الثلاثاء: 24/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

الإعلان عن وثيقة دعم وتطوير مسار المصالحة الفلسطينية

نشر بتاريخ: 16/10/2011 ( آخر تحديث: 16/10/2011 الساعة: 13:43 )
رام الله- معا- نظم المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية بالتعاون مع مبادرة إدارة الأزمات الفنلندية، أول من أمس (الجمعة)، ورشة عمل في كل من قاعة جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في البيرة وغزة، عبر تقنية "الفيديو كونفرنس"، تم فيها الإعلان عن، ومناقشة، "وثيقة دعم وتطوير مسار المصالحة الفلسطينية" التي جاءت حصيلة 3 ورشات عقدت في هلسنكي وأنقرة واسطنبول، وشارك فيها عشرات الشخصيات الفلسطينية المستقلة والفصائلية من الضفة الغربية وقطاع غزة وأراضي 1948 والخارج.

وافتتح مدير البحوث في المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات خليل شاهين، الورشة، التي أدارها في غزة منسق شبكات المنظمات الأهلية محسن أبو رمضان، بكلمة أشار فيها إلى أن الوثيقة لا تعكس رأي أي من الفصائل، وإنما الشخصيات التي شاركت في صياغتها وفي الحوارات المكثفة ضمن ورش العمل الثلاث، دون أن يعني ذلك حيازة كل فكرة واردة فيها على موافقة الجميع. وقال إن قيمة هذه الوثيقة أنها تؤكد أن التوافق الوطني ممكن إذا توفرت الإرادة لتحقيق ذلك.

وقدّم للوثيقة كل من ممثل مبادرة إدارة الأزمات معين رباني، بقوله "رأينا أن جهدنا يجب أن يكون متكاملًا مع الجهود الرسمية في تحقيق المصالحة"، وشاركه الرأي مدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية هاني المصري، الذي أشار إلى أن الوثيقة حاولت تقديم تفسير مختلف لتذليل العقبات التي تعترض طريق تحقيق المصالحة؛ كالملف الأمني الذي يعني تأجيله إلى ما بعد الانتخابات، التعايش مع الانقسام، لاسيما أنه بدون توحيد الأجهزة الأمنية لن تتحقق المصالحة، موضحا أن الوثيقة تقترح على هذا الصعيد البدء بعملية متدرجة لإعادة بناء وهيكلة وتوحيد هذه الأجهزة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة.

وقال المصري: الانتخابات يجب أن تكون على كل المستويات المحلية والتشريعية وللمجلس الوطني في منظمة التحرير الفلسطينية، الذي يعتبر ضروريًا للنهوض بها، بالإضافة إلى وجود محور خاص في الوثيقة يتناول قضية الحقوق والحريات، ودعا إلى حفظ الحقوق وإدانة منتهكيها، مستنكرًا ربط إنهاء الاعتقالات السياسية في الضفة والقطاع بانتهاء الانقسام.

وكانت مجموعة دعم وتطوير مسار المصالحة الفلسطينية قدمت الوثيقة في إطار ذي زوايا خمس هي: البرنامج السياسي الفلسطيني، الحكومة، الأمن، التمثيل السياسي الفلسطيني، القضاء وسيادة القانون وحماية حقوق الإنسان.

وتُولي الوثيقة أهمية لإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية وقيام السلطة بدورها كأداة بيد المنظمة ووضع برنامج سياسي للحكومة ذاتها، بالإضافة إلى بلورة قواسم مشتركة تجسّد "ركائز المصلحة الوطنية العليا" لدعم وترسيخ وجود برنامج سياسي فلسطيني، يرتكز على أهداف إستراتيجية ثلاثة، هي: تمكين الشعب من ممارسة حقه في تقرير المصير، وحل مشكلة اللاجئين بما يتضمن حق العودة والتعويض، وضمان حقوق فلسطينيي الأرض المحتلة عام 1948.

وتدعو الوثيقة إلى الإسراع بتشكيل الحكومة، وتحديد دورها عبر التوافق على قضايا جوهرية كالبرنامج السياسي وإعادة بناء وتوحيد الأجهزة الأمنية بين الضفة والقطاع، والحسم في ثلاث مشاكل تتعلق بالانتخابات، هي: الفصل بين اختصاصات السلطة والمنظمة، ازدواجية العضوية في المجلسين التشريعي والوطني واختلاف النظام الانتخابي لكل من المجلسين الوطني والتشريعي، وتفعيل المجلس التشريعي ودوره الرقابي.

