مجلة 'شؤون فلسطينية تعاود الصدور مجدداً
نشر بتاريخ: 13/11/2011 ( آخر تحديث: 13/11/2011 الساعة: 14:17 )
رام الله -معا- عاودت مجلة 'شؤون فلسطينية'، الصدور مجددا، بعددها الـ246 (خريف 2011) بعد توقف لفترة غير قصيرة نتيجة ظروف قاهرة.
و'شؤون فلسطينية'، الصادرة عن مركز الأبحاث في منظمة التحرير الفلسطينية، مجلة فصلية فكرية تعالج أحداث القضية الفلسطينية وشؤونها المختلفة، صدر العدد الأول منها عام 1971 عن مركز الأبحاث في منظمة التحرير، ومقره آنذاك بيروت، وكان المركز قد أنشئ بقرار من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في 28 شباط عام 1965، باعتباره المؤسسة المدنية الأولى التي أنشأتها المنظمة، بعد ان كانت قد أقامت جيش التحرير الفلسطيني في أواخر السنة السابقة (1964).
صدرت 'شؤون فلسطينية' شهريا، وبانتظام، في بيروت منذ عددها الأول وحتى العدد 135-136 آذار-نيسان 1983، الذي صدر بعد نحو شهرين من حادث التفجير الذي تعرض له المركز في الخامس من شباط عام 1983 بسيارة مفخخة وقفت بجانبه، وأودى بحياة ثمانية من العاملين فيه، وكان المركز قد استمر في عمله في بيروت، حتى بعد خروج منظمة التحرير من لبنان مع أواخر آب 1982، إثر الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان في صيف ذلك العام، كونه مؤسسة معترفا بها من قبل السلطات اللبنانية، إلا أن تفجيره من ناحية والمضايقات لتي تعرض لها العاملون فيه من ناحية أخرى أدت إلى نقل مقره، في صيف 1983، من بيروت إلى العاصمة القبرصية- نيقوسيا.
وفي صيف 1985 استأنفت 'شؤون فلسطينية' صدورها بانتظام من جديد، وهذه المرة من مقر الأبحاث في نيقوسيا، إلى أن توقفت مرة ثانية مع صدور العدد 244-245، آب، أيلول 1993، وتم ذلك لأسباب قاهرة، نجمت عن الأزمة المالية الخانقة التي راحت منظمة التحرير الفلسطينية تمر بها، وكان من نتيجتها إيقاف صرف الميزانيات للعديد من مؤسساتها.
وخلال العامين 2000-2001 جرت محاولة جديدة لاستئناف إصدار المجلة، بعد أن أعيد افتتاح مركز الأبحاث في القدس، إلا أن حملة الإسرائيليين لإغلاق المؤسسات الفلسطينية في القدس في صيف 2001، طالت عددا من تلك المؤسسات في المدينة، وشملت المركز أيضا وأدت إلى إغلاقه.
وبهذا العدد الجديد من 'شؤون فلسطينية' يؤمل أن تبعث المجلة من جديد، لتصدر بانتظام لتحمل مسؤوليتها في تحقيق رسالتها.
ويحتوي هذا العدد على : 'شؤون فلسطينية' مجددا بقلم رئيس التحرير سميح شبيب، و'شكرا سيادة الرئيس: بقلم أمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم، ومقابلة السيد الرئيس محمود عباس مع 'شؤون فلسطينية'.
أما الدراسات التي يحتويها هذا العدد، فهي: 'الدبلوماسية العامة الفلسطينية' لسمير عوض، و'يهودية إسرائيل..الخلية العنصرية في الفكر الصهوني' لصبري جريس، و'يهودية الدولة..الفكرة، الدولة، وإشهارها' لعبد الحفيظ محارب، و'يهود العراق: أقلية للتطهير' لزهير المخ.
كما يحتوي هذا العدد على المقالات: 'قليل من عرفات وأقل عن خلفائه' لفيصل الحوراني، و'ما الذي فعلناه في تاريخ الرئيس ياسر عرفات؟!!!' لسميح شبيب.
أما باب التقارير الخاصة، فقد احتوى على: 'أيلول: هل هو محطة أخرى أم بداية جديدة؟!' لأشرف العجرمي، و'نظرية نقدية في التجربة العسكرية الفلسطينية' لماجد كيالي، و'السياسات التوسعية الإسرائيلية الشعبية' لجمال جمعة، و'صحافة وإعلام فلسطينيي 1948-: النشأة، التطور والتراجع' لأمل جمال.
واحتوى باب مؤتمرات وورشات عمل، على: 'مؤتمر المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية، (مواطن)، السنوي السابع عشر' لسائد أبو فرحة، ومؤتمر 'الحوار واللاعنف في خطط وبرامج المؤسسات الفلسطينية'.
وباب أقواس ثقافية احتوى على: الترجمة ونشوء الرواية الفلسطينية (1864-1922)، لمحمد سليمان، و'قرن على الصراع العربي- الصهيوني هل هناك أفق للسلام؟' للدكتور ماهر الشريف، مراجعة نعيم ناصر.
وباب الوثائق، احتوى على: وثائق ملف أيلول (سبتمبر) 2011، إعداد وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفــــا).
