الإثنين: 23/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

التعليم والاقتصاد في فلسطين: تكامل أم انفصال !

نشر بتاريخ: 24/10/2011 ( آخر تحديث: 24/10/2011 الساعة: 15:35 )
في هذا العام تقدّم 35 ألف طلب لشغل وظيفة معلم في وزارة التربية والتعليم، ولم يتم تعيين إلا القليل، نسبه لا تتجاوز 1.50 % أما نسبة 98.50 % ستتنضم الى طوابير البطالة إضافة إلى باقي الخريجين الذين لم يتقدموا لوظائف التربية..
وفي كل عام يتخرّج من جامعاتنا 12 ألف خريج..

ويضاف لهم الطلبة المتسربون قبل الثانوية العامة، والطلبة خريجو الثانوية العامة الذين لم يحالفهم الحظ في النجاح، وآخرون نجحوا لكن لم يكملوا تعليمهم العالي..

ازدياد أعداد الخريجين والعمال المهرة وغير المهرة العاطلين عن العمل، لا يواكبه طلب السوق للعمل والعمال، في ظل طغيان التكنولوجيا التي تزهد بالعنصر البشري لتوفّر المال والجهد من جهة، ووجود السوق الحرّ الذي يزهد بدوره في المسؤولية الاجتماعية من جهة أخرى.
المشكلة تفتح فاها كل يوم، لكننا نمر حين نمرّ عنها-للأسف الشديد- وكأنها لا تعنينا..

ترى ما هي خططنا التنموية طويلة الأمد لعلاج لذلك؟

التعليم العام يكلف الحكومة والأهالي نفقات ليست بالقليلة، والتعليم الجامعي مكلف جدا، خصوصا ونحن نعرف مستوى الدخل لدى الغالبية العظمى من الأهالي، الذين يضطرون للاقتصاد والتقشف وبيع الممتلكات لتأمين نفقات التعليم العالي، والنتيجة..بحث طويل عن فرصة عمل!
آلاف الخريجين الباحثين عن فرصة عمل وآلاف العمال العاطلين، سيتزايدون باستمرار كل عام، لهذه الأرقام من تأثير على الحكومة وصناع القرارات؟
بل هل هناك واضعو سياسات وطنية يشغلهم هذا الهم نهارا وليلا؟

وماذا سيحصل مثلا إذا استمرت السياسية التعليمية في البلاد كما هي دون ربطها بالوضع الاقتصادي القائم؟
وهذا سؤال في السياسات الوطنية والاقتصاد والتعليم..
هذه هي المشكلة..
أما الحل فمهما حاولنا فلن يكون إلا مساهمة في تخفيف المشكلة لا حلها..
في سؤال التعليم والاقتصاد، سنجد أنفسنا داعين إلى زيادة التعليم المهني، كحل جزئي، لكن النسبة الكبيرة من الخريجين العاطلين عن العمل سيجدون مهاراتهم وخبراتهم تنقص كلما مرّت السنوات، فالشهادة العلمية في وقتنا الحاضر لا تكفي لوحدها لتأهيل الطالب للعمل في العالم المعاصر؛ لان التدريب أصبح لا يقل أهمية عن التعليم بل قد يزيد ..فهل تضع مؤسسات التعليم العالي في بالها احتياجات السوق الحقيقية في داخل فلسطين وخارجها؟ وهل تشرف وزارة التربية والتعليم العالي على الجامعات لتطمئن على الجودة والنوعية المطلوبة؟ أم أنها تقوم فقط بترخيص برامج دون دراسة كافية لحاجة المجتمع والسوق إليها؟

إن كيفية النهوض بالتعليم العالي الفلسطيني لتطوير إمكانيات البلد الصناعية والزراعية والإنتاجية، يجب أن يستند إلى رؤية إستراتيجية لهذا الموضوع، ويجب التمعن بالأسباب التي أدت إلى تدهور التعليم العالي. كما يجب النظر إلى احتياجات فلسطين التعليمية, وبنفس الوقت يجب النظر إلى إمكانات البلد هل تبيح تخريج الآلاف العاطلين عن العمل؟ كم سنصرف ميزانية كبيرة على الطالب من الصف الأول الأساسي إلى إن يكمل الجامعة؟
هناك نفقات كبيرة من الحكومة والأهالي على التعليم، ليتخرج بعدها الجامعي ليجد نفسه عاطل عن العمل. ألا يتطلب ذلك رؤية شاملة من وزارة التربية والتعليم العالي بجانب وزارة الاقتصاد الوطني والعمل والمالية والتخطيط، أو لعله الفريق الوزاري الاقتصادي الحكومي الذي ينبغي أن تعمل الحكومة على تشكيله.
إن البحث في الاقتصاد الفلسطيني دون تأهيل نظام التعليم ليقدم إسهاماته في العجلة التنموية بما يرفد الاقتصاد الحديث بالكوادر المؤهلة القادرة على حمل هذه المهمة سيبقى حبر على ورق..وإعادة إنتاج خريجين عاطلين عن العمل..يبدو أن هناك فجوة قائمة بين الاقتصاد والتعليم في فلسطين وهذا يتطلب مراجعة السياسات التعليمية والحكومية بشكل عام .
فهل قمنا بتأهيل التعليم في فلسطين تأهيلا جديا ليكون اقتصادنا جزءا فعالا في المنطقة؟ وهل هما متكاملان أم منفصلان ؟
نحن بحاجة لإجابة..
الشعب يريدها!
[email protected]
كاتب اقتصادي وأكاديمي