل في الأرض المحتلة ، وقرار مجلس الأمن رقم 799 قررت إسرائيل امتصاص غضب المجتمع الدولي ، فقامت بتقسيم المبعدين الى ثلاثة أقسام .
القسم الأول : مبعدون يمكنهم العودة فورا الى منازلهم وعددهم 101 مبعدا.
القسم الثاني : مبعدون يمكنهم العودة الى الديار لكن صدرت بحقهم أحكاما عسكرية ،عليهم إنهاؤها في السجون الإسرائيلية .
القسم الثالث : يمكنهم العودة بعد مرور سنة على إبعادهم؟
وبالفعل فقد تم إعادة المبعدين على دفعتين الأولى في شهر 9/1993م ، والثانية في شهر 12/1993م ، ومن بين الدفعتين تم اقتياد مبعدين الى السجون منهم من أمضى فترات طويلة ومنهم من أمضى أياماَ قليله "
العمل في التدريس .
بعد انتهاء محنة مرج الزهور، والعودة الى مدينة البيرة حصل على وظيفة مدير مدرسة خاصة،الا ان مشواره الاعتقالي لم ينتهي بعد فيقول " وفي يوم 18/4/1994م ، اعتقلت للمرة الثالثة وأمضيت شهرا ونصف الشهر اعتقالا إداريا وأفرج عني ، وبتاريخ 24/10/1994 اعتقلت للمرة الرابعة اعتقالا إداريا لمدة ستة أشهر ، ثم اعتقلت مرة خامسة يتاريخ 6/3/1996 لمدة ستة عشر شهراً وكان ذلك على خلفية التحضير لانتخابات بلدية البيرة ، وبعد خروجي من السجن توليت رئاسة جمعية الإصلاح الخيرية ".
وخلال الاجتياح الإسرائيلي لرام الله والبيرة في نيسان 2002م ، اعتقل للمرة السادسة بتاريخ 15/4/2002م ، ويصف هذه التجربة "على الفور نقلت إلى سجن المسكوبية بالقدس المحتلة حيث خضعت هناك لتحقيق قاس استمر 28 يوماً ، تعرضت خلالها لأبشع أنواع التعذيب التي تمثلت في الشبح المتواصل على مدار الساعة ، ولعدة أيام وبدون توقف ، يتخللها ساعة واحدة للراحة أمضيتها في الزنزانة أو مكاتب المحققين ،بالإضافة إلى حرماني من النوم والطعام لساعات طويلة.
وخلال وجودي في المسكوبية تعرضت لعملية نقل وقائعها اقرب ما تكون الى الاختطاف منها الى النقل من زنازين المسكوبية الى مركز تحقيق أخر، حيث هجم علي وبشكل همجي ومفاجئ نحو عشرة جنود ، وطرحوني ارضا واوثقوني بالقيود والقوا بي في سيارة عسكرية كانت تنتظر خارج المعتقل ، ونقلوني إلى معتقل لم استطع تحديد مكانه بشكل دقيق ،لكنني أقدر أنه معسكر لجيش الاحتلال يقع بالقرب من مدينة نهاريا ومكثت فيه ستة أيام ، أقل ما يمكنني القول عنها " أنها من أقسى أيام حياتي"، وتعرضت هناك لمحاولات لكسر العمود الفقري عبر رفع ذراعي اليمنى المكبلة بالأصفاد ووضعها أسفل ذقني والضغط من خلالها على رأسي للأعلى حيث كانت هذه الطريقة من أكثر الأمور والإجراءات تهديداً للحياة.
ومن هذا المكان عدت إلى زنازين المسكوبية ، فمكثت فيها خمسين يوماً أخرى من التحقيق وقد اخبرني ضباط المخابرات بأنهم سيعتقلون زوجتي وأطفالي ،كما أعادوني مرة أخرى إلى مركز التحقيق حيث أمضيت فيه 39 يوماً عرضوا علي خلالها الإبعاد إلى أي بلد أختاره ، لكن الجواب كان الرفض،وكان يحقق معي سبعة محققين في آن واحد ،وعلي أن أرد على أسئلتهم معا ،وكان هذا من الأمور الغريبة التي اتبعت في استجوابي بقصد تشتيتي وتدمير قدرتي على التركيز ، وقد فقدت من وزني خلال هذه المرحلة أكثر من خمسة عشر كيلو غراما.
