الثلاثاء: 24/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

الاتحاد الأوروبي يدعم برنامجاً تدريبياً لتجنيد متطوعين في الدفاع المدن

نشر بتاريخ: 17/10/2011 ( آخر تحديث: 17/10/2011 الساعة: 11:55 )
القدس-معا- يبلغ محمد عبيّات الخامسة عشر من عمره وهو طالب في مدرسة بيت لحم الثانوية للبنين. وقد أثار التدريب الذي تلقاه ومجموعة من زملائه الطلاب في المدرسة ذاتها انطباعا قويا لديه لدرجة انه يقول بصريح العبارة إنه كامل الجاهزية للتعامل مع حالات محددة من الأزمات. ومنذ أن انتهى من التدريب أجرى عبيات عملية تنفس صناعي لمسن فقد وعيه على قارعة الطريق. وعندما تسربت رائحة غاز الطبخ من مبنى صادف وجوده بقربه، طلب من سكان البيت فورا فتح النوافذ واستدعاء النجدة.

استهدف برنامج التدريب لتجنيد متطوعين في الدفاع المدني في الأراضي الفلسطينية المحتلة والذي يدعمه برنامج الاتحاد الأوروبي عشرة آلاف طالب فلسطيني تتراوح أعمارهم بين 13 و 17 عاما.

ولقد تمّ اختيار هذه الفئة العمرية دون غيرها لأن هؤلاء الطلاب يبدون اهتماما أكثر من غيرهم في نشاطات الدفاع المدني، إضافة إلى كونهم، وبحسب إحصائيات رسمية، يشكّلون النسبة الأعلى من السكان الفلسطينيين.

وبلغ عدد المتدربين 11778 طالبٍ وطالبةٍ، وقد فاق هذا العدد توقعات كل من منظمي البرنامج والمدربين. وقد جاء هؤلاء الطلاب، شبانا وفتيات، من 577 مدرسة موزعة في الضفة الغربية. وتم إدخال المعلومات الشخصية الخاصة بهؤلاء الطلاب الذين شاركوا في التدريب في قواعد البيانات الخاصة بالدفاع المدني إذ أن البرنامج بحد ذاته جرى إعداده ليصبح هؤلاء المتدربون قوة إسناد لوحدات الدفاع المدني.

ويشمل برنامج التدريب إطفاء الحرائق وحوادث الطرق والغرق والفيضانات وحوادث الإخلاء في حالات كالهزات الأرضية أو غيرها من الكوارث. وفي حالات الطوارئ يتم استنفار الطلاب إما للقيام بمهام وحدات التحرك الفوري قبل وصول وحدات الدفاع المدني أو كقوة إسناد ودعم لهذه الوحدات بعد وصولها إلى مكان الحادث.

ويقول عبيات: "إنني فخور بنفسي إذ أشعر وكأني أنقذت حياة بعض الناس." وأضاف "ذات يوم، جرى تدريب للدفاع المدني في مدرسة عبيات ودون سابق إنذار. وما أن انطلقت صفارات الإنذار حتى اطفأ أعضاء لجنة الطوارئ كافة مفاتيح الكهرباء وأغلقوا صنابير الماء والغاز. لقد كان مشهدا رائعا رؤية 585 طالبا وهم يركضون خارج غرف الدراسة ويصطفون في الساحة الرئيسة للمدرسة في غضون 25 ثانية فقط. ولم تكن هناك أية إصابات أو تدافع أو تأخير

وبالإضافة إلى تدريب الشباب، تعمل وحدات الدفاع المدني التابعة للسلطة الفلسطينية على رفع نسبة الإدراك الشعبي للحاجة إلى الالتزام بالحدّ الأدنى من قواعد السلامة العامة. وترتكز فكرة توسيع الإدراك الشعبي على قاعدة إرشاد الجمهور كيف يتصرف عندما تأزف الساعة وتتعرض المنطقة لكارثة ما.

