العمالة الفلسطينية في مستوطنات الاغوار شوكة في حلق مناهضة الاستيطان
نشر بتاريخ: 21/10/2011 ( آخر تحديث: 21/10/2011 الساعة: 01:02 )
اريحا- معا- استكمالاً للسلسلة التوثيقية الهامة عن الانتهاكات الإسرائيلية في الأغوار، والتي يرصدها مركز العمل التنموي/معا في السنوات الأخيرة، أصدر مؤخراً تقريراً بحثياً يضيء بعضاً من الجوانب الغير مشرقة التي أفرزها الواقع السياسي أملاً في التغيير وإيجاد البدائل، وذلك عبر تقرير "العمالة الفلسطينية في مستوطنات غور الأردن الزراعية"، الذي اعتمد أسلوب العينة العشوائية التي شكلت 18% من مجتمع الدراسة ( 1800 عامل وعاملة) يعملون في 20 مستوطنة زراعية، تستغل الأراضي المصادرة لزراعة النخيل والعنب والأعشاب الطبية والحمضيات والورود وغيرها من الأصناف.
وأنطلق التقرير من الحقيقة المؤلمة بأن اقتصاد المستوطنات بشكل عام والمستوطنات الزراعية المقامة على الأراضي الفلسطينية في غور الأردن بشكل خاص قد ارتبط بالعمالة الفلسطينية منذ الاحتلال الإسرائيلي عام 1967، فشكل قوة فاعلة للنشاط الاقتصادي في هذه المستوطنات نسبةً للخبرات والأجور الزهيدة وتجاهل المشغلين الإسرائيليين في المستوطنات لحقوقهم العمالية الأخرى.
وعلى الرغم من تذبذب أعدادها رهنا بالظرف السياسي المحلي والإقليمي، بالإضافة إلى استيراد العمالة الأجنبية من الخارج كبديل عن الأيدي الفلسطينية، إلا أن عمل 9500 عاملة وعامل فلسطيني في المستوطنات إجمالا، و 1800 عاملة وعامل دائمون في المستوطنات الزراعية المقامة على الأراضي الفلسطينية في غور الأردن منهم 8% إناث و 92% ذكور –حسب الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، يعتبر حجر عثرة أمام المساعي الوطنية لاستيعاب تلك الشريحة العاملة.
ولفت التقرير إلى أن الحديث عن العمالة الفلسطينية في المستوطنات الزراعية المقامة على الأراضي الفلسطينية في غور الأردن كان لا يمكن أن يشكل عبئا على أصحاب القرار الفلسطيني لو تم التعامل معها منذ نشوء السلطة الوطنية الفلسطينية، واستهدافها بجملة مشاريع إنتاجية موجهة لاستيعاب قدراتها وخبراتها ذات الكفاءة العالية في الزراعات التصديرية.
ونوه التقرير إلى أنه في الوقت الذي كان يجب أن تشكل فيه العمالة الفلسطينية في المستوطنات ورقة تمكن الجانب الفلسطيني الضغط على الاحتلال الإسرائيلي للإخلال في اقتصاد هذه المستوطنات من خلال حرمانها من جيش العمالة الفلسطينية المتخصصة خاصة أثناء الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1989 والانتفاضة الثانية عام 2000، استطاعت سلطات الاحتلال أن تحول الأزمة للعامل والسوق والاقتصاد الفلسطيني بشكل عام، فدفعت بمئات العمال الأجانب كي يحلوا مكان العمالة الفلسطينية بعد الانتفاضة الفلسطينية الأولى.
الحقيقة الأعمق والتي أشار التقرير إليها تتمثل في ما بعد الانتفاضة الفلسطينية الثانية في العام 2000 وتشديد سلطات الاحتلال وصول مئات العمال الفلسطينيين إلى أماكن عملهم في المستوطنات تحديدا في المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية في غور الأردن، حيث ربطت دخول المواطنين والعمال الفلسطينيين إلى غور الأردن بجملة إجراءات، بحيث عكست تعامل الاحتلال مع غور الأردن وكأنه جزء لا يتجزأ من دولة الاحتلال وليس أراضٍ فلسطينية محتلة.