وأمضيت هذه المرة ست سنوات كاملات في السجن ، ثلاث سنوات محكوما ، وثلاث أخريات معتقلا إداريا ، وخلال وجودي في الأسر انتخبت رئيسا لبلدية البيرة في يوم 15/12/2005م ، وخرجت من السجن في يوم 15/12/2007م ، وقبل خروجي من السجن كانت المخابرات الإسرائيلية تقوم باستدعائي وتمارس علي الضغوط لحملي على الاستقالة من وظيفتي قبل تسلمها ، ويضعون ذلك كشرط لخروجي من السجن ، وإما تجديد قرار الاعتقال الإداري بشكل مفتوح ، أو الإبعاد إلى خارج الوطن.
رئيسا فعليا لبلدية البيرة.
بعد خروجه من السجن في يوم 15/12/2007م ، باشر مهامه كرئيس منتخب لبلدية البيرة ، لكن الاحتلال لم يكف عن ملاحقته والتضييق عليه بكل الطرق ، فامتهن مهمة اقتحام مبنى البلدية بقصد التفتيش والتخريب ، واعتقال العديد من زملائه كنائب الرئيس وبعض أعضاء المجلس وموظفين ، بهدف تعطيل سلاسة العمل والتسبب في فشله وخروجه من مؤسسة البلدية ، لكن هذا وغيره لم يثننيه عن الاستمرار في أداء واجبه الذي نال الثقة عليه من خلال صندوق الاقتراع ، وتمكن المجلس البلدي من أنجاز عشرات الأعمال والمشاريع منها :-
على صعيد مؤسسة البلدية.
1- تطوير هيكلية البلدية :
بعد توزيع مهام العمل على أعضاء المجلس البلدي ، الذين اعتقل بعضهم ،أنجز المجلس خطة إعادة هيكلة مؤسسة البلدية وفقا لأحدث طرق العمل الإداري الحديث ، حيث تم تكليف شركة خاصة في مضمار التطوير الإداري وتصميم الهيكليات .
مشاريع عامة .
1- مشروع شبكة الصرف الصحي .
بتاريخ 24/9/2008م ، باشرت بلدية البيرة بإستكمال مشروع شبكة الصرف الصحي للمنطقة الشمالية لمدينة البيرة وهي منطقة الإذاعة والبالوع .
2- شق وتعبيد الطرق .
شق وتعبيد طرق جديدة في منطقة السلاميه ، وشق وتعبيد مجموعة كبيرة جدا من الشوارع الداخلية ، بما فيها شوارع المنطقة الصناعية في مرحلتها الأولى ، ومشروع تصريف مياه الأمطار في محيط مسجد البيرة القديم " العين " .
3- مشروع تأهيل شارع نابلس - البيرة.
أنجزت بلدية البيرة هذا المشروع ، بالتعاون مع وزارة الحكم المحلي وبتمويل من صندوق أبو ظبي ويشتمل المشروع على إنشاء خط لتصريف مياه الأمطار في الجهة الغربية من الشارع ، وإعادة بناء الأرصفة والجزر الوسطية ، وتأسيس خطوط للأعمال المستقبلية في جميع التقاطعات ، بالإضافة إلى وضع أرضيات جديدة للشارع .
4- مشروع محطة تنقية المياه العادمة.
أنجزت بلدية البيرة مشروع محطة التنقية ،منذ سنوات هذا المشروع لكننا نعكف على تطويره . بشكل متميز بسبب أهميته الكبيرة للمدينة والمناطق ألمحيطه بها وحاجة هذه المناطق الملحة لهذه المحطة ، وتمثل المحطة نموذجا بارزا للتطور التقني الذي يتمثل في منظومة الصرف الصحي ، كما أن مشروع الصرف الصحي بمدينة البيرة يعتبر المشروع الأكثر تكاملا وتقنية في فلسطين ، وتمثل المحطة بمنظومة الصرف الصحي نموذجا رائدا في هذا المجال.
مشاريع الحدائق والمتنزهات.
1- تطوير مشروع مركز البيرة لإسعاد الطفولة .