بدوره عبّر أمجد كنعان الملازم في قوة الإطفاء الفلسطينية، عن شعوره بالسرور والراحة من برنامج التدريب الذي عمل عليه ومن تفاعل المتدربين الذين قضى معهم شهرين ويقول: "إن هؤلاء الطلبة يشكلون المستقبل لنا. انظر إليهم وأرى جيلا جديدا ناشئا يبرز أمامنا."

في مدينة قلقيلية في الجزء الشمالي من الضفة الغربية، تقول تغريد حسن، 17 عاما، إنها لم تتوقع أبدا أن تكون لديها الجرأة للانضمام إلى مثل هذه الدورة التدريبية. وتضيف: " في البدء شعرت بالخوف. لكن رؤيتي لزملائي وهم ينضمون إلينا اعطتني الشجاعة ما جعلني أقرر الاستمرار في الدورة.

واشعر الآن بأنني على قدرة تامة على توفير الدعم للمحتاجين. وتقول تغريد إن البرنامج ترك أثراً آخر لديها وتشرح ذلك بالقول: "اشعر بأنني شخص آخر الان، ذات شخصية جديدة، ربما تكون أكثر صلابة من ذي قبل. وانأ أحب هذا الشعور." ولدى سؤالها عما تقصده بقولها أكثر صلابة، تجيب: "لم أعد أشعر بأني فتاة الحي الصغيرة والخجولة."

تبلغ ليلى سبعة عشر ربيعا من العمر وتقيم في قرية وادي فوكين على الأطراف الغربية لمدينة بيت لحم. وتقول إن يوم التدريب الأول لها كان مخيفا جدا. وتضيف: "استمعت إلى المدرب وهو يتحدث عن إطفاء الحرائق وانتابني الذعر، حيث أنني أخشى النار،وفكرت بالانسحاب من الدورة، ولكني قلت لنفسي قد تكون هذه فرصتي الأفضل للتخلص من هذا الخوف." واليوم، تستخدم ليلى جهاز إطفاء الحرائق بكل سهولة.

وفي اليوم الذي جرى فيه تدريب عملي على إطفاء الحرائق في مدرستها، أمسكت ليلى بجهاز الإطفاء بيديها الصغيرتين وركضت باتجاه الإطار المشتعل ووصلت إليه في غضون ثوان معدودات، واستغرقها الوقت بضع ثوان أخرى للإجهاز على النار.

لهذا البرنامج جانب آخر وهو مساعدة الناس على اجتياز عتبة الخوف والدخول إلى عالم مختلف من الاندماج المجتمعي خاصة في وقت الشدة والكوارث حيث يشعر الناس بحاجة كل منهم للآخر.

وفي هذا السياق، يجذب برنامج التدريب الطلاب وذويهم قريبا باتجاه ثقافة الدفاع المدني، ما يزيد من قدرتهم على مواجهة الكوارث. مع كل النجازات التي تمّت، لا زال المشرفون على البرنامج يعتقدون أن بإمكانهم تحقيق إنجازات أفضل، لو تم توفير كلّ ما كان يلزمهم من معدات التدريب. خلال تدريب الطلاب على إطفاء الحرائق، لمست وحدات الدفاع المدني نقصا في عدد طفايات النار. واضطرت لجمع حوالي مائة وحدة كتبرع من القطاع الخاص المحلي.

كما تبرع القطاع الخاص بوسائل تدريبية أخرى مثل أجهزة العرض الالكترونية وألواح الشرح الورقية والقرطاسية. وعلى الرغم هذه التبرعات كشفت أن الدفاع المدني لم يكن على أتم الجاهزية من جهة، لكنها كشفت من جانب آخر عن عمق الشراكة القائمة بين الدفاع المدني والقطاع الخاص. حيث ستكون الاستفادة الكبرى من نصيب المجتمع الفلسطيني بأسره.

ويقول العقيد محمد البيروتي من مكتب الدفاع المدني في رام الله: "نأمل في استكمال هذا البرنامج. صحيح إننا واجهنا عقبات تمويلية ونقصا في المعدات لكننا عاقدون العزم على المضي قدما في هذا البرنامج في المستقبل." وأعرب البيروتي عن أمله في أن يواصل الاتحاد الأوروبي شراكته ويمدد الدعم الذي سبق وقدمه في هذا المضمار.