وقد هدف التقرير إلى تناول واقع العمالة الفلسطينية في المستوطنات الزراعية المقامة على أراضي غور الأردن، والبحث في نظام العمل المتبع من قبل المشغلين الإسرائيليين في المستوطنات المشار إليها إضافة إلى الأجور والتحصيل العلمي للعمال. كذلك سعى إلى البحث عن نسبة العمال المجتازين للحواجز العسكرية التي أقامها جيش الاحتلال الإسرائيلي على مداخل الأغوار، والمدة التي يقضيها العمال على الحواجز وأسبابها. كما هدف إلى تناول عمالة الأطفال والنساء ضمن مجتمع الدراسة.
وجاء في معطيات التقرير الإشارة إلى أن العمال الفلسطينيين في مستوطنات غور الأردن هم من ثلاث محافظات فلسطينية هي نابلس وأريحا وطوباس، وقد شكلت محافظة نابلس النسبة الأكبر من العمال الفلسطينيين في مستوطنات غور الأردن بواقع 45% من إجمالي العمال. ويعمل العمال الفلسطينيون في مستوطنات غور الأردن بنظام المياومة حيث بلغت أجرة ساعة العمل 10 شيكل إسرائيلي، بينما توزع الأجر اليومي للعمال من مستوطنة لأخرى ومن عامل لآخر بين 50- 100 شيكل يوميا.
وقد شكلت الحواجز العسكرية للاحتلال الإسرائيلي على مداخل ومخارج غور الأردن، كما جاء في التقرير، عبئا لحوالي 73% من العمال الفلسطينيين الذين يمرون عبرها يوميا للوصول إلى أماكن عملهم في مستوطنات غور الأردن، حيث يمضي 52% منهم من 30- 60 دقيقة يوميا على الحواجز أثناء محاولة المرور للوصول إلى مكان العمل.
ورأى 85% من عمال المستوطنات الزراعية في غور الأردن أن المشغل الإسرائيلي لا يلتزم بتوفير الخدمات الصحية للعامل الفلسطيني لديه. بينما رأى 80% من العمال أن المشغل لا يلتزم بدفع مستحقات نهاية الخدمة للعامل خلال تجربتهم أو تجربة زملاء سابقين لهم في العمل. وقال 66% منهم أن المشغل الإسرائيلي لا يلتزم بتوفير شروط السلامة العامة لهم.
وبالنسبة لعمالة الأطفال في المستوطنات الزراعية المقامة على الأراضي الفلسطينية في غور الأردن فتبين أن هناك ما نسبته 5.5% دون سن 18 عاما، وأن ما نسبته 4.4% من عمال المستوطنات الزراعية المتزوجين يصطحبون فردا من العائلة دون سن 18 عاما للعمل معهم في المستوطنة، كما ربط التقرير بين ارتباط مستوى التعليم المتدني والاتجاه للعمل في المستوطنات الزراعية المقامة على أراضي غور الأردن، حيث أظهر أن 94% من العمال لم يجتز الثانوية العامة.
وقد أوصى التقرير بضرورة سعي المؤسسة الفلسطينية الرسمية لإقرار قانون مقاطعة العمل في المستوطنات بعد إيجاد بديل يكفل للعمال بشكل عام، ومن منهم في المستوطنات الزراعية بشكل خاص العيش بكرامة.
ودعا المؤسسات الأهلية ومؤسسات القطاع الخاص إلى تكثيف مشاريعها الإنتاجية في الأغوار للمساهمة في تنمية المنطقة التي تشكل 29.5% من المساحة الكلية للضفة الغربية، والمساهمة في خلق فرص عمل، وتحسين مستوى حياة الناس.
كما دعا التقرير مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدولية، ومؤسسات الأمم المتحدة التي تعنى بحقوق الأطفال في الأراضي الفلسطينية إلى بذل مزيد من الجهود للاهتمام بالأطفال، والى التواصل مع ذوي الأطفال العاملين في المستوطنات الزراعية، للحد من الظاهرة ولمحاولة إعادة المتسربين من المدارس لمقاعدهم واستيعاب الآخرين ضمن برامج تأهيلية تضمن عدم عودتهم للعمل في المستوطنات.