وقال أمين عام الرئاسة الطيب عبدالرحيم، في مقالته المعنونة بـ'شكرا يا سيادة الرئيس'، في هذا العدد:
في الثالث عشر من شهر آب ( أغسطس )الماضي ، قرر الرئيس محمود عباس إحياء مركز الأبحاث الفلسطيني، تلك المؤسسة الوطنية العريقة، وإعادة إصدار "شؤون فلسطينية"، كمجلة بحثية فصلية رفيعة المستوى، تأكيداً منه على ما تركه المركز، والمجلة، من بصمات واضحة في تطور الفكر السياسي الفلسطيني في السبعينات والثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي، وعلى ضرورة استعادة هذا الدور المميز في المرحلة المقبلة التي تتطلب، قبل أي شيء آخر، نضجاً في الوعي والتزاماً في الأداء، وقدرة على قراءة الواقع وتحولاته السريعة وحكمة في السلوك.
ها هو المركز يتشكل من جديد استجابة لقرار السيد الرئيس، وها هي "شؤون فلسطينية" تطل على قراءها من جديد، شاهداً على غنى حياتنا السياسية، وسجلاً لمعاركنا الوطنية، وفضاءً لمساجلاتنا، ومنبراً لحوارنا، مختبراً للآراء والأفكار والمقترحات والبدائل، وأحد وجوه سعينا الجماعي الحثيث نحو مجتمع خلاق مبدع في بحث دائم عما هو أفضل.
إنه لأمر ذو دلالة بالغة أن يعاد إحياء مركز الأبحاث الفلسطيني، وتعاود مجلته الصدور، في هذه اللحظة السياسية المفصلية التي يترقب فيها الجميع ما ستسفر عنه المواجهة العاتية على جميع الصعد بين الفلسطينيين، كطلاب حق أجمعت عليه شرائع الأرض وأحكام السماء وأصوات ثلثي سكان المعمورة من جهة أخرى، وبين الاحتلال البغيض المسلح بالقوة والغطرسة ودعم الكونغرس الأميركي من جهة مقابلة. مواجهة تتسع ليصبح ميدانها العالم بأسره، ولتعود القضية الفلسطينية على رأس أولوياته على الرغم من المسعى الأميركي والإسرائيلي الحثيث لثني بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي عن التصويت لصالح الطلب الفلسطيني بقبول فلسطين عضواً كاملاً في الأمم المتحدة. وفي خضم هذه المعركة الدبلوماسية الساخنة يجمد الكونغرس الأميركي المساعدة السنوية للشعب الفلسطيني ويهدد بفرض عقوبات أشد، وتطلق إسرائيل العنان لمستوطنيها في أراضينا المحتلة يعيثوا فساداً واستيطاناً، ويفرضون حصارهم على عاصمتنا القدس ليكثفوا إستيطانهم وليمنعوا المصلين من الوصول الى دور العبادة وليبعدوا أهلنا عن مدينتهم، وليمارس السجانون الإسرائيليون أبشع صور التنكيل بأسرانا البواسل، ويغادر عتاة التطرف كهوفهم ليهاجموا مزارعنا وقرانا ومساجدنا ويحرقوا بعضها حتى داخل الخط الأخضر في هجمة عنصرية حاقدة تكشف الجوهر الحقيقي للإحتلال البغيض وديمقراطيته الزائفة .
وكأنما لا يكفينا كل هذا، لتخرج علينا أصوات فلسطينية تشكك في مبادراتنا السياسية المدروسة والمبدعة، وتتساوق مع خصومنا تشكيكاً باعتبارها مغامرات أو خطوات غير محسوبة أو إجراءً انفرادياً أو تنازلاً وتفريطاً، لتكشف هي الأخرى عن جوهرها ومقاصدها، وليتضح أن لا هدف لها سوى الحرص على دوام الانقسام بل تغذيته وتجذيره بين شقي الوطن، إضافة إلى أنها محاولة جديدة لهم لتقديم أوراق إعتمادهم كبديل عن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا والمتمسكة بثوابته وتطلعاته وحقوقه.
لقد جاء قرار الرئيس محمود عباس بإحياء المركز وإطلاق مجلته في ذكرى رحيل القائد الشهيد الخالد ياسر عرفات، ليقول ان معركتنا مع الاحتلال شاملة ومتعددة الجبهات، ففي ذروة المواجهة الدبلوماسية حول انضمامنا إلى الأمم المتحدة، والمواجهة السياسية حول استحقاقات العودة إلى المفاوضات بوقف الإستيطان والمرجعية الواضحة، والمواجهة الميدانية ضد الاستيطان وضد التعسف الممارس على أسرانا الأبطال، هناك ميادين أخرى للمواجهة أيضاً، في مقدمتها المضي رغم كل شيء في بناء مقومات ومؤسسات دولتنا والحفاظ على أمننا وتطوير أدائنا الحكومي، ورعاية وتنمية الإنتاج الثقافي والفكري والفني الفلسطيني بما يعزز الصورة الحضارية المشرقة لشعبنا وبما يؤكد النجاح في صهر طاقات شعبنا كافة في معركة التحرير والإستقلال والبناء والديمقراطية.
أحسن السيد الرئيس في حمل راية شعبنا وحلمه ومعاناته الطويلة إلى الأمم المتحدة، وأحسن في إدارته لمعركتنا السياسية والدبلوماسية على الصعيد الدولي، وأحسن في قراره إحياء مركز الأبحاث الفلسطيني وإصدار" شؤون فلسطينية"، ويجب علينا، من باب الشكر والتقدير أن نقول له: أحسنت يا سيادة الرئيس _ مع التحية والإحترام .