الإثنين: 30/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

الذكرى السنوية الاولى لاستشهاد" جهاد فتوح" والابرياء الذين ذهبوا ضحية العملية الإجرامية في الاردن بقلم هاني عودة

نشر بتاريخ: 07/11/2006 ( آخر تحديث: 07/11/2006 الساعة: 19:31 )
ثمة إدراك لا خلاف عليه في أي تراث ، حقيقة ما يسببه الموت من حزن لمن يعايش تجربة موت الآخرين ، اذ ليس لأحد منا أن يعايش تجربة موته . إننا قد نمتلأ إنشغالاً بحتمية فنائنا البشري، وقد يؤثر هذا على سلوكنا في حاضرنا وعلى نظرتنا لمستقبلنا وقد يجردنا من الإحساس بجدوى الحياة ومشروعاتها الفكرية والعملية، ولكن حزننا على فنائنا البشري هو غير حزننا على فقدان من نحب ونعرف من أحباءنا وأصدقاءنا وأقربائنا ومعارفنا.
حزننا هذا على موتانا وليس على موتنا نحن، يهددنا بشعور وبحقيقة الإنفصال عن تواصل حياتنا الفردية ،حتى أننا قد نبلغ فيه حد الشعور بأننا قد غادرنا الحياة نحن أيضاً أو الإحساس بأن الحياة بدون من كانوا يصنعون حياتنا بعلاقاتهم بنا لا جدوى منها، وقد نبلغ حداً من الحزن نرى فيه أننا اصبحنا كالموتى بعد فقداننا لهم . . . فما أسهل أن تقوم الأسئلة البسيطة الكبيرة التى لا إجابة عليها . . . لماذا مات هذا الذي نحب أو نعرف . . . ولماذا هو بالذات . . . ما فائدة حياتنا بدونه . . . وهل يمكن لنا أن نواصل الحياة بعد هذا الشعور بالإنفصال الذي سببه الموت.

نعم أيها الصديق.... فغيابك فتح الباب لكل هذه الاسئلة، وجعلنا نعود للبحث من جديد عما قرأناه في كتب الدين والفلسفة والأدب والأساطير كمحاولة للإجابة على السؤال، فلم نجد له جواب ، ولم نيأس من المحاولة لفهم ماهية القدر جيداً، وأعتقدنا بأننا قد خبرناه عبر تجربة السنين الشقية ، وأتفقنا على أن القدر هو القدر، ولكن عندما يأتى أحمق وبهذه الصورة العبثية، وعلى يد مجموعة عصبية قبلية غبية كان لابد أن نتوقف قليلاً أيتها السماء ، وعذراً منك أيها القدر .... ما زلنا عاجزون على فهمك.

يا هذا الرجل ... يا جهاد... يا أبا فارس ... أيها القريب إلى القلب لقد أدميت قلوبنا وتركت الأثر ... كم كنا نحبك.

إن حقيقة أنك مؤمن بالله كان يسعدنا . . .
وحقيقة تمكنك من تفاصيل القرآن كان يدهشنا . . .
وحقيقة طهارتك ونقائك ووفائك وكبريائك وانسانيتك تذهلنا . . .
وفي طرحك السياسي ما كان يستوقفنا . . .
وإن حقيقة حبك للحياة وكثير من الحقائق كانت تجمعنا.....

فقد كان فيك من الصفات يا هذا الرجل ما يؤكد نبلك ورجولتك، فقد رأينا فيك رجل في غاية الحماس للحياة، وفي غاية من الجدية العقلية والخلقية كما أنك غاية المحبة لأصدقائك وعائلتك ووطنك.

فيا من شاركت في صنع صورة الجمال وجعلت كل الأشياء جميلة، يا عاشق البحر والخيل آن الأوآن أن نصمت فمن يعشق البحر والخيل لا بد أن لا يسعه فضاء الأرض ويذهب بعيداً في المجال الأوسع للحرية . . . سندعك تحلق بسلام وعندما نصعد للسماء سنكون قد جمعنا لك كل الحكايات التي تريد سماعها.