إيمانا من البلدية بضرورة تنمية الأطفال في جو يمنحهم الإستمتاع بطفولتهم ، وذلك لإنشاء جيل جديد محب لمدينته ويعمل على تطويرها وإنمائها ، فقد قامت البلدية بتطوير مشروع إسعاد الطفولة الذي أسس في العام 1999 ، ويحتوي المركز على ألعاب للأطفال وساحات للعب والمرح ، وجلسات للأهل ليراقبوا أطفالهم عن كثب . ويقوم المركز بتنمية قدرات ومواهب الأطفال من خلال برنامج الإنتساب لعضوية المركز للإستفادة من جميع الأنشطة والبرامج التي يقدمها.
3- تطوير متنزه بلدية البيرة العام .
أولت البلدية هذا المشروع الأهمية التي يستحقها ، من خلال اعتماد خطة لتطوير " متنزه البلدية العام " ، بما يليق بمركزية مدينة البيرة .
4- مشروع سوق خضار بلدية البيرة – السلاميه .
نبعت أهمية إنشاء هذا السوق بسبب الحاجة الى تخفيف الضغط عن وسط المدينة ، حيث أصبح السوق القديم ، لا يتسع لعمليات البيع بالجملة ووقوف الشاحنات في وسط البلد ، فتداعى مهندسو البلدية الى ابتكار هذه الفكرة وهي إخراج سوق البيع بالجملة من السوق القديم الى سوق خاص بتجار الجملة .
المشاريع الإنشائية .
1- إستاد البيرة الدولي .
تمكن المجلس البلدي من إستكمال العمل في مشروع إستاد البيرة الدولي ، وهو قائم في موقع ملاصق لمستوطنة بسغوت ، الأمر الذي أدى الى تعطيل العمل بهذا المشروع مرارا وتكرارا .
2- إعادة افتتاح المسلخ البلدي .
بعد إغلاق المسلخ البلدي من قبل سلطات الاحتلال لأكثر من خمس سنوات متواصلة ، بسبب قربه من مستعمرة بيت أيل ، حيث تمكنت البلدية من إعادة افتتاحه مؤخرا ، بالتعاون مع العديد الجهات الرسمية وفي مقدمتها دولة رئيس الوزراء ووزارة الشؤون المدنية .
3- إفتتاح مقبرة جديدة .
قام المجلس بتخصيص قطعة ارض مناسبة لتصبح مقبرة جديدة بعد أن امتلأت المقبرة القديمة تماما وأصبح هذا الوضع يشكل مشكلة حقيقية تواجه المواطنين في مدينة البيرة.
4- المباشرة ببناء برج المنارة الذي بدأ العمل به في تموز 2010م .
5- تمكن المجلس من بناء مدرستين الأولى في منطقة عين أم الشرايط ( مدرسة الوحدة ) والثانية في منطقة البالوع ( مدرسة المستقبل الصالح ) كما قام قسم الصيانة في البلدية بإعمال صيانة في أكثر من ثلاثة عشر مدرسة في المدينة ، ونحن ألان بصدد مباشرة بناء المدرسة التركية الممولة من مؤسسة ( تيكا ) التركية ، بالإضافة الى افتتاح العديد من الميادين كميدان ( أسرى الحرية ) و ميدان ( أحمد الشقيري )، ونستعد الآن في هذه الأيام لإقامة ميدان (فلسطين /البيرة )
اعتقال الزوجة.
في مساء يوم 8/2/2010م ، اقتحم الجيش الإسرائيلي منزل جمال الطويل في مدينة البيرة، وكان ذلك بعد الافراج الاخير عنه بثلاثة شهور ، وكان اقتحام الجيش للمنزل قاسيا ووحشيا ويصف الطويل هذه التجربة بالقول " كعادة الاحتلال الدائمة ،في ليلة مظلمة باردة، فزع اطفالي وأهل البيت من هول المشهد ووحشيته ، وتم جمع العائلة في غرفة واحدة، فتشوا البيت ، وبعدها طلبوا من زوجتي السيدة ( منتهى خالد الطويل - أم عبد الله ) ان تجهز نفسها ، فقلت لهم: " مش معقول أكيد انتم تريدون أبو عبد الله، فردوا: لا أم عبد الله " .