أما فيما يتعلق بالملف الأمني، فتدعو الوثيقة إلى اتباع سياسة التدرج في معالجة القضايا العالقة بشأنه، تمر بثلاث مراحل، أولاها دمج وتوحيد جهاز الشرطة والدفاع المدني، ثانيها دمج وتوحيد جهاز الأمن الوطني، وثالثها دمج وتوحيد جهازي الأمن الوقائي والأمن الداخلي تحت مسمى واحد وعودة جهاز المخابرات للعمل في غزة.

وترى أن مسألة التمثيل السياسي الفلسطيني مرتبطة بإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير على أساس إعادة صياغة الميثاق الوطني، إلى جانب إجراء الانتخابات المحلية قبل انتخابات المجلسين الوطني والتشريعي.

وتنتهي الوثيقة بركنها الخامس، وهو توصياتها بشان توحيد الجهاز القضائي بما يضمن استقلاليته وفقًا للقانون والتقيد بعدم تقديم مدنيين أمام المحاكم العسكرية أو النيابة العسكرية، والفصل في المسائل المطروحة على السلطة القضائية دون تحيز، وعدم جواز التدخل في إجراءات القضاء، بالإضافة إلى ضرورة هيكلة الجهاز القضائي بشقيه المدني والشرعي بشفافية وحيادية وفقًا للقانون.

وتوزع نقاش خلال الورشة على ما تضمنته الوثيقة، حيث أشاد معظم المتحدثين في البيرة وغزة بأهمية الوثيقة وجمعها لأفكار مختلفة، مقدمة الاتجاه الرئيسي الذي يمكن الاتفاق عليه فلسطينيًا، بالإضافة إلى غلبة الروح العملية الواقعية في التعامل مع أزمة الانقسام، وتحديدها لركائز المصلحة الوطنية العليا، وطبيعة المرحلة بأنها مرحلة تحرر وطني، والتدرج في عملية التنفيذ في الملف الأمني، الأمر الذي يكسبها ميزة عن وثائق سابقة حسب تعقيب بعض الحاضرين.

كما المداخلات في الوقت ذاته اقتراحات بتنظيم فعاليات وعقد مؤتمرات وطنية لدعم وتطوير مسار المصالحة، إلى جانب ملاحظات على الوثيقة، كغياب التركيز على قضية القدس في سياق اتفاق المصالحة، وغياب دور المرأة ووصف الوثيقة بأنها "أبوية"، والقطاعات الاجتماعية التي تعاني من الانقسام، وحول ذات النقطة رأت مشاركة من غزة أن المرأة لا تختزل في وثيقة، ولا حاجة لذلك، فالهم السياسي يقع على الجميع، ولا يجب فيه الفصل بين الرجل والمرأة، والبعض رأى ضعفًا واضطرابًا في بعض الصياغات والمصطلحات بسبب التعددية في اتجاهات وانتماءات المشاركين في النقاشات التي أفضت إلى بلورة الوثيقة.

ولم يتفاءل بعض المتحدثين بحدوث مصالحة قريبًا، بسبب تشبث السلطتين بمواقع القوة والنفوذ في كل من الضفة والقطاع، مشيرين إلى وجود فئة مستفيدة من الانقسام في كلا الجانبين، وأن اختفاءها هو أحد الخطوات نحو الاتفاق والمصالحة، بينما ركز البعض على ضرورة وجود إرادة سياسية ذات بعد شعبي يدفع نحو إنهاء الانقسام، في حين دعا البعض الآخر إلى التحرك بالتواؤم مع مناخ الربيع العربي وعدم تكرار دعوات إصلاح السلطة بل إسقاط النظام السياسي الفلسطيني القائم برمته.

وفي تعقيبه على المداخلات، أوضح المصري أن الوثيقة "ليست ناتجة عن هيئة أركان الثورة أو مجموعة شباب فلسطين"، بالتالي يجب ألا تُحاكم من هذا المنطلق، إنما هي عبارة عن آراء مختلفة، ولا ضير إن اختلفت الآراء في وثيقة واحدة، ذات خبرة في مجالات متعددة، مضيفًا أن انتظار تطبيق اتفاق المصالحة لا يعني التردد في تقديم ملاحظات تدعم وتدفع نحو تطبيقه. كما أشاد بالاقتراحات العملية التي قدمت سواء لتعميق الوثيقة، أو لإطلاق تحرك ضاغط في سبيل إنهاء الانقسام.

يذكر أن وفدا من مجموعة دعم وتطوير مسار المصالحة سيبدأ هذا الأسبوع جولة تهدف إلى تأمين الدعم لتحقيق المصالحة، تشمل لقاءات مع مسؤولين في مصر، وبضمنها مسؤولين في جامعة الدول العربية، إضافة إلى تركيا والاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع أن تتلوها فعاليات على مستويات مختلفة.