السبت: 16/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

"صواريخُ " التصعيد "لاعتراضِ صرخاتِ" الرّحيل" !

نشر بتاريخ: 31/10/2011 ( آخر تحديث: 19/04/2012 الساعة: 14:33 )
كتب ابراهيم ملحم- ما أن لامست الصرخاتُ الصاعدة من ميادين الثائرين ضدَ الظُّلم الاجتماعي في مختلف أنحاء إسرائيل أسماع ساكن"مبني الحكومة" في تل أبيب مُطالِبةً إياهُ بالرحيل،حتى خف الواجف المرتبك الى مخرج للطوارئ، مُمتطياً صهوات الصواريخ ومتأبطاً شراً لاصطياد فريسةٍ يستجلب بعدها ردود فعلٍ تَصرِفُ الأنظارَ عن تلكَ الميادين وتوحِّدُ الإسرائيليينَ ضد" الإرهاب والإرهابيين"!.


هادئةً هدوء بحرها كانت غزةُ ساعات قبل تحليق الغربان السود في سمائها وهي جذلى تحتفي بضيوفِها الخارجين لتوُّهِم من المعتقل الأصغر إلى الأكبر المكتظ بالآمال والتطلُّعات والأحلام الممنوعة من الصرف ومن التحليق إلا على ارتفاعٍ منخفضٍ لا يتجاوز سقوف بيوت الصفيح التي يستظّل بها الطاعنون في الحُلم والفقر والقهر من ضيق ذاتِ اليد وكآبة المنظر وسوء المنقلب.

فبينما كانت ميادين الثائرين في مختلف أنحاء إسرائيل تشهدُ جلبةً غيرَ عاديةٍ استعداداً لاستقبال مئات آلاف الغاضبين ضد التمييز والظلم الإجتماعي مساء ذلك اليوم الحزين الذي قضى فيه عدد من الشهداء المطمئنين لتهدئة ظنوا انها دائمة ،كانت الأوامر قد صدرت ظهرا إلى الغربان السود للتحليق في سماء غزة لتعكير اجوائها بضربةٍ يصيب بها نتنياهو عصفورين بحجرٍ واحدٍ فمن جهة يردع "الارهابيين الهادئين"! وبالأخرى يكبح جماح الثائرين ضدّه والمطالبين برحيله!.


ليست تلك المرة الأولى التي يلجأ فيها ساكن البيت المهدد برياح التغيير في اسرائيل إلى مثل تلك المخارج الدامية والحِيل غير الأخلاقية للإفلات من حَبلِ الرحيل الذي باتَ يضيقُ على عنقه مهما حاول عبثاً الإفلات منه، فنتنياهو شأنه شأن كل الطغاة والمستبدين كلما استشعروا اقتراب ساعة الرحيل لجأوا إلى تخويف شعوبهم من مخاطر مزعومة،فها هو يُخيفُ شعبَه بـ"إرهاب الفلسطينيين" "تماما مثلما اخاف الطغاة شعوبهم بـ "القاعدة" فزَّاعةً لتبرير قمعهم واعتقالهم وقتلهم وسحق احلامهم.

ولعل تلك العملية ذات القطبة المخفية "في إيلات"والتي ما زال الغموض يلفّها ولم يُكشف حتى الآن عن تفاصيلها ولا أسماء منفذيها بعد مرور شهرين على وقوعها الملتبس،في المكان الملتبس ،تكشف الكثير من أسرار ذلك التزامن المريب في المواعيد بين احتشاد الثائرين في الميادين ورحلات الصيد ضد "الإرهابيين"! وهي العملية التي كانت بمثابة حبل النجاة لنتنياهو في ذروة اشتداد الدعوات برحيله، والتي بلغت حداً لم تبلغهُ من قبل شارك فيها جميعُ فئات المُكتَوين بنار غيابِ العدالة الاجتماعية حتى فُكّكَت خيامُ المنتفضين احتراماً لدماءٍ الاسرائيليين..

أحد رسامي الكاريكاتير في الصحف الاسرائيلية لخص المشهد برسم يظهر فيه وزير الجيش ايهود باراك ورئيس الوزراء نتنياهو يقفان امام خارطة لايران فبينما يستأذن باراك رفيق دربه الملطخة ايديهما بدماء الشهداء ببدء الحرب يرد عليه الاخير بالتمهل حتى تتضح مسارات الاحتجاجات الاجتماعية في الميادين وهو ما يكشف حجم الفزع الذي يستبد بنتياهو من الاوضاع الداخلية وبحثه المحموم عن ملاذات خارجية تنفس احتقانها وتبرد رؤوس منظميها.

أحسبُ أن نتنياهو لن يحترم هدنة ولا اتفاقاً دائما او مؤقتاً طالما تواصل حِراك الميادين،وستظل اية تهدئة يتم التوصل اليها في مهب رياح التغيير المتصاعدة ،فالمقيم في مباني الحكومة في تل ابيب يتخذ من متوالية الدم وصفة لإطالة مدة اقامته فيها لمواجه المظاهرات التي هدد منظموها بتصاعد وتيرتها خلال الأيام القادمة على نحو يهدد بشلُّ جميع المرافق في إسرائيل حتى يعلن نتنياهو استعداده للرحيل . ليس هذا فحسب بل ان نتنياهو وجميع قادة اسرائيل يلوذون الى التصعيد والعدوان هروبا من استحقاقات ازفت او اختناقات داخلية كانت ام خارجية.