فجهزت الزوجة نفسها، وبدأ الأطفال في البكاء، وكانت زوجتي ثابتة متماسكة، وطلبت منا الصبر والثبات وعدم البكاء، وقالت لنا " إني راجعة قريبا إن شاء الله " ، كان لتشجيعها هذا دور في التخفيف عن اطفالها ، ولم تخرج من البيت إلا عندما جفت دموع الصغار ، وظهر عليهم الثبات ، اما انا فقد تملكني الذهول والقلق وادركت بان الاسرائيليين قد ادخلوني في مرحلة جديدة من المواجهة معهم ،وأنهم يريدون هذه المرة المساس فعلا باسرتي ، هنا وامام هذا المشهد المأساوي عادت بي الذاكرة الى ما قاله لي ضباط المخابرات الاسرائيليين اثناء التحقيق معي في سجن المسكوبية في نيسان 2002م ، " باننا سنقوم باعتقال زوجتك واطفالك " .
بعد الاعتقال لم توجه لزوجتي تهم محددة ، فتم اعتقالها اعتقالا إداريا لمدة ثلاثة عشر شهرا ، وتجديد اوامر الاعتقال اربعة مرات ، ومكثت كامل فترة اعتقالها في سجن هشارون ، وفي الحقيقة كانت هذه التجربة من أقسى وأمر واظلم التجارب التي واجهتها في حياتي .
تجربة في منتهى القسوة.
غياب الزوجه لم يكن بالشيء الهين عليه ويصف ذلك بقوله " اقول لك بصراحة ووضوح تامين ، شاء الله وما قدر فعل ، لكنه كان لغياب ام عبد الله كبير الاثر في نفسي فهي المرة الاولى بعد 22 عاما من الزواج التي اوجه فيها مسؤوليات البيت وجها لوجه بما فيها امور المطبخ ورعاية الصغار ،فحاولت انا وابنتي بشرى تدبير امور المنزل ووزعنا الادوار فيما بيننا وخاصة في شهر رمضان ، والحمد لله فقد سارت الاحوال على ما يرام بسبب وجود بشرى التي تمكنت من اكتساب خبرة المطبخ من والدتها ، بالاضافة الى مساندة حماتي لنا والتي كان لها فضلا كبيرا علينا في تلك المرحلة ، وقد ساهم غياب ام عبد الله في صقل تجربة الاولاد وتصليبهم عودهم وتعويدهم على الاعتماد على النفس ، وكانت هذه المحنة من فضل الله وحسن تدبيره نعمة في طي نقمة ،وقد زادت من صلابتنا وتضامننا بحمد الله وفضله ، وفي هذا المقام اكرر قول الشاعر .
حبست فقلت : ليس بضائري حبسي واي مهند لا يغمد
والحبس ما لم تغشه لدنيئة شنعاء نعم المنزل المتودد
إعتقال ابنتي بشرى.
بعد اقل من أربعة شهور على إطلاق سراح زوجته ، وبتاريخ 6/7/2011م دهم جيش الاحتلال منزله من جديد ، وهذه المرة احتار فيمن سيكون هدف الاعتقال هو أم زوجته ، ولكن كانت المفاجئة المروعة وذات الأثر الجارح في نفسه بان ضابط المخابرات الإسرائيلي كان يريد اعتقال ابنته الوحيدة بشرى ( 17 عاما ) التي خرجت الى هذه الدنيا عندما كان هو مبعدا في مرج الزهور ، ويقول في وصف ما جرى حين اعتقالها " طلبت من ضابط المخابرات أن يأخذني بدلاً منها ، إلا انه أصر على اعتقالها ،وقال لي " هذه المرة نريد بشرى ، أما أنت فبرشك محفوظ وبانتظارك فلا تقلق سنعود لك ، ولو كان الامر بيدي تابع ضابط المخابرات الإسرائيلي قائلا " فأنني أريد أن اعتقل كافة أفراد أسرتك ، فانا لا استوعب أي واحد منكم ، ولكن الأوامر لدي ألان باعتقال بشرى " ، وتم نقلها مباشرة الى سجن المسكوبية ومنه الى سجن عسقلان ومن غرائب هذا الاحتلال أنة لم يعثر لغاية الآن على تهمة ما يوجهها لبشرى ، فاتهمت بأنها استلمت مبلغا من المال قدره 4000 دولار عائد لي ولوالدتها ، اما التهمة الاخطر والتي وجهت فعليا لها فهي ، إنها ابنة جمال الطويل ، وبالفعل هذه هي التهمة التي يوجهها لها الادعاء العام الإسرائيلي في المحكمة ، بأنها ابنة جمال الطويل وان والديها لهما نشاطات اجتماعية منها إنني رئيس بلدية البيرة ".
