" التعليم البيئي" ينظم جولة خضراء لمعلمين في جنين ونابلس
نشر بتاريخ: 14/11/2011 ( آخر تحديث: 14/11/2011 الساعة: 12:55 )
جنين- معا- انهمك المؤرخ الجليلي شكري عرّاف (81 عاماً)، في استعراض صفحات تاريخية وجغرافية وبيئية لمعلمين ومعلمات قدموا من رام الله وبيت لحم إلى جنين، لتتبع مسارات خضراء في أرجاء المدينة وجارتها نابلس والباذان المجاورة.
وقال عرّاف، الذي يغزو الشيب شعره، في مستهل الجولة التي نظمها اليوم مركز التعليم البيئي، إن فلسطين غنية بالتاريخ والجغرافيا، وتحتاج منا أن نتعرف إلى ماضيها، وندرس إنسانها، ونتتبع نباتاتها وأشجارها وتنوعها الحيوي.
واستعرض أمام معلمين يُدرسون التربية البيئية، الأهمية التي تناط بمربي الأجيال، لجهة صيانة الذاكرة، والحفاظ على الهوية، في مواجهة أسرلة لا تُبقي ولا تذر وتطال حتى الحجارة والوديان والمعالم التاريخية. في وقت تقدم صخور فلسطين وتربتها وأديرتها وأزهارها ومدنها وتاريخها رسالة حضرية تؤكد أنها استضافت 36 شعباً على مدار التاريخ، رحلوا كلهم فيما بقيت هي صامدة.
وأعاد عرًاف، الذي أّلف 37 كتاباً ومرجعاً تاريخياً وبيئياً، ويعكف على نشر ثلاثة أخرى هذا العام، عجلة التاريخ إلى الوراء كثيراً عندما تتبع مراحل الوجود البشري في فلسطين، كما أستعرض تجربته في إعداد مؤلفاته، وقال إن المعلمين يتصدون لمهمة خطيرة، تجبرهم الإبداع في نقل التراث والتاريخ إلى الأجيال الجديدة وبناء الإنسان.
ولم يوفر الباحث الجليلي الأشيب دقيقة من مسارب المسارات البيئة التي طالت لعدة ساعات، وشملت أحراش جنين ومنطقة مرج أبن عامر وأحراش يعبد ومناطق تاريخية كمقبرة شهداء الجيش العراقي والنصب التذكاري الألماني وكنيسة برقين التاريخية.
فيما قدم زكريا زيد، الذي يُعرف نفسه أمين سر شجرة العروس التاريخية في طورة الشرقية، والتي تجاوز عمرها الأربعة قرون، شرحاً للمعلمين عن الشجرة ورمزيتها ودلالاتها وتاريخيتها، وكيف صارت جزءا من التراث الاجتماعي والإنساني.
وأضاف: الشجرة العملاقة، شهدت كثيراً من الأحداث وكانت نقطة اتفاق لتسليم واستلام العرائس، وشهدت حفلات زفاف في ظلها، كما عاصرت أجيالاً كثيرة، وهي ساحة متعددة الاستخدامات، وشاهدة على المكان الذي سقط بجواره الشهيد عز الدين القسام.
وقدم الصحافي المهتم بقضايا البيئة عبد الباسط خلف شرحاً للمعلمين طوال مسار الرحلة عن الأماكن التاريخية والجغرافية في جنين، بداء من مرج ابن عامر، الذي يتعرض لموجة زحف إسمنتي تدمر أرضه الخصبة، بجوار كنيسة برقين التاريخية التي تعد ثالث أقدم مكان مقدسي للمسيحيين، وكانت شاهدة على أشفاء المسيح للبرص، وانتهاء بالنصب التذكاري الألماني الذي يوثق للعام 1917، وذكرى سقوط طيارين ألمان خلال الحرب الكونية الأولى في جين. بموازاة الحديث عن مقبرة شهداء الجيش العراقي الذين سقطوا في معارك الدفاع عن فلسطين العام 1948.
وتتبع خلف القضايا البيئة الخطيرة التي تطارد الأراضي الزراعية، وتهدد تنوعها الحيوي الفريد، كالزحف العمراني العشوائي، وأنماط الزراعة غير العضوية، التي تبالغ في استخدام الكيماويات، وانتشار زراعات التبغ، والمفاحم التي تلوث البيئة بانبعاثاتها، وتهدد الصحة، عدا عن الجفاف ونهب الاحتلال للأرض والمياه، وإقامة جدار الفصل العنصري، وفوضى الكسارات.
وقال المدير التنفيذي لمركز التعليم البيئي سيمون عوض، إن المسار البيئي والزيارات الميدانية تهدف إلى تنشيط المعلمين، وبناء قدراتهم، وتعريفهم بالتنوع الحيوي والغابات، إلى جانب الإطلالة على التحديدات التي تواجه البيئة.
وأضاف إن المسار الذي سيمتد ليومين إضافيين، سيشمل زيارة المزيد من المناطق الطبيعية في جنين، ومركز أبحاث التنوع الحيوي والبيئة(بيرك) في قرية تل بجوار نابلس، وجولة مماثلة في وادي الباذان وعيون الفارعة، ومكب زهرة الفنجان في جنين.
ووفق عوض، سيناقش المعلمون والمعلمات، وعددهم 15 من مدارس رام الله وبيت لحم، مفاهيم حماية البيئة، والمناطق الطبيعية، والحفاظ على التنوع الحيوي، والمبادرات البيئية، وسبل تحسين الوضع البيئي في المدارس، وطرائق تنفيذ المبادرات البيئية، وواجب المعلم مع تلاميذه في قضايا البيئة.
وبفعل جدار الفصل العنصري الذي اختطف محمية أم الريحان بمساحاتها التي تمتد على نحو 16 ألف دونم، اكتفى المعلمون والباحث عراف بمشاهدة الفيلم الذي أعده المهندس عبد المنعم شهاب من سلطة جودة البيئة، ونقل واقع المحمية المحاصرة، على إيقاع أشعار الراحل محمود درويش المؤثرة.