عن تبادل اسرى مصر واسرائيل
نشر بتاريخ: 27/10/2011 ( آخر تحديث: 01/02/2012 الساعة: 13:56 )
كتب رئيس التحرير - فيما كان السفير الامريكي ينتظر الجاسوس الاسرائيلي جرابيل في المطار ، كان والد جرابيل يجلس في نيويورك يتابع من مكتبه عبر الفيس بوك اخبار الصفقة ولم يكلّف نفسه عناء الحضور لاستقبال ولده !!!!!
وبازدراء متعمد تناولت وسائل الاعلام الاسرائيلية صفقة التبادل بين مصر واسرائيل ، رغم انها من ناحية سياسية اخطر بكثير من صفقة حماس ، فصفقة اسرائيل حماس يمكن تصنيفها في اطار الصراع المرير بين الاحتلال والمقاومة ، اما صفقة مصر اسرائيل فتأتي في اطار المعادلة الجديدة لاعادة الاعتبار للهيبة السياسية للدولة المصرية . او مايجوز لنا الاصطلاح عليه ( النديّة السياسية ) وهو امر غاب عن الساحة طويلا بعدما اعتقدت اسرائيل لردح من الزمن انها فوق القانون الدولي وفوق كل الاتفاقيات والقوانين .
ان مصر حين تعتقل جنديا اسرائيليا ، يحمل الجنسية الامريكية في وسط ميدان التحرير ، وتحتجزه وتشرع في اعداد لائحة اتهام ضده على اساس انه جاسوس مندسّ للقيام باعمال تخريب داخلي وتحريض ضد المجلس العسكري ، ان مجرد هذا الامر يعتبر امرا لا يستهان به في ظل التهديدات الامريكية بقطع المعونات عن مصر وصمود مصر في الامتحان .
من زاوية ثانية ، عمدت اسرائيل الى اعتقال فتية وعابري حدود مصريين عن طريق الخطأ ونقلهم واحتجازهم في السجون الاسرائيلية لمجرد انهم قطعوا الحدود !!!! فهل يحق للسلطة الفلسطينية ان تعتقل الاسرائيليين والمستوطنين الذين يدخلون مدننا عن طريق الخطأ ومبادلتهم باسرى في سجون الاحتلال ؟ هل يحق لنا محاكمتهم كما تفعل اسرائيل بالمصريين ؟ هل يحق لمصر ان تعتقل وتحاكم اسرائيليين دخلوا الحدود او انتهت فترة اقامتهم ؟
ان المعنى السياسي لصفقة مصر في غاية الخطورة بشرط ان يتوفر عنصر الثبات والديمومة وان تعلم اسرائيل من الان فصاعدا انها لا تملك الحق لوحدها في اعتقال عرب وفلسطينيين ومحاكمتهم . وان الدول العربية ( ليس التنظيمات ) ستقوم بنفس الامر بشكل ندّ ومتساوي وتملك الحق في محاكمة اسرائيليين .
ولربما يعرف القارئ العربي او لا يعرف ان اتفاقية اوسلو تمنع المحاكم الفلسطينية من محاكمة اسرائيليين ، ولو ان مستوطنا يهوديا دخل مدينة فلسطينية ليسرق وقتل مواطنا واعتقلته الشرطة الفلسطينية فان على اجهزة الامن الفلسطينية اعادته خلال ساعتين الى اقرب موقع اسرائيلي ويمنع عليها محاكمته او احتجازه ولو لليلة واحدة .
ان دراسة معمّقة في تبادل الاسرى بين مصر واسرائيل سيقودنا الى نقاط خطيرة جدا ، وسابقة قانونية تساعدنا في تحرير المزيد من الاسرى مستقبلا وبشكل غير عنيف .
صحيح ان الصفقة لم تطلق سراح اي اسير فلسطيني ، لكنها اطلقت افكارنا نحو المزيد من فهم طرائق التعامل مع الاحتلال ومع صفقات الاسرى ، ونحن الفلسطينيون ، سواء كمجتمع أو كقيادة ملتزمون امام ذواتنا وامام مبادئنا ان نعمل كل جهدنا من اجل اطلاق سراح جميع الاسرى في سجون الاحتلال وعلى رأسهم المؤبدات ، ونقول لهم :لم ننساكم ونحن كصحافيين فلسطينيين عاهدناكم ونعاهدكم اننا سنضغط على قياداتنا كل يوم من اجل اطلاق سراحكم في اسرع وقت .