حدث ذلك بعد أن أنهت بشرى تقديم امتحانات الثانوية العامة كغيرها من الطلبة الذين وصلوا الليل بالنهار وتعبوا طوال عام كامل يترقبون لحظة النجاح بالامتحان لدخول المرحلة الثانية من حياتهم، المرحلة الجامعية ،بعد الحصول على قسطا من الراحة بعد إنتهاء الامتحانات ، لكن جيش الاحتلال زعزع هذه الأجندة ، لكنه بتقديري لن يتمكن من إلغائها ، قد يستطيع تأجيلها لكنه لن ينتصر أبدا على ( بشرى )، ولا على غيرها من الشباب والشابات الوطنيين ، أما بشرى التي لم يفاجئها ولم يفاجئنا جميعا اقتحام جيش الاحتلال ومخابراته لمنزلي ، إلا أنها بكل تأكيد فوجئت كما فوجئت انا بأنها المستهدفة من هذه الحملة ، وليس والدها او والدتها كما جرت عليه العادة ، لكن الزنازين هذه المرة أعدت لها لتضاف إلى سجل عائلة أسيرة ليكون الزوج والزوجة وابنتهما خط الثبات والصمود.
ومن جديد عدت وتذكرت ما قاله لي ضباط المخابرات في العام 2002م ، عن عزمهم على اعتقال كافة أفراد أسرتي ، حيث كان لبشرى من العمر حينذاك تسع سنين ، ولم أكن اعلم بان المخابرات الإسرائيلية تنتظر أطفالي ليبلغوا سن الشباب حتى يقوموا باعتقالهم ، وتأكيدا على أن هذا الأمر ما زال يشكل احد ثوابت المخابرات الإسرائيلية في التعامل معي، وكأنه وصية مسجلة في ملفي لديهم ، بأنه يجب إعتقال كافة أفراد عائلة جمال الطويل منفردين او مجتمعين ، حيث قلت لضابط المخابرات اتركوها الآن وأنا سأقوم بإحضارها غدا ، فقال لي ذاك الضابط " لو أن الأمر بيدي لاعتقلت كل عائلتك ألآن ، ونقلتكم جميعا إلى الزنازين ".
لكن بشرى قوية وناضجة ولديها من الوعي ما يكفي لنجاحها في مواجهة هذه المحنة ، وأنا لا إخفي عليك بأن إعتقال بشرى قد اثر في وجرحني أكثر من إعتقال والدتها بسبب حداثة سنها ، فهي وفقا لوصف أمها لها بانها طفلة لها أقدام عالية .
الزيارات للمتحف
حيث زار المتحف اعضاء فرقة العاشقين للفنون الشعبية ،ضمن جولة لهم في محافظة القدس وجامعة القدس للتعرف على اهم المؤسسات المقدسية الوطنية وحمل هذه الرسالة لكل المحافل الدولية وكان باستقبالهم الاستاذ فهد ابو الحاج مدير عام المركز والمتحف، الذي رحب بهم ووضعهم في مراحل انشاء المتحف وما رافقها من صعوبات وبنفس الوقت اصرار على ضرورة وجود مؤسسة تحتضن نضالات وانجازات الحركة الاسيرة الفلسطينية، وقدم شرحا حول المعروضات والمجسمات وما تجسده من معاني تمارس داخل المعتقلات الاسرائيلية.
وابدى اعضاء الفرقة اعجابهم بهذا الارث العظيم الذي يجسد معاناة الفلسطينين بشكل عام والاسرى بشكل خاص وتقدموا بالشكر لاستاذ فهد ابو الحاج ولجامعة القدس لمجهودهم واحتضانهم لهذا الصرح الوطني.